اِبْنُ الصَّبّاغ، أبو نصر عبد السید بن محمد البغدادي (400-477هـ/1010-1084م)، فقیه شافعي. قال أبو الفداء إن اسمه یوسف (2/186). ولد ببغداد، وسمع أبا الحسین محمد بن الحسین بن الفضل القطان، وأبا علي الحسن بن شاذان، وتفقّه علی القاضي أبي الطیب طاهر بن عبد الله الطبري (ابن الجوزي، 9/12؛ الذهبي، سیر، 18/464؛ السبكي، 3/231). قال فیه ابن الجوزي إنه كان یضاهي الفقیه الشافعي الكبیر أبا إسحاق الشیرازي (ن.ص). وعدّه ابن عقیل الحنبلي أحد ثلاثة حاضرهم من العلماء وقد كملت لهم شرائط الاجتهاد المطلق (السبكي، ن.ص). وما قبول قاضي القضاة ابن ماكولا لشهادته في 444هـ/1053م (ابن الجوزي، 8/154)، ووصف ابن الجوزي له بالثبت والدیِّن الخیّر (9/12)، إلا دلیل علی مكانته لدیهما.

وبعد افتتاح المدرسة النظامیة ببغداد في 10 ذي القعدة 459هـ/22 أیلول 1067م، امتنع أبو إسحاق الشیرازي أولاً عن التدریس فیها، فوقع العدول إلی ابن الصباغ فجُعل مكانه، وكان أول مدرس بالنظامیة، وبعد 20 یوماً وافق أبو إسحاق علی الجلوس في المدرسة بمساعي تلامذته، وصُرف ابن الصباغ عنها (م.ن، 8/246-247). ولم تتوفر معلومات عنه منذ هذا التاریخ، حتی 13 شعبان 467هـ/3 نیسان 1075م عندما حضر بیعة المقتدي بأمر الله مع مؤید الملك بن نظام الملك وأبي إسحاق وغیرهما من الأعیان (القلقشندي، 2/1). وفي 476هـ/1083م تولی أبو سعد المتولي التدریس بالنظامیة لفترة بعد وفاة أبي إسحاق الشیرازي بأمر من مؤید الملك (ابن خلكان، 3/133)، إلا أن نظام الملك سرعان ما أمر بتفویضه إلی ابن الصباغ بعد إنكاره تقدیم المتولي (الإسنوي، 2/131)، فدرّس بها سنة ثم عمي في 477هـ فتولاها أبوسعد ثانیة (ن.ص)، فحمله أهله علی طلبها فخرج إلی أصفهان إلی نظام‌ الملك، فلم یجب سؤاله، بل أمر أن تبنی له مدرسة غیرها، وعاد إلی بغداد فمات بعد ثلاثة أیام (السبكي، 2/231)، ودُفن في داره بدرب السلولي من الكرخ، ثم نقل إلی مقبرة باب حرب ببغداد (ابن الجوزي، 9/13).

وربما كانت له سفرات علمیة، وقیل إنه حدّث بمشیخة ابن عرفة بأصفهان (ابن الدمیاطي، 163). ومن تلامذته المشهورین الذین حدثوا عنه: ولده علي وأبو نصر الغازي وإسماعیل بن أحمد، المعروف بابن السمرقندي والمؤتمن بن أحمد، المعروف بالساجي وأبو علي الحسن بن إبراهیم الفارقي وأبو بكر محمد بن أحمد الشاشي وأبو محمد القاسم الحریري صاحب المقامات وغیرهم (الذهبي، سیر، 18/464، العبر، 2/391، 433؛ ابن الدمیاطي، 3؛ ابن قاضي شهبة، 1/321). كما روی عنه الخطیب البغدادي وهو أسن منه (ابن الدمیاطي، 163). وأورد السبكي بعض آرائه الخاصة مثل: لایصح البیع بتعلیق الإیجاب (أي أن البائع یشرط بیعه بقبول المشتري)، وأن من نذر صوماً لاینبغي أن یكتفي بیوم واحد إذا حُمل النذر علی واجب الشرع فإن أقلّ ما وجب بالشرع ثلاثة أیام (3/232-237).

آثاره

نُسبت إلیه كتب عدیدة مثل: الشامل، في فروع الفقه الشافعي؛ الكامل، في خلاف الشافعیة والحنفیة، وتذكرة العالم والطریق السالم (ابن الجوزي، 9/12)؛ كفایة المسائل، أو السائل (ابن الأثیر، 10/141؛ ابن الدمیاطي، 163)؛ العدة، أو العمدة (ابن خلكان، 3/217؛ ابن قاضي شهبة، 1/270؛ قا: السبكي، 3/230). ویری السبكي أن فتاوی ابن الصباغ قد جمعها ابن أخیه (3/233)، لكن لم یصلنا سوی الشامل والطریق السالم. توجد بعض نسخ من الشامل في مكتبات دار الكتب المصریة (الخدیویة، 3/234؛ سید، 1/305-306) وطوبقابو سراي (TS, II/652)، ولیدن (ورهوفه، 327). ومخطوطة الطریق السالم إلی الله في مكتبة أیاصوفیا (سید، 1/172). ومن الجدیر بالذكر أن حاجي خلیفة نسب إلیه كتاباً عنوانه الإشعار بمعرفة اختلاف علماء الأمصار (1/104)، لم تشر إليه المصادر الأخری.

المصادر

ابن الأثیر، الكامل؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، المنتظم، حیدرآباد الدكن، 1359هـ؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن الدمیاطي، أحمد، المستفاد من ذیل تاریخ بغداد، الشافعیة، تقـ: عبدالعلیم خان، حیدرآبادا لدكن، 1398هـ؟1978م؛ أبو الفداء، إسماعیل، المختصر في أخبار البشر، بیروت، دار المعرفة؛ الإسنوي، عبد الرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبد الله الجبوري، بغداد، 1391هـ/1971م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الخدیویة، الفهرست؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط ومحمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1405هـ/1985م؛ م.ن، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، القاهرة، 1324هـ؛ سید، فؤاد، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1954م؛ القلقشندي، أحمد، مآثر الإنافة، تقـ: عبد الستار أحمد فراج، الكویت، 1964م؛ وأیضاً:

T S; Voorhoeve.

محمد مهدي مؤذن جامي/ ت.