اِبْنُ شیطا، أبو الفتح عبد الواحد بن الحسین بن أحمد بن عثمان البغدادي (رجب 370-25صفر 450/ کانون الثاني 981-24 نیسان 1058)، مقرئ وأدیب ونحوي ومؤلف کتاب التذکار في القراءات العشر. ولد في الرصافة ببغداد (الخطیب، 11/16-17)، ونشأ في هذه المدینة، ودرس علوم زمانه ولاسیما النحو والقراءات حتی غدا من علماء وأدباء عصره الشهیرین. واشتغل عشرات السنین في التدریس والتألیف ببغداد (ن.ص؛ ابن الأنباري، 243؛ ابن الجوزي، 8/199؛ القفطي، 2/213).

وفي أواخر القرن 4هـ/10م أصبحت بغداد مرکزاً لتعلیم وتعلم القراءات وتقاطر علیها الأساتذة والعلماء في فنون القراءات من جمیع الأنحاء، فأخذ ابن شیطا من مختلف وجوهها المشهورة وغیر المشهورة في حوزات بغداد المتألقة دون حاجة إلی الرحلة والسفر لجمع الأسانید العالیة والنازلة منها (للاطلاع علی نماذج من طوق روایاته الواسعة، ظ: حاجي خلیفة، 1/383). قرأ القرآن الکریم علی أبي الحسن أحمد بن عبد الله السوسنجردي وأبي أحمد عبد السلام بن الحسین البصري. وأخذ الروایات المختلفة عن أبي الحسن علي بن یوسف بن العلاف البغدادي وأبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي وجماعة أخری من مقرئي بغداد (الذهبي، معرفة…، 1/415؛ ابن الجزري، غایة…، 1/473).

لم یذکر في المصادر الموجودة من تلامذته سوی أبي الفضل محمد ابن محمد بن الطیب البغدادي، المعروف بالصبّاغ وکان من مقرئي بغداد الکبار (ظ: ن.م، 2/240) والحسن بن محمد الباقر حي الذي روی عنه کتاب التذکار، وأبي طاهر ابن سوّار البغدادي صاحب کتاب المستنیر (الذهبي، ن.ص؛ ابن الجزري، ن.م، 1/474).

وساهم ابن شیطا في نقل الحدیث وروایته، فسمع عدداً من مشاهیر المحدثین ببغداد کأبي بکر الوراق والقاضي ابن معروف وعیسی بن علي ابن الجراح وإسماعیل بن سعید بن سوید ومحمد بن عمرو بن بهتة وروی عنهم. وکتب الخطیب البغدادي عنه الحدیث وصرح بوثاقته (11/17؛ أیضاً ظ: ابن الجوزي، ن.ص؛ الذهبي، سیر…، 16/549-550). ولّي وهو في الـ 75من عمره «شاهداً» علی الأوقاف (ابن الأثیر، 9/651؛ لبیان هذا المنصب، ظ: ابن طولون، 1/22-23)، ویدل هذا الخبر في الکتب التاریخیة علی منزلته وتأثیر کلامه وقبول العامة به في أواخر حیاته.

لم یذکر له في المصادر التي بین أیدنا سوی التذکار في القراءات العشر، وهو أحد الکتب التي ألفت في القرن 4هـ/10م إثر تألیف ابن مجاهد (ن.ع) لکتاب السبعة، وذلک اعتراضاً لحصر قراءات القرآن الکریم الشهیرة في 7 قراءات (ظ: ابن الجزري، النشر…، 1/36-47، 54). ویبدو أنه یمتاز بإیراده طرقاً عدیدة وکثیرة لکل من الروایات المختلفة في القراءات العشر (ظ: حاجي خلیفة، ن.ص). وقد اهتم العلماء وطلاب العلم بهذا الکتاب خلال قرون طویلة باعتباره أحد الکتب الدراسیة في القراءات. فقد تحدث الذهبي عن سماعه هذا الکتاب من مشایخه (معرفة، ن.ص)، وذکره ابن الجزري ضمن مصادر النشر، أثناء ذکره سنده المتصل بمؤلف الکتاب وفیه مقرئون شهیرون مثل کمال ‌الدین ابن فارس وکمال ‌الدین الضریر (1/84)، کما أفاد منه القسطلاني في کتابه لطائف الإشارات (1/87).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الأنباري، عبد الرحمن، نزهة الألباء، تقـ: إبراهیم السامرائي، بغداد، 1959م؛ ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ م.ن، النشر في القراءات العشر، تقـ: علي محمد الضباع، القاهرة، مکتبة مصطفی محمد؛ ابن الجزي، عبد الرحمن، المنتظم، حیدرآباد الدکن، 1357هـ؛ ابن طولون، محمد، القلائد الجوهریة، تقـ: محمد أحمد دهمان، دمشق، 1401هـ/1980م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1359هـ؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وأکرم البوشي، بیروت، 1404هـ/1984م؛ م.ن، معرفة القراء الکبار، تقـ: بشار عواد معروف وآخرون، بیروت، 1408هـ/ 1988م؛ القسطلاني، أحمد، لطائف الإشارات، تقـ: عامر السید عثمان وعبد الصبور شاهین، القاهرة، 1392هـ/1972م؛ القفطي، علي، إنباه الرواة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1371هـ/1952م.

محمد علي لساني فشارکي/ ن.