اِبْنُ الصّوفيّ، إبراهیم بن محمد (تـ بعد 260 هـ/874م)، علوي ومن أحفاد عمر بن علي بن أبي طالب‌(ع)، خرج علی أحمد بن طولون (تـ 270هـ/883م) بمصر.

ولیس لدینا معلومات وافیة عن ابن الصوفي قبل خروجه (253هـ/867م) في صعید مصر (ظ: الكندي، 213؛ قا: ابن الأثیر، حوادث 256هـ، وهي غیر صحیحة). وأكبر الظن أنه كان من قادة العلویین، وتوجه إلی مصر هرباً من ظلم الخلفاء العباسیین ولاسیما المتوكل، ومع ذلك لم یشعر اللاجئون هناك بالراحة نتیجة ضغوط الخلفاء. فقد أرسل المتوكل رسالة إلی والی مصر لإخراجهم، فعمل المنتصر أیضاً علی حرمانهم من الحقوق الاجتماعیة والاقتصادیة فیها (الكندي، 198، 304؛ المقریزي، 2/339)؛ مما فجّر ثورات عدیدة قاموا بها منذ القرن الثالث (ن.ص؛ ابن تغري بردي، 3/6).

وكان من أهم تلك الثورات ثورة ابن الصوفي لسعتها واستمرارها. وقد بدأها بالدعوة إلی آل بیت الرسول‌(ص) (ابن خلدون، 3/644). وفي 255هـ/869م فتح مدینة إسنا ونهبها وقتل الكثیرین، وعمّت ثورته البلاد، فسیّر إلیه أحمد بن طولون جیشاً، فهزمه ابن الصوفي في المعركة التي دارت في ربیع الأول 256/ شباط 870 بموضع یدعی هُو (والیوم هِو)، وأسر قائده وصلبه. فسیّر إلیه ابن طولون جیشاً آخر، فالتقیا بنواحي أخمیم، وانهزم ابن الصوفي وقتل كثیر من رجاله، وسار هو حتی دخل الواحات. وبعد سنتین ثار ثانیة بمصر ولبی في 259 هـ دعوته خلق كثیر وسار بهم إلی الأشمونین، فوجه إلیه ابن طولون قائداً آخر لقمعه فوجده قد أصعد إلی لقاء أبي عبد الله العمري، وكان أبو عبد الله عبد الله بن عبد الحمید (قا: ابن الأثیر، 7/264؛ ابن خلدون، ن.ص؛ المقریزي، 2/339)، من أحفاد عبد الله بن عمر بن الخطاب (الیعقوبي، 2/506) قد انتصر علی البجاة الذین كانوا یغیرون علی بلاد المسلمین، فاشتد أمره بین السنّة في مصر، ولكن ابن الصوفي هزم هزیمة منكرة في الحرب التي دارت بینهما، وبذلك انتصرت قوات السنّة التي كانت علی الأغلب من الأتراك والسودان، وولّی ابن الصوفي إلی أسوان، وكان ابن طولون آنذاك قد سیّر جیشاً في طلبه، فلم ینجح وهرب ابن الصوفي إلی عیذاب، وعبر البحر إلی مكة، فلما وصل إلیها قبض علیه والیها وسیّره إلی ابن طولون، فلما وصل إلی مصر أمر به فطیف به في البلد، ثم سجنه مدة وأطلقه. فرجع إلی المدینة ومات فیها.

ولیس لدینا معلومات دقیقة عن سنة وفاته، ولكن مما لاشك فیه أنه كان بمصر حتی 259هـ (ن.ص؛ الكندي، 213-214؛ ابن الأثیر، 7/238-239، 263-264). وبعد ذهاب ابن الصوفي إلی المدینة لم یهدأ أتباعه، فثار في 260هـ/874م أحدهم ویكنّی أبا روح واسمه سكن، واجتمع له جماعة، وقاتل جیوش ابن طولون مراراً إلی أن اضطر إلی التسلیم (م.ن، 7/273).

المصادر

ابن الأثیر، الكامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلدون، العبر؛ الكندي، محمد، الولاة والقضاة، تقـ: رفن كست، بیروت، 1908م؛ المقریزي، أحمد، الخطط، بولاق، 1270هـ؛ الیعقوبي، أحمد، تاریخ، بیروت، 1379هـ.

محمد عبد علي/ن.