الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن الشحنة /

فهرس الموضوعات

ابن الشحنة

ابن الشحنة

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/17 ۲۱:۳۱:۳۱ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الشِّحنَة، كنية عدد من قضاة حلب ومؤرخیها الأتراك خلال القرن 9هـ/15م. كان جدهم حسام‌ الدين محمود بن الخُتلو (تـ 616هـ/ 1219م)، وهو من أمراء الملك الصالح إسماعیل زنكي، شحنة حلب (ابن الشحنة، 87-88؛ السخاوي، الذیل، 357-358)، ونُسبت هذه الأسرة إلیه (ابن حجر، إنباء، 7/95). أنشأ حسام‌ الدين في 615هـ مدرسة ومسجداً في حلب، ولازالت المدرسة حتی الیوم تعرف بمدرسة بني الشحنة (ابن الشحنة، 104؛ الطباخ، 4/401-402). وفضلاً عن ذلك فإن الأوقاف التي تركها أفراد هذه الأسرة (ابن الحنبلي، 1(1)/279-280) والآثار والمصنفات العلمیة التي خلفوها لتدل علی مدی اهتمام هذه الأسرة بالعلم (قا: م.ن، 1(1)/272-273) وأشهر أفرادها هم:

 

1. أبو الولید محب‌ الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمود (749-815هـ/1348-1412م)

أدیب وفقیه ومؤرخ وقاض حنفي. ولد في حلب ونشأ بها في كنف أبیه كمال‌ الدين محمد (تـ 776هـ/1374م) الفقیه الحنفي، وحفظ القرآن (ابن حجر، الدرر، 5/508-509؛ السخاوي، الذیل، 406). كان له إخوة ثلاثة قُتِل أحدهم شاباً ویدعی عبد الغفور، أما هو وأخواه الآخران فقد تولوا منصب القضاء لفترة من الزمن (م.ن، الضوء، 4/150، الذیل، 359-360).

ولایعرف من شیوخه سوی السید عبد الله (ن.ص)، ولاشك في أنه درس علی شیوخ حلب والعلماء الذین كانوا یقدمون إلیها. ارتحل في حیاة أبیه إلی دمشق والقاهرة لطلب العلم. وأذن له ابن منصور والأنفي في الإفتاء والتدریس قبل أن یلتحي. وبعد وفاة والده ارتحل إلی القاهرة ثانیة في 777هـ ونزل بمدرسة الصوغتمشیة، فاشتهرت فضائله وظهر اسمه، فعینه الملك الأشرف شعبان –ملك مصر، من الممالیك– قاضیاً للمذهب الحنفي، عوضاً عن جمال‌ الدين إبراهیم بن محمد ابن العدیم (تـ 787هـ)، وذلك بدعم من الشیخین أكمل‌ الدين وسراج‌ الدين (ن.م، 406-407)، لكنه عُزل عنه بعد فترة قصیرة. وقد ولي هذا المنصب وعُزل عنه مرات عدیدة حتی عام 793هـ/1391م عندما دخل السلطان الظاهر برقوق إلی حلب (ظ: ابن قاضي شهبة، 3/167، 248؛ ابن حجر، إنباء، 7/95-96؛ السخاوي، الذیل،407). وذكر السیوطي أنه ولي القضاء في 766 و767هـ (حسن المحاضرة، 2/186). وهو أمر بعید الاحتمال.

ویدل تلیه القضاء في زمن السلاطین الممالیك علی المكانة التي حظيبها لدیهم؛ وهو عندما كان یُعزل أحیاناً أو یتعرض لسخط السلطان الجدید، إنما لتشدد هذا مع أصحاب السلطان السابق وحاشیته، وكان من بین فئة قلیلة من العلماء لم یقتله تیمور بعد فتحه حلب (804-805هـ). ویروي بنفسه قصة حضوره بین یدي تیمور وكیف استحسن كلامه وأحسن إلیه حینما أجاب بفطنة عن سؤاله حول القتلی من الطائفتین (ظ: السخاوي، الذیل، 408-409؛ الشوكاني، 2/264-265). ولدی قدوم برقوق حلب، عُزل عن القضاء ثم سُجن وصودر، واستخلصه محمود الأستاددار، واضطر لمرافقة برقوق إلی القاهرة (ابن قاضي شهبة، 3/423؛ ابن حجر، إنباء، 7/96). وأقام بها نحو ثلاث سنین، ثم رجع إلی حلب فأقام ولازم التدریس فیها بعیداً عن الضوضاء السیاسیة.

والتحق بالنصار فرج بن برقوق في مستهل حكمه، لكنه أعرض عنه إلی جكم (تـ 854هـ) وكان من المعارضین للناصر، حین ولي نیابة حلب، فعظمه تعظیماً بالغاً، فنقم علیه الناصر فهرب، ثم رضي عنه وولّاه قضاء حلب في 809هـ. وفي 813هـ أحضر ثانیة إلی القاهرة بعد قدوم السلطان إلی حلب، فعني به كاتب السر فتح‌ الله ودرّس في المدرسة الجمالیة (ن.ص؛ السخاوي، الذیل، 407؛ ابن العماد، 7/113-114). ومنذ عام 814هـ أصبح من زمرة أصحاب الناصر وملازمیه، وصحبه في سفره إلی دمشق. وفي هذه الفترة التي قام فیها الملك المؤید ونوروز علی الناصر، ولاه الأخیر قضاء الدیار المصریة بدلاً من ناصر الدين ابن العدیم لكونه اتصل بالمؤید، إلا أنه سرعان ما عُزل عن كافة مناصبه.

وبعد زوال حكم الناصر وبدایة عهد المؤید، ولّاه نوروز –وكان كثیر التعظیم له– قضاء حلب مرة أخری، كما درّس فترة في دمشق وأضحی من منادمي نائبها (ابن حجر، ن.ص؛ السخاوي، ن.م،407-408؛ ابن تغري بردي، 13/146)، وأخذ عنه خلال هذه الفترة الكثیرون ومن مدن مختلفة، وذكر السخاوي بعضهم ومنهم عز الدين الحاضري وبدر الدين ابن سلامة بحلب وابن قاضي شهبة بالشام وابن الهمام وابن عبید الله بمصر (الضوء 10/5، طبقات، 312؛ ولمعرفة باقي تلامذته ومن أخذ عنه، ظ: ابن قاضي شهبة، 3/254، 256، 314؛ ابن حجر، الدرر، 2/233). والطریف في فقهه أنه –كما یقول ولده– كان یجتهد في المذهب الحنفي ویخرج علی أصوله وقواعده ویختار أقوالاً یعمل بها (السخاوي، الذیل، 410؛ الشوكاني، 2/265). مهر في الأدب مع جودة الكتابة (ابن حجر، إنباء، 7/95، 97؛ السخاوي، ن.ص). وأورد السخاوي كثیراً من شعره ونماذج من نثره (ن.م، 411-419).

 

آثاره

له آثار كثیرة في مختلف المجالات كالفقه والتاریخ والأدب:

 

ألف- المطبوعة

1. روض المناظر (الناظر، أو النواظر) في أخبار الأوائل والأواخر، تلخیص لكتاب أبي الفداء المختصر في تاریخ البشر وذیل علیه إلی عام 806هـ. وقیل إنه اختصره ووسمه بـ المبتغي (ظ: حاجي خلیفة، 1/921). ویذكر له أثران أیضاً وهما مختصر تاریخ أبي الفداء (م.ن، 2/1629)، ومختصر تاریخ المؤید صاحب حماة (السخاوي، الذیل، 411)، ربما یكونان نفس كتاب روض المناظر. وألّف ولده أبو الفضل ذیلین علیه أحدهما اقتطاف الأزاهر والآخر نزهة الناظر في روض المناظر (الغزي، 1/10). طبع روض المناظر علی هامش المجلدین 11 و12 من كتاب الكامل لابن الأثیر بین 1851-1876م في لیدن، لایبزك، وعلی هامش المجلدات 7 و8 و9 من هذا الكتاب بمصر في 1290هـ، وعلی هامش مروج الذهب للمسعودي بمصر في 1303هـ؛ 2. منظومة ابن الشحنة في المعاني والبیان والبدیع، أو أرجوزة في البیان، أو الأرجوزة البیانیة، أو منظومة في البلاغة، وهي منظومة في بحر الرجز تتألف من 100 بیت، في بیان أصول المعاني والبیان والبدیع. طبعت بالقاهرة (1368هـ/1949م) مع مجموع المتون الكبیر. وكتب علیها شروح كثیرة منها شروح محب‌ الدين ابن العلواني، ومحمد عبدالحق الطرابلسي (للاطلاع علی شروحها، ظ: البغدادي، إیضاح، 2/581)؛ 3. رسالة كتبها جواباً علی أسئلة بدر الدين ابن سلامة في إعراب آیات من القرآن الكریم، وقد نقلها السخاوي في الذیل (ص 419-428).

 

ب- المخطوطة

1. ألفیة في الفرائض، قصیدة في بحر الرجز. توجد نسخة منها في المكتبة الوطنیة بباریس (فایدا، II/220)؛ 2. الأمالي، في الحدیث، ویضم 70 مجلساً. ویری الزركلي (7/44) أنه توجد نسخة منه في مكتبة فیض الله بإستانبول؛ 3. منظومة في سیرة الرسول أو السیرة النبویة، أو سیر النبي، أرجوزة في 99 بیتاً (آلوارت، IX/ 757). وأشار بروكلمان (GAL, II/178; GAL, S, II/177) إلی بعض منظوماته ومخطوطاتها الموجودة (حول آثاره المفقودة، ظ: ابن حجر، إنباء، 7/97؛ السخاوي، الذیل، 410-411؛ حاجي خلیفة، 1/202).

وینسب بروكلمان (GAL، ن. ص) إلیه كتاباً یدعی لسان الحكام تألیف أبي الولید أحمد (ظ: تتمة المقالة)، ولعل تشابه الكنیة أوقع بروكلمان في هذا الخطأ.

 

2. أبو الفضل محب‌ الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمود (رجب 804- 16محرم 890/ شباط 1402-2 شباط 1485)

مؤرخ ومحدث وفقیه وأصولي. ویُطلق علیه أحیاناً ابن الشحنة الصغیر تمییزاً له عن أبیه (مثلاً ظ: الزركلي، 7/51). وُلد بحلب ونشأ فیها وتعلم القرآن علی شمس‌ الدين الغزي، وسافر مع والده إلی مصر قبل استكماله 19 سنین، فقرأ في اجتیازه بدمشق عند شهاب‌ الدين البابي، وفي القاهرة عند البردیني، وكتب علی ابن التاج وعبد الله الشریفي، ثم عاد إلی حلب فأكمل بها القرآن عند العلاء الكلزي (السخاوي، الضوء، 9/296). كما حفظ كتباً في مختصرات العلوم، وعرض بعض محافیظه علی عمه أبي البشری وعز الدين الحاضري وبدر الدين ابن سلامة. وأخذ عن ابن حجر العسقلاني حین قدومه إلی آمد. وفي 828هـ أجازه ابن حجر وبرهان‌ الدين ابن مرحل وشهاب‌ الدين الواسطي وشهاب‌ الدين المعروف بالشاب التائب (ن.م، 9/296-297). وسمع بحلب من أبي جعفر ابن العجمي وابن السفاح وست العرب بنت إبراهیم بن أبي جرادة، وبحماة من ابن خطیب الدهشة (ن.ع). وفي 834هـ عاد إلی القاهرة ثانیة والتقی تقي‌ الدين المقریزي وابن حجر، كما أخذ قبل ذلك في دمشق عن علاء‌ الدين ابن سلام (ن.م، 9/297). وعرّضه حبّه الشدید للحصول علی المناصب الدیوانیة والقضائیة إلی شتی الأحداث وإقبال الدنیا وإدبارها. ویبدو أنه لم یحجم عن أي عمل كبذل المال (وبتعبیر السخاوي: الرشوة) والتآمر واستخدام نفوذ الأقرباء للوصول إلی المنصب (ظ: ن.م، 9/297-304).

وأول عمل عُهد إلیه هو التدریس في مدارس الاشتقتمریة والجردكیة والحلاویة والشاذبختیة في حیاة والده وبالاشتراك مع أخیه عبد اللطیف. ثم استقل في التدریس بالاشتقتمریة في سن العشرین. وعُیّن قاضیاً للعسكر عند دخول المؤید إلی حلب. ثم درّس في الشاذبختیة، وفي 836هـ ولّاه السلطان الأشرف برسباي قضاء الحنفیة بحلب، كما ساعده أبو زوجته الولوي السفطي، فأصبح في 848هـ كاتب السر لدی السلطان برسباي، ثم تولی نظر العسكر والقلعة وجامع نوري الكبیر والتدریس والتصدیر والخطابة في عدة مدارس، إلا أن الناس لم تُقبل علیه فاضطر إلی ترك حلب والتوجه إلی القاهرة (ن.م، 9/297-299).

وبعد وصوله إلی مصر غیّر نهجه وبذل جهوداً مضینة، حتی أصبح كاتب سر السلطان في 857هـ وعاد بذلك إلی الأعمال الحكومیة من جدید، ولكنه سرعان ما عُزِل وعاش في القاهرة حیاة یكتنفها الخوف والقلق، حتی نُفي إلی بیت المقدس وتوجّه إلی العبادة والتدریس بعیداً عن أي منصب حكومي. وفي 862هـ خُیّر بین العودة إلی حلب أو القاهرة، فعاد إلی حلب عازفاً عن أي منصب، فیما ترك قضاء الحنفیة لولده أثیر الدين. ولم یلبث طویلاً حتی عاد إلی القاهرة (السخاوي، الذیل، 369، الضوء، 9/299-300)، وبذل أموالاً طائلة حتی أصبح كاتب سر السلطان عوضاً عن ابن الأشقر، وعیّن حفیده لسان‌ الدين نائباً عنه، وكان تعامله مع الناس خلال هذه المرحلة من حیاته قائماً علی الرأفة. وتقرّب من الملك الأشرف وأصبح كاتب سره، وكتب عهد الملك الأشرف إلی ولده المؤید، الذي نقله السخاوي (الذیل، 370– 375). وولي قضاء الحنفیة بعد ابن الدیري، وتكررت عملیة عزله ونصبه. وأورد السخاوي كثیراً من الأحداث التي مرّت به خلال تولیه القضاء (ن.م، 375-381).

وفضلاً عما سبق فقد درّس في المراكز العلمیة والمدارس بمصر كخانقاه الشیخونیة، ودرّس الحدیث في المدرسة المؤیدیة. وزوج ولده عبد البر من ابنة العضدي الصیرامي لنیل مشیخة البرقوقیة (ظ: تتمة المقالة). وللسخاوي إشارات حول سیرته في هذه المرحلة، فهو یقول عنه إنه قد عهد بكثیر من الأمور إلی أناس غیر أكفاء، وبدّد الكثیر من أموال الناس (ظ: الضوء، 9/295-305، الذیل، 357-406، طبقات، 311-314).

وكلام السخاوي فیه یثیر العجب، فقد تحدث كثیراً عن صفاته الذمیمة وأضاف بأن تفصیلها بحاجة إلی كثیر من الكراریس (الضوء، 9/301)، لكنه تحدث عن محنة الفترات العصیبة من حیاته بغموض متذرعاً بالخوف من غائلة متساهلي المؤرخین (ن.م، 9/298). وقد أضفی علیه ألقاباً كبهجة الزمان ومحجة الأعیان ولسان شام الممالك (الذیل، 357)، ومع ذلك نراه یتحدث عن حیله ومكره، في حین یعدّه من الناحیة العلمیة حافظاً وفصیحاً وذكیاً وأدیباً لامعاً (الضوء، 9/301). وفي موضع آخر وبعد أن یستعرض نزوعه إلی المناصب الدنیویة والحیاة المترفة، یشعر بأن سیرته أشبه بالمباشرین منها إلی العلماء (ن.م، 9/301-302). ویقول في موضع آخر حینما یشیر إلی تتلمذه وأخیه وباقي تلامذته (الذیل، 390) إن الكافیجي وعز الدين الحنبلي لم یعترفا بمستواه العلمي (الضوء، 9/302). كما آثار اعتراضات علی نقده لابن حجر، واتّهمه بجمع الكتب الثمینة ولو بالغضب، ولاسیما السطو علی كتب المكتبة المحمودیة (ن.م، 9/300-302). ولاشك في أن تنافس السخاوي مع معاصریه ترك أثره في الكلمات اللاذعة، التي ذكر بها قبائح ابن الشحنة.

ویبدو أنه عُزل عن القضاء في 877هـ وأعفي من كافة مناصبه، لكنه نال رئاسة خانقاه الشیخونیة في 882 هـ بعد شكا وعدیدة، غیر أنه سرعان ما تخلّی عنها وعن إدارة المؤیدیة إلی ولده لضعفه ومرضه، ثم ترك خطابة الجمعة أیضاً، وأصابه ذهول في آخر عمره وفلج حتی مات (السخاوي، الضوء، 9/304-305).

 

آثاره

رغم ولعه الشدید بالمناصب الدیوانیة والقضائیة، إلا أنه لم یغفل التصنیف وخاصة الاهتمام بكتب والده، وترك آثاراً كثیرة:

 

ألف- المطبوعة

أثره الوحید المطبوع هو كتاب الدر المنتخب في تاریخ مملكة حلب، وهو –كما یقول– تلخیص وتذییل علی كتابي الأعلاق الخطیرة في أمراء الشام والجزیرة تألیف ابن شداد، وبغیة الطلب في تاریخ حلب تألیف ابن العدیم (ظ: ص 7-8). وهذا الكتاب نبذة تاریخیة عن حلب، وقد تناول في البدایة، شأنه شأن مثل هذه الكتب، الفضائل وتاریخ البناء والتسمیة وطریقة فتح المسلمین للمدینة. ثم تحدث عن العمارات والأسوار والأبواب والآثار والمدارس والسماجد والأمكنة الأخری والمدن المجاورة. وحذا ابن الشحنة حذو ابن شداد في أغلب أبواب الكتاب، وجعله في 25 باباً، وأضاف إلی موضوعات كتاب ابن شداد أبواباً مثل «الأماكن التي كانت في زمان ابن شداد، إلا أنه أغفل ذكرها» و«الأماكن التي بنیت بعد ابن شداد» (البابان 20 و21). وفضلاً عن ذلك، هناك فصل في آخر الكتاب عنوانه «في مدن الشام المستقلة» (ص 262-277).

جمع هذا الكتاب أبو الیمن البتروني (تـ 1046هـ) وأضاف إلیه حاشیة. وهناك آراء مختلفة حول الدر المنتخب (الغزي، 1/9-12؛ الطباخ، 1/31-34؛ قا: الدرویش، مقدمة الكتاب)، ونفی البعض انتسابه إلی أبي الفضل (ظ: م.ن، 11)، ذلك لأن مقدمة الكتاب التي یبدو أنها للبتروني (ظ: ص 8-12) أشارت إلی أنه منتخب من كتاب نزهة النواظر في روض المناظر (ص 8)، في حین أن روض المناظر كتاب في التاریخ العام ولایختص بحلب، ومما لایدع أي مجال للشك في كون الكتاب له إشاراته الكثیرة في طول الكتاب وعرضه إلی أسرته وأجداده (ظ: ص 11-12، 58، 87-88)، ولاسیما إلی إدارته للمدرسة الشاذبختیة وتنحّیه عنها لولدیه أبي الیمن (أثیر‌ الدين محمد)، وعبد البر (ص 116). والنقطة الغامضة الوحیدة هي إشارته إلی هدم المدرسة الأسدیة في 935هـ (ص 119)، ونظراً لوفاة المؤلف في 890هـ، فهناك احتمال كبیر بحدوث تصحیف في كتابة السند أو خلط بین المتن والحاشیة، مما أدی إلی هذا التناقض الواضح.

ویمكن اعتبار هذا الأثر علی الصعید العلمي من الآثار القیمة التي تحدثت عن حلب؛ وتؤكد المعلومات التي وردت فیه علی مقدرة المؤلف وشمولیته في هذا المضمار، وإن لم یخل من الخطأ خاصة في مجال ضبط الأعلام. وخلافاً لمؤلفات تلك الحقبة التاریخیة، نجد عبارات الكتاب واضحة وبعیدة عن التكلف والتصنع. وفضلاً عن كتابي ابن العدیم وابن شداد، یُعدّ تاریخا ابن الملّا وابن الخطیب من المصادر الأصلیة لهذا الكتاب أیضاً (ابن الشحنة، 22، 25، 32، مخـ). وقد اعتمد الكتاب أیضاً علی مصادر أخری مثل معجم البلدان (م.ن، 27)، ومختصر البلدان (م.ن، 59، 105)، ومسالك الأبصار لابن فضل الله (م.ن، 155)، وصورة الأرض (م.ن، 162). وتعد أمانة المؤلف في ذكر المصادر من المیزات المهمة لهذا الأثر. طُبع هذا الكتاب في بیروت عام 1909م بتحقیق یوسف إلیان سركیس، وترجمه سواجیه إلی الفرنسیة وتم طبعه ببیروت عام 1933م، وللكتاب طبعة أخری بدمشق عام 1404هـ/ 1984م بتحقیق عبد الله محمد الدرویش.

 

ب- المخطوطة

1. ثبت مرویّاته ومسموعاته وشیوخه، وقد أشار الدرویش إلی وجود نسخة منه في مكتبة سعد محمد حسن بالقاهرة (ص 24)؛ 2. حاشیة علی شرح عقائد النسفي، أورد فیها ابن الشحنة حاشیة علی شرح التفتازاني لعقائد النسفي (فایدا، III/115)؛ 3. شرح أرجوزة في الفرائض (أرجوزة أبیه)، توجد نسخة منه في جامعة الملك سعود (فهرس المخطوطات، 6/278)؛ 4. شرح السیرة المنظومة، شرح علی السیرة النبویة لأبیه (سید، المخطوطات، 2/44)؛ 5. شرح نظم الموافقات العمریة للقرآن الشریف، كلاهما، أي الشرح والنظم، من تألیفه (الخدیویة، 7/100-101). ونسبه بروكلمان إلی عبد البر (GAL, S, II/94)، غیر أن فهرست الخدیویة أشار بصراحة إلی محمد ابن الشحنة؛ 6. العقیدة السعیدیة، أو منظومة عقیدة ابن الشحنة، توجد نسختان من هذه القصیدة في مكتبة غوتا (پرچ، I/36)، وجامعة الملك سعود بالریاض (فهرس المخطوطات، 5/207-208)؛ 7. عهد للسلطان المؤید أبي الفتح أحمد بن الملك الأشرف أبي النصر إینال، توجد نسخة من هذا العهد بقلم ابن الشحنة في دار الكتب (ظ: مجلة معهد…، 2(4)/291). وقد أورد السخاوي نص هذا العهد في الذیل، كما أشیر إلى ذلك؛ 8. نزهة النواظر في روض المناظر، شرح وتعلیق علی كتاب أبیه (لمعرفة نسخ هذا الكتاب، ظ: ورهوفه، 260؛ فهرس المخطوطات المصورة، 50)؛ 9. نهایة النهایة في شرح الهدایة، تابع في هذا الكتاب ما بدأه أبوه، كتب منه نحو 5 أجزاء فقط وتركه (حتی آخر فصل الغسل) (لمعرفة نسخ الكتاب، ظ: سید، فهرس المخطوطات المصورة، 1/274؛ GAL, I/467). وأشار الزركلي، إلی وجود مجموع بخطه في موضوعات مختلفة في مكتبته (7/51)، لكنه لم یمط اللثام عن تلك الموضوعات.

ونسبت إلیه المصادر كتباً أخری مثل اختصار النشر في القراءات العشر لابن الجزري؛ اقتطاف الأزهار، ذیل آخر علی روض المناظر لأبیه؛ وتنویر المنار (للاطلاع علی الكتب المنسوبة إلیه، ظ: السخاوي، الضوء، 9/304، الذیل، 395؛ الدرویش، 23—24؛ السیوطي، نظم العقیان، 171؛ الغزي، 1/9-10).

 

3. أبو البركات سري‌ الدين عبد البر بن أبي الفضل محب‌ الدين محمد (ذي القعدة 851-921/ كانون الثاني 1448-1515)

ولد بحلب، صحب والده إلی القاهرة وهو طفل وحفظ القرآن وكتباً في مختصرات العلوم. وسمع ببیت المقدس حال نفي أبیه إلیه علی خطیبه جمال‌ الدين ابن جماعة وتقي‌ الدين أبي بكر القلقشندي وبالقاهرة علی البدر النسابة، والأمین الأقصرائي وتقي‌ الدين الشمني وأم هانئ وهاجر القدسیة. ویقول السخاوي «وأجاز باستدعائي جماعة» (الضوء، 4/33). وأخذ الفقه عن البدر بن عبید الله وقاسم ابن قطلوبغا، وأصول الفقه عن الأخبر أیضاً. وكان ذكیاً وفطناً بحیث أذن له في التدریس والإفتاء وهو شاب. وتعجّب السلطان الأشرف من ذكائه فقرّبه إلیه وشاوره في أموره (ن.ص). وزوّجه أبوه بابنة العضدي الصیرامي طمعاً في المنصب وافتتاناً بحب ولده. وفي أول الأمر ناب عبد البرفي القضاء عن أبیه، ثم ولي مناصب مختلفة كالخطابة بجامع الحاكم والتدریس بالشیخونیة وتدریس الحدیث في المؤیدیة لما عجز أبوه (ن.ص). وبعد استعراض السخاوي ملامح من حیاته وسیرته، يبدأ بذمّه مثلما فعل مع أبیه. ونجد في المصادر أقوالاً متناقضة فیه، فبینما قیل إنه كان عالماً متقناً للعلوم الشرعیة والعقلیة، وخاض في الأدب نظماً ونثراً ومدحاً وهجاءً، نراه یُتّهم أیضاً بعدم الثقة؛ في حین یتحدث الحمصي عن الهجاء الجارح الذي هجاه به عبید السلموني. ویشیر ابن طولون إلی أن الناس لم یثنوا علیه. هذا في حین أثنی علیه تلمیذه القطب بن سلطان مفتي دمشق واحتج بكلامه في مؤلفاته، وكان ینقل عنه أنه أفتی بتحریم قهوة البن (ظ: ن.م، 4/33-35؛ ابن العماد، 8/98-100). كان له ولدان هما محمود (حسام الدين) وأبوبكر، وقد نعتهما ابن الحنبلي بقاضي القضاة وأقضی القضاة علی التوالي (1(1)/386-387، 2(1)/444-445). وقُتل هذان الأخوان علی ید السلطان طوماي باي بعد أن أرسلهما السلطان سلیم إلیه عام 923هـ/1517م ضمن وفد للصلح، حاملین إلیه الأمان الذي سبق أن طلبه (ن.ص).

 

آثاره

لعبد البر مؤلفات كثیرة مثل الذخائر الأشرفیة في ألغاز الحنفیة، طبع بالقاهرة، في 1291 و1306 و1307 هـ في حاشیة كنز البیان، مختصر توفیق الرحمن لمصطفی الطائي، وفي حاشیة توفیق الرحمن بشرح كنز دقائق البیان، لنفس المؤلف.

وتوجد مخطوطات بعض آثاره في مكتبات العالم وهي: 1. تحصیل الطریق إلی تسهیل الطریق (ظ: سید، فهرس المخطوطات المصورة، 1/257)؛ 2. تفضیل عقد الفوائد بتكمیل قید الشرائد، في الفقه الحنفي، كتبه في شرح منظومة قید الشرائد ونظم الفرائد لابن وهبان الدمشقي. توجد نسخ كثیرة منه في مكتبات العالم (القاهرة وباریس وإستانبول ودمشق والعراق وإیران) (للاطلاع علی بعض النسخ، ظ: المرعشي، 4/108؛ GAL, II/95; GAL, S, II/88)؛ 3. زهر الریاض في مسأله التوضي من الحیاض (الخدیویة، 3/117)؛ 4. عقود اللآلئ والمرجان بما یتعلق بفوائد القرآن (ن.م، 7/295؛ GAL, II/101)؛ 5. غریب القرآن (الأزهریة، 1/183؛ GAL, S, II/94)؛ 6. الفتاوی (الخدیویة، 7/165)؛ 7. قطع المجادلة عند تغییر المعاملة (ن.م، 7/167)؛ 8. كلام في تنفیذ ما ثبت بشهادة علی الخطة (حتي، رقم 1731). وأضاف البغدادي عدة كتب أخری إلیه (هدیة، 1/498). وأشار ابن العماد إلی قصیدة نظمها في أسماء «البكائین» في غزوة تبوك، والذین نزلت فیهم الآیة الشریفة 93 من سورة التوبة (9)، وبیّن فیها اختلاف المفسرین وأهل السیر فیهم (4/99-100).

 

4. أبو الولید لسان‌ الدين أحمد بن محمد (أثیر الدين) بن أبي الفضل محمد (844-882هـ/1440-1477م)

ولد بحلب ونشأ في كنف جده أبي الفضل، فحفظ القرآن وبعض الكتب كالوقایة. وقدم القاهرة مع جده وعیاله، فقرأ علی قاسم ابن قطوبغا والبدر بن عبید الله وإبراهیم الحلبي والنجم بن قاضي علجون في مختلف العلوم كالعروض والفرائض، وسمع علی جده والبدر النسابة، وأجاز له غیر واحد، وناب عن جده في كتابة السر بالقاهرة، ثم ولي قضاء الحنفیة بحلب عوضاً عن أبیه (السخاوي، الضوء، 2/194). ویصفه السخاوي بأنه كان عاقلاً كیّساً عفیفاً (ن.ص). أما ابن الحنبلي (1(1)/123)، فبعد أن یصفه بأنه كان دیّناً صالحاً ذا خشوع ورقة قلب، یورد إطراءات كثیرة علیه عن تاریخ موفق‌ الدين أبي ذر (تـ 884هـ). توفي بالطاعون وهو ما یزال شاباً. وأورد ابن الحنبلي بعض الأشعار التي قیلت فیه (1(1)/124-127).

ومن آثاره لسان الحكام في معرفة الأحكام. ویذكر ابن الحنبلي أنه ألّفه حین تولي القضاء بحلب، وأراد أن یجعله منظوماً علی 30 فصلاً فلم یتفق له سوی تألیف 20 فصلاً وبعض الفصل 21، ثم شرع ولده أثیر الدين في تكملته فلم یوفق إلا لكتابة نزر یسیر (ظ: 1(1)/122-123)، ثم أتمّه برهان‌ الدين إبراهیم الخالصي العدوي وأطلق علیه غایة المرام في تتمة لسان الحكام (ظ: التونكي، 4/415)، وطُبع عام 1299هـ بالإسكندریة و1300هـ في بولاق و1310 هـ في حاشیة معین الحكام فیما یتردد بین الخصمین من الأحكام لعلاء الدين الطرابلسي.

وفضلاً عن كثیر من أفراد هذه الأسرة الذین تحدث عنهم ابن الحنبلي في كتابه، نراه یشیر إلی جدته أم الحیاء بنت أثیر الدين محمد بن أبي الفضل محمد بن الشحنة، الملقبة بأم القضاة (تـ 939هـ)، وبعد إطرائها ببعض العبارات، ینقل مرثیتین رثاها بهما كل من عبد اللطیف الدیري وحسن السرمیني الأزهري (ظ: 1(1)/331-339).

 

المصادر

ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن حجر، أحمد، إنباء الغمر، حیدرآباد الدكن، 1390هـ/1970م؛ م.ن، الدرر الكامنة، حیدرآباد الدكن، 1396هـ/1976م؛ ابن الحنبلي، محمد، دُر الحبب، تقـ: محمود حمد الفاخوري ویحیی زكریا عبّارة، دمشق، 1972-1973م؛ ابن الشحنة، أبو الفضل محمد، الدر المنتخب، تقـ: عبد الله محمد الدویش، دمشق، 1404هـ/ 1984م؛ ابن العماد، عبدالحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1351هـ؛ ابن قاضي شهبة، أبو بكر، تاریخ، تقـ عدنان درویش، دمشق، 1977م؛ الأزهریة، الفهرست؛ البغدادي، إیضاح؛ م.ن، هدیة؛ التونكي، محمد، معجم المصنفین، بیروت، 1344هـ؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الخدیویة، الفهرست؛ الدرویش، عبد الله محمد، مقدمة الدر المنتخب (ظ: همـ، ابن الشحنة)؛ الزركلي، الأعلام؛ السخاوي، محمد، الذیل علی رفع الإصر، تقـ: جودة هلال ومحمد محمود صبح، القاهرة، 1966م؛ م.ن، الضوء اللامع، القاهرة، 1355هـ؛ م.ن، طبقات الحنفیة، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ سید، المخطوطات؛ م.ن، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1954م؛ السیوطي، حسن المحاضرة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1404هـ/1984م؛ م.ن، نظم العقیان، تقـ: فیلیب حتي نیویورك، 1927م؛ الشوكاني، محمد، البدر الطالع، القاهرة، 1348هـ؛ الطباخ، محمد راغب، أعلام النبلاء، حلب، 1344هـ/1925م؛ الغزي، كامل، نهر الذهب، حلب، 1345هـ/1926م؛ فهرس مخطوطات جامعة الملك سعود، الریاض؛ فهرس المخطوطات المصورة، حلب، 1401هـ/1980م؛ مجلة معهد المخطوطات العربیة، القاهرة، 1955م؛ المرعشي، المخطوطات؛ وأیضاً:

Ahlwardt; GAL; GAL, S; Hitti, Ph. K. et al., Garrett Collection of Arabic Manuscripts, Princeton, 1938; Pertsch; Vajda, Georges, Catalogue des manuserits arabes, Paris, 1978; Voorhoeve.

مریم صادقي/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: