الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / ابن شبل /

فهرس الموضوعات

ابن شبل

ابن شبل

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/17 ۲۱:۰۰:۱۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ شِبل، أبو علي محمد بن الحسین بن عبد الله بن أحمد بن یوسف (تـ 473هـ/1080م)، شاعر وأدیب وفیلسوف وعالم في النحو واللغة ومحدث وطبیب بغدادي. ورد اسمه في المصادر القریبة من عهده محمداً، وورد لدی یاقوت (10/23) وابن أبي أصیبعة (1/247)، باسم الحسین بن عبد الله، وذكرا أن وفاته كانت في 474هـ. وقیل إن ولادته كانت في 401هـ/1011م (ابن الدمیاطي، 9). وكان من أهل الحریم الطاهري وهو حي في القسم الأعلی من بغداد في الجانب الغربي أو من شارع دار الرقیق. دفن بعد وفاته في باب حرب (ن.ص؛ ابن الجوزي، 8/328-329).

ذكر القفطي أنه روی حكایات عن الأمیر أبي محمد الحسن بن عیسی بن المقتدر بالله (ص 376)، ووصفه الصفدي بأنه كان ظریفاً ندیماً مطبوعاً (3/11)، ولذلك یمكن القول إن ابن شبل كان یتمتع بقدرات علمیة وأدبیة مختلفة وإن خصائص شخصیته المطبوعة رفعته إلی مركز القدرة، فلم یتخذ من الطب مهنة لنفسه، ولم یرد في أي مصدر قدیم حدیث عن امتهانه له. وكان یاقوت أول من ذكر أنه كان «خبیراً بصناعة الطب» (10/23). ولاشك في أن روایته هذه لاتشعر باتخاذه الطب مهنة. كما لم یتطرق ابن أبي أصیبعة أیضاً إلی هذه الناحیة وهو الذي نقلها كما یبدو عن یاقوت. ثم إن الباخرزي لم یشر إلی طبه وطبابته في الحدیث الذي أورده عنه ومدحه فیه معرباً بعبارات شاعریة عن أسفه لقصر المدة التي قضاها في الاستفادة من علومه وفضائله (1/27، 363).

ویذكر یاقوت أن ابن شبل أخذ الأدب عن أبي نصر یحیی بن جریر التكریتي (ن.ص)، وسمع غریب الحدیث عن أحمد بن علي الباذي (البادا، البادي، البلدي؟) (ابن الدمیاطي، 8؛ الذهبي، 18/431). وسمع منه عدد من محدثي بغداد مثل أبي الحسین یحیی بن الحسین العلوي إمام الزیدیة وأبي القاسم ابن السمرقندي وأبي سعد الزوزني (السمعاني، 8/54).

جمیع آثار ابن شبل مفقودة، ولم یرد له في كتب التراجم وتواریخ العلم والسیر سوی عدد من الأشعار، كما لم یبق أثر لدیوانه المعروف والذي یقول القفطي إنه كان منتشراً في الأقطار (ن.ص)، وأشار إلیه حاجي خلیفة أیضاً (1/766). ویقول القفطي الذي رتب شعره حسب حروف القافیة إن ابن شبل كان مداحاً أیضاً (ص 376-402). وقد أورد له ابن خلكان 3 أبیات في مدح معتمد الدولة أبي المنیع قرواش بن المقلد (تـ 444هـ/1052م) صاحب الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات، أشار فیها إلی الحرب التي انتقم فیها الأمیر المذكور من الغز وانتصاره علیهم (5/263-264). ویطفح شعر ابن شبل بالتشابیه والاستعارات اللطیفة، وبمعان رقیقة كامنة تثیر الخیال. وتبدو قدرته الشعریة في مقطوعة یصف فیها ضیاع الشباب وبدء المشیب، وشبه الشَعر الأسود فیها بالمسك وقد ذر فیه كافور التجارب، مشیراً إلی الشیب الزاحف فیه. واعتبر الباخرزي «كنایة ابن شبل من الشعر الشائب بكافور التجارب من النوادر والغرائب» (1/364).

وتعود شهرة ابن شبل خاصة إلی المعاني الفلسفیة الدقیقة التي یتضمنها شرعه والتي تدل علی علو كعبه في الحكمة والاطلاع علی مكنوناتها، ومنها قصیدته الرائیة التي نسبت خطأ إلی ابن سینا كما یقول یاقوت (10/23)، ولم یذكر یاقوت مصدراً لنسبته هذه وربما كان وجود الفلسفة في القصیدة المذكورة ومعاصرة ابن شبل لابن سینا (تـ 428هـ/ 1037م) هما اللذان أدیا إلی أن تنسب بعد وفاتهما لابن سینا في مصدر مجهول أو علی الألسنة. ویتضح خطأ نسبتها هذه إذا ما نظرنا بدقة إلی مضامین القصیدة وقارناها بآثار ابن سینا وآرائه، والذي صرح به بعد یاقوت كل من ابن أبي أصیبعة (1/248)، والشهرزوري (2/60)، ذلك أن ابن سینا كان من أتباع المدرسة المشائیة وقد تحدث في جمیع كتبه عن فلسفة واحدة وقسمها علی أساس طریقة أرسطو، حیث تضم المنطق أولاً ثم الطبیعیات وأخیراً الإلهیات، كما أبدی دائماً آراء راسخة استدلالیة، بینما قصیدة ابن شبل تنمّ عن الحیرة التي تعرض لبعض المفكرین بعد دراسة المدارس الفلسفیة والكلامیة المختلفة والمقارنة بین معاني كل منها مع الأخری، وبین المواضیع الدینیة وأحكامها أیضاً، وقد أثار وجود مثل هذه الحیرة في قصیدته ابن الجوزي إلی الحد الذي حكم علیه بقوله: «بعض هذه الأبیات یكفي في بیان قبح العقیدة» (8/329). وبناء علی هذا فإن القیام بمقارنة تحلیلیة لابن سینا وابن شبل یمكن أن تؤول بنا إلی نوعین من التفكیر مختلفین تماماً ومنفصلین في القرن 5هـ: الأول التفكیر القائم علی أساس قوي ثابت یعرض لنا نظرة عالمیة ممیزة وثابتة مستمدة من المذاهب الفلسفیة والكلامیة المتباینة، ویمثله ابن سینا، والثاني تفكیر یقوم علی الشك بكل ما یطالع في العقائد الفلسفیة المختلفة والمذاهب الكلامیة ومابینها من تضارب وبین العقائد الدینیة الصافیة أیضاً. ویعتبر ابن شبل أحد ممثلي هذا النوع من التفكیر ولعل الشهرزوري اعتمد علی مثل هذا التحلیل بعد ذكر قصیدة ابن شبل الرائیة وعدة مقطوعات أخری من شعره، فأورد خلاصة لآراء الفلاسفة الیونان القدماء لتعلیل الشك والحیرة الموجودین فیها (2/64-65).

وتبدو حیرة الشاعر وشكه بوضوح في هذه الأبیات التي ننقلها عن یاقوت من القصیدة المذكورة (10/24):

بربك أیهـا الفـلك المـدار أقصدٌ ذا المسیرأم اضطرار

مدارك قل لنا في أي شيء ففي أفهامنا منك انبهار

وفیك نری الفضاء وهل فضاء سوی هذا الفضاء به تدار

وعندك ترفع الأرواح أم هل مع الأجساد یدركها البوار

كما یشاهد في هذه الأبیات حدیث الشاعر الصریح عن قصور إدراك الإنسان عن معرفة مسائل الطبیعة وماوراء الطبیعة كحركة الفلك والأجسام السماویة والعقول والنفوس ومدبرها وكذلك عن مسألة خلود الروح ووضعها بعد فناء الجسم، كما یلاحظ أنه لم یرد لها جواب جازم بل تركت لتطوف في مظان الوجود. ثم إن بعض أبیات هذه القصیدة ینمّ عن اعتقاد الشاعر بالمصیر المحتوم الذي قدر علی الإنسان وموجودات العالم بلا إرادة ولاطلب.

ویصعب اعتبار ابن شبل فیلسوفاً بالمعنی المعروف له بما مر من تحلیل لشعره الفلسفي. إذ إنه لم یترك لنا نظاماً فلسفیاً مدوناً أو مرویاً، كما لایمكن العثور علی مثل هذا النظام من دراسة ما بقي لدینا من شعره. ویبدو في بعض هذه الأشعار أیضاً مقطوعات في الأخلاق النظریة والعملیة منها مقطوعة أوردها یاقوت (10/37)، یقول ابن شبل فیها:

إحفظ لسانك لاتبح بثلاثة سرّ ومال ما استطعت ومذهب

فعلی الثلاثة تبتلی بثلاثة بمـعـكر وبحـاسـد ومـكذّب

وعلی هذا لابد من اعتبار ابن شبل شاعراً مفكراً فیلسوفاً ویمكن مقارنته بالخیام (تـ 517هـ/ 1123م)، كما یبدو في رباعیاته.

 

المصادر

ابن أبي أصیبعة، أحمد، عیون الأنباء، تقـ: أغوست مولر، القاهرة، 1299هـ/ 1882م؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، المنتظم، حیدرآباد الدكن، 1359هـ/ 1940م؛ این خلكان، وفیات؛ ابن الدمیاطي، أحمد، المستفاد من ذیل تاریخ بغداد، تقـ: قیصر أبوفرح، بیروت، 1391هـ/ 1971م؛ الباخرزي، علي، دمیة القصر، تقـ: محمد التونجي، دمشق، 1391هـ/1971م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط ومحمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1405هـ/1984م؛ السمعاني، عبد الكریم، الأنساب، حیدرآباد الدكن، 1397هـ/ 1977م؛ الشهرزوري، محمد، نزهة الأرواح وروضة الأفراح، تقـ: خورشید أحمد، حیدرآباد الدكن، 1396هـ/1976م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: س. دیدرینغ، دمشق، 1953م؛ القفطي، علي، المحمدون من الشعراء وأشعارهم، تقـ: ریاض عبد الحمید مراد، دمشق، 1395هـ/195م؛ یاقوت، الأدباء.

قسم العلوم/ ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: