الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / ابن سهل /

فهرس الموضوعات

ابن سهل

ابن سهل

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/15 ۲۱:۵۱:۵۲ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ سَهل، أبو إسحاق إبراهیم بن سهل الإسرائیلي (النصف الأول من القرن 7هـ/13م)، شاعر من أواخر عصر الموحدین بالأندلس. ولد في أسرة یهودیة بإشبیلیة، ثم اعتنق الإسلام (الیونیني، 1/476؛ الصفدي، 6/5)، فعرف بالإسرائیلي (ابن سعید، المغرب، 1/264) والإسلامي (الیونیني، 1/482). لاتعرف سنة ولادته وربما كانت قبل 610هـ/1213م (عباس، 12-13) استناداً لما ذكره صدیقه الحمیم ابن سعید المغربي (ن.ع) (ظ: ابن خلیل، 73)، وللأبیات التي نظمها في شبابه ومدح فیها محمد بن یوسف بن هود (ابن سعید، ن.م، 1/265).

بدأ ابن سهل تلقي العلم والأدب في إشبیلیة عند عدد من الأساتذة مثل أبي علي الشلوبیني وأبي الحسن الدبّاج وربما عند الأعلم البطلیوسي (ابن خلیل، 73، 77؛ ابن سعید، ن.م، 1/264، المقتطف، 218؛ عباس، 13-15). وقد أثارت ذاكرته القویة وحفظه للشعر وبدیهته إعجاب الأصدقاء والأصحاب منذ ذلك الوقت (ابن سعید، المغرب، ن.ص). قضی ابن سهل فترة شبابه مع عدد من أصدقائه كابن سعید وأبي بكر الأُندي في التفرج والغزل وربما في مدح بعض أعیان إشبیلیة، وقد أشار ابن سعید إلی هذه اللذات وإنشاد الأشعار (ابن خلیل، 73-77، 168؛ عباس، 16-18)، ووصف بعض ما اتفق له ولابن سهل في هذه الفترة (ابن خلیل، 140-142). غیر أن أصدقاء الشاعر ما لبثوا أن تفرقوا عنه وغادر ابن سعید إشبیلیة مع والده، وعاد أبو بكر الأندي إلی مدینته (عباس، 21-22). ویبدو أن ابن سهل بدأ في تلك الفترة یفكر بمستقبله فمال إلی المدح، ومدح أبا یحیی الرمیمي وأبا العباس الیناشتي، أمیري ألمریة وسبتة (ص 71-73، 205-208؛ قا: عباس، 22)، إلا أنه لم یتضح بدقة أنظم الشاعر تلك المدائح في إشبیلیة وأسلها إلیهما، أم أنه سافر إلی بلدیهما وأنشدها بین أیدیهما؟

وبعد أن قتل ابن هود وعاد حكم الموحدین إلی إشبیلیة (635هـ)، بادر ابن سهل إلی مدح الوزیر أبي عمرو یحیی بن الجد الذي استطاع بحسن تدبیره أن یمسك بزمام أمور المدینة عملیاً (ص 66-70، 183-185، 235، 237، 265-266، 304-305؛ قا: عباس، 23-26). ویدل تاریخ إحدی قصائده علی أنه كان في إشبیلیة حتی 641هـ/1243م علی الأقل (ابن سهل، 235). ثم تركها كما یبدو بعد إقامة قصیرة في شریش، ومدح حاكمها أبي عمرو ابن خالد (ص 125-129)، متوجهاً إلی منورقة، حیث مدح حاكمها العالم والمحب للأدب أبا عثمان ابن الحكم، وأثنی علی سیاسته الذكیة (ص 130-135، 333-334؛ قا: عباس، 27). ویقال إن الشاعر ركب السفینة مرة متوجهاً إلی تونس فهاجمته سفن المسیحیین الحربیة، فهت أبو عثمان بنفسه لمساعدته وأنقذه من الهلاك، فنظم ابن سهل قصیدة مدحه فیها علی جلیل عمله (ص 186-189)، ثم سار إلی سبتة (ربما في 642هـ: عباس، 28-29)، فأصبح كاتباً لأبي علي الحسن بن خلاص والي تلك المدینة وشاعره الخاص ونظم في مدحه قصائد كثیرة (ابن شاكر، 1/20؛ ابن سهل، 94-97، 120-124، 136-139، مخـ).

ویبدو أن إقامة الشاعر في سبتة قد استمرت حتی نهایة حیاته التي لم تطل كثیراً. وقد اختلف في تاریخ وفاته، فذكرت المصادر أنه كان في 643، وقبل 646، و649، وبعد 650، و659هـ (ابن عذاري، 3/379؛ الیونیني، 1/476؛ الصفدي، ن.ص؛ ابن تغري بردي، 1/51). ولكنها اتفقت علی طریقة موته وهي أنه بینما كان في سفینة مع ابن والي سبتة أبي القاسم محمد متوجهین إلی تونس لتقدیم هدیة لأمیرها أبي زكریا الحفصي، غرقت بهما فماتا (ابن عذاري، الصفدي، ابن شاكر، ابن تغري بردي، ن.ص؛ الیونیني، 1/482). ولكن هناك ما یشكك في صحة هذه الروایة، ذلك أن دولة ابن خلاص بسبتة انهارت في 467هـ (عباس، 40، قا: 94، الحاشیة)، لذلك یستبعد أن یكون ابن خلاص قد أرسل هدیة بعد هذا التاریخ. ثم أن ابن سعید صدیق الشاعر في عهد شبابه، كان یعلم بهذه الحادثة وأشار إلیها في القدح المعلی (ظ: ابن خلیل، 145)، ولكنه لم یتطرق إلیها قط في ترجمته لابن سهل في ذلك الكتاب. وقد یبدو هذا عجیباً إلی حدما لما بین الاثنین من صداقة وودّ، والغریب أن ابن سعید لم یكتف بعدم الحدیث عن وفاته في المغرب الذي ألّفه بین 645 و647هـ فحسب، بل أضاف إلی ذلك قوله «وبلغني أنه الآن شاعر خلیفتهم بمراكش» (1/264-265). وعلی هذا فإن وفاته غرقاً لاتخلو من الشك، ما لم تكن حدثت في رحلة أخری ووقت متأخر (عباس، 41-42). وعلی كل حال، من الواضح أنه لایمكن حسم ذلك بسهولة، والمهم أن جمیع المصادر ما عدا ابن سعید قد اتفقت علی وفاته غرقاً في البحر.

كما قیل الكثیر حول إسلام ابن سهل، فقد شك البعض في صحته، وعدّوه متظاهراً یبطن دین أجداده (المقري، 5/68، 69؛ عباس، 48-49)؛ بینما اعتبره الآخرون مسلماً حقیقیاً محباً للقرآن والرسول‌(ص) مستدلین بذلك علی مدحه للرسول‌(ص) في قصیدته العینیة المعروفة (ص 232-234؛ ظ: الصفدي، 6/5-7؛ ابن شاكر، 1/20-21؛ ابن تغري بردي، 1/51؛ قا: عباس، 35). ویبدو أن هذا الاختلاف فیما یعتقده حدث منذ عهد شباب الشاعر، ذلك أن ابن سعید یقول إنه استقسم ابن سهل بنفسه مرةً بالحرمة التي بینهما لیذهب عنه الشك في إسلامه فأجابه بذكاء: «للناس ماظهر، ولله ما استتر» (ابن خلیل، 74)، ولكن رغم أن القصیدة المذكورة لم ینظمها الشاعر أساساً في مدح الرسول الأكرم‌(ص) وإنما في بیان شوقه إلی الحجاز، غیر أنه لیس لدینا ما یدل علی ریائه وعدم صدقه، وربما كانت الشكوك بإسلامه تعود إلی عدم اهتمامه وتقیده بالفرائض الدینیة في أیام شبابه، والذي یلاحظ بشكل أوضح علی من أسلم حدیثاً مثله (عباس، 35-36)، كما نری أن معاصریه تحدثوا عن إیمانه والتزامه بعد أن اشتد تمسكه بالإسلام وفرائضه إبان تدهور الأوضاع واشتداد الظروف. وبالإضافة إلی ذلك فإن شعره الطافح بالثقافة الإسلامیة إن لم یكن دلیلاً علی إسلامه، فإنه یشیر إلی علاقته بهذه الثقافة (عباس، 35-37).

ویعتبر ابن سهل من شعراء فترة التجدد بالأندلس (الركابي، 101، الهامش؛ أیضاً ظ: الفاخوري، 3/267، 273). وأكثر شعره في المدح والغزل. ورغم صوره البدیعة (ص 258؛ الفاخوري، ن.ص)، لكنه قلما یمیل إلی وصف الطبیعة في شعره (عباس، 43). كما لایبدو في شعره تنوع في الصناعات الأدبیة والبیانیة (عباس، 43-44)، ولایظهر فیه اهتمام بالمصائب الاجتماعیة، رغم انحداره من أقلیة دینیة وعاش في عصر مضطرب. كما أن شعره خال من المعاني العمیقة والأفكار السامیة (ن.ص). والحقیقة فإن أهمیة شعر ابن سهل تكمن في غزله لا في تلك الأغراض (مونرو، 56-55). ومما جعل منه شاعراً له أسلوبه الخاص هو غزله الرقیق اللطیف الذي نظمه في فتی یهودي اسمه موسی كان صاحبه وخلیله بإشبیلیة (علی سبیل المثال ظ: ص 74-79، 116، 118، مخـ). وتلاحظ في غزل الشاعر الذي امتزجت فیه المباني العذریة والصفاء البدوي بما ادخره من ثقافة عربیة وإسلامیة وافرة، نظرته العاطفیة ومیله إلی الألم والعذاب (عباس، 43-46). ویری بعض القدماء أن رقة شعره تعود إلی اجتماع «ذل العشق وذل الیهودیة» فیه (المقري، 1/68). ثم إن تكلفه فيتضمین معاني القرآن وقصصه في شعره أثار بعض مواطنیه علیه واعتبروا طریقته في تضمین القصص القرآنیة نوعاً من التحریف (عباس، 48-49).

وكان ابن سهل وشاحاً بارعاً أیضاً، ولبعض موشحاته شهرة كبیرة في الأندلس دعت الكثیرین إلی معارضتها (المقري، 9/246، 293-297، 300، 1/109؛ قا: ابن سهل، 283-286، 296-298). وقد ألف الأقراني كتاباً في شرح إحدی هذه الموشحات باسم المسلك السهل في توشیح ابن سهل (فاس، 1324هـ). حقق دیوانه لأول مرة حسن العطار، وطبع في القاهرة سنة 1279هـ طبعة حجریة، ثم طبع مراراً في القاهرة وفاس وبیروت والإسكندریة.

 

المصادر

ابن تغريي بردي، المنهل الصافي، تقـ: أحمد یوسف نجاتي، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ ابن خلیل، محمد، اختصار القدح المعلی، تقـ: إبراهیم الأبیاري، القاهرة، 1959م؛ ابن سعید، علي، المغرب في حلی المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1953م؛ م.ن، المقتطف من أزاهر الطرف، تقـ: سید حنفي حسنین، القاهرة، 1983م؛ ابن سهل، إبراهیم، دیوان، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1400هـ/1980م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ ابن عذاري، محمد، البیان المغرب، تقـ: هویسي میراندا، تطوان، 1960م؛ الركابي، جودت، في الأدب الاندلسي، القاهرة، 1970م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: س. دیدرینغ، بیروت، 1392هـ/1972م؛ عباس، إحسان، مقدمة وحواش علی دیوان ابن سهل (همـ)؛ الفاخوري، حنا، الموجز في الأدب العربي وتاریخه، بیروت،1985م؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: یوسف محمد البقاعي، بیروت، 1406هـ؛ الیونیني، موسی، ذیل مرآة الزمان، حیدرآباد الدكن، 1374هـ/1954م؛ وأیضاً:

Monroe, J. T., Hispano-Arabic Poetry, Berkeley etc. 1974.

قسم الأدب العربي/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: