اِبْنُ سَودَة، عنوان یطلق علی أفراد أسرة من العلماء والقضاة المالكیین في مراكش منذ أوائل القرن 11 الهجري وحتی یومنا هذا. هاجر جد هذه الأسرة محمد بن محمد بن علي بن سودة من غرناطة بالأندلس إلی فاس في 754هـ (المراكشي، 2/269). وأول من اشتهر من هذا البیت أبو القاسم ابن القاسم (تـ 1004هـ/1596م) (ظ: الحجوي، 2/272)، الذي أخذ عن رضوان الجنوي والقاضي الحمیدي، وأخذ عنه خلق منهم أحمد بن یوسف الفاسي (ظ: مخلوف، 294). وبعض مشاهیر هذه الأسرة هم:

1. أبو عبد الله محمد بن الطالب بن علي التاودي (تـ 29 ذوالحجة 1209هـ/17 تموز 1795م)

عالم واسع الإدراك، وهو أشهر أفراد هذه الأسرة. ولد بفاس في 1111هـ أو 1128هـ (مخلوف، 373؛ الجبرتي، 2/149). قرأ الموطأ علی أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري، وشهاب‌ الدين أحمد بن عبد العزیز السجلماسي، ودرس كذلك علی أبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس، وأبي البقاء یعیش بن الزغاوي، وأبي العباس أحمد بن أحمد الشدادي، وشهاب‌ الدين أحمد بن مبارك وغیرهم (الجبرتي، 2/149-150)، صار شیخ الشیوخ وانتهت إلیه رئاسة العلم في المغرب إقراءً وإفتاءً (الحجوي، 2/294)، وعدّه لیفي بروفنسال (ص 38) أحد نوابع علماء المغرب.

قدم مصر في 1181هـ أثناء سفره إلی الحج، وعقد درساً حافلاً حضره غالب الموجودین من العلماء (الجبرتي، 2/150). ومن بینهم الزبیدي (ظ: تاج العروس، مادة سود)، ودرّس أیضاً بالحرمین الشریفین (كنون، 1/303)، وأجازه مشایخهما وأجازهم (الجبرتي، 2/150-151)، وبعد عودته إلی المغرب كلّفه السلطان محمد خطة القضاء في 1203هـ فقبلها كرهاً. ولمّا توفّي السلطان محمد ووقع الاختلاف والاضطراب بین أولاده، اجتمع الخاصة والعامة علی رأي ابن سودة، فاختار المولی سلیمان وبایعه علی الأمر بشرط السیر علی الخلافة الشرعیة والسنن المحمدیة (م.ن، 2/151-152).

آثاره

له آثار كثیرة، أهمها:

ألف- المطبوعة: 1. حاشیة علی الجامع الصحیح للإمام البخاري، أو زاد المجدّ الساري لمطالع البخاري، طبع في 4 مجلدات بفاس (1328-1330هـ)؛ 2. أسئلة وأجوبة، فاس (1301هـ)؛ 3. شرح الأربعین النوویة، طبع بفاس؛ 4. حلی المعاصم، وهو شرح علی تحفه محمد بن عاصم في الفقه المالكي، طبع بفاس في 3 مجلدات (1308-1310هـ)؛ 5. شرح لامیة الزقاق، في علم القضاء طبع بفاس؛ 6. شرح مختصر خلیل، طبع بفاس؛ 7. الفهرسة الصغری، حول بعض المشایخ ونصوص الإجازات التي مُنحت له، وذكر الزركلي أنه طبع (6/171).

ب- المخطوطة: 1. تحفة الإخوان بفوات التنیا بطول الزمان (علوش، 2(2)/263)؛ 2. تقیید علی الجامع المنسوب لخلیل (م.ن، 2(1)/268)؛ 3. تقیید في بیع العقار (حجي، 130)؛ 4. ثبت بمن لقیهم التاودي من صالحي المغرب (الوكیل، 2(4)/136؛ 5. مناسك الحج (حجي، 205-206).

2. أبو العباس أحمد بن محمد بن الطالب التاودي (1153-1235هـ/1740-1820م)

قرأ علی عدة من الأشیاخ منهم والده وهو عمدته، و قرأ أیضاً علی أبي عبد الله محمد بن الحسن الجنوي، وأبي عبد الله محمد بن الحسن بناني. وأقامه والده مقامه في الإقراء لما أراد السفر للحج في 1181هـ (المراكشي، 2/207). وفوّض إلیه سلطان المغرب الأمر في جمیع قضاة المغرب، فكان كقاضي القضاة (الحجوي، 2/297). ولایعد أولاده أبو الفضل العباس بن أحمد (تـ 1241هـ)، وأبو عبد الله محمد الطالب بن أحمد (تـ 1252هـ)، ومحمد عبد الواحد بن أحمد (تـ 1253هـ)، من علماء عصرهم (ظ: الكتاني، 2/920؛ مخلوف، 396).

3. أبوعیسی المهدي بن الطالب (1220-1294هـ/1805-1877م)

أخذ عن عدد من الأعلام كالیازمي وبدر الدين الحمومي وعبد القادر الكوهن (مخلوف، 403). وأصبح قاضي مكناسة وزرهون (السلاوي، 9/71؛ الزركلي، 7/313). سافر إلی المشرق قاصداً الحج في 1269هـ (ابن سودة، 393؛ قا: السلاوي، ن.ص). ومن أهم تلامذته ورواته عبد الكریم الكتاني وأبو عبد الله محمد المدني (الكتاني، 2/743، 1053-1054)، وجعفر الكتاني (مخلوف، ن.ص) . ومن آثاره حاشیة علی شرح السُلّم في المنطق، ذكر الزركلي أنها مطبوعة في جزأین (7/114). وله أیضاً رسالة في تنظیم الجیش ألفها بطلب من الملك محمد الرابع، توجد نسخة منها في المكتبة الأحمدیة بفاس (ظ: الزركلي، ن.ص؛ للاطلاع علی سائر آثاره، ظ: ابن سودة، 364، 393؛ مخلوف، 403).

4. أبو العباس أحمد بن الطالب (1241-1321هـ/1826-1903م)

تتلمذ بادئ ذي بدء علی محمد بن عبد الرحمن الحجرتي، ومحمد بن عبد القادر الكردودي (المراكشي، 2/269؛ الكتاني 1/484 و2/1042). وفي 1268هـ سافر إلی تونس طلباً للعلم، فأخذ عن علمائها كمحمد بن أحمد النیفر، وسالم بو حاجب، ومحمد بن بیرم وأجازوه (مخلوف، 430؛ المراكشي، 2/270). وحج في السنة التي بعدها، وأخذ في الحرمین عن محمد بن علي السنوسي وآخرین (ن.ص)، ثم تولی إمامة وخطبة مسجد مولانا إدریس. وفي 1285هـ أصبح قاضي أزمور، وفي 1292هـ عیّن قاضیاً بطنجة، وبعد وفاة أخیه أبي عیسی المهدي، تولی مكانه قضاء مكناسة في 1294هـ (المراكشي، 2/270). ومن الأعمال التي قام بها تأسیس الخزانة الأحمدیة بمراكش وقد سمّیت باسمه (ابن سودة، 23). ومن آثاره: 1. تحریر المقال، رسالة في البسملة، وذكر الزركلي أنها مطبوعة (1/139)؛ 2. ختمات لصحیح البخاري، أشار الزركلي إلی طباعة جزء منه (ن.ص)؛ 3. رفع اللبس والشبهات عن ثبوت الشرف من قبل الأمهات، طبع في القاهرة عام 1321هـ.

5. أبو عبد الله محمد العابد بن أحمد بن الطالب (1272-1359هـ/1855-1940م)

كان خطیب مسجد المولی إدریس أكثر من 50 سنة (الزركلي، 6/180). من آثاره: سنان القلم لتنبیه ودیع كرم، فاس، طبعة حجریة، 1325هـ/1907م؛ مسامرة الأعلام وتنبیه العوام بكراهیة القیام لمولد خیر الأنام، قال الزركلي إنه مطبوع (6/108).

المصادر

ابن سودة، عبد السلام، دلیل مؤرخ المغرب الأقصی، تطوان 1369هـ؛ تاج العروس؛ الجبرتي، عبد الرحمن، عجائب الآثار في التراجم والأخبار، بیروت، دار الجیل؛ الحجوي، محمد، الفكر السامي، المدینة المنورة، 1397هـ؛ حجي، محمد، فهرس الخزانة العلمیة الصبیحیة، الكویت، 1406هـ/1985م؛ الزركلي، الأعلام؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار البیضاء، 1956م؛ علوش، ی. س.وعبد الله الرجراجي، فهرس المخطوطات العربیة، الرباط، 1954م؛ الكتاني، عبدالحي، فهرس الفهارس والأثبات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1402هـ/1982م؛ كنون، عبد الله، النبوغ المغربي، بیروت، دار الكتاب اللبناني؛ لیفي بروفنسال، إ.، مؤرخو الشرفاء، تجـ: عبد القادر الخلّادي، الرباط، 1397هـ/1977م؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكیة، بیروت، 1350هـ؛ المراكشي، عباس، الإعلام بمن حلّ مراكش وأغمات من الأعلام، فاس، 1357هـ/1938م؛ الوكیل، مختار، فهرست المخطوطات المصورة، القاهرة، 1390هـ.

علي بیات/ت.