اِبْنُ سَعدان، أبو جعفر محمد الضریر (161-231هـ/778-846م)، قارئ ونحوي ضریر. ولد في بغداد وأقام فیها. كان كوفي المذهب في النحو، ومن ملازمي الكسائي ومجالسیه، وكان یشترك في حلقات درسه، وقد تدخل ابن سعدان في القضیة المعروفة بـ «الزنبوریة» التي كانت موضوع بحث واختلاف بین سیبویه والكسائي. ومع هذا فقد عُدّ من أصحاب أبي زكریا الفَرّاء.

كان لابن سعدان باع في علم القراءات ویقرأ القرآن في البدایة بقراءة حمزة، ثم اختار لنفسه قراءة خاصة، إلا أنه كما یقول ابن الندیم (ص 76) مزج في النهایة بین هاتین القراءتین وفسد علیه الأصل والفرغ.

وقد ذكره ابن الندیم بمثابة معلم للعامة (ن.ص)، واعتبره الخطیب البغدادي (5/324) وكذلك الیماني (ص 314) ثقة، إلا أنه وكما یقول أبو عمرو الداني كان یدلس باسم الكسائي أحیاناً (ابن الجزري، 2/143). واعتبره بعض المتأخرین مثل حسن الصدر (ص 39) من علما الشیعة في علوم القرآن (قا: الأمین، 9/341؛ مدرس، 7/563). وعلل الصدر هذه النسبة بأن ابن الندیم ذكره في قراء الشیعة، إلا أنه لم یلاحظ مثل هذا الأمر في كتاب الفهرست، وعلی أي حال فلیس بمعلوم سبب نسبته إلی الشیعة.

أخذ ابن سعدان القراءة عن یحیی بن المبارك الیزیدي وإسحاق بن محمد المُسیّبي ومعلی بن منصور وآخرین. ویقول بعضهم إنه أخذ القراءات المختلفة عن قراء مكة والمدینة والشام والكوفة والبصرة (یاقوت، 18/202؛ الذهبي، 1/177؛ ابن الجزري، ن.ص)، وقد روی ابن سعدان الروایات الأدبیة والحدیث عن أساتذة مثل عبدالله بن إدریس وأبي معاویة الضریر وأبي تمیلة یحیی بن واضح والمسیب بن شریك وعبد العزیز بن أبان وغیرهم (الخطیب البغدادي، ن.ص).

ومن تلامذته البارزین في القراءة محمد بن أحمد بن واصل (یاقوت، ن.ص). وروی الحدیث عنه محمد بن سعد كاتب الواقدي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وعبید بن محمد المرزبان (الخطیب البغدادي، ابن الجزري، ن.ص؛ الذهبي 1/177، 178).

نسبت لابن سعدان عدة كتب جمیعها في علم القراءة والنحو ذكرها ابن الندیم (ص 76، 87) علی النحو التالي: 1. القراءات، وكان كتاباً كبیراً؛ 2. مختصر النحو، أو المختصر في النحو، الذي ذكر في المصادر التي تلت ابن الندیم بأسماء أخری (ظ: الخطیب البغدادي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، 117)؛ 3. الحدود، وكان مثل حدود الفراء ولم یرغب فیه الناس كثیراً. ونسب ابن الندیم في موضع آخر (ص38) كتاب الوقف والابتداء لمؤلف باسم ابن سعدان ولعله ابن سعدان هذا. وعده ابن الجزري (ن.ص) مؤلف كتاب الجامع وكتاب المجرد ومن المحتمل أن یكونا هما كتابه القراءات نفسه، وذلك لأن الجامع في علم القراءات یطلق عادة علی كتاب جمع فیه المؤلف القراءات المختلفة بینما المجرد یتضمن قراءة خاصة.

المصادر

ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1352هـ/1933م؛ ابن قاضي شهبة، أبو بكر، طبقات النحاة واللغویین، تقـ: محسن غیاض، النجف، 1973م- 1974م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ: حسن الأمین، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ/1930م؛ الذهبي، محمد، معرفة القراء الكبار، تقـ: محمد سید جاد الحق، القاهرة، 1387هـ؛ الزبیدي، محمد، طبقات النحویین واللغویین، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1973م؛ الصدر، حسن، الشیعة وفنون الإسلام، القاهرة، 1396هـ؛ مدرس، محمد علي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346هـ؛ یاقوت، الأدباء؛ الیماني، عبد الباقي، إشارة التعیین في تراجم النحاة واللغویین، تقـ: عبدالمجید دیاب، الریاض، 1406هـ.

أحمد بادكوبه هزاوه/ خ.