الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن سریج، أبوالعباس /

فهرس الموضوعات

ابن سریج، أبوالعباس

ابن سریج، أبوالعباس

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/15 ۱۶:۰۴:۱۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ سُرَیج، أبو العباس أحمد بن عمر (248-306هـ/862-918م)، فقیه ومفكر شافعي، یلقب بـ «الباز الأشهب». وكان من أحفاد سریج بن یونس المروزي (تـ 235هـ/849م) الزاهد والمحدث الشهیر (الیافعي، 2/248). قضی ابن سریج جل عمره ببغداد ویبدو أنه ولد فیها، وهناك توفي دفن في حجرة بسویقة غالب بالجانب الغربي من بغداد، وقبره یزار (القرطبي، 76؛ الخطیب، 4/290؛ ابن خلكان، 1/67). كان قلیل الرحلة، وذكرت له رحلة إلی شیراز فقط لتولي القضاء فیها (أبو إسحاق، 118).

ورغم أن ابن سریج عرف فقیهاً علی الأغلب، غیر أنه ألمّ أیضاً ببقیة العلوم الإسلامیة كالكلام والحدیث. وعدّه ابن الندیم من متكلمي الشافعیة (ص 266). واعتبره ضیاء الدین والد فخر الدین الرازي أبرع أصحاب الشافعي في علم الكلام (السبكي، 3/22). ومع ذلك فقد كان شدید المعارضة لخلط الكلام والفقه ویبدو من القرائن المختلفة ومنها جوابه عن سؤال حول الصفات الالهیة، أنه كان ذا نزعة تقلیدیة في العقائد ومن أتباع السلف (الذهبي، 3/812-813). أما في الحدیث، فرغم أنه لم یرو أحادیث كثیرة (الخطیب، 4/287)، إلا أن طبقته الروائیة عالیة وله اطلاع واسع علی فنون الحدیث ودقائقه (الذهبي، 3/811-812). من شیوخه الشهیرین في هذا الفن الحسن بن محمد الزعفراني وأبو داود السجستاني (الخطیب، 4/287-290). ویمكن أن نذكر من رواته ابنه أبا حفص عمر وسلیمان بن أحمد الطبراني وأبا أحمد ابن الغطریف الجرجاني (الطبراني، 1/44؛ الخطیب، 4/287-288؛ الإسنوي، 2/21).

وكان ابن سریج یحضر مجالس درس الجنید أحیاناً وقیل إنه كان یری نجاحه في الفقه من بركة اشتراكه في هذه المجالس (الأنصاري، 184-185، 312؛ ابن الملقن، 130-131). وفي بدایة التحري عن عقائد الحلاج في نحو 297هـ/909م، طلب من ابن سریج أن یفتي فیه، فقال: إنه حافظ للقرآن، عالم في الفقه والحدیث متعبد ویتكلم بكلام لاأفهمه، فلا أحكم بكفره (أخبار الحلاج، 55-56). ویدل علی نزعته إلی التصوف والعرفان اشتراكه في مجلس الجنید ومیله إلیه وامتناعه عن الحكم علی الحلاج، بالإضافة إلی أن ثلاثة من تلامذته وهم ابن القاص والرودباري والثقفي كانوا یتكلمون بلسان الصوفیة (قا: ماسینیون، I/423-424).

اعتبر ابن سریج في الفقه أعلم فقیه بمذهب الشافعي وأقوم أهل زمانه (القرطبي، ن.ص). وعرف في مصادر الشافعیة بالمدافع والحافظ، وأحیاناً بمنجي المذهب الشافعي (قا: العبادي، 62). تعلم ابن سریج الفقه علی أبي القاسم الأنماطي ونقله إلی الخلف علی ید أبي إسحاق المروزي (الجعدي، 85؛ النووي، 1/18-19، 2/251). وبرع في الفقه الشافعي إلی حد نال به لقب «الشافعي الثاني» (الشریشي، 1/205). ثم إن أحد الشیوخ المعاصرین لابن سریج طبق علیه الحدیث النبوي القائل «إن الله یبعث علی رأس كل مئة سنة من یجدد لها دینها»، وإنه مجدد القرن الثالث بعد عمر بن عبد العزیز والشافعي (الحاكم، 2/522-523)، وأید هذا التطبیق فیما بعد بعض علماء الشافعیة (ابن الأثیر، 12/221؛ النووي، 2/210).

ولایعتبر ابن سریج مبیناً لآراء الشافعي في عالم الفقه فحسب، بل كان في بعض الحالات مجتهداً وصاحب رأي فیه أیضاً. كما كان من خصائصه البارزة في طریقته الفقهیة وتصدیه للمدرسة الظاهریة التي كانت قد تكونت في ذلك العصر ببغداد، لجوؤه الواسع للقیاس كما یبدو من رده علی ابن داود (قا: السبكي، 3/38)، وكذلك قبوله لسلسلة من الأصول الثابتة وتأویل النصوص التي لاتتفق مع الأصول المذكورة (النووي، 2/252)، ودقته النحویة –المنطقیة في العبارات واللعب باللفظ أحیاناً (قا: العبادي، 62-63؛ وأیضاً المسألة السریجیة في هذه المقالة). وقد أدت هذه الاختلافات العمیقة في طریقته الفقهیة مع الظاهریین إلی وقوع مناظرات شدیدة بینه وبین أبي بكر ابن داود، نجل داود الأصفهاني مؤسس المدرسة الظاهریة، والتي أشیر إلیها في بعض المصادر (ابن الندیم، 266؛ الخطیب، 4/288؛ الشریشي، ن.ص). ویقول الخطیب البغدادي: إن ابن سریج جالس داود شخصیاً وناظره (4/290)، ولكن یبدو أن هذا الموضوع غیر صحیح من الناحیة الزمانیة.

وكان یجتهد أحیاناً علی خلاف المشهور في مذهب الشافعي (النووي، 2/251؛ السبكي، 3/22، 25). ومن المسائل المذكورة المسألة «السریجیة» أو «دور الطلاق» المعروفة، وهي لو قال رجل لامرأته إذا طلقتك، أنت طالق قبله ثلاثاً، فطلقها. فلهذه المسألة ثلاثة وجوه: 1. وقع طلاق غیر مشروط؛ 2. الطلاق المذكور بالنظر إلی الشرط في حكم ثلاث؛ 3. الصیغة المذكورة لغو، ولم یقع طلاق أصلاً. ویری ابن سریج القول الثالث، لأنه لو وقع المنجز لوقع المعلق قبله بحكم التعلیق ولو وقع المعلق لم یقع المنجز لزیادته علی المملوك وإذا لم یقع المنجز لم یقع المعلق، وأكبر الظن أن ابن سریج أول من أتی بهذا النوع من الحجة، ویستبعد كما قال بعضهم أن الشافعي نفسه أو المزني أعلن هذه المسألة وحلها الأخیر (عمیرة، 3/357؛ الشربیني، 3/324). وعلی كل حال فإن عدداً من أوائل فقهاء الشافعیة، صرحوا بنسبة هذه المسألة إلی ابن سریج (ابن هبیرة، 2/348). وقال الدار قطني في ذلك: كان خیراً لو لم یحدث ابن سریج في الإسلام مسألة الدور في الطلاق (ابن تغري بردي، 3/194). ومهما یكن فقد كانت مسدلة صحة نسبة هذه المسألة إلی ابن سریج أو نفیها تطرح دائماً في القرون التالیة وتؤلف أحیاناً رسائل مستقلة فیها (القلیوبي، 3/357؛ ابن حجر، 8/115؛ ریو، رقم 1203). وبالنظر إلی فحوی كلام السبكي یمكن القول إن ابن سریج كان شدید الوسواس في المسائل الفقهیة رغم جرأته في الاجتهاد وإفادته من النصوص (3/30). وكان في صراع مع الظاهریة والحنفیة (كما یبدو من فهرست كتبه)، وحتی المالكیة (ن.ص)، وله مناظرات معهم باعتباره مدافعاً عن المذهب الشافعي ببغداد، وقد بلغت قدرة شخصیة ابن سریج ودقّة حججه حداً أصبح فیه مضرباً للمثل، حتی وردت عبارة «الحجج السریجیة» في القرن 5هـ/11م كمثل علی الحجج الدامغة والمُسكتة (الحریري، 83).

ولم یكن ابن سریج لیهتم برجال الدولة ومنهم الوزیر علي بن عیسی، مما أدی إلی استیائه، ولكن ما لبث علي بن عیسی أن أعجب به بعد أن شاهد سعة اطلاعه في مناظراته المختلفة وأصر علیه قبول منصب القضاء ومال إلی تهدیده ولكن ابن سریج امتنع (السبكي، 3/30-31). ومع ذلك یبدو أنه كما قیل تولی لسبب مجهول منصب قضاء شیراز بین عامي 280-290هـ (قا: ماسینیون، ن.ص). ولذلك أضیفت إلیه سمة القاضي في بعض المصادر القدیمة (القرطبي، 76؛ العبادي، 62؛ الخطیب، 4/287). ولكن لایعلم ما دعا تلمیذه ابن الغطریف إلی وصفه بالأمیر (الخطیب، 4/288).

 

آثاره

ذكر أبو الحسن الشیرجي أن فهرست مصنفات ابن سریج یشتمل علی 400 مصنَّف (أبو إسحاق، 118). ولكن أكثرها فقد مع مرور الزمن:

 

ألف– المخطوطة

1. الأقسام والخصال (آربري، رقم 5115)؛ 2. جزء یتضمن أجوبة ابن سریج في أصول‌ الدین (GAS, I/495)؛ 3. الودائع لنصوص الشرائع، جزء صغیر توجد مخطوطة منه ضمن مجموعة في خزانة الرباط (الزركلي، 1/185).

 

ب- المنسوبة إلیه

لابن سریج عدا الثلاثة المذكوره تصانیف عدیدة أخری مفقودة الیوم أو مجهولة لدینا. رآها أو اقتناها كل من ابن الندیم والدار قطني وأبو حامد الإسفرایني في القرن 4هـ/10م، والسبكي والإسنوي في القرن 8 هـ/14م وابن حجر الهیتمي وحاجي خلیفة في القرنین 10 و11هـ/ 16 و17م. یمكن أن نذكر منها الرد علی محمد بن الحسن، والرد علی عیسی بن أبان (العالم الحنفي المتوفی في 221هـ/836م)، والرد علی ابن داود من القیاس، وكتاب آخر في الرد علی ابن داود في المسائل التي یختلف فیها مع الشافعي (عن التصانیف المنسوبة إلیه، ظ: ابن الندیم، 266؛ الخطیب، 4/290؛ السبكي، 3/23، 38؛ الإسنوي، 2/21؛ ابن حجر، 8/114؛ حاجي خلیفة، مخـ).

 

المصادر

ابن الأثیر، مبارك، جامع الأصول، تقـ: محمدحامد الفقي، القاهرة، 1370هـ/1951م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن حجر الهیتمي، أحمد، تحفة المحتاج، بولاق، 1290هـ؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن الملقن، عمر، طبقات الأولیاء، تقـ: نور الدین شریبة، بیروت، 1406هـ/1986م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ ابن هبیرة، یحیی، الإفصاح، حلب، 1366هـ/1947م؛ أبو إسحاق الشیرازي، طبقات الفقهاء، تقـ: خلیل المیس، بیروت، دار عبد الرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبد الله الجبوري، بغداد، 1391هـ/1971م؛ الأنصاري، الخواجة عبدالله، طبقات الصوفیة، تقـ: عبد الحي حبیبي، كابل، 1341ش؛ الجعدي عمر، طبقات فقهاء الیمن، تقـ: فؤاد سید، القاهرة، 1376هـ/1957م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الحاكم النیسابوري، مستدرك الصحیحین، حیدرآباد الدكن، 1324هـ/1906م؛ الحریري، القاسم، مقامات، طهران، 1365ش؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ الذهبي، محمد، تذكرة الحفاة، حیدرآباد الدكن، 1333-1334هـ؛ الزركلي، الأعلام؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، تقـ: محمود محمد الطناحي وعبدالفتاح محمد الحلو، القاهرة، 1384هـ/1965م؛ الشربیني، محمد، مغني المحتاج، بیروت، دار الفكر؛ الشریشي، أحمد، شرح مقامات الحریري، تقـ: محمد عبد المنعم خفاجي، القاهرة، 1372هـ/1952م؛ الطبراني، سلیمان، المعجم الصغیر، تقـ: عبد الرحمن محمد عثمان، القاهرة، 1388هـ/1968م؛ العبادي، محمد، طبقات الفقهاء الشافعیة، تقـ: یوستا فیتستام، لیدن، 1964م؛ عمیرة، «حاشیة علی شرح منهاج الطالبین»، حاشیتان، القاهرة، مكتبة عیسی البابي الحلبي؛ القرطبي، عریب، صلة تاریخ الطبري، تقـ: دي خویه، لیدن، 1897م؛ القلیوبي، أحمد، «حاشیة علی شرح منهاج الطالبین»، حاشیتان، القاهرة، مكتبة عیسی البابي الحلبي؛ النووي، یحیی، تهذیب الأسماء واللغات، القاهرة، 1345هـ/1927م؛ الیافعي، عبدالله، مرآة الجنان، حیدرآباد الدكن، 1337- 1339هـ؛ وأیضاً:

Arberry; GAS; Massignon, L., La passion de Husayn ibn Mansûr Hallâj, Paris, 1975; Rieu, Ch., Supplement to the Catalogue of the Arabic Manuscripts in the British Museum, London, 1894.

أحمد پاكتچي/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: