الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن الساعاتي، أبوالحسن /

فهرس الموضوعات

ابن الساعاتي، أبوالحسن

ابن الساعاتي، أبوالحسن

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/14 ۲۳:۳۷:۲۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ السّاعاتيّ، أبو الحسن بهاء الدین علي بن محمد بن علي بن رستم بن هَردوز الخراساني (553-604هـ/1158-1208م)، شاعر إیراني الأصل، عربي اللسان عاصر الأیوبیین. لاتتوفر في المصادر الموجودة ترجمة كاملة عن حیاته وغالباً ما اكتفت بذكر اسمه أو نقل بعض أشعاره. ویعد كل من ابن أبي أصیبعة وابن خلكان من أوائل الذین ترجموا لهذا الشاعر، غیر أن ما ذكراه حوله لایتجاوز عدة أسطر وكثیراً ما تكرر المصادر الأخری المعلومات التي أورداها. وقد أضاف ابن سعید الأندلسي (ص 118) الذي وقف علی ترجمة ابن الساعاتي في تاج المعاجم و تاریخ حلب بعض المعلومات إلی ما ورد في المصدرین الأولین وكذلك فعل بعض المؤلفین الآخرین. ویمكن الاطلاع علی جوانب من حیاة الشاعر ومیزاته بدراسة أشعاره وما نصل إلیه تعدّ آراء استنتاجیة محضة یمكن قبول بعضها بحذر.

كان والده محمد من أهالي خراسان، هاجر إلی دمشق واشتغل بصناعة الساعات. وله باع طویل في النجوم. صنع أیام حكم نور الدین محمود بن زنكي (تـ 569هـ/1174م) الساعات التي عند باب الجامع بدمشق ونال منه هبات كثیرة واستمر حتی وفاته یتولی مسؤولیة صیانتها وإدارتها (ابن أبي أصیبعة، 2/183-184). ولهذا فقد عرف بالساعاتي وعرف ابنه بابن الساعاتي.

ولد ابن الساعاتي بدمشق وقضی فیها نصف عمره والنصف الآخر في القاهرة وتوفي هناك –كما یقول ابنه– ودفن بسفح المقطم (ابن خلكان، 3/396؛ ابن سعید، 118)؛ ویقول ابن ظافر الأزدي (ص 262) كان في نهایة الحسن أیام شبابه وقد جمعه مرة مجلس بفضلاء عصره، فداعبوه وكان من ضمنهم ضیاء الدین الحوراني وهو في ذلك الوقت مشهور بعشق ابن الساعاتي، فجرد الأخیر سیفاً یرید ضرب عنق الضیاء الحوراني مداعباً له، ثم طلب الضیاء الحوراني من كل واحد أن یقول في وصف هذه الحادثة شیئاً. ویقول ابن سعید (ن.ص) إنه لم ینشأ بدمشق في زمان ابن الساعاتي أبدع منه صورة. وذكر الصفدي (22/7) أنه كان ملیح الصورة ظریفاً ویتعشقه أربعون شاعراً، وكان إذا نظم القصیدة ألقاها بینهم فینقحها الجمیع له فلذلك جاد شعره.

ویذكر ابن سعید (ص 119) أن ابن الساعاتي قرأ في أول أمر علی البدیع الأسطرلابي بآمد. ویبدو أن هذا الخبر عار عن الصحة، ذلك لأن البدیع الأسطرلابي، أو أبا القاسم هبة الله بن الحسین، الفیلسوف والطبیب والأدیب والشاعر والمنجم الذي برع في صناعة الآلات الفكیة، كان یقیم ببغداد وتوفي فیها عام 534هـ/1140م (ابن خلكان، 6/50-52). ولهذا لابد من الشك في صحة الحكایة التي نقلها ابن سعید (ن.ص) والتي زعم فیها أن ابن الساعاتي فقد ألف دینار في بیت البدیع الأسطرلابي، أو الشك في علاقة الحكایة بالبدیع علی الأقل. ولكن ابن الساعاتي أشار في قصیدته التي مدح بها صلاح ‌الدین الأیوبي بمناسبة فتح بیت المقدس (583هـ/1187م) إلی ضیاع ماله وثروته، ولكن لم تتضح ماهیة هذه الحادثة وهل إن لها علاقة بتلك الحكایة المذكورة، أم لا (ظ: 2/385-388). ویقول ابن سعید (ص 18) إن أبن الساعاتي برع في صباه خطاً وشعراً ولعباً بالشطرنج والنرد والفروسیة وخالط الكبراء إلی أن قُدّم علی الجمیع.

لم تتحدث المصادر الموجودة عن تاریخ هجرته إلی القاهرة، ولكن جاء في عنوان قصیدته التي مدح بها الأمیر سیف ‌الدین أنه نظمها في 585هـ «عند مقدمه من الشام»، وإذا كان مرجع الضمیر في هذه العبارة یعود إلی الشاعر لا إلی الأمیر سیف ‌الدین، فیمكن القول عندئذ إنه رحل إلی القاهرة في الـ 32 من عمره (2/31-32؛ قا: المقدسي، مقدمة، 1/15-16). وعلی كل حال فقد كان الشاعر سنة 583هـ بدمشق وسنة 585هـ في القاهرة، لأنه نظم قصیدته التي مدح فیها صلاح ‌الدین في 583هـ بدمشق ونظم قصائد في 585هـ بمصر منها قصیدته في رثاء القاضي محیي ‌الدین قاضي القضاة بمصر (2/144-147).

ویُرجع أنیس المقدسي (ن.ص) سبب رحیل الشاعر عن وطنه دمشق إلی مصر استناداً إلی أبیات من قصائده الكثیرة، إلی طلب المال وحسن الحال ویذكر أن الشاعر كان یعیش حیاة مرة في تلك الأیام لفاقته ولأن مواطنیه لم یقدروه حق قدره. ورغم أن هذا الرأي یبدو صحیحاً ومن المحتمل أن الشاعر لدی رحیله إلی مصر كان یعیش في مثل تلك الظروف، إلا أن رأي المقدسي الآخر بأن الشاعر لم ینل ماكان یصبو إلیه من تقدم وثروة طوال إقامته في دمشق رغم صلاته بالكثیر من الأفراد والسلاطین الأیوبیین ورجال الحكومة ومشاهیر العصر ومدحه لهم (ن.م، 1/20، «ابن الساعاتي»، 330)، لایبدو صحیحاً إلی حدما. وللتدلیل علی صحة رأیه فقد استند المقدسي إلی أبیات من قصیدة ابن الساعاتي نظمها في مدح صلاح ‌الدین الأیوبي وأشار فیها إلی حادثة أصابت ماله. ولكن المقدسي یضیف قائلاً: «ولا نعلم ما هذه الحادثة التي خصّته بها الأیام، ولكننا من هذه القصیدة نعلم أنها تركت أثراً مُرّاً في نفسه» (مقدمة، 1/20-21). وربما تكون هذه الحادثة هي فقدانه الت 1,000 دینار التي أشرنا إلیها سابقاً. أما الأبیات الأخری التي استند إلیها المقدسي، فلا تتعلق بالفترة التي نتحدث عنها ویمكن الحدس بأن مشاكل الشاعر المادیة قد بدأت حوالي سنة 583هـ، وبالإضافة إلی ذلك فإن مكانة الشاعر الاجتماعیة الممتازة ماكانت لتسمح بهذا الفقر وهذه الفاقة.

وعلی كل حال فقد عزم ابن الساعاتي كما یبدو علی الهجرة إلی القاهرة والإقامة بها مهموماً مضطرباً نتیجة فقدانه المال وعدم احترام الناس له.

وحیاة الشاعر في القاهرة مجهولة أیضاً، ویستنتج من شعره فقط أنه كان یقیم بالمحلة الكبری، وبدأت حالته تتحسن ولاسیما في السنوات العشر الأخیرة من عمره، حیث أصبح ذا بسطة ویسار علی الرغم من أنه فقد أولاده الثلاثة مودود ومحمود (تـ 595هـ/1199م) وعیسی (تـ 596هـ) هناك وعاش في السنین الثماني الأخیرة من عمره حزیناً مصدوع الفؤاد (ابن الساعاتي، 2/365-368، 371-374؛ قا: المقدسي، مقدمة، 1/21). ویستنتج مما ذكره ابن خلكان (3/396) أن للشاعر ابناً رابعاً كان علی قید الحیاة بعد وفاة والده، إذ یقول إنه سمع بنفسه تاریخ وفاة الشاعر من ابنه.

ونال ابن الساعاتي في أیامه شهرة واسعة، إذ ذكره مؤلفو الكتب الأدبیة والتاریخیة المعاصرون، أو القریبون من زمانه ورووا شعره. ووصفه ابن أبي أصیبعة (2/184) بأنه أفضل أهل زمانه بالشعر ولا أحد یماثله فیه. وتحدث كل من ابن خلكان (3/395) والصفدي (22/7-8) عن عظمته. وقد تباهی الشاعر كثیراً أیضاً في قصائده بشرفه وأصالته، وأكثر مایكون تباهیه بشعره أو بآله ویدع ونفسه أمیر النظم والنثر وكان شدید الحرص علی كرامته، سریع الانفعال مما یمس سمعته، یرد لمنافسیه كیدهم ویطعنهم بأمضی من حرابهم (المقدسي، مقدمة، 1/24-27).

كان ابن الساعاتي من الظرفاء یحب مجالس اللهو والطب فإذ أسعفه الزمان لم یقعد عن الاستمتاع بشرب أو سماع أو جمال. ویشیر في قصیدة له إلی سعیه في طلب الغنی، ولكن الغنی عنده لم یكن علی مایظهر إلا سبیلاً للحصول علی اللذائذ والتمتع بأسباب السرور (ظ: 1/228؛ قا: المقدسي، ن.م، 1/23). ولكن یبدو أن موت أولاده الفجائي بالقاهرة أثر علی شخصیته وأوجد تحولاً فكریاً عظیماً جعله یمیل إلی الجد والوقار في الفكر والسلوك. وتشیر الأشعار التي نظمها بعد ذلك إلی تفكیره الجدید في السنوات الثمانیة الأخیرة من عمره. ونراه علی سبیل المثال یقول في شعر له إن الثروة من دون فضیلة فقر، إن الحیاة العاریة عن الفضیلة موت بعد أن كان یطلب الثروة لتحقیق أهدافه وآماله فقط (ن.م، 1/23-24).

لم تتحدث المصادر الموجودة عن مذهب ابن الساعاتي. ونقل محسن الأمین (8/241) أبیاتاً له في مدح أمیر المؤمنین علي‌(ع) وأهل البیت(ع) واعتبرها كما یبدو دلیلاً علی تشیعه. ویحكي لنا عنوان قصیدة له في دیوانه أنه نظمها ارتجالاً مخاطباً أولئك الذین یجادلونه حول علي‌(ع) (ظ: 2/319).

ولابن الساعاتي دیوان في مجلدین طبعا. وكان له دیوان آخر تحت عنوان مقطعات النبل مفقود. ولكن القرائن تدل علی أنه مقتطفات من دیوانه اختارها الشاعر بنفسه (ابن خلكان، 3/395-396؛ حاجي خلیفة، 1/766؛ قا: الذهبي، 21/471).

وأشعار ابن الساعاتي هي في المدح والفخر والهجاء والرثاء والهزل ووصف الطبیعة. وكان یمیل إلی الغزل كثیراً. ولكنه جاء بغزلیاته مع الوصف أغراض مشابهة أخری ضمن النسیب في بدایة مدائحه. ولایخلو شعره من الصناعات البدیعیة التي بلغت القمة في استعمالها آنذاك. وأفرط كابن الفارض في هذا المیدان كثیراً إلی درجة أنه حصر نفسه في إطارها علی الرغم مما كان یمتلكه من طبع مرسل وموزون وقدرة علی التخیل. ولهذا تجد شعره أحیاناً خالیاً من أیة لطافة. وكان ابن الساعاتي بارعاً جداً في استخدام الألفاظ واختیارها لبیان مقاصده وهو في هذا المجال وفي المدح بشكل خاص یناظر شعراء العصر العباسي من الطراز الأول (قا: المقدسي، مقدمة، 1/29-44).

ومدح ابن الساعاتي الكثیر من رجال عصره ومنهم صلاح‌ الدین الأیوبي وأبناؤه وبقیة سلاطین هذه العائلة وأمرائها وكذلك رجال الدولة الأیوبیة سواءً أكانوا من الوزراء، أو الكتّاب، أوقادة الجیش. كما مدح الكثیر من فقهاء عصره وعلمائه وقضاته. ونظم في 582هـ قصیدة في مدح الخلیفة العباسي الناصر لدین الله وأرسلها إلیه (ظ: ن.م، 1/17-18).

 

المصادر

ابن أبي أصیبعة، أحمد، عیون الأنباء، تقـ: أوغوست مولر، القاهرة، 1299هـ/1882م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن الساعاتي، علي، دیوان، تقـ: أنیس المقدسي، بیروت، 1938م؛ ابن سعید، علي، الغصون الیانعة، تقـ: إبراهیم الأبیاري، القاهرة، 1967م؛ ابن ظافر الأزدي، علي، بدائع البدائه، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1970م؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ: حسن الأمین، بیروت، 1403هـ/1983م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: بشار عواد معروف ومحیي هلال السرحان، بیروت، 1404هـ/1984م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: رمزي بعلبكي، بیروت، 1404هـ/1983م؛ المقدسي، أنیس، «ابن الساعاتي»، المقتطف، القاهرة، 1939م؛ عد 94؛ م.ن، مقدمة دیوان (ظ: همـ، ابن الساعاتي).

أبو محمد وكیلي/ص.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: