الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن زیاد، أبوحفص /

فهرس الموضوعات

ابن زیاد، أبوحفص

ابن زیاد، أبوحفص

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/14 ۲۲:۵۳:۵۳ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ زیاد، أبو حفص عبید الله (مقـ 67هـ/686م)، قائد أموي شهیر ووالي خراسان والعراق. أمه مرجانة أم ولد (البلاذري، أنساب….، 4 (2)/75)، تزوجت من شیرویه الإیراني، ونشأ عبید الله في داره، ولذلك دخلت العجمة في كلام ابن زیاد، فكان لایقدر علی تلفظ بعض الحروف العربیة جیداً (الجاحظ، 1/76). نسبه بعضهم طعناً فیه إلی أمه، فقیل ابن مرجانة. لاتتوفر معلومات عن نشاطاته السیاسیة في أوائل شبابه، ولكن یبدو أنه لم یكن بعیداً عن أمور الدولة عند والده زیاد بن أبیه والي العراقین (أبوعلی مسكویه، 2/28). ومع ذلك لما أشرف زیاد علی الموت (53هـ/673م) استخلف سمرة بن جندب وعبد الله بن خالد بن أسید ولایة البصرة والكوفة، ولكن معاویة ولی عبید الله في أواخر هذه السنة خراسان وهو ابن 25 سنة (الطبري، 5/295-296؛ قا: أبو علي مسكویه، 2/29، 32، فقد أشار رغم قوله إن الذي تولی حكم خراسان هو عبد الرحمن بن زیاد شقیق عبید الله، إلی غزو عبید الله في خراسان)، وقطع عبید الله بن زیاد نهر جیحون وهو ما قام به العرب لأول مرة (الیعقوبي، 2/236) واستطاع أن یحتل عدة مناطق كرامیثن (رامین: أبو علي مسكویه، 2/32؛ رامدین: البلاذري، فتوح…، 410) ونسف وبیكند (قا: الطبري، 5/297) من مدن بخاري، وأن یهزم ملكة بخاری الثریة قبج خاتون، وجیشها من الترك. غیر أن تولیه خراسان لم یدم طویلاً. وفي 55 أو 56 أو 57هـ، ولاه معاویة البصرة بدلاً من عبد الله بن عمرو بن غیلان (الیعقوبي، 2/237؛ الطبري، 5/300). وقد واجه ابن زیاد خلال حكمه للبصرة –خاصة في 58هـ- تفاقم أمر الخوارج، فقمعهم بشدة متناهیة وقتل الكثیرین منهم (الدینوري، 269-270؛ الطبري، 5/312-314).

واستمر ابن زیاد في حكم البصرة بعد معاویة في 60هـ/680م، ولكن یزید لم یكن راضیاً عنه ویرغب في عزله، غیر أن معارضة الحسین بن علي‌(ع) ودخول مسلم بن عقیل الكوفة لأخذ البیعة للإمام الحسین‌(ع) من الكوفیین لم یؤد إلی إبقاء ابن زیاد علی ولایة البصرة فقط، بل أضاف إلیه الكوفة باقتراح أحد مشاوریه باسم سرجون، إلی أن قبض علی مسلم بن عقیل وقتله (الطبري، 5/348)، وقیل إن معاویة هو الذي ولی ابن زیاد الكوفة قبل موته (البلاذري، أنساب، 4(2)/82)، وكان الكوفیون أثناء ذلك قد أقبلوا علی بیعة الحسین بن علی‌(ع) وینتظرون قدومه إلیهم، ولما رأوا ابن زیاد یدخل المدینة متلثماً، ظنوا أنه الإمام الحسین‌(ع)، فكانوا یردون علیه سلامه بهذا الاسم، حتی نزل القصر وبدأ علی الفور بالبحث عن مسلم بن عقیل أولاً (الطبري، ن.ص) وألقی ابن زیاد في الكوفیین خطبة هدّد فیها المعارضین ووعد المطیعین بإحسانه (أبو الفرج، 97).

ویقول الیعقوبي (2/243) إن هانئ بن عروة كان صدیقاً لابن زیاد وشدید العلة، ویعلم أن عبید الله سیعوده، فاتفق مع مسلم بن عقیل علی قتله في داره، ولكن هناك روایة أخری (الطبري، 5/363) أن شریك بن الأعور وكان من رؤساء الشیعة في الكوفة مرض في دار هانئ واتفق مع مسلم أن یهاجم ابن زیاد أثناء عیادته له ویقتله. وكأنّ هانئاً استقبح أن یحدث القتل في بیته، فامتنع مسلم عن ذلك ونجا ابن زیاد (أبو الفرج، 98-99). ویذكر الطبري أن ابن زیاد احتال بعید دخوله الكفة وعرف مكان اختفاء مسلم بن عقیل، فاستدعی هانئاً إلی دار الإمارة وسجنه، وبعد فترة قبض علی مسلم بن عقیل الذي تصدی لابن زیاد دفاعاً عن هانئ، وقتلهما معاً وأرسل برأسیهما إلی یزید (5/348-350، 380). ثم سیّر ابن زیاد الحر بن یزید نحو الإمام الحسین‌(ع) –الذي كان قد توجه من الحجاز إلی الكوفة دون أن یعلم بقتل مسلم ارتداد الكوفیین عنه– وأمره بأن یحول بین الإمام‌(ع) وبین الماء فلایضرب خیامه قربه، ثم أرسل إلیه جیشاً بقیادة عمر بن سعد بن أبي وقاص (م.ن، 5/409).

وذكر المؤرخون أن ابن زیاد ولی عمر بن سعد قبل ذلك حكم الري، وكان علی أهبة المسیر إلیها حینما أمره ابن زیاد بأخذ البیعة من الإمام الحسین‌(ع) لیزید أو قتاله. ولما طلب عمر أن یعفیه من هذا الأمر علق ابن زیاد حكمه للري علی مواجهة الإمام الحسین‌(ع) (ابن سعد، 5/168؛ الدینوري، 253). ورغم كل هذا فقد أخبر عمر بن سعد ابن زیاد بعد مباحثات طویلة نسبیاً مع الإمام الحسین علي‌(ع) بأنه یرید العودة، وعلیه فلاحاجة للحرب. ویبدو أن ابن زیاد سرّ في البدء من هذا الخبر، غیر أن شمر بن ذي الجوشن أقنعه بعدم قبول الصلح، فكتب ابن زیاد رسالة إلی عمر بن سعد، أن یرسل الإمام الحسین‌(ع) إلی الكوفة إذا أخذ البیعة منه وإلا فلیقاتله، وإن أبى قتال الحسین‌(ع) فلیسلم القیادة لشمر (المفید، 438؛ الطبري، 2/315، 316). وهكذا استشهد الإمام الحسین‌(ع) في الحرب الدامیة التي دارت بینه وقلة من أنصاره وبین جیش عمر بن سعد بكربلاء (10محرم 61هـ/10 تشرین الأول 680م) واستشهد مع الإمام‌(ع) عدد من أنصاره وأهل بیته الأوفیاء، منهم أخوه أبو الفضل العباس وابنه علي بن الحسین (علي الأكبر) وابن أخیه القاسم بن الحسن‌(ع) وكان یافعاً، وعبد الله بن عقیل وأسر سائر أفراد أسرته (ابن طاووس، 37 وما بعدها؛ الطبري، 5/417 وما بعدها).

وقد أثار عمل ابن زیاد نقمة الكثیرین من المسلمین ولاسیما أهل الكوفة، فحدث أن وقف عبد الله بن عفیف الأزدي أثناء أول خطبة لابن زیاد بعد وقعة كربلاء شتمه وشتم یزیداً شتماً لاذعاً (الطبري، 5/458-459؛ ابن طاووس، 71-72)، وقیل أیضاً إن مرجانة نفسها لامت ولدها ابن زیاد لوماً شدیداً (الطبري، 5/484)، غیر أن ابن زیاد استمر في حكمه بقوة السلاح والمال وبلاط یزید، رغم كره العراقیین له حتی مات یزید، وأعلن عبد الله بن الزبیر خلافته في الحجاز (64هـ)، فاضطر ابن زیاد لمغادرة العراق إلی الشام، وقد اختلف المؤرخون حول هذه الحادثة، فیری البلاذري (أنساب، 4(2)/97) أن ابن زیاد قال لأهل البصرة أن یبایعوه بالإمرة، حتی ینظروا ما یصنع الناس، فبایعوه، ووجه إلی أهل الكوفة من یسألهم البیعة له، فأبوا، فخلعه أهل البصرة من الإمارة أیضاً، غیر أن الطبري (5/504) وأبا علي مسكویه (2/83-84) ذكرا أن ابن زیاد وزّع مالاً كثیراً قبل إیراد الخطبة، بین أعیان البصرة كشقیق بن ثور ومالك بن مسع وحصین بن المنذر، فوقفوا بعد الخطبة وطلبوا منه الاستمرار في الحكم، ولكن لم تمض فترة قصیرة، حتی انفض الناس من حوله، وطالبوا بالبیعة لعبد الله بن الزبیر، فقطع ابن زیاد عطایاهم وأرزاقهم وحمل مابقي في بیت المال (الطبري، 5/508، قا: 5/511-512)، وأراد معارضة البصریین والتصدي لعامل عبد الله بن الزبیر في البصرة، غیر أن أخاه عبد الله رده عن ذلك.

ولم یذكر الدینوري (ص 281-283) شیئاً من هذه الحوادث وأشار فقط إلی أن ابن زیاد طلب بعد موت یزید اللجوء إلی الأزد بإشارة من ابن أخیه الحارث بن عباد بن زیاد ومهران غلامه وفي روایة أخری كاتبه (أبو علي مسكویه، 2/92)، واستدعی الحارث بن قیس من أجل ذلك، وقد احتال الحارث وابن زیاد لإجبار رئیس الأزد مسعود بن عمرو علی إلجائه، حتی اضطر مسعود إلی الموافقه رغم غضبه الشدید منه (م.ن، 2/85). ومن ناحیة أخری لم یعثر البصریون علی ابن زیاد في دار الإمارة، فهاجموا سجن المدینة وأطلقوا المساجین منه، ثم أمّروا علیهم عبد الله بن الحارث بن نوفل (الدینوري، 283)، كما حدث نزاع بین بني تمیم وقیس وبین الأزد بسبب لجوء ابن زیاد إلیهم، مما زاد من خوفه واضطر إلی الهرب من المدینة. وأخیراً وجه مسعود من شَخَص به إلی الشام (أبو علي مسكویه، 2/86)، ویبدو أن الخوارج قتلوا مسعود بعد فترة قصیرة (البلاذري، أنساب، 4(2)/98؛ قا: ابن قتیبة، 347. وفي هذه الأثناء بلغ ابن الزبیر من القدرة، بحیث دانت له مناطق من الشام وكاد مروان بن الحكم أن یتوجه إلی الحجاز لبیعته، فالتقی ابن زیاد مروان في البثنیة، ومنعه من ذلك وقال له إنه سیدعمه إن دعا لنفسه، فرجع مروان وتوجه ابن زیاد إلی دمشق، واحتال علی الضحاك بن قیس وكان یأخذ البیعة فیها لابن الزبیر، فخدعه وأخرجه منها وأخذ البیعة لمروان، ودارت معركة بین المروانیین والضحاك بن قیس في مرج راهط قرب دمشق، هزم فیها الأخیر وكان ابن زیاد یتولی قیادة فرسان مروان (ابن سعد، 5/40-42؛ الطبري، 5/536-539).

وحدث أثناء ذلك قیام التوابین بقیادة سلیمان بن صُرد الخزاعي یطالبون بدم الإمام الحسین‌(ع)، فوجه إلیهم مروان بن الحكم ابنَ زیاد وقال له إن غلب علی العراق فإنه أمیرها (الیعقوبي، 2/257). ولما وصل ابن زیاد إلی الجزیرة علم بموت مروان (65هـ/685م) ولكنه تابع زحفه، وكان سلیمان بن صرد قد‌خیم في عین الوردة (أبو علي مسكویه، 2/95، 110)، وقدّم مسیّب بن نجبة الفزاري، فهزم شرحبیل بن ذي الكلاع وكان ابن زیاد قد أرسله لقتاله. فسیر ابن زیاد حصین بن نمیر لقتال سلیمان، فهُزم حصین في البدء، غیر أن ابن زیاد أمده بجیش (أواخر جمادی الأولی 65) وهزم سلیمان وأنصاره وقتلوا في الحرب الدامیة التي دارت في عین الوردة (الطبري، 5/597-599). وبعد أن حقق ابن زیاد هذا النصر عمل علی إخضاع مدن الجزیرة وكان أهلها قد بایعوا ابن الزبیر، ولم یتعرض للمختار الذي ثار ضد الأمویین في العراق مطالباً بدم الإمام الحسین‌(ع).

وأخیراً هاجم الموصل وكانت بید عامل المختار عبد الرحمن بن سعد بن قیس. فتراجع عبد الرحمن إلی تكریت، ثم أعلم المختار بهجوم ابن زیاد، فوجه المختار إلیه جیشاً بقیادة یزید بن أنس الذي كان یشكو من مرض عضال، ودارت حرب بین الجانبین، استطاع فیها هذا الجیش أن ینتصر رغم موت یزید بن أنس علی جیش ابن زیاد الذي كان یقوده ربیعة ابن خارق و عبد الله بن حملة الخثعي (10 ذو الحجة 66)، وبعدها قاد ابن زیاد جیشاً إلیهم بنفسه، غیر أن الرقاء بن عازب خلیفة یزید بن أنس تراجع، وكان المختار یطلب ابن زیاد وغیره ممن شاركوا في وقعة كربلاء، فوجه إبراهیم بن مالك الأشتر علی رأس جیش لقتال ابن زیاد. والتقی إبراهیم الذي كان یرید مواجهته قبل وصوله إلی العراق جیش الشام عند ساحل نهر خازر قرب باربیثا علی بعد 5 فراسخ من الموصل. وجرب حرب ضاریة بین العراقیین والشامیین دارت الدائرة فیها علی ابن زیاد (محرم 67) وقتل مع أصحابه، وفي روایة عن أبي مخنف أن إبراهیم بن الأشتر ربما قتله (الطبري، 6/38-41، 43، 86-90)، وبعث برأسه إلی المختار، فأرسله إلی محمد بن الحنفیة وعلي بن الحسین‌(ع) وسائر بني هاشم (ابن سعد، 5/100). وقد هجا یزید بن مفرغ زیاداً بعد قتله (یاقوت، 2/903).

 

المصادر

ابن سعد، محمد، الطبقات الكبری، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ ابن طاووس، علي، اللهوف في قتلی الطفوف، النجف، 1369هـ؛ ابن قتیبة، عبد الله، المعارف، تقـ: ثروت عكاشة، القاهرة، 1388هـ/1969م؛ أبو علي مسكویه، أحمد، تجارب الأمم، طهران، 1366ش؛ أبو الفرج الأصفهاني، علي، مقاتل الطالبیین، تقـ: أحمد صقر، القاهرة، 1368هـ؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1400هـ؛ م.ن، فتوح البلدان، لیدن، 1865م؛ الجاحظ، عمرو، البیان والتبیین، القاهرة، 1351هـ؛ الدینوري، أحمد، الأخبار الطوال، تقـ: عبد المنعم عامر، بغداد، 1379هـ؛ الطبري، تاریخ؛ مفید، محمد، الإرشاد، طهران، 1351ش؛ یاقوت، البلدان؛ الیعقوبي، أحمد، تاریخ، بیروت، دار صادر.

صادق سجادي/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: