اِبْنُ سَدید، فخر الدين ماجد بن أبي الفضائل بن سناء الملك، المعروف بعبد الله بن سدید القبطي (تـ 833هـ/1430م)، من موظفي الدیوان في عهد الممالیك. والشهیر أیضاً بابن المُزوِّق، وكان من أولاد الكتبة (ابن حجر، 8/217) وعمله الأصلي هو في الدیوان علی عهد الممالیك بمصر، ثم تولی كتابة السر عند ملوك هذه السلالة. حظي في بدء أمره برعایة سعد الدين ابن غراب، أحد كتبة الممالیك من ذوي النفوذ وعیّن بمساعدته ودعمه عدد من المناصب (ابن إیاس، 2/133؛ السخاوي، 6/235).

لیس لدینا معلومات تذكر عن مستهل حیاته، ویبدو أنه أصبح لأول مرة ناظراً للجیش عوضاً عن بدر الدين بن نصر الله في عهد الملك الناصر فرج (801-815هـ/1399-1412م)، وأبقي في هذا المنصب خلال الفترة القصیرة لحكم الملك المنصور (808هـ/1405م) (ابن حجر، 5/278؛ المقریزي، 4(1)/3؛ ابن إیاس، 1(2)/729) ونال خلعة منه (ابن تغري بردي، 13/42). ولما عاد الملك الناصر فرج بعد فترة إلی الحكم وتولی سعد الدين ابن غراب منصب أمیر الأمراء، استقر ابن سدید في كتابة السر (المقریزي، 4(1)/10؛ ابن حجر، 5/309؛ ابن إیاس، 1(2)/743). ولكنه لم یبق طویلاً في هذا المنصب إذ عزل عنه بعد عدة شهور إثر موت ابن غراب في 7 من ذي الحجة 808 وخلفه في هذا المنصب فتح‌ الدين فتح الله بن معتصم (المقریزي، 4(1)/19؛ ابن حجر، 5/310، 311). ویبدو أنه في هذه الفترة عینه الملك الناصر في منصب ناظر الإصطبل، وظلّ فیه حتی 815هـ، وفي مطلع هذا العام حظي ثانیة بعطف الملك، واستقر في كتابة السر عوضاً عن فتح‌ الدين فتح الله. فقبض علی ما كان لفتح‌ الدين من أموال انتقاماً منه، واشتدت العداوة بینهما وانكشفت (المقریزي، 4(1)/218؛ ابن حجر، 7/55).

وفي أواخر حكم الناصر فرج حدث نزاع بینه وبین منافسیه علی السلطة أدی في 10 صفر 815 إلی القبض علی ابن سدید مع عدد من أنصار الناصر بدمشق وسلّموا للأمیر نوروز والي تلك المدینة، ثم شُفع فیهم وأُطلق سراحهم المقریزي، 4(1)/228؛ ابن حجر، 7/59)، وبعد أیام من هذه الحادثة قُتل الملك الناصر (ابن العماد، 7/112). ولم یرد بعد ذلك ذكر في المصادر لابن سدید وربما كان في هذه السنوات منعزلاً عاطلاً. وفي 829هـ حاصر الملك الأشرف برسباي (حكـ 825-841هـ/1422-1437م) حارة الجودریة في القاهرة للقبض علی منافسه الأمیر جانبك (جاني بك، جانباك) الصوفي وفتش دورها فلم یعثر علیه، وكانت تربط ابن سدید بجانبك مصاهرة، فقبض علیه وحلف له إن دلَّه علی مكانه لایمسّه بسوء، فامتنع ابن سدید عن ذلك – وربما كان لایعلم بمكانه– فأمر برسباي أن یُضرب بالمقارع (المقریزي، 4(2)/717-718) ونفي بعدها من القاهرة. وبعد وفاة الملك الأشرف تبیّن أن جانبك كان في حارة الجودریة هذه وفي دار ربما فتشت ولم یعثر علیه فیها (ابن تغري بردي، 14/286). وبعد أن قضی ابن سدید 4 سنوات في خوف ورعب توفي بالقاهرة (المقریزي، 4(2)/847-848؛ ابن حجر، 8/217؛ السخاوي، 6/235).

المصادر

ابن إیاس، محمد، بدائع الزهور، تقـ: محمد مصطفی، القاهرة، 1403-1404هـ/1983-1984م؛ ابن تغري بردي، یوسف، النجوم الزاهرة، تقـ: فهیم محمد شلتوت، القاهرة، 1390-1391هـ/1970-1971م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، إنباء الغمر، حیدرآباد الدكن، 1392-1395هـ/1972-1975م؛ ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1351هـ/1931م؛ المقریزي، أحمد، السلوك، تقـ: سعید عبد الفتاح عاشور، القاهرة، 1972م؛ السخاوي، محمد، الضوء اللامع، بیروت، 1355هـ/1936م.

علي آل داود/ن.