الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن رسته /

فهرس الموضوعات

ابن رسته

ابن رسته

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/12 ۲۲:۱۶:۲۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ رُستَه، أبو علي أحمد بن عمر بن رسته، عالم جغرافي ومؤلف كتاب الأعلاق النفیسة. أورد بعضهم اسمه محمداً أو أحمد (البستاني). وذكر سوسة (ص 100) أن اسم أبیه هو محمد بن إسحاق، أما الغنیم (ص 8) فقد ذكر أنه عمر بن عمر معتمداً علی ماكتب علی غلاف نسخة من كتاب ابن رسته. وقرأ المستشرق الروسي خفولسون اسمه خطأ ابن دسته، حیث عرف به سنوات (كراتشكوفسكي، IV/159)، إلی أن زال هذا الخطأ بالتدریج.

لاتتوفر معلومات عن تاریخ ولادته ومحل وفاته وما نعلمه هو أن أصفهان كانت مسقط رأسه وعاش فترة من حیاته فیها (ن.ص) ویقول ضمن وصف أصفهان بأنه من أهلها (ص 151). كان ابن رسته في 290هـ/903م بمكة في موسم الحج، وتحدث في كتابه عن ألواح المسجد النبوي الحجریة وأبوابه (ص 73، 75). وهناك اختلاف في سنة وفاته. فقد ذكرها البعض 290هـ (سركیس، 109) والبعض الآخر 291هـ (الفاخوري، 56). وذكر نلینو أنها كانت بین سنتي 290 و300 هـ (ص 183).

لم یذكر ابن الندیم اسمه وآثاره في الفهرست؛ كما یعرف المستشرقون والمحققون ابن رسته حتی أواسط القرن 19م ولم یطلعوا علی كتابه. وقد بدأ خفولسون بنشر قسم من كتاب الأعلاق النفیسة حول الروس والصقالبة وشعوب البلقان في 1869م (العقیقي، 3/941). ثم نشره جوینبول في 1883م (م.ن، 2/661) ونشره هامادوف بغازان في السنة نفسها مع تعلیق فهرست (م.ن، 3/937). وأخیراً نشر المستشرق الهولندي دي خویه الكتاب المذكور مع مقدمة في 1892م ضمن سلسلة جب التذكاریة في لیدن. توجد مخطوطتان فقط من الأعلاق النفیسة واحدة في المتحف البریطاني (GAL, I/227) والأخری في جامعة كیمبردج (براون،165). كما أعد غاستون فیت هذا الكتاب للطبع مع ترجمة وتعلیق، حیث طبعته الجمعیة الجغرافیة المصریة في 1955م في 319 صفحة (العقیقي، 1/302). ونشر كاروی زغلدي في 1958م أقساماً من الكتاب حول المجریین مع مواضیع لابن فضلان والبلخي والمسعودي (م.ن، 3/914).

وهناك اختلاف في تاریخ الانتهاء من تألیف الكتاب. فیری دي خویه أنه كان بین سنتي 290 و301هـ (ص 5-6). وكان كراتشكوفسكي یری أیضاً أن أبن رسته ألف كتابه بعد عشر سنوات من تألیف كتاب ابن الفقیه حوالي 290 إلی 300هـ (ن.ص)، أما ماركوارت فقد ذكر أن تاریخ تألیف هذا الكتاب هو حوالي 310هـ واعتقد أن ابن رسته تأثر في تألیفه بكتاب الجغرافي الإیراني ووزیر الأمراء السامانیین الجیهاني وقد ألف هذا الكتاب في نفس الفترة تقریباً (ص 25-26). ویقول المقدسي في بحثه حوله: ورأیت كتابه في سبع مجلدات في خزائن عضد الدولة غیر مترجم وقیل بل هو لابن خرداذبه. ورأیت مختصرین بنیشابور مترجمین أحدهما للجیهاني والآخر لابن خرداذبه وتتفق معانیهما غیر أن الجیهاني زاد شیئاً یسیراً (ص 4، والهامش). ویعتقد بارتلد أن ماركوارت یحاول أن یثبت أن المصدر المشترك للمعلومات التي أوردها ابن رسته والبكري وگردیزي الذین تتشابه أقوالهم هو كتاب الجیهاني الجغرافي المفقود ویبدو أنه ألف بعد 310هـ (V/510؛ ماركوارت، ن.ص). ویقول بارتولد إن وستبرغ لم یر أیة علاقة بین الأخبار التي رواها ابن فضلان وما أورده ابن رسته. ومع ذلك فإن وستبرغ یتفق فیما بعد مع ماركوارت ویری أن تألیف القسم المتعلق بالبلغار في كتاب ابن رسته كان بعد 310هـ (V/510-511). ویشیر بارتولد إلی أن ماركوارت وكذلك وستبرغ لم ینتبها إلی أن ابن رسته لم یشر في كتابه كما ذكر دي خویه إلی أي حادثة وقعت بعد 290هـ (V/511). وعندما یذكر ابن رسته في كتابه الخلیفة العباسي المعتضد (تـ 22 ربیع الثاني 289)، یقول فیه «أطال الله بقاءه» (ص 74). وكأنه لم یكن علی علم بوفاة المعتضد حین تألیف الكتاب. وعلی هذا فأغلب الظن أن كتاب ابن رسته ألف بعد فترة قصیرة من سفره إلی مكة وأداء فریضة الحج في 290هـ (ظ: ابن رسته، 73-75؛ بارتولد، ن.ص). ویقول كراتشكوفسكي في معرض تأییده وجهة نظر بارتولد إن هذا التاریخ أكثر قبولاً حالیاً (IV/159).

ویبدأ كتاب الأعلاق النفیسة بالحدیث عن الفلك. فیستهل ابن رسته هذا القسم بحمد الله والصلاة علی رسوله‌(ص) وأهل بیته‌(ع) ویعتمد في دراسته قضایا الهیئة والفلك علی القرآن الكریم وآیات من سور: آل عمران، الأنعام، والأعراف، ویونس، والأنبیاء، والروم، وص، والدخان، وق، ویس، والرحمن، والتوبة والتكویر (ص 3-8). ویشیر في كتابه إلی استدارة الفلك وكرویة الأرض وحركتین من حركات السماء: الحركة الكلیة وحركة الشمس والنجوم. ویدعي أن مركز الحركة الثانیة هو دائرة وسط فلك البروج رسمتها الشمس بدورانها الخاص من الغرب إلی الشرق وقسمتها إلی 12 برجاً متساویاً. وذكر اسم كل برج بتقسیمه إلی 30 درجة من برج الحمل إلی الحوت، وذكر أن الدائرة 360 درجة وكل درجة 60 دقیقة (ص 14-17).

ویدور الموضوع الآخر في الكتاب حول الأجرام ومسافات نجوم المنظومة الشمسیة عن الأرض (م.ن، 17-22). واعتبر كراتشكوفسكي، ابن رسته سلفاً للفلكي الجغرافي القزویني وأنه یتوخی الحذر في كتاباته واعتقد أن ابن رسته أورد المواضیع المتعلقة بالریاضیات والجغرافیا الفلكیة بشكل استند فیه إلی آراء المشاهیر كأحمد بن محمد الفرغاني (تـ بعد 247هـ/861م) وأبي معشر جعفر بن‌محمد البلخي (تـ 273هـ/886م) مع تأثره بابن خرداذبه في بعض الأحیان (IV/159). وشرح ابن رسته شكل الأرض حجمها وكیفیتها واختلاف آراء الفرق المختلفة حول شكلها (ص 22-24).

وتبدأ الجغرافیا الطبیعیة عنده بوصف مكة المعظمة مع ذكر الآیة 6 من سورة آل عمران. وشرح بدقة كاملة في هذا البحث تاریخ بناء الكعبة وكیفیة ذلك من عهد إبراهیم‌(ع) إلی 290هـ وأبعادها والمنافذ التي تضیئها ولوحة جدار الكعبة وأوصف السلالم والمسافات بین الأساطین الجداریة والأزر الذهبیة والفضیة واللوحات المتعددة داخل الكعبة وحجر إسماعیل والحجر الأسود وارتفاعه عن الأرض ومساحة مقام إبراهیم. ثم تحدث عن بئر زمزم وحفر عبد المطلب بن هاشم لها وإلی أسمائها (ص 24-44). ثم شرح أبعاد المسجد الحرام وعدد الأساطین والأبواب وأبعادها وأبعاد الجدران وسلالم الصفا والمروة وأبعاد مسجدي المزدلفة ومنی وحدود وأوصاف الحرم الشریف (ص 44-58). وبعد وصف مكة شرح ابن رسته أوصاف المدینة المنورة مع تاریخها وأبعاد المسجد النبوي وذكر أسماء المدینة (ص 58-78). ویتضمن هذا القسم تفاصیل دقیقة عن الأطوال والأعراض والأبعاد المختلفة (كراتشكوفسكي، IV/160). وبعد شرح القضایا المتعلقة بالمدینة وصف عجائب الأرض وطبائع البلدان والأبنیة العظیمة، منها منارة الإسكندریة وأهرام مصر وبناء الكنائس الحجریة والخشبیة. ویقول عن إیوان المدائن القریب من بغداد والذي شاهده: «ما من بناء بالجص والآجرّ أبهی من إیوان كسری بالمدائن ولابالحجارة أحكم وأبهی من شاذروان تستر لأنه بالصخر وأعمدة الحدید منصوبة بین الحجرین وملاط الرصاص» (ص 83). ثم أشار إلی سد دربند باسم ردم یأجوج ومأجوج (ن.ص).

وفي القسم المتعلق بالبحور وصف بحار الهند وبحر فارس وبحر الصین وبحر الروم (الأبیض المتوسط). وبحر بُنطُس (البحر الأسود) وبحر طبرستان وجرجان (بحر الخزر) (ص 83-89). وكثیراً ما أفاد ابن رسته في كتابه من مواضیع الفصل السادس من زیج البتّاني (244-317هـ/858-929م) الفلكي والجغرافي المشهور حول وصف الكرة الأرضیة وخاصة المواضیع المتعلقة بالبحار شأنه في ذلك شأن غیره من معاصري البتاني منهم المسعودي وقدامة بن جعفر والجیهاني ونقل أحیاناً مواضیع كتابه نفسها (كراتشكوفسكي، IV/100-101). وفي القسم الخاص بالأنهار ذكر ابن رسته أنهار كنك، والسند والرس والكرّ وإسفید روذ والزابین والنیل وكارون وزرین روذ (زاینده رود)، وجیحون ووَخشاب ووخّاب ودجلة (أروند رود) مع أوصافها ومجاریها المختلفة وتاریخاً موجزاً عنها (ابن رسته، 89-96). ویقول بارتولد، ذكر الجغرافیون بعد ابن رسته الأنهار والمدن الواقعة حولها، إلا أن أیّاً منهم لم یستطع أن یورد معلومات دقیقة مثل ابن رسته حول مجری نهر جیحون الأسفل سواحل بحیرة آرال (III/41). ویعتقد أن ما أورده ابن رسته حول خلیجان یختلف عما ذكره الإصطخري وابن حوقل، ویقول كل من الإصطخري وابن حوقل إن «خلیجان» هو الموضع الذي تصب فیه میاه بحر جیحون ببحیرة آرال (ن.ص)، فیما یری ابن رسته أن في أسفل قریة البرابیض بطائح كثیرة تسمی خلیجان ویعتقد أن نهر جیحون یصب بعد العبور من هذا المكان ببحیرة استدارتها 80 فرسخاً (ص 92). ویظهر أن هذه البحیرة هي نفس بحیرة آرال التي لم یذكرها ابن رسته. وقد جاءت لأول مرة معلومات وافیة حول مجری نهر جیحون الأسفل بحیرة آرال في كتاب ابن رسته (بارتولد، II/40). ویقول دي خویه إن تاریخ هذه المعلومات كان قبل 903م (290هـ) ولم یكن بعد 911م (298هـ) (ص5-6 ).

ویتعلق القسم التالي من الكتاب بالأقالیم السبعة مع وصف شرح المدن المشهورة. ورغم أن هذا التقسیم لایشمل جمیع القارات، إلا أن ابن رسته قال: فأما ماوراء تلك المناطق فأرضون مجهولة لایعلم ما فیها من نبات أو حیوان (ص 99). وقد أشار في ذلك القسم باختصار إلی الخصائص الجغرافیة والمناخیة والحیاتیة وحیاة الحیوانات والطبیعة الزراعیة (ص 96-103). وأولی في وصف الدول اهتماماً خاصاً بإیران (إیرانشهر). فوصف ابن رسته في هذا القسم الأبعاد الجغرافیة الأربعة الأصلیة بالشكل القدیم الذي كان معروفاً بین الإیرانیین فسمی المشرق خراسان (خورآبان) والمغرب خُربران (خاوران) والشمال باختر والجنوب نیمروز (ص 103). وأشار إلی أن القدماء سموا ناحیة سورستان والسواد (العراق الحالي) «دل إیرانشهر» أو قلب دولة إیران (ص 104). وأورد في كتابه أیضاً خبر بغداد وصفتها وجنوب الجزیرة العربیة وسبأ وحضرموت ومصر والإسكندریة (ص 108-118).

ومن أهم ما ذكره ابن رسته كان حول القسطنطینیة والروم الشرقیین (البیزنطیین). فذكر في هذا الخصوص مواضیع وافیة نقلاً عن هارون بن یحیی المؤرخ الجغرافي المعاصر له الذي كان قد سافر في حوالي 288هـ إلی بیزنطة ووقع في أسر الروم مدة، منها الأبراج وقصر الإمبراطور وصوامع المسیحیین وأوضاع رهبانها (ص 119-120، 126، 127). وقد وصف في قسم القسطنطینیة مراسیم دخول الإمبراطور الفخمة إلی كنیسة صوفیا المقدسة (آیا صوفیا)، ثم یقول إنه يوجد علی الباب الغربي مجلس فیه 24 باباً كل باب شبر في شبر معمولة علی ساعات اللیل والنهار، فكلما انقضت ساعة انفتحت منها باب من ذات نفسها وانغلقت من ذات نفسها أیضاً وذكروا أنه اتخذ ذلك بلینوس الطیاني (ص 126؛ كراتشكوفسكي، IV/160, 828). وهناك مواضیع أخری ذكرها ابن رسته تتعلق بالهند وبلاد قُمار (خمیر) أو كمبودیا (ص 132-139). ویعتقد كراتشكوفسكي أن العرب استقوا قبل القرن 9م معلومات حول البلدان الأخری عن طریق الدول المجاورة (IV/136). ونقل ابن رسته أیضاً مواضیع كتابه حول الهند وقمار عن شخص غیر معروف یدعی أبا عبد الله محمد بن إسحاق، قیل إنه عاش قبل القرن 9‌م مدة سنتین في بلاد قمار (ن.ص؛ ابن رسته، 132-134). وذكر بارتولد في مقدمة علی كتاب حدود العالم أن ما ذكره أبو عبد الله محمد بن إسحاق لم یكن فقط مصدراً لكتاب ابن رسته، بل مصدر كتاب ابن خرداذبه غیره من المؤرخین الجغرافیین المسلمین (ص29، ها 7-8).

وكان ابن رسته أول مؤرخ جغرافي مسلم یتحدث عن بلاد الخزر وبُرداس والبلغار والمجر والسلاف والروس والسریر واللان. كم وصف ابن فضلان أقوام البلاد المذكورة. ویری ماركوارت أن تألیف ابن رسته لكتابه كان بعد عودة ابن فضلان من رحلة الشمال وتخصه (ص25-26 ). أما بارتولد فلایری أي علاقة بین كتاب ابن رسته وكتاب ابن فضلان (V/513). وقد أطلق ابن رسته علی أهل المجر اسم «المجغریّة» ودعاهم بعبدة النار (ص 142). یقول بارتولد ضمن مخالفته لهذا الرأي إن أخبار المؤلفین المسلمین حول المجر مضطربة، فذكروا أن أهل المجر یعبدون النار وهم من عبدة الأصنام (III/495).

وأورد ابن رسته في كتابه مواضیع حول طبرستان وأصفهان تستدعي النظر فیها. فأشار إلی آثار تاریخیة قدیمة جداً لیست موجودة حالیاً، أهمها قلعة ومعبد نار علی جبل قریب من قریة ماربین إلی جوار قریة جي یبدو أن نارها كانت مشتعلة حتی زمانه (ص 149-163). هناك تقارب واضح بین كتابات ابن رسته وحمد الله المستوفي، حیث ذكر المستوفي وجود قلعة بناها طهمورث (ص 50). ویبدو أن هناك قلعتین متجاورتین. وذكر ابن رسته أن حصناً بُني علی قمة جبل یشرف علی وادي زرین رود في عهد كیقابوس ولكنه أحرق ودُمّر فیما بعد، ولكن بهمن بن إسفندیار (الذي ظنه أردشیر الأخمیني) بنی حصناً آخر إلی جوار ذلك «نصب فیه بیت نار وهو باق إلی هذا الوقت والنار أیضاً باقیة فیه» (ص 152-153). ویتحدث ابن رسته عن قریة تبعد 8 فراسخ عن ساوه و15 فرسخاً عن الري، فیها قصر بُني قبل الإسلام وكان اسمها «مَشكویه». ویقول إن هذا القصر بناه القدماء وفیه «تصاویر من خشب وسقوفها مزوقة بألوان التزاویق» (ص 168). ویتحدث ضمن وصفه لطریق بغداد إلی الری عن خرائب مدینة دسكرة الكبیرة، وكانت تعود إلی عهد الساسانیین (ص 163). وتحدث ابن رسته عن وجود قری في أطراف هذه المدینة تركها أهلها خوفاً من العرب فتحولتا إلی خرائب في عهده. ویذكر أیضاً وجود بناء ذي جدران عالیة علی رأس تل في هذه الناحیة. یقال إنه كان سجناً لبعض الأكاسرة (ن.ص). وتعرف خرائب هذا البناء حالیاً بـ «السجن» أیضاً (بارتولد، VI/164). وهناك قسم في كتاب ابن رسته حول الطرق والمنازل.

ویعتبر ابن رسته مع ابن خرداذبه وقدامة بن جعفر وأحمد بن إسحاق الیعقوبي أحد المؤلفین الأربعة الأوائل من المؤرخین الجغرافیین المسلمین الذین ألّفا في المسالك والممالك وعاشوا جمیعهم في القرن 3هـ (لسترنج،11-12 ). ویشبه كتاب ابن رسته كتاب الیعقوبي ولكن ابن رسته أضاف إلیه ملاحظات حول المدن (م.ن، 12). ومن الطبیعي أن قیمة أقسام الكتاب المختلفة لیست واحدة. فالأقسام التي تتحدث عن صنعاء والروم الشرقيين وشرق الهند والصقالبة وشعب أورال الألتائي وكذلك أصفهان، لها أهمیة كبیرة. كما تتسم المعلومات التي تحدثت عن مكة والمدینة ووصف الأنهار وإقلیم طبرستان والطرق بالدقة. إلا أن الأقسام الأخیرة من الكتاب لیست كالأقسام المذكورة، من حیث الأهمیة. ویظهر أن هذه الأقسام ألحقت بالكتاب ولیس لها علاقة بالقضایا الجغرافیة في معظم الأحیان (ابن رسته، 191-229).

وهناك تشابه بین ما أورده گردیزي وابن رسته حول شعوب الشمال. وأكثر هذا التشابه في المسافات بین البلدان مثل بلاد البجناك والخزر، وبلاد برداس وروسیة وغیرها (حبیبي، 662-665). ویقول كراتشكوفسكي إن گریزي أخذ من ابن رسته وخاصة في الفصل الذي یتحدث عن بلاد أوروبا الشرقیة، غیر أنه لم یذكر اسمه (IV/262). أتری استقی گردیزي من ابن رسته أم أن هناك مصدراً آخر استقیا منه؟ إن هذا أمر یصعب إبداء الرأي فیه، فلیست هناك معلومات دقیقة عن المصدر أو المصادر التي اقتبس منها ابن رسته. وقد جاءت في كتاب ابن رسته أقوال عن شخص اسمه سلام الترجمان اعتماداً علی ابن خرداذبه. وكان سلام الترجمان رجلاً محباً للسفر، وترجم كتباً للخلیفة العباسي الواثق بالله حول الشعوب الشمالیة (ابن رسته، 149؛ كراتشكوفسكي، IV/137-138). ویری بارتولد أنه كلما تعلقت القضایا التي ذكرها ابن رسته والبكري وگردیزي حول الشعوب الشمالیة بالفترة القریبة منهم، یبدو نسخة ابن رسته الوحیدة الباقیة هي التي تحدثت عنهم (V/511). وهناك اختلاف في آراء المحققین حول المصدر الذي أخذ منه ابن رسته. فیعتقد ماركوارت (ص25-26 ). ومینورسكي (ص 62) أن ابن رسته أخذ عن الجیهاني، بینما یشك بارتولد في ذلك ویقول إذا لم تكن المواضیع التي ذكرها ابن رسته والبكري وگردیزي مأخوذة من كتاب الجیهاني، فإن المصدر الوحید الذي اقتبس منه الجیهاني ونقل عنه ابن رسته وگردیزي هو كتاب ابن خرداذبه. وقد ضللت المقارنة بین هذین الكتابین جملة بجملة كتّاب الفهارس الإسلامیین (V/511).

ویعتبر كتاب ابن رسته من الآثار التي یستوعبها عامة الناس بسهولة. ویبدو أنه اعتمد السهولة في عرض مواضیع الكتاب، ولكن الأسلوب الأدبي فیه أكثر منه في كتاب ابن خرداذبه. ویكتفي أحیاناً بذكر فهرس لعرض المواضیع، ولكن المؤلف یشرح المواضیع التي یعتقد بها بشوق وبراعة (كراتشكوفسكي، IV/160).

 

المصادر

ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفیسة، تقـ: دي خویه، لیدن، 1891م؛ بارتولد، و. و.، مقدمة حدود العالم، تجـ: میر حسین شاه، كابل، 1342ش؛ البستاني؛ حبیبي، عبد الحي، حواش وتعلیقات علی تاریخ گردیزي، طهران، 1363ش؛ حمیدة، عبدالرحمن، أعلام الجغرافیین العرب ومقتطفات من آثارهم، دمشق، 1404هـ/1984م؛ سركیس، یعقوب، مباحث عراقیة، العراق، 1374هـ/1955م؛ سوسة، أحمد، الشریف الإدریسي في الجغرافیا العربیة، بغداد، 1394هـ/1974م؛ العقیقي، نجیب، المستشرقون، القاهرة، 1964-1965م؛ غنیم، عبد الله یوسف، المخطوطات الجغرافیة العربیة في المتحف البریطاني، الكویت، 1974م؛ الفاخوري، حنا وخلیل الجر، تاریخ الفلسفة العربیة، ج 2 (الفلسفة العربیة في الشرق والغرب)، بیروت، 1958م؛ المستوفي، حمد الله، نزهة القلوب، تقـ: جي لسترنج، لیدن، 1331هـ/1913م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، تقـ: دي خویه، لیدن، 1960م؛ مینورسكي، و .، تعلیقات علی حدود العالم، تجـ: میرحسن شاه، كابل، 1342ش؛ نلینو، كارلو آلفونسو، علم الفلك، روما، 1911م؛ وأیضاً:

Bartold, V. V., Sochineniya, vol. III, Moscow, 1965, vol. V, 1968, vol. VII, 1971; Browne; De Goeje, M.J., introd. Al-Aclāk an- Nafîsa (vide; PB, Ibn Rusta); GAL; Krachkovskii, I. Yu., «Arabskaya geograficheskaya literatura», Izbranniye Sochineniya, Moscow/ Leningrad, 1957; Le Strange, G., The Lands of the Eastern Caliphate, London, 1966; Marquart, Joseph, Osteuropäische und ostasiatische Streifzüge, Darmstadt, 1961.

عنایت ‌الله رضا/ج.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: