الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن زرب /

فهرس الموضوعات

ابن زرب

ابن زرب

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/14 ۱۴:۵۱:۴۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ زَرب، أبو بكر محمد بن یَبقی (317-381هـ/929-991م)، قاض وفقیه مالكي عاش بقرطبة في فترة انتقال القدرة السیاسیة من الأمویین إلی العامریین.

كان أبوه یبقی بن محمد أحد قراء القرآن (القاضي عیاض، 4/630)، أخذ ابن زرب العلم عن قاسم بن أصبغ وهو من أوائل ناشري الفقه المالكي بالأندلس، وعن جماعة مثل محمد بن أبي دُلَیم وأبي بكر محمد ابن أحمد الأموي اللؤلؤي وأبي إبراهیم ابن مَرّة (ابن الفرضي، 2/96؛ القاضي عیاض، ن.ص). وما لبث أن صار من أفقه أهل زمانه (ن.ص)، وتخرج علیه عدد من التلامذة مثل ابن الحذاء الذي حظي بعطفه وحبه حتی تبناه، ومن تلامذته أیضاً القاضي أبو الولید یونس بن عبد الله بن مغیث وأبو القاسم الوراق وأبو عمر الطلمنكی وعبد الوارث بن سفیان بن حبرون وأبو محمد عبد الله بن یحیی بن دحون وأبو عثمان سعید بن محسن الغاسل، وكذلك أحمد ومحمد ابنا عبد الرحمن بن ذكوان فقیه قرطبة الشهیر (الحمیدي، 1/162، 2/466-467؛ القاضي عیاض، 4/662، 676، 729، 749؛ ابن بشكوال، 1/167، 2/478-479؛ أیضاً ظ: جنثالث پالنثیا، 422).

والجدیر بالذكر أن آراء المعتزلة وعقائدهم كانت قد بلغت ذروتها بقرطبة في القرن 3هـ/9م، كما انتشرت آراء الفلاسفة ولاسیما الیونانیون انتشاراً واسعاً، ونحن نشاهد في القرنین 3 و4هـ امتزاج عقائد المعتزلة بأفكار الفلاسفة الیونان في آراء أمثال ابن مسرة (ن.ع). ونجد في القرنین 3 و4هـ أنه جمع حوله عدداً كبیراً من الأتباع بقرطبه وانتشرت عقائده، بسرعة، بینما تظهر آراء الأشاعرة وكلامهم في المشرق الإسلامي وبعد قلیل في شمال إفریقیة، ثم یلاحظ دخول آراء الأشاعرة إلی الأندلس بالتدریج. ولذلك فإن لرد فعل ابن زرب أهمية في هذا الجو الفكري. وقد دخل جهاز الدولة في عهد الخلیفة الأموي بالأندلس عبد الرحمن الناصر (حكـ 299-350هـ) وواجه ككثیر من فقهاء المالكیة آراء أمثال ابن مسرة بشدة فألف رداً علیها. وقد حدث في 350هـ/961م أن تصدی مع الزبیدي الفقیه المالكي ومعلم هشام بن الحكم الأموي لآراء أتباع ابن مسرة، وعمل علی ملاحقتهم بأمر من الخلیفة، وبعد أن قبض علیهم وصادر بعض كتب عقائدهم أجبرهم علی التوبة وأحرق كتبهم بجانب جامع قرطبة (النباهي، 78؛ لیفي بروفنسال، III/487).

ولابد أثناء الحدیث عن مركز ابن زرب الاجتماعي من الإشارة إلی حكایة في ترجمة ابن أبي زید القیرواني (تـ 386هـ)، فبعد أن أتم ابن أبي زید تألیف الرسالة في 327هـ، بعث بنسخة منها إلی ابن زرب (الدباغ، 3/138-139)، ویبدو أن هناك شذوذاً في هذه الروایة نظراً لسن ابن زرب آنذاك، وقد تابع الدباغ روایته قائلاً، لما وصلت رسالة ابن أبي زید إلی ابن زرب أخفاها، وأخذ في تألیف الخصال عوضها، ولذلك كتب ابن أبي زید إلی العالم المالكي العراقي أبي بكر الأبهري یشكوه إلیه (ن.ص).

وفي عهد الحاكم الحدث الأموي هشام بن الحكم (حكـ 366-369هـ) كان ابن زرب یتمتع باحترام ونفوذ خاصین (ابن الخطیب، 48-49). فقد تولی في 367هـ/978م قضاء قرطبة، وكان ابن أبي عامر الحاجب الذي یقبض عملیاً علی السلطة السیاسیة آنذاك یعظمه و یستحسنه (القاضي عیاض، 4/630، 632). وكان ابن أبي عامر یعقد مجالس شوری لكبار الفقهاء في الأندلس، یتناظرون فیها حول دقائق الموطأ لمالك، ویبدو أن ابن زرب كان یشرف علیها، (م.ن، 4/650-652، 680، مخـ). ولم یكن ابن أبي عامر لیرد رأي ابن زرب، إلی الحد الذي حینما حدثت مشاحنة بینه وبین الأصیلي، وكان فقیها مالكیاً شهیراً وأهم ناشر لآراء الأشعري بالأندلس، أجبر الأصیلي وبأمر من ابن أبي عامر علی ترك قرطبة لتولي قضاء سرقطة (م.ن، 4/646). بل إن ابن زرب كان یبدي أحیاناً من الرأي مالایتفق ومیول ابن أبي عامر، فقد قیل إن ابن أبي عامر لما بنی قصراً كقصر الخلافة لزیادة قدرته وسعی لنیل موافقة القاضي ابن زرب وغیره من الفقهاء لإقامة صلاة الجمعة في مسجد قصره، أفتی أن ابن زرب بمنع ذلك وقال بقوله الفقهاء الآخرون (ظ: م.ن، 4/632).

وقیل إن ابن زرب مال في أواخر حیاته إلی الزهد والاعتزال، وذلك لإصداره حكم قتل خلافاً لرغبته (م.ن، 4/631). وهذا الموضوع من الحالات المعقدة في معرفة ابن زرب، والحادثة كما یلي: حدث في عهد الناصر كما مر ذكره أن ازداد التشدد علی أتباع ابن مسرة وكان لابن زرب ید في ذلك أیضاً، وكان ابن أبي عامر یأخذهم بأقصی الشدة في عهد هشام بن الحكم الأموي ویعلن براءته من الفلاسفة وأهل الجدل، وقد أحرق نفسه الكثیر من كتب الفلاسفة والدهریة كما ذكر ابن عذاري (2/292-293)، بینما یری جنثالث پالنثیا (ص 330) أن مهاجمة آراء ابن مسرة بدأت منذ أن ولي ابن زرب قضاء قرطبة وعلی كل حال اتهم «صاحب الرد» (عن هذا النصب، ظ: النباهي، 5) في جهاز حكم عبد الملك بن المنذر الذي كان ینزع إلی عقائد ابن مسرة بالتآمر علی خلافة هشام. وطلب ابن أبي عامر في محاكمته من القاضي ابن زرب وعدد من الفقهاء أن یفتوا فیه، وصلب بحكم من ابن زرب في 368هـ (ظ: القاضي عیاض، 4/631، 639-640؛ دوزي، II/222-224). ویعقتد لیفي بروفنسال أن ابن أبي عامر بدأ بقمع أتباع ابن مسرة بإشارة من ابن زرب ودعمه. وكان صلب عبد الملك بن المنذر استمراراً لحركة القمع هذه (III/487)، فیما ذكرت المصادر القدیمة أن ابن زرب وعدداً آخر ارتأوا براءة عبد الملك، ولكن هذا أقر تحت التعذیب بعمله، وأدی إصرار ابن أبي عامر إلی أن یصدر ابن زرب حكماً بصلب عبد الملك، ثم دفعه هذا الحكم إلی الزهد والاستغفار (القاضي عیاض، 4/631).

توفي ابن زرب في موطنه بعد 14 عاماً من تولیه قضاء قرطبة. یقول ابن الفرضي (2/97) الذي شارك في تشییع جثمانه إن جماً غفیراً حضروا تشییعه وصلی علیه أحمد بن عبد الله بن ذكوان، ثم دفن في مقبرة قریش. ویقال إن ابن أبي عامر أظهر لموته غماً شدیداً (ابن فرحون، 2/231).

وكان لابن زرب باع في علوم مختلفة بالإضافة إلی الفقه وقیل إنه كان أخطب الناس فوق المنبر (النباهي، 77)، وله إلمام بعلم اللغة والحساب أیضاً وأشار السیوطي إلی أنه كان بصیراً بالعربیة (1/260). وقد اهتم الفقهاء بعده بآرائه الفقهیة باعتباره فقیها معتبراً. وأفاد الكثیرون منها في مصنفاتهم، منهم ابن الحاج وابن عبد البر وابن عبد الرفیع (ظ: الحمیدي، 1/163؛ ابن عبد الرفیع، 1/165-166، 195، مخـ؛ الونشریسي، 3/146-151، 4/17، 271-272، 6/467، مخـ). ویبدو من الآراء التي نقلت عنه أنه كان یختار رأیاً من القدماء حیناً وحیناً یعارض رأیاً آخر (مثلاً ظ: ابن عبد الرفیع، 1/195، 320-321؛ الونشریسي، 7/421-422، 8/97، 113).

 

آثاره

1. اختصار الثمانیة، لم یذكر في المصادر القدیمة، ونسبه بعضهم إلیه كابن عبد الرفیع (1/228، 2/727)، واعتُمد علیه في المواضیع الفقهیة؛ 2. الخصال، رواه ابن خیر الإشبیلي (ص 246) عن طریق أبي الولید ابن مغیث، وموضوع الكتاب في الفقه المالكي، وقیل إنه ألف مقابل الخصال لابن كاووس الحنفي (القاضي عیاض، ن.ص؛ وأیضاً ظ: الونشریسي، 6/523)، منه مخطوطة في مكتبة مدرید الوطنیة (غیلین روبلس، 18)؛ 3. الرد علی ابن مسرة، وهو مفقود (ظ: القاضي عیاض، ن.ص)؛ 4. المسائل، وقد استند الونشریسي (3/119، 7/108، 8/109) إلی هذه الرسالة التي جمعها تلمیذه أبو الولید یونس (ابن بشكوال، 2/684).

 

المصادر

ابن بشكوال، خلف، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن الخطیب، محمد، أعمال الأعلام، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خیر الإسبیلي، محمد، فهرسة، تقـ: فرنسشكه قداره، بغداد، 1963م؛ ابن عبد الرفیع، إبراهیم، معین الحكام، تقـ: محمد بن قاسم بن عیاد، بیروت، 1989م؛ ابن عذاري، أحمد، البیان المغرب، تقـ: لیفي بروفنسال، لیدن، 1951م؛ ابن فرحون، إبراهیم، الدیباج المذهب، تقـ: محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة، 1972-1976م؛ ابن الفرضي، عبد الله، تاریخ العلماء والرواة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1972-1976م؛ ابن القرضي، عبد الله، تاریخ العلماء والرواة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1374هـ/1954م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفكر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1955م؛ الحمیدي، محمد، جذوة المقتبس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الدباغ، عبد الرحمن، معالم الإیمان، القاهرة، 1320هـ؛ السیوطي، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارك، تقـ: أحمد بكیر محمود، بیروت/ طرابلس، 1387هـ؛ النباهي، علي، تاریخ قضاة الأندلس، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1948م؛ الونشریسي، أحمد، المعیار المعرب، تقـ: محمد حجي، بیروت، 1401هـ/1981م؛ وأیضاً:

Dozy, R., Histoire des musulmans d’Espagne, Leiden, 1932; Guillen Robles, F., Catalogo de los manuscritos arabes, Madrid, 1889; Lévi- Provençal, E., Histoire de l’Espagne Musulmane, Paris, 1953.

فرامرز حاج منوچهري/ ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: