الصفحة الرئیسیة / المقالات / ابن الزبیر، أبوکثیر /

فهرس الموضوعات

ابن الزبیر، أبوکثیر

ابن الزبیر، أبوکثیر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/14 ۱۴:۲۱:۰۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الزَّبیر، أبو كثیر عبد الله بن الزبیر بن الأسدي (تـ ح 75هـ/ 694م)، من شعراء العصر الأموي ویختلف عن الراوي عبد الله بن الزبیر الذي ورد ذكره في كتب الرجال. وینتمي ابن الزبیر إلی بني أسد وقد ولد في الكوفة (أبو الفرج، 14/217). وكنّاه بعضهم بأبي بكر (الحصري، 3/837) والبعض الآخر بأبي سعد أو أبي سعید (این عساكر، 506؛ ابن كثیر، 9/80)، ویستنتج من إحدی قصائده أن كنیته كانت أبا كثیر (أبو الفرج، 14/234-237).

لانعلم شیئاً عن تاریخ ولادته، وتعود أغلب المعلومات عنه إلی أبي الفرج الأصفهاني. ویمكن أن نوضح من خلال قصائده الباقیة بعضاً من أحداث زمانه بالإضافة إلی سماته الفردیه والاجتماعیة والسیاسیة والأدبیة.

تدور أشعاره حول أغراض ثلاثة هي الهجاء والمدح والرثاء، وعلی الرغم من وجود أبیات من الغزل في قصائده إلا أن عددها قلیل جداً. وقد هجا عبد الله بن الزبیر بن العوام وعبد الرحمن بن أم الحكم وأسماء بن خارجة وعبید الله بن زیاد ومعاویة ومروان وقبیلة طیّئ وأحد أصدقائه ویدعی نُعیم بن دُجانة وأحد دائنیه من بني نهشل ویُدعی ذئب (حول الموضوعات الأخیرة، ظ: أبو الفرج، 14/236-237، 240-241؛ ابن منظور، مادة ثلث، منح). ومدح أسماء بن خارجة وبشر بن مروان ومصعب بن الزبیر و عبيد الله بن زیاد و معاویة ویزید بن معاویة ومعاویة ابن یزید وعمرو بن عثمان بن عفان ومحمد بن مروان (حول الاسمین الأخیرین، ظ: أبو الفرج، 14/223؛ أبو تمام، 2/366). كما رثی أسماء بن خارجة وهاني بن عقیل وعمرو بن الزبیر بن العوام ویعقوب بن طلحة ابن خال یزید بن معاویة وإبراهیم بن الأشتر (حول الاسم الأخیر، ظ: البلاذري، 5/342؛ ابن الأثیر، 4/334). ونظراً لعدم الانسجام بین ممدوحي ابن الزبیر وبین الأشعار المنسوبة إلیه في هجاء معاویة ومروان وأسرته (الشریف المرتضی، 1/386-387)، اعتقد بعضهم أن هذه القصائد هي لشخصیتین مختلفتین إحداهما مؤیدة لبني أمیة والأخری من شعراء الشیعة وتعود مرثیة مسلم بن عقیل وهاني بن عروة التي نقلها الطبري وابن طاووس إلی الشخصیة الثانیة (ظ: الطبري، 5/379-380). ورغم إشارة الطبري إلی أن هذا الشعر نُسب إلی الفرزدق (ابن طاووس، 25؛ مدرس، 7/544-545)، فمن المحتمل أن ذینك القسمین من الأشعار من نظم شخص واحد، وكان یقول الشعر بدافع أغراضه ونیاته الشخصیة فیهجو من لایكرمه أو حینما یری مصالحه الشخصیة في خطر. ومما یؤید هذا الرأي هجاؤه لصاحبه القدیم أسماء بن خارجة. ولهذه الأسباب عدّه أبو الفرج أحد الهجائین للناس المرهوب شرهم (14/217). ویعتبر نموذجاً في نظمه وصف نساء بني أمیة و حزنهن لما أصابهن من نوائب الدهر (أبو تمام، 1/390-391) وفي مدح معاویة وابنه یزید وحفیده معاویة بن یزید (ابن عساكر، 506) وفي مدح عمالهم وولاتهم مثل عبيد الله بن زیاد (أبو الفرج، 14/227-228، 234-236) وشعره في رثاء یعقوب بن طلحة ابن خالة یزید بن معاویة (م.ن، 14/240).

ویبدو أن ابن الزبیر كان في الشام عند تسنم یزید مقالید الخلافة وبایعه مباشرة وعاد إلی الكوفة بعد أن حصل منه علی أموال كثیرة واتصل بابن زیاد وحظي بإكرامه أیضاً (م.ن، 14/234). وتبدو بشكل واضح في شعره علاقته بعبد الرحمن بن أم الحكم ابن أخت معاویة وبأسماء بن خارجة دون بقیّة الأمویین. ولم تكن علاقه ابن الزبیر بعبد الرحمن جیدة وكان العداء والحقد سائداً بینهما. ولعل هذا العداء كان ناشئاً من عدم موافقة ابن الزبیر علی طلب عبد الرحمن بأخذ دیة شخص من رهطه كان قد قُتل (أبو الفرج، 14/217-218). ولما ولی ابن زیاد عبدَ الرحمن الكوفة مدحه ابن الزبیر غیر أن عبد الرحمن لم یثبه، فهجاه ابن الزبیر مشبهاً إیاه بالبغل. وغلب هذا التشبیه علیه إلی درجة أن بني أمیة كانوا عندما یرون عبد الرحمن یدعونه بالبغل (م.ن، 14/249). وكان یزید بن معاویة یصعد من نار هذا الحقد (م.ن، 14/218) ومن المحتمل أن الحقد بین الاثنین قد بدأ بعد هذه الحادثة. فقد أمر عبد الرحمن مرة بتخریب منزل ابن الزبیر (م.ن، 14/221) ومرة أخری بحبسه وتعذیبه (م.ن، 14/225)؛ وعندما أراد ابن الزبیر التوجه إلی الشام منعه عن الخروج من الكوفة (م.ن، 14/258)، ولذلك كانت أكثر أشعار ابن الزبیر في هجاء عبد الرحمن (م.ن، 14/218-221، 249)، ولكنه كان یحظی بمساعدة وتأیید كل من مروان بن الحكم وعبيد الله بن عامر وسوید بن منجوف وأسماء بن خارجة (م.ن، 14/218، 225، 241، 258).

وكان أسماء بن خارجة أحد أصدقاء ابن الزبیر المقربین الأوفیاء ومن أغنیاء الكوفة والموالین للحكم الأموي ومن كبار رجال قبیلة قیس (م.ن، 14/229). وقد اتهمه الشیعة في الكوفة بالمشاركة في قتل مسلم ابن عقیل وهاني بن عروة (ن.ص). وقد نظم ابن الزبیر قصائد عدیدة في مدح أسماء وحصل علی عطایاه. كما أظهر أسماء مرات عدیدة وفاءه لابن الزبیر وبأشكال مختلفة. فقد شهد أسماء لمصلحة ابن الزبیر عندما اشتكی الأخیر عبد الرحمن بن أم الحكم إلی معاویة لتخریبه منزله (م.ن، 14/221-222) وحینما سجن عبد الرحمن، ابن الزبیر طلب الأخیر المساعدة من أسماء فشفع له (م.ن، 14/225-227). وحینما ثار المختار في الكوفة وهدد أسماء بالقتل هرب الأخیر إلی الشام فأمر المختار بهدم داره. ولذا فقد نظم ابن الزبیر شعراً في ذم المختار (م.ن، 14/228-231). وعلی الرغم من أن هذا الشعر كما ورد في روایة أخری قیل في ذم مصعب بن الزبیر عندما أمر بهدم دار أسماء حین هروب الأخیر إلی الشام، إلا أن أبا الفرج یرجح صحة الروایة الأخیرة ویذكر تأییداً لصحتها أن مصعباً صار والیاً علی العراق من قبل أخیه بعد مقتل المختار، فجيء بابن الزبیر إلیه وأقرّ أنه أنشد هذا الهجاء، ومع هذا فقد أكرمه مصعب وأحسن إلیه أملاً في الحصول علی مدحه فكان ابن الزبیر بعد ذلك یمدحه ویشید بذكره (م.ن، 14/232-233؛ البلاذري، 5/286). وأدت كثرة مدائح ابن الزبیر لأسماء إلی إثارة غضب بشر بن مروان (م.ن، 14/252-253)، إلا أن أسماء الذي كان أهلاً للمدح في رأي ابن الزبیر –كما مر سابقاً– لم ینج من لسانه اللاذع إذ تعرض لهجائه عندما قصر في صلته. ولكن أسماء أرضاه بأن جعل له جرایة من ماله (م.ن، 14/224-225).

وسرعان ما التحق ابن الزبیر بعبد الله بن الزبیر بن العوام بعد سیطرته علی الحجاز والعراق وأظهر قرابته له وطلب منه ناقة فرده ولم یصله فحقد الشاعر علیه إلی آخر عمره وهجاه في مناسبات مختلفة (ابن عساكر، 509-510؛ أبو الفرج، 14/237-240، 249-250، 251).

وبعد تغلب المروانیین علی عبد الله بن الزبیر وأصحابه في الحجاز والعراق وقتل عبد الله بن الزبیر خاصة بادر الشاعر إلی مدح مروان بن الحكم (ن.ص) وكان سابقاً قد أظهر محبته لمروان (م.ن، 14/241-242) ثم اختلف إلی بشر بن مروان عندما أصبح والیاً من قبل أخیه عبد الملك علی الكوفة ومدحه ونال عطایاه (م.ن، 14/246-247، 251-254). ویبدو أن ابن الزبیر فقد بصره بعد مقتل مصعب، أي في حوالي سنة 72هـ/691م (ابن عساكر، 511). وفي حدود سنة 75هـ ضعفت حكومة المروانیین في العراق وثار الخوارج الأزارقة، فأمر عبد الملك المهلّب بالقضاء علیهم، فطلب الأخیر جیشاً، فعین عبد الملك الحجاج والیاً علی الكوفة لیجبر أهالیها علی مساعدة المهلب. فدخل الحجاج الكوفة متنكراً واستطاع إجبار الكوفیین علی الالتحاق بالمهلب بعد قتله عمیر ابن الضابي وإثارته الرعب بین الناس. وقد أبدی الشاعر ابن الزبیر قلقه من هذه الأحداث في قصیدة بعثها إلی صدیقه إبراهیم بن عامر الأسدي (المبرد، الكامل، 2/265؛ الطبري، 6/209؛ المسعودي، 5/301).

استشهد بأشعار ابن الزبیر كتّاب عصر النقد الأدبي أمثال ابن سلام وابن قتیبة والجاحظ وابن المعتز وابن أبي الإصبع وأبي الفرج الأصفهاني، بالنظر لأهمیته الخاصة في الأدب العربي ولاعتباره من أوائل شعراء العصر الإسلامي. و نقل ابن سلام (1/176) وابن قتیبة (الشعر والشعراء، 1/296) وأبو تمام (دیوان الحماسة، 1/390، 2/31، 336، الوحشیات، 409) وأبو الفرج الأصفهاني (14/217-261) أحسن نماذج من شعره. واستشهد بأبیاته ابن قتیبة (عیون الأخبار، 2/186) وابن رشیق (1/299) في موضوع حسن التشبیه، كما استشهد بها ابن أبي الإصبع (2/240) في الاستعارة والتوریة والتوشیح والإیغال التي اجتمعت في بیت واحد له، كما استشهد بها ابن المعتز (ص 38) والحصري (2/433) في الصناعات اللفظیة الأخری.

واعتمد علی أشعاره المبرد (المقتضب، 4/362) وابن هشام (ص 443) والجاحظ (1/192) في إثبات بعض القواعد النحویة وفي معاني بعض الألفاظ واستعمالها. واستمر الاعتماد علی أشعار ابن الزبیر في مجال العلوم البلاغیة ومعاني الألفاظ إلی فترة متأخرة بعده إذ استشهد بأبیاته أصحاب المعاجم مثل ابن منور والزبیدي والأدباء مثل العباسي والأشموني (ظ: ابن منظور، مادة ثلث، حلق، طرق، كرد، منح؛ تاج العروس، مادة سمد؛ العباسي 189؛ الأشموني، 2/37-38). ویذكر ابن عساكر (ص 512) أن ابن الزبير توفي حوالي 75هـ عند سفره إلی الري بأمر من الحجاج.

 

المصادر

أبن أبي الإصبع، عبد العظیم، تحریر التحبیر، تقـ: حفني محمد شرف، القاهرة، 1383هـ/1963م؛ ابن الأثیر، الكامل؛ ابن رشیق، الحسن، العمدة، تقـ: محمد محیي‌ الدین عبد الحمید، بیروت، 1401هـ/1981م؛ابن سلام الجمحي، محمد، طبقات فحول الشعراء، تقـ: محمود محمد شاكر، القاهرة، مطبعة المدني؛ ابن طاووس، علي، اللهوف في قتلی الطفوف، النجف، 1369هـ/1950م؛ ابن عساكر، علي، تاریخ مدینة دمشق، تراجم حرف العین، تقـ: شكري فیصل وآخرون، دمشق، 1402هـ/1981م؛ ابن قتیبة، عبد الله، الشعر والشعراء، بیروت، 1964م؛ م.ن، عیون الأخبار، القاهرة، 1343هـ/1925م؛ ابن كثیر، البدایة؛ ابن المعتز، عبد الله، البدیع، تقـ: إغناطیوس كراتشكوفسكي، بغداد، 1935م؛ ابن منظور، لسان؛ ابن هشام، عبد الله، تخلیص الشواهد وتلخیص الفوائد، تقـ: عباس مصطفی الصالحي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ أبو تمام، حبیب، دیوان الحماسة، دمشق، 1332هـ/1913م؛ م.ن، الوحشیات، تقـ: عبدالعزیز المیمني، القاهرة، دار المعارف؛ أبو الفرج الأصفهاني، علي، الأغاني، تقـ: أحمد زكي صفوت، القاهرة، 1392هـ/1972م؛ الأشموني، علي، منهج السالك إلی ألفیة ابن مالك، القاهرة، 1970م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، بغداد، مكتبة المثنی؛ تاج العروس؛ الجاحظ، عمرو، البیان والتبیین، تقـ: حس السندوبي، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ الحُصري، إبراهیم، زهر الآداب، تقـ: محمد محیي ‌الدین عبد الحمید، القاهرة، 1373هـ1953م؛ الشریف المرتضی، علي، الأمالي، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1373هـ/1954م؛ الطبري، تاریخ؛ العباسي، عبد الرحیم، معاهد التنصیص، بولاق، 1274هـ؛ المبرد، محمد، الكامل، القاهرة، 1347هـ؛ م.ن، المقتضب، تقـ: محمد عبد الخالق عضیمة، القاهرة، 1382هـ/1963م؛ مدرس، محمد علي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: باربیه دي مینار، باریس، 1869م.

رضا محمد زاده/ج.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: