اِبْنُ الرَّحَبيّ، كنیة أخوین مشهورین من أطباء وعلماء دمشق في القرنین 6 و7هـ/ 12 و13م.

1. جمال‌ الدين عثمان بن یوسف بن حیدرة (تـ 658هـ/1260م)

كان والده رضي‌ الدين الرحبي (ن.ع) من أشهر أطباء عصره، ترك عدداً من المصنفات. ولد في دمشق ونشأ فیها واشتغل بصناعة الطب علی أبیه وأساتذة آخرین وبرع في هذه الصنعة. واعتبر من أطباء عصره العظام الفریدین، فكان یعالج المرضی بمهارة (ابن أبي أصیبعة، 2/201) وكان له عنایة تامة بالناحیة العلمیة من الطب وتجارب قیمة فیه (ابن العبري، 274)، وكان جمال‌ الدين یعالج المرضی في مستشفی النوري لفترة صحبه فیها ابن العبري الذي أشاد به كثیراً (ن.ص)، إلا أنه كما یقول ابن أبي أصیبعة (ن.ص) كان یمیل إلی التجارة ویسافر إلی مصر أحیاناً لجلب السلع التجاریة، وعندما هجم المغول علی الشام في 657هـ/1259م رحل جمال‌ الدين إلی مصر وتوفي في القاهرة (ن.ص؛ أبو شامة، 207).

2. شرف‌ الدين أبو الحسن علي بن یوسف بن حیدرة

(583-667هـ/1187-1269م؛ قا: ابن شاكر، 9/197، الذي اعتبر سنة ولادته 573هـ). لاتتوفر معلومات مهمة عن حیاته وجل ما نعرفه عنه ما نقله ابن أبي أصیبعة الطبیب والكاتب المعاصر له، وقد قرأ شرف‌ الدين الطب علی أبیه وكذلك علی موفق‌ الدين عبد اللطیف البغدادي، واشتغل بالأدب علی الشیخ علم‌ الدين السخاوي وغیره من العلماء. ذكر ابن أبي أصیبعة أن شرف‌ الدين كان یفضل العزلة وقراءة الكتب والاطلاع علی آثار القدماء واكتساب العلم، وقد تفوق بهذا علی أقرانه في الطب والأدب (2/195). وبعد انتهائه من دراسة الطب باشر هذه المهنة في «البیمارستان الكبیر» بدمشق وقد أنشأه نور الدين بن زنكي، ثم درَّس الطب في 628م بوصیة من تلمیذ والده مهذب‌ الدين عبد الرحیم الدخوار الذي وقف داره وجعلها مدرسة طبیة (م.ن، 2/196؛ الخلیلي، 1/242؛ عیسی بك، 40- 41). ذكر بعضهم أنه بقي فیها مدرساً حتی أواخر عمره (الخلیلي، 2/34)، إلا إنه جاء في أقدم مصادرنا عنه (ابن أبي أصیبعة، ن.ص) أن شرف‌ الدين درَّس لفترة في المدرسة الدخواریة. وعلی كل حال لیس لدینا معلومات عن سني حیاته الأخیرة. توفي شرف‌ الدين في دمشق بمرض ذات الجنب ودفن علی سفح جبل قاسیون (ن.ص؛ ابن شاكر، 9/197).

وفضلاً عن أن شرف‌ الدين كان أستاذاً في الطب النظري وربی تلامذة (ابن العبري، 274) ولقبوه شیخ الأطباء (ابن كثیر، 13/255)، فقد كان أكثر ما یباشر علم أحكام النجوم أیضاً، وقیل إنه تنبأ بوفاته (ابن أبي أصیبعة، ن.ص؛ الصفدي، 22/352). وذكر ابن أبي أصیبعة (2/201) ثلاثة مصنفات لشرف‌ الدين ابن الرحبي: كتاب في خلق الإنسان وهیئة أعضائه ومنفعتها، الذي یبدو أنه لم یسبق له مثیل من نوعه؛ حواش علی قانون ابن سینا؛ حواش علی شرح ابن أبي صادق علی مسائل حنین بن إسحاق. وسمع ابن أبي أصیبعة أیضاً من ابن الرحبي أشعاراً ونقلها في كتابه (2/196-201). ویبدو أن المصنفات المذكورة مفقودة (أیضا ظ: حاجي خلیفة، 1/722، 723).

المصادر

ابن أبي أصیبعة، أحمد، عیون الأنباء، القاهرة، 1299هـ/1882م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، المخطوطة المصورة بمكتبة فیض الله أفندي، إستانبول؛ ابن العبري، غریغوریوس، تاریخ مختصر الدول، تقـ: انطون صالحاني بیروت، 1958م؛ ابن كثیر، البدایة؛ أبو شامة، عبد الرحمن، الذیل علی الروضتین، القاهرة، 1366هـ/1947م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الخلیلي، محمد، معجم أدباء الأطباء، النجف، 1946م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: رمزي البعلبكي، بیروت، 1983م؛ عیسی بك، أحمد، تاریخ البیمارستانات في الإسلام، دمشق، 1939م؛ النعیمي، عبد القادر، الدارس في تاریخ المدارس، دمشق، 1948م.

جعفر سجادي/خ.