اِبْنُ الرَّدّاد، أبو العباس شهاب ‌الدين أحمد بن أبي بكر المكي القرشي (748-821هـ/1347-1418م)، قاضي القضاة والصوفي الشافعي في زَبید. عرف بابن الرداد نسبة إلی جده.

ولد في مكة وتعلم القرآن وحفظه صغیراً، وقرأ الفقه علی أبیه وغیره من الأساتذة، وسمع الحدیث من بعض مشایخ مكة وأجاز له عدد من علماء دمشق (البریهي، 298؛ السخاوي، 1/261). ویُستقی من المصادر التي بین أیدینا معلومات عن حیاته في مكة وكیفیة سفره إلی الیمن وإقامته في زبید وعلاقته ببلاط السلطان الأشرف:

أنه دخل الیمن ونال الحظ الأوفر عند السلطان الأشرف ابن السلطان الأفضل (ابن حجر، 7/329؛ البریهي، السخاوي، ن.ص)، ثم عند ولده السلطان الناصر، فقربه وجعله من خواصه فتزوج السلطان من أهل بیته. وفي 767 هـ دخل الطریقة الصوفیة وأصبح من ملازمي الشیخ إسماعیل الجبرتي (البریهي، 298-299) الذي كان یثني علیه كثیراً ویفضله علی بقیة تلامذته. وكانت له ریاضة حسنة اجتهد فیها نحو عشرین سنة حتی رقي من رتبة المعالي أعلاها، وحوی من العلوم الإلهیة فحواها (الزبیدي، 30)؛ ورغم ذلك فقد كان یجالس السلطان في خلواته ویوافقه علی شهواته إلا أنه لایتعاطی معهم شیئاً من المنكرات ولایتناول شیئاً من المسكرات (ابن حجر، 7/330).

ولاه السلطان الناصر في 819هـ القضاء بعد وفاة الشیخ مجد الدین الفیروزآبادي بسنتین (السخاوي، ن.ص: بثلاث سنوات). ویقول ابن حجر «وكان الناصر ابن الأشرف ترك القضاء شاغراً هذه المدة ینتظر قدومي علیه بزعمه، فسعی فیه بعض الأكابر للفقیه الناشري، فخشی ابن الرداد أن یتمكن الناشري من الإنكار علیه في طریقته، لأن الناشري كان من أهل السنة وشدید الإنكار علی المبتدعة، وكان یواجه ابن الرداد بما یكره والشیخ مجد الدین یداهنه، فبادر إلی طلب الوظیفة من الناصر، والناصر لایفرق بین هذا وهذا ویظن أن ابن الرداد عالم كبیر فولاه له مع كونه مزجی البضاعة في الفقه عدیم الخبرة بالحكم، فأظهر العصبیة وانتقم ممن كان ینكر علیه بدعته من الفقهاء فأهانهم وبالغ في ردعهم والحط علیهم، فعوجل صاروا یعدون موته من الفرج بعد الشدة» (ن.ص).

ولم یتضح لنا سبب إنكار ابن حجر علیه، وربما یمكننا القول أن مخالفته للصوفیة كانت السبب الرئیس في ذلك. وفضلاً عنه فلا یستبعد أن یكون لابن حجر نظرة خاصة بمنصب القضاء أو ربما كان یریده لنفسه أو لأقربائه. ولما ظهرت كتب ابن عربي في الیمن وكان ابن الرداد یتولی شراءها وبیعها، عارضها جمع من الناس، وعادوه لدفاعه عنها. كما أنكر علیه ابن حجر ذلك (7/329). ولعل رأي ابن حجر لایخلو من المبالغة والتعصب، كما أشرنا آنفاً، خاصة وقد أشاد كل من البریهي (ص 298) والزبیدي (ص 30-32) برحابة صدره وحسن أخلاقه، وریاضته وعلمه ومنزلته في التصوف.

دفن ابن الرداد في مقبرة أستاذه الشیخ الجبرتي بزبید (م.ن، 31-32). وقد بقیت من آثاره بعض المخطوطات: 1. وسیلة الملهوف إلی الله تعالی، منظومة دینیة، توجد مخطوطة منها في الظاهریة (الظاهریة، 3/138)؛ 2. عدة المرشدین وعمدة المسترشدین، في انتقال الخرقة، ویوجد جزء من هذا الكتاب في المكتبة الوطنیة بباریس (دوسلان، رقم 2677). وربما هو كتاب عدة المسترشدین الذي ذكره السخاوي (7/163)؛ 3. مجموعة من القصائد الدینیة، توجد مخطوطة منها في مكتبة ولي ‌الدين (GAL, S, II/251)؛ 4. موجبات الرحمة وعزائم المغفرة، حول الأدعیة والأذكار والعبادات، ویبدو أنه كان من أكبر مؤلفاته (حاجي خلیفة، 2/1898).

ونسبت إلیه الكتب التالیة: 1. تلخیص القواعد الوفیة في أصل حكم (حكمة) خرقة الصوفیة (البریهي، 298؛ السخاوي، ن.ص؛ حاجي خلیفة، 2/1360)؛ 2. السلطان المبین والبرهان المستبین؛ 3. الشهاب الثاقب في الرد علی بعض أولي المناصب (السخاوي، ن.ص)؛ 4. الوسیلة الأحدیة في الفضیلة الأحمدیة، قصیدة یبدو أنها نظمت في مدح الرسول‌(ص) وأشار إلیها السخاوي (7/164)؛ 5 و6. ذكر له الزبیدي (ص 31) كتابین في خرقة الصوفیة أحدهما مبسوط والآخر مختصر، ولانعلم إن كانا هما نفس عدة المرشدین، أم غیره. ونسب إلیه السخاوي عدة آثار أخری (7/163).

المصادر

ابن حجر العسقلاني، أحمد، إنباء الغمر، حیدرآباد الدكن، 1394هـ/1974م؛ البریهي، عبد الوهاب، طبقات صلحاء الیمن، تقـ: عبد الله محمد الحبشي، صنعاء، 1403هـ/1983م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الزبیدي، أحمد، طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص، القاهرة، 1321هـ/1903م؛ السخاوي، محمد، الضوء اللامع، القاهرة، 1353هـ/1934م؛ الظاهریة، المخطوطات (التصوف)؛ وأیضاً:

De Slane; GAL, S.

أبو الفضل بیرجندي/خ.