ابن رزام
cgietitle
1442/11/12 ۲۱:۴۹:۲۶
https://cgie.org.ir/ar/article/233431
1446/11/15 ۲۲:۵۷:۱۴
نشرت
3
اِبْنُ رِزام (أورَزّام)، أبو عبد الله محمد بن رزام الطائي الكوفي، كاتب إحدی أهم الرسائل في الرد علی الإسماعیلیة. لاتتوفر معلومات وافیة عن حیاته، سوی أنه كان یعیش في النصف الأول من القرن 4 هـ، فقد تناول في كتابه –كما قیل– أحداث العقود الأولی من ذلك القرن (ظ: ابن الندیم، 239). وأشار المسعودي في التنبیه والإشراف الذي ألّفه في 345هـ إلی ابن رزام وأثره (ص 396). ویقول ابن قارح، كان ابن رزام بمكة عند دخول الجیش القرمطي إلیها في 317هـ (ص 35-36).
لم یعثر علی أصل الرسالة التي ألفها ابن رزام (ظ: دفتري، 109)، إلا أن الكوثري یشیر في تعریفه علی كتاب قواعد عقائد آل محمد أنه شاهد قطعة من تلك الرسالة في مكتبة خاصة (ص 6). كما نقل ابن الندیم جانباً مهماً من رد ابن رزام (ص 238-239). ویستنبط من عبارات ابن الندیم (ص 238)، أن عنوانه الرد علی الإسماعیلیة في حین أسماه المقدسي النقض علی الباطنیة. ولایعرف تاریخ تألیف هذا الكتاب علی وجه الدقة، إلا أن ابن رزام یشیر في ذلك الجزء من مصنفه الذي أورده ابن الندیم (ص 239) إلی أحداث عامي 340 و341هـ (بدء خلافة المعز الفاطمي). ویمكن أن یفهم من هذا أنه ألف مصنفه بین عامي 340 و345هـ. ولهذا یبدو أن حادثة وفاة المعز وقیام ابنه بالأمر في مصر من بعده –تتعلق بالنصف الثاني من القرن 4 هـ- التي أشار إلیها ابن الندیم في الفهرست (ن.ص)، لم یأخذها من كتاب ابن رزام، ویمكن أن تكون من إضافات ابن الندیم أو نساخ كتابه.
أفاد من رسالة ابن رزام أحد أحفاد محمد بن إسماعیل، ویُدعی الشریف أبا الحسین محمد بن علي، المعروف بأخي محسن (ح 375هـ). وقد فُقد رد أخي محسن أیضاً، وكان یشتمل علی مواضیع تاریخیة وعقائدیة، ولكن توجد مقاطع مفصلة منه في كتب ثلاثة من المؤرخین المصریین المعروفین، وهم النویري (تـ 732هـ)، وابن الدواداري (النصف الأول من القرن 8هـ)، والمقریزي (تـ 845هـ) (دفتري، ن.ص؛ لویس،7). وقد توصل المقریزي، الذي كان لدیه رد أخي محسن، ووقف أیضاً علی رد ابن رزام عن طریق الفهرست لابن الندیم، إلی أن أخا محسن، استقی معلوماته من ابن رزام دون أن یشیر إلیه (ظ: ص 56). ویضیف المقریزي أن مؤرخي الشام والعراق والمغرب تناقلوا كلام أخي محسن وابن رزام، حتی انتشر في الآفاق والمتلأت به التصانیف (ص 56-57).
وتتمیز روایة ابن رزام بما یلي: أولاً، إنه یتحدث ولأول مرة عن دور میمون القداح وولده عبد الله في زعامة وتأسیس الفرقة الإسماعیلیة، وینفي انتساب الخلفاء الفاطمیین إلی العلویین، وینسبهم إلی عبد الله بن میمون القداح الذي یصفه بأنه كان یظهر الشعابیذ، ومن أتباع أبي الخطاب، دیصاني المذهب (ظ: ن.د، الدیصانیة) (ظ: ابن الندیم، 238-239). ومن الجدیر بالذكر أنه لم یُشَر إلی هذا الموضوع في أي من المصادر التي سبقت ابن رزام، ویبدو أنه أول مصدر تحدث عن ذلك (إیوانف، ابن القداح،2,92,93). ولم یشر كل من النوبختي والقمي- وهما علی معرفة بالانشقاقات الشیعیة الداخلیة –وكذلك الطبري إلی دور عبد الله بن میمون القداح حول نشأة الإسماعیلیة (دفتري، 123).
ویبدو من الدراسات الإسماعیلیة، أن هذه الروایة یمكن أن تكون ناشئة عن الخلط بین أسماء زعماء الحركة الإسماعیلیة المستعارة وبین الشخصیات التاریخیة التي سبقتهم بقرن من الزمن. وعلی هذا، یمكن أن یكون ابن رزام قد حصل علی بعض المصنفات الإسماعیلیة الأولی (ظ: م.ن، 109,112؛ إیوانف، «الإسماعیلیون»، 70,71، ابن القداح،93,94,96,97 ). ویعتقد البعض أن أسطورة میمون القداح لم تكن سوی حدس أو احتمال طرحه ابن رزام، ثم تحولت فیما بعد إلی واقع تاریخي بفعل النقل المتكرر لها، والذي لم یكن في البدایة سوی افتراض، أصبح حقیقة مسلماً بها (م.ن، «الإسماعیلیون»، ن.ص).
والمیزة الأخری لروایة ابن رزام هي أنه ربط فیها لأول مرة بین قرامطة العراق والشام وبین فاطمیي شمالي إفریقیا، ووحد بین التیارین. والجدیر بالذكر أن المؤرخین الذین سبقوه كالطبري عریب بن سعد القرطبي تحدثا عن القرامطة وكذلك عن فاطمیي شمالي إفریقیا، إلا أن أياً منهم لم یحاول أن یربط بین هاتین الحركتین التاریخیتین (لویس،3-4,8).
وتفنید نسب الفاطمیین العلوي، یُعد أكثر فصول روایة ابن رزام إثارة للجدل. فهذا الجزء من موضوعه قد تحول إلی إعلان معاد للخلفاء الفاطمیین في 402هـ، ووقّع علیه كثیر من علماء السنة والشیعة. ورغم أن محضر بغداد یشیر إلی أصل الخلفاء الفاطمیین الدیصاني، إلّا أن ذلك الإعلان لم یتطرق إلی میمون القداح وأسرته إطلاقاً (م.ن، 8؛ دفتري، 109).
ونری المسعودي أثناء حدیثه عن كتّاب الرد علی الباطنیة، یصنفهم إلی صنفین، ويؤكد علی أن الصنف الأول لم یعرض أحدهم لوصف مذاهب هذه الطائفة، أما الصنف الثاني فكل یصف من مذاهبهم ما لم یذكره الآخر مع إنكار الباطنیة أنفسهم لكل ما ذكروه عنهم وعدم الاعتراف بها (ص 395-396؛ أیضاً ظ: لویس، 7).
ویفهم مما أورده ابن الندیم (ص 238) أنه كان ینظر بعین الشك لما أورده ابن رزام، ولهذا لم یتحمل مسؤولیة صحته أو كذبه، كما أن طریقة المسعودي وابن الندیم مع ابن رزام وأثره، تدل علی أن روایاته لم تستطع أن تستمیل إلیها الكتّاب وأصحاب الفن بسرعة. كما لایبدو أي أثر من روایة ابن رزام في مصنّف ثابت بن سنان الصابي (تـ 365هـ) التاریخي. فهو لم یشر إلی اسم میمون القداح وولده عبد الله، ولم یشكك كذلك في النسب العلوي لعبید الله المهدي (لویس، 6). وعلی هذا الأساس، فالروایة التي أوردها القاضي عبد الجبار (ظ: 2/611)، والتي یُستنبط منها أن رد ابن رزام قد حظي ببعض الشهرة والاعتبار في عهد الخلیفة الفاطمي المعز (حكـ 341-365هـ)، لم تكن تحظی بشيء من الصحة. ویبدو أن القاضي عبد الجبار وأخا محسن كانا أول كاتبین اعتمدا علی روایاته. ولایستبعد أن یكون ذلك ناشئاً نزعتهما المعادیة للإسماعیلیة.
ومع كل هذا، لایمكن تجاهل أن روایة ابن رزام –أخي محسن، قد شكلت لبنة آراء أكثر مؤلفي أهل السنة حول مبادئ الإسماعیلیة والقدح في نسب الفاطمیین، وأن المعلومات التي وردت في أغلب كتب التاریخ العامة ومصادر الفرق التخصصیة، إنما هي مستقاة منها (القزویني، 330-332؛ لویس، 6-8؛ دفتري، 122)، حتی إن المقریزي أفاد منها في آثاره كثیراً (لویس، 7) رغم أنه یرفض روایات ابن رزام وأخي محسن حول نسب الفاطمیین ویتبرأ منها بصراحة (ظ: المقریزي، 57).
ونظراً لكتابة كثیر من الردود علی الإسماعیلیة حتی زمن تألیف الفهرست لابن الندیم، لابد من التساؤل: إذن لماذا اختار روایة ابن رزام فقط وأوردها في كتابه، رغم أنه –وكما یبدو– لایؤمن بمضمونها؟ ویخمن إیوانف (ابن القداح، 4) أنه ربما تكون القضیة التاریخیة التي تتضمنها روایة ابن رزام، هي مفتاح الإجابة عن هذا السؤال، ذلك لأن الردود الأخری ربما كانت تضم بحوثاً عقائدیة وأدلة من القرآن والحدیث بصورة خاصة. ویمكن القول إن ابن الندیم قد مال إلی روایات ابن رزام وتقاریره لما فیها من معلومات فریدة.
وكشفت الدراسات الإسماعیلیة أن ما أورده ابن رزام –أخي محسن، یقدم معلومات قیمة حول الإسماعیلیین الأوائل رغم الأهداف المعادیة والمفتریات التي احتواها. ویُعتبر مع روایة الطبري حول قرامطة العراق المصدر الرئیس لتاریخ حركة الإسماعیلیة خلال النصف الثاني من القرن 3هـ (دفتري، 116-111). وقد اعتمد كثیر من مستشرقي القرن 19م مثل دوساسي ودي خویه اعتماداً كثیراً علی تقاریر ابن رزام –أخي محسن المناهضة للإسماعیلیة (م.ن، 109).
ابن القارح، علي، «رسالة»، رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، تقـ: عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، القاهرة، 1397هـ/1977م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ دفتري، فرهاد، «تحقیقات إسماعیلي وإسماعیلیان نخستین»، كتاب آگاه، طهران، 1362ش؛ القاضي عبد الجبار، تثبیت دلائل النبوة، تقـ: عبد الكریم عثمان، بیروت، 1386هـ/1966م؛ القزویني، محمد، تعليقات علی تاریخ جهانگشاي، لیدن، 1355هـ/1937م؛ الكوثري، محمد زاهد، مقدمة قواعد عقائد آل محمد (بیان مذهب الباطنیة وبطلانه) لمحمد الدیلمي الیماني، القاهرة، 1369هـ/1950م؛ المسعودي، علي، التنبیه والإشراف، تقـ: یان دي خویه، لیدن، 1893م؛ المقدسي، مطهر، البدء والتاریخ، تقـ: كلمان هوار، باریس، 1889م؛ المقریزي، أحمد، المقفی الكبیر، تراجم مغربیة…، تقـ: محمد الیعلاوي، بیروت، 1407هـ/1987م؛ وأیضاً:
Deftari, F., The Ismā’ilis: Their History and Doctrines, Cambridge, 1990; Ivanow, W., Ibnal-Qadah (the Alleged Founder of Ismilism), Bombay, 1957; id, «Ismailis and Qarmatians», Journal of the Bombay Branch od the Royal Asiatic Society, London, 1940, vol. XVI; Lewis, B., The Origins of Ismā’ilism, London, 1940.
مسعود حبیبي مظاهري/ت.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode