اِبْنُ رَشیق، عبد الرحمن القشیري (تـ بعد 481هـ/ 1088م)، حاكم مُرسیة. لاتتوفر معلومات عن سنة ولادته ووفاته، واختُلف حول اسمه وكنیته أیضاً. فقد ذكر ابن قاسم الشِّلبي الذي نقل ابن الأبار (2/123) قوله وردّه علیه أن اسمه عبد الله وذكر آخرون أنه عبد الرحمن، كما وردت كنیته بصور مختلفة مثل أبي حفص (ابن ظافر، 376) وأبي محمد (ابن الأثیر، 9/291) وأبي جعفر (المقري، 3/318). وكان والد ابن رشیق من عرفاء الجند بمرسیة (المراكشي، 122)، أما ابن رشیق فكان عامل حصن بَلج (ابن الأبار، ن.ص).

وقد أرسل حاكم إشبیلیة المعتمد بن عباد في 474هـ وزیره محمد بن عمار علی رأس جیش لاحتلال مرسیة، فرغب إلیه ابن رشیق في النزول عنده في حصن بلج كي یستریح واحتفل في إنزاله احتفالاً استطرقه ابن عمار وآل به إلی أن قدّمه علی جیشه (ابن الأبار، ن.ص؛ قا: ابن الأثیر، ن.ص). وبعد أن فُتحت مرسیة في أعقاب حصار ابن رشیق لها وحملاته المتوالیة علیها، شق ابن‌ عمار عصا الطاعة علی المعتمد وأعلن استقلاله. أما ابن رشیق فقد استطاع أن ینتزع الحصون المحیطة بالمدینة من أیدي غلمان ابن عمار ویولیها أقرباءه (ابن الأبار، 2/142). واستطاع في النهایة السیطرة علی المدینة في غیاب ابن عمار الذي ظل هائماً مدة من الزمن ثم لجأ أخیراً إلی بني هود في سرقُسطة (ابن الخطیب، 160).

وكان النصاری في هذه الفترة یهاجمون مدن الأندلس المرة تلو الأخری وبلغ ألفونسو السادس ملك قشتالة من القوة شأواً دعا جمیع ملوك الأندلس لدفع إلاتاوة له (المراكشي، 133). ومع أن ابن رشیق كان قد استمال ألفونسو السادس بألطافه وهدایاه إلی درجة أنه لم یؤو ابن عمار (ابن الأبار، 2/146)، إلا أنه كان قد حاصر مرات عدیدة حصن لییّط الذي كان بأیدي المسلمین. ولهذا طلب المعتمد في 479هـ/1086م المساعدة من الأمیر یوسف بن تاشفین، ولما جاء الأمیر یوسف إلی الأندلس اشتكی المعتمد علی ابن رشیق لدیه، ولكن ابن رشیق جعل مرسیة تحت إمرة یوسف وخطب باسمه (ابن الخطیب، 257؛ قا: المراكشي، 132، الذي تحدث عن الصلح بین المعتمد وابن ‌رشیق). ومع كل هذا فقد رضخ ابن‌ رشیق في دفع الخراج للمعتمد بعد معركة الزلّاقة التي أدت إلی انتصار الأمیر یوسف والمعتمد وانكسار ألفونسو السادس (ابن الخطیب، ن.ص). ویبدو أن هذا الوضع لم ‌یدم طویلاً، فعندما جاء الأمیر یوسف مرة ثانية إلی الأندلس إثر حملات السید وسقوط بلنسیة (ابن عذاري، 4/141) ودعا جمیع حكام الأندلس لمساعدته، اتهم المعتمدُ ابنَ رشیق بدفعه الخراج لألفونسو السادس وفي الحقیقة خیانته وتعاونه مع النصاری. وطلب الأمیر یوسف الحكم من الفقهاء وعندما حُكم علی ابن رشیق ألقی القبض علیه وسلمه إلی المعتمد طلب منه ألا یسفك دمه (الحلل الموشیة، 69-70). وعلی هذا فقد انتهت فترة حكم ابن رشیق في 481هـ (قا: زامباور، 90). وكان ابن رشیق سجیناً لدی المعتمد في لورقة مدة ومن ثم في إشبیلیة، ولایعرف عن مصیره شيء بعد ذلك. وذكر عبد الله الزیري (ظ: EI2) أن المعتمد قتله. أما ابن الخطیب (ن.ص) فذكر أنه أطلق سراحه حین سیطر المرابطون علی إشبیلیة (484هـ/1091م). ومع هذا فقد ذكر الشاعر ابن خفاجة في دیوانه (ظ: ابن ظافر، 376-377) أن ابن رشیق كانت له قاعدة في أحد حصون مرسیة سنة 483هـ/1090م وكان یبادر إلی النفاق وقطع الطرق. وكان أبو العلاء إدریس بن أزرق من الشعراء الذین أشادوا بابن رشیق (المقري، 3/572).

المصادر

ابن الأبار، محمد، الحلة السیراء، تقـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1963م؛ ابن الأثیر، الكامل؛ ابن الخطیب، محمد، أعمال الأعلام، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن ظافر الأزدي، علي، بدائع البدائه، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1970م؛ ابن عذاري، أحمد، البیان المغرب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1967م؛ الحلل الموشیة في ذكر الأخبار المراكشیة، تقـ: سهیل زكار وعبد القادر زمامة، الدار البیضاء، 1979م؛ زامباور، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاریخ الإسلامي، تجـ: زكي محمد حسن بك وآخرون، بیروت، 1980م؛ المراكشي، عبد الواحد، المعجب، تقـ: محمد سعید العریان ومحمد العربی العلمي، القاهرة، 1949م؛ المقري، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس. بیروت، 1968م؛ وأیضاً:

EI2.

سعید الله قره بگلو/ ص.