اِبْنُ الرّاهِب، أبو شُكر أو أبو شاكر بن الراهب، أبو الكرم بطرس ابن المهذّب، القبطي المصري، مؤرخ مسیحي من القرن 7هـ 13م، ومؤلف دائرة المعارف القبطیة –العربیة. لاتتوفر معلومات وافیة عن حیاته، وذكر أحد معاصریه –واسمه أبو البركات بن كبَر في كتاب مصباح الظلمة– اسم ابن الراهب ومصنفاته فحسب ضمن فهرست عن المصنفات العربیة –المسیحیة. ویمكن القول إنه عاش في كنیسة المعلّقة بالقاهرة القدیمة (سیداروس، 2-1). ویعرض سیداروس (ص 4-3) صورة عن حیاة ابن الراهب وشخصیته من خلال تحلیل لقب ابن الراهب الكامل وآثاره المخطوطة ودراسة ترجمته عن طریق یوحنا السادس ابن أبي غالب القبطي وعن طریق كریلس الثالث. فقد نشأ ابن الراهب في أسرة قبطیة ذات منزلة دینیة واجتماعیة مرموقة. وأصبح أبوه السناء أبو المجد بن القسیس راهب كنیسة سرجیو ثم دیر أنطونیوس وعُرف بعد ذلك ببطرس. ونظراً لخدماته النافعة لنظام الحكم وكذلك زهده وتقواه فقد كان أبو المجد نافذ القول في الكنائس والأدیرة ومطاعاً لدی الرهبان، ومحترماً لدی المسلمین (م.ن، 11-10). وكانت لابن الراهب مكانة كأبیه، حیث عُدّ ممثل الأقباط لدی الحكام المسلمین ولقّب بـ «نشء الخلافة» وهو لقب كان قد أطلق في تاریخ مصر علی أبي الفتوح صاحب منصب دیوان الجیوش في عهد حكومة السلطان الأیوبي الملك العادل وابنه الملك الكامل (م.ن، 8-7). وهو كابن العسّال مؤلف دائرة معارف في الفترة الذهبیة للأدب العربي –المسیحي في القرن 7هـ. وباعتباره عربیاً مسیحیاً فقد ألف في تلك الفترة ما یُعتد به في كل المجالات العلمیة (EI2, S). وفیما اعتبره ابن خلدون علی مایبدو من المؤرخین المسیحیین، وأنهم كانوا یعتدون برأیه في الروایة (2(2)/421، مخـ).

آثاره

1. كتاب التواریخ، الذي عثر حدیثاً علی ثلاث نسخ منفردة منه ویشمل 3 أقسام منفصلة و51 فصلاً ویشمل كذلك النجوم وتاریخ العالم وتاريخ الإسلام تاریخ الكنیسة وشرحاً مختصراً لسبعة مجالس كنسیة شرقیة. ویبدأ هذا الكتاب بآدم. ثم تاریخ آباء بني إسرائیل إلی قضاة بني إسرائیل، فملوك الروم إلی مجيء المسیح، ثم سیرة البطارقة من مرقس إلی أثناسیوس بطریق الإسكندریة وما جری في أیامهم، ثم ذكر تاریخ الخلفاء الراشدین ومَن بعدهم إلی أیامه. وهذا الكتاب مرتب بأغلبه في جداول مقسمة إلی حقول: الحقل الأول لاسم الشخص المترجم من الحكام والخلفاء والعظماء وأصله ونسبه وولادته وخلاصة أعماله وصفاته الشخصیة؛ والحقل الثاني لعدد سني حیاته ومدة حكمه أو رئاسته؛ والحقل الثالث لجملة ما تقدم من السنین؛ والحقل الرابع وهو حقل للتاریخین الهجري والإفرنجي في أخبار المسلمین (زیدان، 3/200). وقد ترجم إنباقوم هذا الكتاب إلی اللغة الحبشیة الكلاسیكیة في النصف الأول من القرن 16م وحظي بمكانة مرموقة في الأدب الحبش (EI2, S). ونشرت ترجمته اللاتینیة في باریس عام 1651م بتحقیق إبراهیم الحاقلاني الماروني، ثم أعاد طبعه یوسف شمعون المسعاني في ترجمة ثانیة بقلمه في البندقیة في 1729م. وأما الأصل العربي فقد تولی طبعه وتنقیحه والتعلیق علیه لویس شیخو باستنساخه عن نسخة في الفاتیكان ونشره لأول مرة مع الترجمة اللاتینیة عام 1903م في جزئین (زیدان، ن.ص)؛ 2. أصول مقدمة سلّم اللغة القبطیة (كحالة، 3/52). أكمل ابن الراهب هذا الكتاب في 662هـ وهو معجم لغوي مقفّی علی أسلوب مؤلفي المعاجم آنذاك ویتضمن مقدمة في قواعد اللغة وتتمیز بأصالتها عن سائر المقدمات القبطیة للقرون الوسطی. ولم یبق من هذا المعجم سوی مقدمته التي تتضمن شرحاً تفصیلیاً للكتاب، ویرجح علی معاجم معاصريه ومنها معجم ابن العسّال (EI2, S؛ قا: رودنسون، 308-307)؛ 3. كتاب البرهان، الذي ألف في 669هـ وتوجد نسخة منه في القاهرة (غراف، 159,143). ویشمل هذا الكتاب الفلسفة والإلهیات ویتضمن 50 مسألة: تتناول معرفة الله والفلسفة والأخلاق والثقافة؛ وتقوم الفصول من 28 إلی 40 علی أساس كتاب البراهین لفخر الدين الرازي (EI2, S؛ رودنسون، 308)؛ 4. كتاب الشفاء، وألف في 1267م ویعتبر تفسیراً قیّماً جداً في الدراسات الإنجیلیة ومعرفة المسیحیة (غراف، 236؛ كحالة، رودنسون، ن.ص)؛ 5. المجامع السبعة (كحالة، ن.ص).

المصادر

ابن خلدون، العبر؛ زیدان، جرجي، تاریخ آداب اللغة العربیة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1957م؛ كحالة، عمررضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1957م؛ وأیضاً:

EI2, S; Graf, Georg, Catalogue de manuscrits arabes chrétiens conservés au Caire, Vatican, 1934; Rodinson, M., «Histoire et géographie», Revue des études istamiques, Paris, 1977, vol. XLV; Sidarus, A.Y., Ibn ar-Rāhibs Leben und Werk, Freiburg, 1975.

قهار مقیمي/ج.