اِبْنُ الدَّیريّ، سعد الدين محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر (768-867هـ/1367-1463م)، فقیه وأصولي ونحوي ولغوي ومؤرخ. عده ابن تغري بردي شیخ الشیوخ وأشهر فقهاء عصره شرقاً وغرباً (15/230، 455). لقب بابن الدیري نسبة لمسقط رأسه قریة الدیر بمَردا في جبل نابلس، أو الدیر الذي بحارة المرداویین من بیت المقدس (السخاوي، الضوء، 3/249، الذیل، 127).

وقد قضی ابن الدیري فترة طفولته في بیت المقدس وكان سریع الحفظ، مفرط الذكاء، حفظ القرآن صغیراً، ثم كتباً أخری منها الكنز وبعض المنظومة ومختصر ابن الحاجب كله والمشارق لعیاض والذي حفظ أغلبه كما یقول السخاوي في 12 یوماً (الضوء، ن.ص). تفقه أولاً علی أبیه وأخذ عنه المعاني والبیان ثم أخذ الفقه والنحو عن كمال الشریحي (السریحي)، والمعاني والبیان عن خیر الدين، وأصول الفقه والنحو عن ابن الخطیب الشافعي، والنحو عن المحب الفاسي (ن.ص). واشتهر في النهایة بمعرفة الفقه وبخبرته في المصادر والوثائق الدينیة واستحضاره للخلاف. وأدی في 797هـ/1395م فریضة الحج واجتمع في هذه السفرة بشمس‌ الدين القونوي صاحب دُرّر البحار وبحافظ‌ الدين البزازي صاحب جامع الفتاوی (ن.م، 3/250).

حج ابن الدیري بعدها مراراً وسافر إلی دمشق كما قدم القاهرة مراراً إلی أن استوطنها وولي بها عوضاً عن والده مشیخة المدرسة المؤیدیة وباشر التدریس في مدرسة ابن أبي الفرج وجامع المارداني. وتولی بعد عزل بدر الدين محمود العیني قاضي القضاة، القضاء في عهد الملك العزیز یوسف بن الأشرف بن برسباي بوساطة الملك الظاهر جقمق (العلیمي، 2/227). وقد عرض القضاء في البدایة علی ابن الهمام والأمین الآقصرائي فامتنعا وأعلنا عدم قدرتهما علی ذلك مع وجود ابن الدیري (الشوكاني، 1/264). وظل في القضاء قرابة الـ 25 عاماً وحتی قبل 6 أشهر من وفاته –حیث انصرف عن القضاء باختیاره لضعف بدنه وكبر سنه– وقد خلفه بعد استقالته القاضي محب‌ الدين ابن الشحنة، قاضی قضاة الحنفیة وأصبح شقیق ابن الدیري كاتباً للسر (ابن تغري بردي، 16/271).

وذاع صیته لفضله وعلمه حتی أن شاهرخ ابن تیمور سأل عنه عندما وصله رسول الظاهر جقمق وسُرّ لسماعه نبأ سلامته (السخاوي، الضوء، 3/251). ولورعه وتقواه، فقد اتجهت إلیه قلوب عامة الناس حتی إنهم كانوا یطلبون إلیه أن یدعوا لهم بنزول الغیث في السنوات المجدبة.

توفي ابن الدیري وهو في 99 من العمر (ظ: السیوطي، 115)، وحمل جثمانه إلی المؤیدیة ودفن بتربة الظاهر خُشقدم (السخاوي، ن.م، 3/253).

آثاره

لابن الدیري عدة مصنفات منها: السهام المارقة في حد الزنادقة (م.ن، الذیل، 133). ورد اسم هذا الكتاب في عدة مصادر باسم السهام المارقة في كبد الزنادقة (GAL, S, II/144)؛ فتوی في الحبس بالتهمة (السخاوي، ن.ص)؛ تكملة شرح الهدایة للسروجي، ویقع هذا الأثر الذي لم یتم في 6 مجلدات ویبدد بباب «الإیمان» وینتهي بباب «المرتد»؛ وله أیضاً منظومة طویلة تعرف باسم «النعمانیة» (السخاوي، ن.م، 133-134)؛ یذكر حاجي خلیفة له رسالة في نوم الملائكة وعدمه (1/896)، وذكرها الشوكاني (ص 1/264) باسم رسالة في نوم الملائكة هل هو كائن أم لا، والسخاوي باسم هل تنام الملائكة أم لا (ن.ص)؛ وقد ذكرت له رسالة باسم الكواكب النیرات في وصول ثواب الطاعات إلی الأموات (ن.ص؛ حاجي خلیفة، 2/1522)؛ ویذكر كحالة أیضاً رسالة له باسم شرح المسایرة في العقائد المنجیة في الآخرة (4/213)، وكتاب المسایرة هو من تألیف كمال‌ الدين ابن همام (ن.ع) المتوفی في 861هـ/1457م (حاجي خلیفة، 2/1666).

المصادر

ابن تغري بردي، النجوم؛ حاجي خلیفة، كشف؛ السخاوي، محمد، الذیل علی رفع الإصر، تقـ: جودة هلال وآخرون، القاهرة، 1966م؛ م.ن، الضوء اللامع، القاهرة، 1354-1355هـ؛ السیوطي، نظم العقیان، تقـ: فیلیب حتی، نیویورك، 1927م؛ الشوكاني، محمد، البدر الطالع، بیروت، 1348هـ؛ العلیمي، عبد الرحمن، الأنس الجليل بتاریخ القدس والخليل، بیروت، 1973م؛ كحالة، عمررضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1957م؛ وأیضاً:

GAL, S.

رضا أنزابي‌نژاد/ ن.