اِبْنُ دارِسْت، أبو طالب تاج ‌الدین بن دارست الشیرازي، أحد وزراء السلاجقة في النصف الأول من القرن 6هـ/12م. لاتتوفر معلومات وافیة عن حیاته، ویری البعض أنه من أهالي قریة شبانكاره (قمي، 171).

كان في بدایة أمره وزیراً لأتابك بوزابه والي فارس (الحسیني، 118؛ قمي، 128، 136؛ الراوندي، 237؛ البنداري، 255)، وبعد التحزبات في البلاط استوزر للسلطان السلجوقي غیاث‌ الدین أبي الفتح مسعود بن محمد بن ملكشاه لینفِّذ مطالیب الأمراء الثلاثة: الأمیر فخر الدین عبد الرحمن بن طغایرك حاكم أرّان وگنجه (الراوندي، 236) وأتابك بوزابه والأمیر عباس والي الري (ظ: ابن الأثیر، 11/116؛ البنداري؛ ن.ص). ولما قُتل عبد الرحمن بن طغایرك والأمیر عباس خلال شهر واحد في 541هـ/1147م وتسنم الجناح المنافس السلطة بقیادة الأمیر خاصبك بن بلنكري (الراوندي، 239؛ البنداري، 257-258؛ قمي، 145-147)، عزل السلطان الذي مرغماً علی طاعتهم تاج‌ الدین من الوزارة بعد مدة 5 أو 6 أشهر (الراوندي، ن.ص)، ولكنه لم یتعرض بعد عزله للتعذیب والقتل علی عادة السلاجقة (البنداري، 254)، وكان السلطان یكرمه ویحفظ شأنه، فمنع الإغارة علی بیته بعد مقتل الأمیر عباس في بغداد، ولم یعین خلفاً له مادام في البلاط (م.ن، 258، 259). وقد أعاده السلطان إلی فارس لیذكره بمصیر الأمیرین عباس وعبد الرحمن، مخدومه السابق أتابك بوزابه ویحذره الهجوم علی السلطان السلجوقي (م.ن، 259؛ ابراوندي، ن.ص؛ ظهیر الدین، 63). وقد دعي ابن دارست مرة أخری للوزارة في عهد السلطان ملكشاه محمد بن محمد، عند ما كان یقیم في ساوه (549هـ/1154م)، ولم یتم هذا الأمر كما یبدو بسبب تأخره في وصوله إلی البلاط (البنداري، 294؛ قمي، 171) وكان آنذاك قد بلغ الثمانين من عمره (قمي، ن.ص). كذلك یشیر جُنید الشیرازي إلی وزارته أیضاً في عهد أتابك سنقر بن مودود (543-558هـ) أول ملك سلغري في فارس (ص 256، 257، والهامش).

وقد أبدی ابن دارست في فترة وزارته القصیرة اهتمامه بازدهار المراكز العلمیة والدینیة، فأمر عند دخوله إلی بغداد بإعادة بناء المدرسة التاجیة التي كان قد بناها خاله تاج الملك أبو الغنائم بن دارست، وزیر ملكشاه السلجوقي الشهیر وجعل بیته مركزاً للبحث ومناظرة القادة الدینیین (البنداري، 256). ومن آثاره في شیراز المدرسة التاجیة وموقوفاتها الكثیرة ورباط تاج ‌الدین الوزیر والمنارة التاجیة (زركوب، 70).

وقد أثنی علیه البعض لكفاءته وكیاسته (م.ن، 69؛ البنداري، 256) ووصفه بعضهم بأنه سفیه وغیر مدبر (العقیلي، 2/25؛ خواند میر، 214) و«شیخ عاجز» و«شراسة مفرطة في الطبع» لایلیق بمنصب الوزارة، وكان حاجبه شرف ‌الدین نوشروان ونائبه مخلص‌ الدین الساوي یتولیان مهامه (قمي، 143-144). ولكن یستنتج من أقوال الفریقین أن سلوكه السیاسي لایخلو من التأثر وعدم النشاط في الساحة السیاسیة المتوترة آنذاك، سواء كان بدافع سیاسي، أو عمل الخیر والابتعاد عن أذی الآخرین والحذر من مصیر الوزراء السلاجقة (البنداري، 255)، أو یسبب عدم كفاءته وكبر سنه.

المصادر

ابن الأثیر، الكامل؛ البنداري الأصفهاني، الفتح، تاریخ سلسلة سلجوقي، تجـ: محمد حسین جلیلي، طهران، 1356ش؛ جنید الشیرازي، أبو القاسم، شد الإزار، تقـ: محمد قزویني وعباس إقبال، طهران، 1328ش؛ الحسیني، علي، أخبار الدولة السلجوقیة، تقـ: محمد إقبال، لاهور، 1933م؛ خواند میر، غیاث ‌الدین، دستور الوزراء، تقـ: سعید نفیسي، طهران، 1317ش؛ الراوندي، محمد، راحة الصدور، تقـ: محمد إقبال، لیدن، 1921م؛ زركوب الشیرازي، أحمد، شیراز نامه، تقـ: إسماعیل واعظ جوادي، طهران، 1350ش؛ ظهیر الدین النیشابوري، سلجوق نامه، طهران، 1322ش؛ العقیلي، حاجي بن نظام، آثار الوزراء، تقـ: میر جلال ‌الدین الحسیني الأرموي، أرموي، طهران، 1337ش؛ قمي، نجم ‌الدین، تاریخ الوزراء، تقـ: محمد تقي دانش پژوه، طهران، 1363هـ.

أفسانه منفرد/ع.