الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن الخیاط، أبوعبدالله /

فهرس الموضوعات

ابن الخیاط، أبوعبدالله

ابن الخیاط، أبوعبدالله

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/7 ۱۳:۱۹:۴۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الخَیّاط، أبو عبد الله أحمد بن محمد (450-517هـ/ 1058-1123م)، شاعر دمشقي. وقد ذكر هو نفسه تاریخ ولادته (ابن عساكر، تاریخ مدینة دمشق، 7/362)؛ ولایوجد اختلاف في تاریخ وفاته (ظ: ن.ص؛ عماد الدین، 9/142؛ ابن خلكان، 1/47). وقد ألحقت المصادر المتأخرة باسمه «المعروف بابن سني الدولة، أبي الكتائب الطرابلسي» (الذهبي، العبر، 2/408، سیر، 19/477؛ الصفدي، 8/70) ویبدو أن سني الدولة أبا الكتائب كان لقب أبیه محمد. وعلی ذلك ربما لایصح قول مردم بك بأن أباه كان خیاطاً (ص 5)، لاسیما وأن الصفدي یصرح بأن محمداً كان كاتباً لأحد الأمراء (ن.ص). وأما عبارة «لأبیه الخیاط إبرة»، التي أوردها ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار لدی حدیثه عن والده. فهي ولیدة التلاعب بالألفاظ ولیس إخباراً عن مهنة أبیه (ظ: مردم بك، 5، الهامش). ولم یأخذ مردم بك بهذه الروایات، ویری استناداً إلی ابن تغري بردي في المنهل الصافي أن ابن أخي الشاعر هو سني الدولة (ص 14 والهامش). وقد أعدّ مردم بك ترجمة وافیة وعلمیة عن ابن الخیاط بدراسة الروایات المتعلقة به، وبناءً علی المعلومات التي استوفاها من دیوانه، فقد ولد ابن الخیاط في دمشق في بیت بالمحلبة التي تعرف الیوم بالخیضریة ونشأ هناك.

وكانت أوضاع دمشق في عهد طفولته وصباه مضطربة لضعف الفاطمیین وسیطرة الأمراء السلاجقة (ظ: ابن القلانسي، 94 وما بعدها)، ولذلك تركها ابن الخیاط ورحل إلی حماة، والتحق هناك بخدمة أمیرها أبي الفوارس محمد بن مالك علی الرغم من كونه شاباً لما یبلغ الـ 19 وتولّی الكتابة لدیه (الذهبي، الصفدي، ن.ص). واستمر في هذا العمل مدةً كما یبدو، حیث اشتهر بلقب «الكائب» (غالباً ماكانوا یلحقون لقب «الكاتب» باسمه، ظ: ابن عساكر، ن.م، 7/361؛ ابن خلكان، 1/145)، ولكنه لم یترك نظمه للشع وجدّ في إذكاء قریحته، ومع ذلك لم یترك في حماة أثراً ذا بال إلی 476هـ/1083م، إذ لم ینظم إلا قصیدة في مدح ابن مانك، وأخری في مدح وثّاب بن محمود وقصیدة في مدح سدید الملك علي بن مقلد أمیر شیزر وبیتین أنشدهما أمام ابن حَیّوس (ن.ع) (ابن الخیاط، 1-22، 287).

رحل ابن الخیاط من حماة إلی ابن حَیّوس شاعر الشام الكبیر في حلب وعمره 22 سنة (472هـ/1079م)؛ وكان عمر ابن حیوس آنذاك 78 سنة، وتوفي بعد ذلك بعام. ویقول ابن الخیاط: «في حداثة سني دخلت علی… ابن حیوس في حلب… وهو شیخ كبیر… وقال من أین الرجُل؟… فما صناعتك؟…». وعندما سمع شعره الذي یشتكي فیه من ضیق ذات الید، أعرب عن فرحه بأن الشام لاتخلو من شاعر مجید من بعده وأعطاه صلة وأوصاه بأن یقصد بني عمار بطرابلس (عماد الدین، 9/142-143). وإذا صحت هذه الروایة التي تكررت في المصادر الأخری (ابن خلكان، 1/145؛ الذهبي، سیر، 19/477-478؛ الصفدي، 8/67)، فذلك یعني أنه لم یر جاره السابق (كانا في دمشق في حي واحد) غیر مرة واحدة (خلافاً لرأي مردم بك، 16). وقد نفّذ ابن الخیاط وصیة ابن حیوس بعد حوالي أربع سنوات ورحل إلی أمراء بني عمار المحبین للعلم بطرابلس الذین أحسنوا إلیه وحبوه بنعمهم كما یقول (عماد الدین، 9/143-144).

وسارع في طرابلس إلی خدمة حاكمها القاضي جلال الملك بن عمار واشتغل بمدحه وأهل بیته طوال فترة إقامته فیها، فنظم 7 قصائد في مدح جلال الملك وتهنئته وتعزیته (ابن الخیاط، 29-50)، و7 قصائد في أخیه وخلیفته فخر الملك (م.ن، 54-82)، و44 قصیدة ومقطوعة شعریة في أعیان طرابلس وأغراض مختلفة كالوصف والعتاب وقلیل من الهجاء وغیره (م.ن، 83-143، 280، 288). ولانعلم له مهنة كان یمارسها خلال السنوات العشر التي أمضاها في طرابلس، ولاتوجد أي إشارة إلی أحواله وحرفته في الأشعار والروایات المتعلقة بهذه الفترة، ومع ذلك توجد ثلاث مقطوعات شعریة من هذه الفترة في دیوانه یشتكي الشاعر فیها من ضیق ذات الید وسؤال الآخرین (م.ن، 127-129). ومن الممكن أنه رحل إلی صور في 484هـ/1091م ومدح والي الفاطمیین منیر الدولة في 50 بیتاً تكسباً للمال (م.ن، 133 ومابعدها)، ویظهر أنه لم یمكث طویلاً في تلك المدینة وسرعان ما عاد إلی طرابلس. وهناك 3 روایات عن حیاته فیها: الأولی الروایة التي یذكرها الهذبي (سیر، 19/480-481)، نقلاً عن أبي عبد الله أحمد الطلیطلي الذي كان له كما یبدو حلقة درس في طرابلس فیقول: كان ابن الخیاط أول ما دخل طرابلس وهو شاب یغشاني في حلقتي، وكان ینشد من أشعاره أحیاناً. ولكن یبدو أن ابن الخیاط كان ضعیفاً في علوم الأدب واللغة والعروض ولم یستطع الإجابة عن أسئلة الأستاذ، فوبّخه وانتقده لعدم اطلاعه علی النحو واللغة، فارتجل الشاعر في نفس الجلسة قصیدة رائعة مجّد فیها مدی ذكائه وذوقه. ویضیف أبو عبد الله في روایته: «حسبُك والله لا استعظمت لك بعدها عظیماً ولزمني بعد ذلك فأفاد من الأدب ما استقل به». وتشیر الروایة الثانیة التي وردت في بدایة قصیدة في الدیوان (ابن الخیاط، 121) إلی أنه كان یدرس في دار العلم بطرابلس فضلاً عن حلقة درس أبي عبد الله، لأنه عاتب متولي دار العلم بقصیدة عندما نسیه في توزیع الجوائز علی الطلاب. أما الروایة الثالثة فقد أوردها ابن عساكر (تاریخ مدینة دمشق، 7/362، التاریخ الكبیر، 2/68)، وأشیر فیها إلی صداقته ومجالسته شاعراً یُدعی «السابق» (ظ: ترجمته لدی الزركلي، 6/346).

وفي نحو 486هـ/1093م غادر ابن الخیاط طرابلس متوجهاً إلی دمشق. وكانت آنذاك تحت سیطرة السلاجقة وقد عاد إلیها هدوؤها ویحكمها تاج‌ الدولة تتش بن ألب أرسلان والتحق في دمشق أولاً بأبي النجم هبة الله بن بدیع الأصفاني وزیر تتش، حیث «وقّع هبة الله لابن الخیاط بألف دینار وهو آخر شاعر في زماننا وقّع له بألف دینار» (الذهبي، سیر، 19/481، العبر، 2/409؛ قا: مردم بك، 11). ولم یلبث الشاعر أن توجه بعد مدة مع أبي النجم الوزیر إلی الري؛ وفي دیوانه قصیدة بتاریخ 487هـ/1094م في مدح هذا الوزیر (ص 144؛ قا: عماد الدین، 9/142، 193-194). كما توجد قطعتان أنشدهما فیه (ص 152)، وقد نظمتا في الري. وهناك بیتان (ص 153؛ أیضاً قا: عماد الدین، 9/220)، یشیران إلی أن الشاعر رحل من الري إلی خراسان، ومن المحتمل أنه هجا فخرآور مستوفي الري –الذي یبدو أنه لم یساعده عند ضیق ذات یده– في طریق عودته من هذه السفرة (ابن الخیاط، 153). وقد عاد إلی دمشق مع أبي النجم (ابن الخیاط، 154) في 487هـ/1094م (ظ: مردم بك، 12). ونظم هناك قصیدتین في مدح أحد الأمراء المدعو حسان بن مسمار الذي كان قد التحق بعَضد الدولة أبق إضافة إلی أبي النجم، وقدّم إحدی أجمل قصائده في نفس السنه إلی أبق عندما ورد إلی دمشق (ابن الخیاط، 154، 161، 170)، ثم صار من ندمائه والمقربین إلیه. ونظم منذ ذلك الوقت إلی حین وفاة أبق 22 قصیدة ومقطوعة في مدحه ومدح أصحابه أو في وصف مجالسه وأخیراً رثاه بقصیدة حین توفي في 502هـ/1109م (م.ن، 170-225، 281-282). والتحق الشاعر بعد أبق بتاج الملوك بوري، ابن طغتكین وولي عهده الذي أصبح فیما بعد حاكماً بدمشق من 522هـ - 526هـ/1128-1132 (ظ: م.ن، 225، الهامش)، وصار ندیم مجالسه، ولم ینفصل عن خدمته إلی آخر حیاته. وقد أنشد أكثر من 40 قصیدة وقطعة في مدحه وأعیان المدینة، أو في رثائهم وتعزیتهم وتهنئتهم أو في مناسبات مختلفة أخری وهي 5 قصائد طویلة نسبیاً في مدح بوري (م.ن، 225-241) و9 قصائد في مدح أبي الذوّاد الوزیر (م.ن، 242-271) و3 قصائد في مدح كمال ‌الدین أمین الملك الوزیر (م.ن، 271-278) و5 مقطوعات في مدح الأمیر جاروح شمس ‌الدولة (م.ن، 297-300) و16 قطعة وقصیدة في مدح أبي الیِمن سعید بن علي (متولي الشرطة)، ومقطوعتان في مدح أبي يعلی حمزة ابن القلانسي، تلیهما مقطوعة في مدح ابنه، ومقطوعة فیه (م.ن، 322-325). وتشیر المقطوعات الأربع الأخیرة إلی وجود صلة ودیة كانت تربطه بابن القلانسي، وكان من أعیان البلاد بالإضافة إلی كونه مؤلفاً، وقد تولی رئاسة دمشق مرتین (م.ن، 322، الهامش)، ونظم الشاعر-- وهو علی فراش الموت-- آخر قصیدة فیه شكا في القسم الأول منها من هجران الحبیب وجفائه.

ویبدو أن مظهر ابن الخیاط قبل ثرائه في دمشق كان عجیباً. فقد أشار عماد ‌الدین الكاتب إلی أن من كان یراه یعتقد أنه جمّال أو حمّال، لشكله وطوله وعرضه وبزّته (9/144)، كما لم یكن شكله ینبئ عن ذكائه ولطفه وفضله وفطنته (قا: الذهبي، سیر، 19/478؛ وأیضاً مردم بك، 19، الذي أفاد الكثیر من هذه الروایة ومن بیتین أو ثلاثة في الدیوان).

ویبدو أن ابن الخیاط لم یبلغ في علوم الأدب درجة یستقطب فیها تلامذة له، كما لم یدرس علی أستاذ ماهر. ویقول الذهبي: إنه روی عن ابن حیوس والسابق، وروی عنه أحمد الطلیطلي وابن القیسراني (سیر، 19/477؛ أیضاً ظ: الصفدي، 8/70، الذي أضاف السلفي إلی رواته). ویبدو أن لفظة الروایة لاتشیر إلی علاقة بین أستاذ وتلمیذه، لأن ابن الخیاط لم یر ابن حیوس إلا مرة واحدة وكان السابق صدیقه وجلیسه، وكان أحمد الطلیطلي –كما مرّ سابقاً– الأستاذ المعروف الوحید الذي درَسه العلوم والأدب (الذهبي، سیر، 19/480). وتبدو روایة ابن عساكر (التاریخ الكبیر، 2/67) مدهشة جداً، حیث یقول إنه جالسه في 507هـ/1113م وفاوضه في معان كثیرة وأجاز له روایة جمیع ما قا له من النظم والنثر، في حین أن ابن عساكر لم یكن یتجاوز آنذاك السابعة والنصف من عمره. وبهذا یمكن اعتبار ابن القیسراني الشاعر الشاب الوحید الذي درس علی ابن الخیاط، وأولاً: لأن كلا من ابن خلكان (4/458)، والصفدي (ن.ص)، والذهبي (ن.ص)، أشاروا إلی أنه كان ملازماً لابن الخیاط حتی بلغ الكمال، ثانیاً: إن ابن القیسراني هو الذي جمع دیوان استاذه (مردم بك، 18).

یتضح ضعف ابن الخیاط العلمي في جمیع مواضع دیوانه. وقد عثر مردم بك علی زلات وهنات شعریة عدیدة (ص 22 وما بعدها) ولكنه یمتاز مقابل ذلك بجودة طبعه وعذوبة ذوقه اللتین جعلتا منه –بلاشك– شاعراً في عداد كبار شعراء القرنین 5-6هـ/11-12م. وقصائده وإن كانت لاتخلو من قوالب الشعر القدیمة وأسالیبه، إلا أنها لاتشبها تماماً. وكأنه قد تعمد الابتعاد عن الأسالیب المعقدة والكلمات الغامضة. كما أن سلاسة أشعاره وجودتها جعلت المؤلفین من بعده یثنون علیه، إذ كان صدیقه وممدوحه ابن القلانسي یكثر من الإشادة به (ص 234). ویری عماد الدین الكاتب (9/142)، أن سبب تقدیمه لاسمه علی غیره من الشعراء هو جودة شعره؛ كما یری الذهبي نظمه في الذروة ویذكر قول السلفي فیه: «كان ابن الخیاط شاعر الشام، وقد اخترت من شعره مجلدة لطیفة وسمعتها منه» (سیر، 19/476، العبر، 2/408). ولایذكر ابن خلكان سوی نماذج قلیلة من شعره وذلك بسبب شهرته الكبیرة، ویقول ابن عساكر «خُتم به دیوان الشعر بدمشق» (تاریخ مدینة دمشق، 7/361).

وتقل في دیوانه الأشعار التي تعكس حیاة الناس وواقعها (من المواضع التي تثیر الاهتمام: وصف النهر والكمثری والخیار والنرد، ص 283-286، وإشارته إلی كیفیة تقطیر ماء الورد، ص 119)، أما ألفاظه الشعریة فهي نفس الألفاظ الشعریة المعهودة في عصره، حتی إن الكلمات الفارسیة النرد، الناورد، بنوج وششوش (الخمسات والستّات) وغیرها التی وردت في القصیدة رقم 119 (ص 284-286)، كانت جمیعها معروفة آنذاك، ویبدو أن لفظة «ریش» [اللحیة] في القصیدة التي مدح بها فخر آورد (ص 153)، هي وحدها من آثار سفره إلی الري.

المصادر

ابن خلكان، وفیات؛ ابن الخیاط، أحمد، الدیوان، تقـ: خلیل مردم بك، دمشق، 1377هـ/1958م؛ ابن عساكر، علي، تاریخ مدینة دمشق، تقـ: عبدالغني الدقر، دمشق، 1405هـ/1984م؛ م.ن، التاریخ الكبیر، تقـ: عبد القادر أفندي بدران، دمشق، 1330هـ/ 1912م؛ ابن القلانسي، حمزة، ذیل تاریخ دمشق، بیروت، 1908م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط، بیروت، 1405هـ/1984م؛ م.ن، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الزركلي، الأعلام؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: محمد یوسف نجم، بیروت، 1391هـ/1971م؛ عماد الدین الكاتب، محمد، خریدة القصر، تقـ: شكري فیصل، دمشق، 1388هـ/1968م؛ مردم بك، خلیل، مقدمة الدیوان (ظ: همـ، ابن الخیاط).

آذرتاش آذرنوش/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: