اِبْنُ الخَیّاط، أبو بكر محمد بن أحمد (تـ 320هـ/932م)، محدث ونحوي سمرقندي. لانستطیع أن نورد ترجمة واضحة عنه من المعلومات الیسیرة التي وصلتنا عن حیاته، وكل ما نعرفه أنه هاجر من دیاره سمرقند إلی بغداد (ابن الندیم، 89؛ ابن الأنباري، 169؛ القفطي، 3/54)، وكان ذلك كما یبدو في 285هـ/898م (GAS, IV/163). ولیس من شك في أنها أهم حادثة في حیاته، فقد تمكن خلالها أن یبلغ مصاف كبار النحویین في عصره، وكان یسافر إلی مدن العراق المختلفة وقد تحدث الزجاجي عن سفره إلی سامراء (مجالس العلماء، 57). ولاشك أیضاً أنه كان یلاقي كبار النحویین في الكوفة والبصرة. وأكثر المصادر تذكر أثناء الإشارة إلی سفره إلی بغداد، قصة مناظرته للزجاج في النحو (ابن الندیم، ابن الأنباري، ن.ص؛ الصفدي، 8/88؛ القفطي، ن.ص؛ الفیروزآبادي، 204)، ولكننا لانعلم شیئاً مما حدث فیها. ویقال أیضاً إنه تتلمذ علی المبرد (تـ 285هـ) القفطي، 1/129)، وروی الشعر والأدب عن ثعلب (291هـ) (الزجاجي، الأمالي، 124)، رغم أن أبا علي الفارسي یری أن تتلمذه علیهما غیر صحیح ویقول: إنه لا لقاء له، لأنه دخل بغداد بعد موت المبرد، وصادف ثعلب وقد صمّ صمماً شدیداً، فلم یمكن تعلم النحو منهما (ظ:یاقوت، 17/142).

انضم ابن الخیاط إلی جماعة النحویین بالعراق حینما بلغ النزاع أشده بین مدرستي الكوفة والبصرة. وكان علیه أن یلتحق بأساتذة إحدی هاتین المدرستین، فدخل في زمرة كبار مدرسة الكوفة كالمبرد وثعلب، ولكنه لم یأخذ كلیاً بآرائهم النحویة، بل سعی للجمع بین آراء الكوفیین والبصریین. وكان أحیاناً یتبع طریقة إحداهما (الزجاجي، الإیضاح، 79؛ ابن الندیم، ن.ص؛ ابن الأنباري، ن.ص). ونحن في حدیثنا عن الجمع بین المدرستین لابد من النظر إلی مدرسة بغداد التي أوجدت نوعاً من التوفیق بین نحوي الكوفة والبصرة. إلا أن هذه المدرسة في زمن ابن الخیاط لم تكن قد وصلت بعد إلی شكلها النهائي والرسمي، ولهذا لابد من القول بأن طریقة أمثال ابن الخیاط هي بدایة تأسیس مدرسة بغداد (عن آرائه النحویة، ظ: الزجاجي، الإیضاح، 76،135-136؛ السخاوي، 1/52-54، 2/561-562؛ أبو حیان، 177-179، 326، 715-718؛ السیوطي، الأشباه، 3/45-46، 4/214-215).

ویبدو أن ابن الخیاط بلغ درجات عالیة في النحو، فقد أخذه عنه كبار النحویین أمثال أبي علي الفارسي (تـ 377هـ/987م) والزجاجي (تـ 337هـ/948م) (الصفدي، ن.ص؛ السیوطي، بغیة، 1/48)، ولكن خلافاً لرأي عمر فروخ (2/539)، فإن تتلمذ أبي بكر محمد بن هاشم وأبي عثمان سعید، المعروفین بالخالدیین علیه هو موضع شك. وبالنظر إلی سمعة ابن الخیاط الحسنة فلیس هناك من یشك عادة بمراتب فضله، وحین قیل إن أبا علي الفارسي یشك في علمه هب للدفاع عن نفسه وقال إنه نفی تتلمذ الأستاذ علی المبرد وثعلب ولیس مراتب علمه (یاقوت، 17/142).

ویظهر أن ابن الخیاط كان شیعي المذهب، ویقول خوانساري إن ابن شهرآشوب ثم الحر العاملي صرحا بذلك، ولكن خوانساري یستنكر رأي ابن شهرآشوب ویری أن الأبیات التي أوردها في تشیع ابن الخیاط غیر كافیة، ویقارن بین تشیعه وتشیع أبي الفرج الأصفهاني الذي أثار غضب علماء الشیعة المتأخرین (7/307-308). وعلی كل حال فقد كان طیب العشرة، متصفاً بالأخلاق الفاضلة (الصفدي، ن.ص؛ السیوطي، بغیة، ن.ص؛ الداودي، 2/87-88). ویبدو أنه كان یقرض الشعر أحیاناً، وقد أورد له خوانساري (7/308) ثلاثة أبیات، ولكن لانعلم من أین نقلها.

آثاره

ذكرت له المصادر الموجودة 5 كتب، یبدو أنها مفقودة: 1. معاني القرآن؛ 2. المقنع؛ 3. الموجز في النحو؛ 4. النحو الكبیر، الذي ذكر في كشف الظنون باسم النحو الكثیر (حاجي خلیفة، 2/1935) ویبدو أنه خطأ (ابن الندیم، ن.ص؛ ابن الأنباري، ن.ص؛ أبوحیان، 179، 326؛ القفطي، الصفدي، ن.ص). وذكر البغدادي 02/31) بالإضافة إلی الكتب الأربعة هذه كتاباً آخر له باسم النحو الملتزم، لم یرد في المصادر الأخری.

المصادر

ابن الأنباري، عبد الرحمن، نزهة الألباء، تقـ: إبراهیم السامرائي، بغداد، 1959م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبوحیان الغرناطي، محمد، تذكرة النحاة، تقـ: عفیف عبد الرحمن، بیروت، 1406هـ/1986م؛ البغدادي، هدیة؛ حاجي خلیفة؛ كشف؛ خوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، طهران، 1382هـ/1962م؛ الداودي، محمد، طبقات المفسرین، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الزجاجي، عبدالرحمن، الأمالي، بیروت، 1403هـ/1983م؛ م.ن، الإیضاح، تقـ: مازن المبارك، بیروت، 1986م؛ م.ن، مجالس العلماء، تقـ: عبد السلام محمد هارون، الكویت1962م؛ السخاوي، علي، سفر السعادة، تقـ: محمد أحمد الدالي، دمشق، 1983م؛ السیوطي، الأشیاه والنظائر، حیدرآباد الدكن، 1360-1361هـ؛ م.ن، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ/1964م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: هلموت ریتر، بیروت، 1381هـ/1961م؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1401هـ/1981م؛ الفیروزآبادي، محمد، البلغة، تقـ: محمد المصري، دمشق، 1392هـ/1972م؛ القفطي، علي، إنباه الرواة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1369هـ/1950م؛ یاقوت، الأدباء؛ وأیضاً:

GAS.

زهرا خسروي/ ع.