الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن خیر /

فهرس الموضوعات

ابن خیر

ابن خیر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/7 ۱۳:۲۷:۰۲ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ خَیر، أبو بكر محمد بن خیر بن عمر بن خلیفة اللمتوني الأموي (رمضان 502- ربیع الأول 575هـ/ نیسان 1109- آب 1179م)، محدث ومقرئ ولغوي صاحب فهرسة شهیرة. وُلد في إشبیلیة بالأندلس وتوفي بقرطبة. ونسبه أقدم مصدر تحدث عنه (الضبي، 65) إلی قرطبة. ورغم عدم صحة هذا الانتساب، فإن ینم عن مدی شهرته في هذه المدینة، ونعته ابن الأبار باللمتوني الأموي في التكملة (2/523-525) التي تُعد النص الأصلي والوثیقة الأولي المفصلة إلی حدّ ما عنه. ونعت بالإشبیلي لأول مرة في آثار الذهبي (مثلاً تذكرة، 4/1366، سیر، 21/86). ولم تتحدث المصادر المعتمدة عن مذهبه، إلا أن اقتصاره في فهرسة علی ذكر كتب الفقه المالكي یدل علی أنه كان مالكیاً، كما أن مخلوف (ص 152) عده في طبقات المالكیین. ویعتقد أنه نشأ في أسرة علمیة، ذلك أن ابنته كانت مُحدّثة (تاج العروس، مادة خیر)، وابن أخته أبوالحسین ابن السرّاج –الذي تتلمذ علیه (الذهبي، سیر، ن.ص)– من مشایخ ابن الأبار (2/ 525).

ویعود الفضل في شهرة ابن خیر في عصرنا الراهن إلی كتابه فهرسة الذي یُدعی فهرسة ما رواه عن شیوخه من الدواوین المصنفة في ضروب العلم وأنواع المعرفة، نشره قداره وطرغوه في المجلدین التاسع والعاشر من مجموعة خزانة الكتب العربیة والإسبانیة باسم «فهرسة كتب العلوم المختلفة التي كان یدرسها المدرسون» ویعتمد قداره (ص «ك– ل») في تقدیمه القیم لفهرسة –علی إشارة ابن الأبار (2/524)– فیحتمل أنّ ابن خیر قد ألف في مضمار البیبلیوغرافیا مؤلَّفین: برنامج –ویعتقد أنه لم یصلنا– وفهرسة، غیر أن عبد العزیز الأهواني (ص 95-98) یؤكد علی أن ابن خیر استعمل في متن فهرسة لفظي «البرنامج» و«الفهرسة» بمعنی واحد للإشارة إلی فهارس شیوخه؛ ولایشاهد هذا في متن فهرسة فحسب، بل إن البرنامج والفهرسة لفظان مترادفان تاریخیاً في الأندلس (ن.ص). وفضلاً عن ذلك فإن ابن خیر لم یشر في فهرسته إلی مصنف آخر له في هذا المجال. ومما یدعونا إلی رفض ما یحتمله قداره إجماع المصادر القدیمة علی أن ابن خیر لم یؤلف في مجال البیبلیوغرافیا سوی كتاب واحد، وكذلك ظاهر متن التكملة الذي یقبله قداره (ص «ل») بالإضافة إلی الأدلة الأخری التي وردت. لهذا فإن إشارة ابن الأبار في التكملة إلی برنامج ابن خیر، لاتعني سوی كتابه فهرسة. كما أن ابن الأبار یشیر إلی البرنامج بعبارة «برنامج له ضخم» ویتحدث عن الحجم الكبیر لفهرسة. ویذكر أیضاً بالاستناد إلی الرسالة التي بعثها ابن خیر إلی جابر بن أحمد القرشي، أن فهرسة تتألف من عشرة أجزاء، كل جزء منها ثلاثون ورقة (ن.ص)، وهو ما یتفق مع النسخة الأصلیة التي نشرها قداره.

ولیس ابن خیر أول من كتب الفهرس. لأن كتابة الفهرس في العالم الإسلامي وكتابة «البرنامج» في الأندلس كانت شائعة في عهده وقبله أیضاً، وفضلاً عن الدراسات المعاصرة (الأهواني، ن.ص)، یمكن استشفاف هذا المعنی أیضاً من فهرسة ابن خیر نفسها (ص 425). وهناك عدد قلیل من هذه البرامج والفهارس –التي تعد «شجرة النسب العلمي» لمؤلفیها– مما لم تعبث به ید الزمن. تعتبر فهرسة ابن خیر التي تتنال ما یزید عن 1,040 كتاباً (ظ: قداره، ن.ص) أوسع الفهارس التي وصلتنا عن علماء الأندلس (الأهواني، 98). وكما ورد عن ابن الأبار فإن أثر ابن خیر كان في عصر تألیفه أضخم وأوسع الفهارس الموجودة.

وتبدأ فهرسة ابن خیر بمقدمة رائعة ومسندة بالحدیث حول أهمیة العلم، وتقییده بالأسناد، ونشر الحدیث وإذاعته، وتعلیمات لطلبته في أسالیب الروایة مما یكشف عن مدی علمه وتبحره بالأحادیث (م.ن، 97). وتتناول فهرسته كتباً سبق له أن قرأها علی عدد من الأساتذة، فیشیر إلی عنوان الكتاب ومؤلّفه والأستاذ الذي قرأه علیه وسلسلة سنده وبالتالي مؤلفه الأصلي، وأحیاناً یذكر مكان حلقة الدرس وزمانها. وهي مبوّبة تبویباً موضوعیاً: الباب الأول في علوم القرآن، وتلیه أبواب في الحدیث والتاریخ، والرجال والسیر والأنساب والفقه المالكي وأصول الفقه وتفسیر الأحلام والزهدیات ومؤلفات المشایخ والنحو واللغة والأدب. وتختص الأبواب الأخیرة بذكر فهارس الشیوخ وبحث في الإجازة وذكر أسماء الشیوخ مع بلدانهم، ویظهر من خلال أبوابها أنها ذات تبویب موضوعي غیر دقیق. كما أن مطالعة الكتاب تكشف عن أنه لیس متجانساً في أسلوب التبویب وذكر المشایخ. فهو یشیر أحیاناً إلی زمان حلقة الدرس ومكانها، ولكنه یتغافل في الغالب عن ذكر أحدهما أو الاثنین معاً. كما أنه لایتحدث عن مشایخه إلا في مواضع قلیلة وبإیجاز. ومع هذا یحتوي كتابه علی معلومات قیمة عن الدراسات العلمیة بإسبانیا الإسلامیة في القرن 6هـ/12م. فتقدم لنا معلومات حول الكتب الشهیرة وأساتذة تلك العصور وأماكن التعلیم وأسالیبه، وهذا هو الاختلاف الأساس بین فهرسته والفهارس المشابهة مثل الفهرست لابن الندیم. ویمكن عن طریقها أن نعرف مثلاً أیاً من الكتب النحویة كانت تحظی بالاهتمام في إشبیلیة إبّان القرن 6هـ. ویشیر الأهواني (ص 93) إلی أننا نستطیع عن طریق فهرسة ابن خیر وأمثالها أن نحدد «مناطق النفوذ لبعض المؤلفات والمؤلفین». ویمكن أن تكون فهرسته ذات فائدة أیضاً في معرفة بعض الجوانب الاجتماعیة، حیث تشیر إلی عدد من الشیوخ ممّن یحمل ألقاباً مثل «الوزیر» و«ذوالوزارتین» و«صاحب الشرطة» و«صاحب المظالم».

ونستنبط عموماً من نص الكتاب أن ابن خیر مزج بین طلب العلم والدقة الجد والشغف، وتحمل كأسلافه عناء رحلات عدیدة بحثاً عن الأستاذ والعلم. وعدّ ابن الأبار مشایخه نیفاً ومائة رجل (2/524). وأول أساتذته أبي الحسن (أو أبي الحسين) شریح بن محمد الرغیني قاضي إشبیلیة خطیبها (قا: الزركلي، 3/161). وظل ابن خیر ملازماً أستاذه إلی حین وفاته (539هـ/1144م)، رغم رحلاته المتعددة إلی قرطبة وباقي المدن (ص 36، 90، 98، مخـ)، وعُدّ من خاصة تلامیذه (ابن الأبار، 4/523). ویمكن أن نفهم من خلال ما صرح به ابن خیر في فهرسته أنه ربما سافر من إشبیلیة إلي قرطبة ومنها إلی مختلف المدن الأندلسیة كالجزیرة الخضراء، والمریة وجزیرة طریف، وشلب (ص 46، 74، 90، مخـ)، وعاد في هذه الأثناء مراراً إلی إشبیلیة وقرطبة، وحظي في المدینة الأخیرة بالاحترام والشهرة، كما كان علیه حاله في موطنه، الذي كان یدرّس فیه، ولذلك ولي الصلاة في أواخر حیاته (573هـ) بجامع قرطبة الأعظم (ابن الأبار، 2/525). ویصفه ابن الأبار بسعة المعرفة وكرم العشرة وینعت كتبه أنها في غایة الصحة والإتقان، كما یصرح بأنه أفاد في التكملة من برنامجه (2/524).

وظل ابن خیر یهفو إلی سماع الدروس حتی في شیخوخته. وآخر تاریخ جاء في فهرسة لتلك المجالس (ص 425) هو عام 564هـ، وینبئ هذا عن أنه فرغ من تألیفها بعد هذا التاریخ وفي العقد الأخیر من عمره. ووصلنا فضلاً عن هذا الكتاب، مصنفه الآخر وهو حاشیة علی صحیح مسلم. ویذكر الكتاني (1/286) أن تلك الحواشي هي عبارة عن شرح غریب ألفاظ الصحیح وتفسیر بعض معانیه أحیاناً. توجد نسخة منها في مكتبة القرویین بفاس (الزركلي، 6/119).

 

المصادر

ابن الأبار، محمد، التكملة لكتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: فرنسشكه قداره وطرغوه، سرقسطة، 1893م؛ الأهواني، عبدالعزیز، «كتب برامج العلماء في الأندلس»، مجلة معهد المخطوطات العربیة، القاهرة، 1955م، ج 1(1)؛ تاج العروس؛ الذهبي، محمد، تذكرة الحفاظ، حیدرآباد الدكن، 1333-1334هـ؛ م.ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: بشار عواد معروف ومحیي هلال السرحان، بیروت، 1984م؛ الزركلي، الأعلام؛ الضبي، أحمد، بُغیة الملتمس، مدرید، 1884م؛ قداره (ظ: همـ، ابن خیر)؛ الكتاني، عبد الحي، فهرس الفهارس، فاس، 1346هـ/1927م؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكیة، بیروت، 1349هـ/1930م.

محمد مهدي مؤذن جامي/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: