الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن دأب /

فهرس الموضوعات

ابن دأب

ابن دأب

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/8 ۱۳:۴۱:۲۰ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ دَأب، أبو الولید عیسی بن یزید اللیثي المدني (تـ 171هـ/787م)، راوٍ ومحدث عارف بأیام العرب وندیم لخلیفتین عباسیین. ذكر السمعاني نسبه الذي یصل إلی بكر بن دأب بصورة كاملة (5/267). لاتتوفر معلومات كافیة عن أيام طفولته وشبابه. كان ابن دأب من عرب الحجاز، وسمع الحدیث كما یبدو قبل 140هـ/757م في المدینة من صالح ابن كیسان (تـ 140هـ)، وربما سمعه في نفس الفترة من هشام بن عروة (الخطیب، 11/148؛ ظ: ابن خلكان، 6/80-81). ثم رحل إلی بغداد وأقام فیها (الخطیب، ن.ص). وتشير الروایات التي نُقلت عنه إلی أنه سمع الحدیث من عمر بن أبي حفص (ظ: البخاري، 3(2)/402)، وداود ابن الحصین (البلاذري، 5/2)، وأبي حفص (ظ: البخاري، 3(2)/402)، وداود ابن الحصین (البلاذري، 5/2)، وأبي معبد الأسلمي (الطبري، 4/213)، وربما من یزید بن رومان وابن أبي ذئب (ابن حماد، 3/391)، وغیرهم، ویقول ابن حماد: ولایحفظ من حدیث ابن أبي ذئب ولا من حدیث یزید بن رومان إلا عن ابن دأب (ن.ص). وقد ذكر ابن حجر صفوان بن سلیم من مشایخه أیضاً (9/153). ولما كان أبوه یزید وعمه حذیفة بن دأب وأخوه یحیی علماء بأخبار العرب (الجاحظ، البیان، 1/258؛ ابن قتیبة، المعارف، 538؛ ابن الندیم، 103)، فمن المحتمل أنه درس عند أبیه أولاً، ولكنه سرعان ما اشتهر بالعلم الغزیر وحسن البیان، بحیث عرف بیت ابن دأب به (ظ: الجاحظ، ن.ص). وعدّه الجاحظ من الخطباء والشعراء وأثنی علی حسن بیانه (ن.م، 1/59). وذكر أبو حیان أنه كان معلماً (2(2)/403)، لذلك من الممكن أنه اشتغل بالتدریس أیضاً مدة في المدینة قبل سفره إلی بغداد. وقد روی الأدب عنه جماعة من العلماء أشهرهم ابن سلام الجمحي (ص 18، 45، 66، 75؛ الخطیب، ن، ص) والآخر هو القحذمي (أبو حیان، 2(2)/347).

وأول ما ورد في المصادر عن حضور ابن دأب في دار الخلافة، هو سنة 169هـ/785م، حیث كان المهدي العباسي آنذاك قد طلب من عامل المدینة أن یرسل إلیه الجماعة المتهمة بالقدریّة، فأرسل إلیه في دار الخلافة أربعة أشخاص منهم ابن دأب وعبد الله بن أبي عبیدة حفید عمار ابن یاسر، وأُطلق سراحهم إثر اعتراض حفید عُمار (الطبري، 8/178). ویبدو أن هذه السفرة لم تكن سفرته الوحیدة إلی بغداد لأننا نعلم أنه التقی بشّاراً مرة واحدة ویمكن أن یكون هذا اللقاء في بغداد (المرزباني، الموشح، 105). ولیست لدینا معلومات عن كیفیة التحاقه ببلاط الخلیفة المهدي، وعلی أي حال فإن هذا الأمر یبدو عجیباً نظراً لاتهامه بالقدریة وتشیّعه أیضاً (ظ: بقیة المقالة). وتبقی مسألة الروایات التي تتحدث عن حضوره للبلاط قائمة. كما أن أغلبها یتعلق بعهد الخلیفة الهادي (الطبري، 8/220). والروایة الوحیدة حول حضوره بلاط المهدي تتحدث كما یقول المرزباني عن إهداء المهدي جاریة له (نور القبس، 310). وقد حظي عند الهادي بمنزلة خاصة مع ما به من كبر وغرور زائد (یاقوت، 15/154-155)، وذلك لحسن بیانه حدیثه وعلمه بالأدب وبداهته في الإجابة ومهارته في الحصول علی الأشعار والشواهد المناسبة للحال (EI2)، بشكل ما كان الخلیفة یشعر باستطالة منه یوماً وليلاً (مثلاً ظ: الطبري، ن.ص). وكان هو الوحید الذي یستطیع أن یتكئ علی متكاً بحضور الخلیفة (ن.ص؛ المسعودي، 6/263-264؛ أبو حیان، 3/333)، كما كان یستطیع تهدئة الخلیفة عند غضبه، في حین ما كان یجرؤ غیره بالتكلم آنذاك. كما أخمد سورة غضبه مرة بروایة حدیث مناصب وأفرحه وحصل علی 50,000 درهم و50 بدلة جائزة (یاقوت، 15/162-164). كما وردت روایة حول أخذه جائزة أخری بمبلغ 30 ألف دینار (الطبري، ن.ص). وتوجد روایات عن سفره مع الأمراء العباسیین إلی الشام (الحصري، 4/940). ومن الواضح أن یستطیع مثل هذا الندیم المقرب لدی الخلیفة الحصول علی نفوذ كبیر لدیه.

ویروي المسعودي محادثة طویلة جداً بین الخلیفة وابن دأب جرت في منتصف اللیل حول بني أمیة وقتلی بني العباس، وكذلك حول مصر والنیل والنوبة والبصرة والكوفة، ثم یغضّ النظر عن ذكر الحكایات الأخری التي یعرفها حول ابن دأب والخلیفة لخوفه من الإطناب وتجاوز حد الكتاب (6/270-277). ولاشك أن ما ذكره المسعودي هو من أجمل المشاهد التي تحكي دور ندیم الخلیفة العباسي الخاص: فلابد لابن دأب أن یكون مهیّأً للمثول أمام الخلیفة في جمیع الأحوال. إذ علیه أن یكون أنیس وحدة الخلیفة في جمیع ساعات اللیل والنهار، ویخمد سورة غضبه وشجاه وقلقه وحتی لهیب غرامه، وأن یكون ذا علم واسع ودقیق في التاریخ والجغرافیا وأخبار العرب والعجم وكذلك في الشعر والموسیقی ولاسیما في تاریخ الأسرة العباسیة، لأن الجهل حرام علی الندیم الخاص. وكان ابن دأب رجلاً بارزاً في هذا المضمار، حیث كان ماهراً في سرد القصص والأساطیر وروایة الأخبار والأحادیث وحسن البیان والمجالسة بصورة أبهر الجاحظ الكاتب المتصعب (ظ: التاج، 116-117)؛ ومما أكمل فضله في المنادمة هو معرفته بالموسیقی وحسن الغناء، حیث كان یفتخر بهذا الفن ویَعدّ ذلك من فنونه الأولی (ابن شاكر، 6/249؛ أیضاً ظ: ابن عبد ربه، 6/3). وقد ذكر له إبراهیم الرقیق في كتاب الأغاني أصواتاً كما یقول ابن شاكر (ن.ص).

وشك بعض معاصریه ومترجمیه في صحة روایاته وطعنوا في أقواله، كما أن البخاري (3(2)/402) اعتبره «مُنكر الحدیث» ضمن إشارته إلی حدیث طویل حول الرسول‌(ص) بروایة ابن دأب (أیضاً ظ: ابن حماد، 3/391؛ الخطیب، 11/149)، ویقول ابن حماد: «ما لایتابع علیه من حدیثه أكثر مما یتابع علیه» (ن.ص). ویقترح ابن مناذر في بیتین قالهما في هجاء ابن دأب أن لایروي الرواة عنه (ابن قتیبة، عیون، 2/139؛ أبو الفرج، 17/24؛ الخطیب، 11/152)، ویتهمه الأصمعي أیضاً فیقول: إنه «یضع [بالمدینة] الشعر وأحادیث السمر وكلاماً ینسبه إلی العرب فسقط وذهب وخفیت روایته» (ظ: أبو الطیب، 99؛ یاقوت، 15/164). ولابد من الشك في صحة جمیع هذه الأقوال، حیث یمكن أن تكون مكانة ابن دأب العالیة في بلاط العباسیین أثارت حسد جماعة. ویكثر هذا الاحتمال في الأصمعي وأستاذه خلف الأحمر وكذلك في مصعب بن عبداله الزبیري، حیث قالوا فیه أقوالاً متطرفة جداً (ظ: م.ن، 15/161-162، 164-165؛ وأیضاً البستاني؛ EI2). حتی إن خلف الأحمر قال ضمن بحثه اللغوي كنایة [في نقد شعر أنشده این دأب]: «لقد طمع ابن دأب في الخلافة حین یجوَّز مثل هذا عنه» (أبو الطیب، 100؛ أبو الفرج 5/158؛ یاقوت، 15/165)، والطریف أن خلف الأحمر نفسه كان متَّهماً بوضع الشعر ونسبته إلی غیره (أبو الطیب، 47). ویری البعض أنه كان شیعیاً ویضع أخباراً لبني هاشم (ظ: یاقوت، 15/162). وعلی أي حال إن لم یكن لدینا دلیل علی وضعه للأخبار، یمكن تدعیم فكرة تشیعه بروایة مطولة نقلت عنه في مناقب الإمام علي بن أبي طالب‌(ع) (المجلسي، 40/97-116). ویری القمي هذه الروایة دلیلاً علی تشیعه (1/282).

توفي بن دأب في أول خلافة الرشید في أواسط عمره كما یبدو (یاقوت، 15/152)، وأقام أولاده في البصرة، ویبدو أنهم تمتعوا بشهرة إلی ما بعد قرن من ذلك تزامناً مع ابن قتیبة (ظ: ابن قتیبة، المعارف، 537؛ وأیضاً ابن الندیم، 103). ویری الجاحظ أن ابن دأب صاحب خطب ورسائل وكان یجیدها (البیان، 1/258). ویعده ابن الندیم ضمن الذین جمعوا أخبار العشاق في الجاهلیة وصدر الإسلام (ص 365). ومن الممكن أن یكون جمعه لهذه الأخبار هي الذي دعاه للقول: «سألت بطون بني عامر بطناً بطناً عن مجنون بني عامر فما وجدت أحداً یعرفه» (المرزباني، نور القبس، 311). وعلی أي حال لایوجد الیوم كتاب یشتمل علی روایاته.

 

المصادر

ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذیب التهذیب، حیدرآباد الدكن، 1326هـ؛ ابن حمّاد العقیلي، محمد، كتاب الضعفاء الكبیر، تقـ: عبد المعطي أمین قلعجي، بیروت، 1984م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن سلام الجمحي، محمد، طبقات الشعراء، بیروت، 1916م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، مخطوطة مكتبة احمد الثالث، رقم 2922؛ ابن عبد ربه، أحمد، العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین وآخرون، بیروت، 1402هـ/1982م؛ ابن قتیبة، عبدالله، عیون الأخبار، بیروت، 1343هـ/1925م؛ م.ن، المعارف، تقـ: ثروت عكاشة، القاهرة، 1969م؛ أبن الندیم، الفهرست؛ أبو حیان التوحیدي، علي، البصائر والذخائر، تقـ: إبراهیم الكیلاني، دمشق، مكتبة أطلس؛ أبوالطیب اللغوي، عبد الوحد، مراتب النحویین، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1955م؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، بولاق، 1285هـ؛ البخاري، إسماعیل، التاریخ الكبیر، تقـ: أبو الوفاء الأفغاني، حیدرآباد الدكن، 1378هـ؛ البستاني؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، بغداد، 1936م؛ الجاحظ، عمرو، البیان والتبیین، تقـ: حسن السندوبي، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ م.ن، التاج، تقـ: أحمد زكي باشا، القاهرة، 1322هـ/1914م؛ الحصري القیرواني، إبراهیم، زهر الآداب، تقـ: زكي مبارك، القاهرة، 1954م؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ السمعاني، عبدالكریم، الأنساب، تقـ: عبد الرحمن ابن یحیی المعلمي الیماني، حیدرآباد الدكن، 1385هـ/1966م؛ الطبري، تاریخ؛ القمي، عباس، الكنی والألقاب، طهران، 1397هـ؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، قم، 1392هـ؛ المرزباني، محمد، الموشح، تقـ: محب‌ الدین الخطیب، القاهرة، 1385هـ؛ م.ن، نور القبس، تقـ: رودلف زلهایم، فیسبادن، 1384هـ/1964م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: باربیه دمینار، باریس؛ 1871م؛ یاقوت، الأدباء؛ وأیضاً:

EI2.

مهدي محبتي – محمد مهدي مؤذّن جامي/ع.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: