الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن خرداذبه /

فهرس الموضوعات

ابن خرداذبه

ابن خرداذبه

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/29 ۱۲:۵۳:۱۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ خُرداذبِه، أبو القاسم عبید الله بن عبد الله بن خرداذبه (تـ ح 300هـ/ 913م). اختلف المؤرخون في اسمه واسم أبیه: فذكر المسعودي (1/22) أن اسمه عبید الله بن عبد الله بن خرداذبه، وابن الندیم (ص 165) أنه عبد الله بن أحمد بن خرداذبه، وابن حجر العسقلاني (4/96) أنه عبد الله بن أحمد، ولكن أكبر الظن أن اسمه عبید الله، واسم أبیه عبد الله. وذكر معاصره محمد بن جریر الطبري (تـ 310هـ/ 922م)، أن اسم أبیه عبد الله بن خرداذبه (8/556). ولایحتمل أن اسم أبیه أحمد؛ وقد ورد اسم جده بشكل خرداذبه. ویبدو أن خرداذبه أو خُرَّداذبه بمعنی «عطاءالشمس الحسن»، أو «خلق الشمس الطیبة» (EI2). وقد ضبط كراتشكوفسكي هذا الاسم بهذا الشكل بناء علی الأبحاث التي أجراها آماري و نلّینو و اسكیاپارلّي حول ما ذكره أبو عبد الله محمد بن محمد الإدریسي (IV/283)، غیر أن هذا الاسم ورد بشكل خُرزادبه في نسخة فریدة من كتاب مختار من كتاب اللهو والملاهي لابن خرداذبه والذي حققه الأب الیسوعي أغناطیوس عبد ه خلیفة مدیر مجلة المشرق ونشره في بیروت عام 1961م (محمدي، 316). وقد سبق أن ورد اسم خرزاد في الكتب الفارسیة القدیمة، فقد خلف یزدجرد آخر الملوك الساسانیین بجلولا خرزاذبن هرمز (المقدسي، مطهر، 5/177). كما كان یسمی أحد الحكام الإیرانیین في الیمن خرزاذ، والذي حكم فیها 6 أشهر (المسعودي، 2/63). وأبدی محمد محمدي شكه في اسم جد هذا الجغرافي (ص 316-317)، إلا أن سائر المؤلفین ذكروه باسم خرداذبه.

وعلی كل حال سواء أكان هذا الاسم خرداذبه أو خرزادبه فقد قیل إنه إیراني وكان زرادشتیاً ثم أسلم علی ید البرامكة (ابن الندیم، 165). ولیس لدینا عن عبد الله والد ابن خرداذبه من المعلومات إلا الیسیر، وهو ما أورده الطبري في حوادث 201هـ/816م، حیث یقول: «وفي هذه السنة افتتح [عبد الله] وهو والي طبرستان اللارز والشیرز من بلاد الدیلم، وزادها في بلاد الإسلام وافتتح جبال طبرستان وأنزل شهریار بن شروین عنها، وأشخص مازیار بن قارن إلی المأمون وأسر أبا لیلی ملك الدیلم بغیر عهد» (8/556). وقد مدح شاعر یدعی سلّام الخاسر عبد الله ابن خرداذبه ووصفه بالأمانة وسداد الرأي (ن.ص). ویبدو من إسلام خرداذبه علی ید البرامكة أنه كان من أهالي خراسان كما أن عبید الله بن عبد الله بن خرداذبه ولد بخراسان في أسرة إیرانیة.

وقد اختلف المؤرخون في سنة ولادته ووفاته وذكر المؤرخون لولادته تاریخین فقیل إن ولادته كانت في 205هـ/820م (الزركلي، 4/343) و211هـ/826م (محمدي، 317). ورحل في أوائل حیاته إلی بغداد، وبدأ دراسته في ظلل أبیه ورعایته وقضی فترة في تعلم فن الموسیقی علی ید الموسیقي الشهیر إسحاق الموصلي (كراتشكوفسكي، IV/146). ویبدو أن ابن خرداذبه كان یتمتع بإمكانیات واسعة للمطالعة والتعلیم في عهد الواثق بالله (227-232هـ/842-847م). وتولی البرید والخبر لفترة في منطقة ماد القدیمة التي یطلق علیها الجغرافیون اسم الجبال. ویظن أن حالة البلاط العباسي هي التي دعت إلی تولیته منصب البرید هذا، وقد آل به هذا العمل إلی تألیف كتابه الجغرافي عن المسالك والممالك. وكانت الجبال أو الجبل تضم منطقة واسعة من ماد القدیمة والتي هي عوض عن اسم ماد الغربیة، ذلك أن اسم الجبال اقترن في أكثر الكتب بآذربایجان، كما كانت ولایة الجبل یرد ذكرها إلی جانب آذربایجان في عهد خلفاء المأمون الذین كانوا یحكمون في فترة حیاة ابن خرداذبه (حمزة الأصفهاني، 146). ولیس لدینا معلومات دقیقة عن عمل ابن خرداذبه وزمن تولیه منصب البرید والخبر (كراتشكوفسكي، IV/148). ولكن لاشك أنه كان یتولی هذا المنصب لفترة في عهد الخلیفة العباسي المعتمد (256-279هـ/870-892م) (ابن حجر، 4/96). ویبدو أن هذا العمل ساعد علی سعة اطلاع ابن خرداذبه في المسالك، ومقدار الخراج والأوضاع الجغرافية والإداریة في إیران والبلاد الإسلامیة وغیر الإسلامیة، وأدی ذلك إلی تألیف كتابه، وكان ابن خرداذبه أیضاً أحد ندماء الخلیفة المعتمد وقد خصّ به (ابن الندیم، 165؛ كراتشكوفسكي، ن. ص). ویقول محمد المقدسي (ص 362): كان ابن خرداذبه وزیر الخلیفة وقادراً علی الوصول إلی ودائع علوم خزائنه. ولاشك في أن قربه من الخلیفة ومشاركته في مجالس اللهو والأدب والفن دعاه إلی الكتابة في فنون الأدب والموسیقی والطبخ وغیرها بالإضافة إلی الجغرافیا، ویمكن ملاحظة ذلك في كتاباته.

وقد عرف لابن خرداذبه عشرة آثار حتی الآن، ورد اسم ثمانیة منها في الفهرست لابن الندیم (ص 165) باسم الأدب والسماع وجمهرة أنساب الفرس والنوافل (أو النواقل) والمسالك والممالك وكتاب الطبیخ وكتاب اللهو والملاهي وكتاب الشراب وكتاب الأنواء والندام والجلساء (أو الندماء و…)، لم یذكر ابن الندیم اسم كتابي ابن خرداذبه الآخرین، ولكن ورد ذكرهما في كتابي المسعودي وگردیزي. فتحدث المسعودي عن ملاحة التصنیف عند ابن خرداذبه وبراعته في التألیف، وانتهاج المؤلفین الكبار نهجه في مصنفه الكتاب الكبیر في التاریخ (1/22)، كما أن گردیزي نقل من كتاب الأخبار ابن خرداذبه عند الحدیث عن أحوال الأتراك وأنسابهم (ص 525)، ولم یُذكر ما أشار إلیه گردیزي في كتاب المسالك والممالك ورسالة مختار من كتاب اللهو والملاهي. ويری عبد الحي حبیبي (ص 7) أن گردیزي اقتبس مواضیعه من كتابه جمهرة أنساب الفرس. ولكن ربما كان المقصود من كتاب الأخبار في تاریخ گردیزي، هو الكتاب الكبیر في التاریخ هذا.

ومما یؤسف له أنه لم یبق من كتب ابن خرداذبه سوی المسالك والممالك و مختار من كتاب اللهو والملاهي. وغالباً ما أشار المؤلفون القدماء إلی آثار ابن خرداذبه ونقلوا عنها أحیاناً. یقول المسعودي عن كتابه الكبیر: «اتبعه من یُعتمد (من المؤلفین) وأخذ منه واقتفی أثره وإذا أردت أن تعلم صحة ذلك فانظر إلی كتابه الكبیر في التاریخ فإنه أجمع هذه الكتب جداً، وأبرعها نظماً، وأكثرها علماً، وأحوی لأخبار الأمم وملوكها وسیرها من الأعاجم وغیرها، ومن كتبه النفیسة كتابه في المسالك والممالك وغیر ذلك مما إذا طلبته وجدته» (1/22). ویبدو مما أورده المسعودي أن ابن خرداذبه خص هذا الكتاب بتاریخ إیران قبل الإسلام، والظاهر أن أحد كبار الشخصیات العباسیة شجع ابن خرداذبه علی تألیف كتاب المسالك (كراتشكوفسكي، ن.ص).

وقد ألف عدد من الجغرافیین في العصر الإسلامي كتبهم باسم المسالك والممالك. ویری ابن الندیم أن أبا العباس جعفر بن أحمد المروزي هو أول من ألف في المسالك كتاباً ولم یتمه وتوفي بالأهواز، وحملت كتبه إلی بغداد وبیعت هناك في 274هـ/887م (ص 167). ویمكن الاستنتاج من كلام ابن الندیم أن تألیف المروزي لهذا الكتاب غیر الكامل یعود إلی هذا التاریخ، إلا أن بارتولد یعتقد بأن قول ابن الندیم بأسبقیة تألیف كتاب المسالك والممالك للمروزي یدعو إلی الشك (VIII/513).

وقد ورد في الفهرست ذكر لكتاب المسالك والممالك لابن خرداذبه أیضاً، غیر أن ابن الندیم لم یتحدث عن فترة حیاة ابن خرداذبه، وذكر أنه من ندماء الخلیفة العباسي المعتمد وخاصته (ص 165). وقد قدّم ابن خرداذبه كتابه إلی أحد شخصیات السلالة العباسیة، ونعته بصیغة المخاطب دون أن یذكر اسمه (بارتولد، 13). وتحدث دي خویه بالتفصیل في مقدمته علی كتاب المسالك عن حیاة ابن خرداذبه وزمن تألیفه لكتابه، وسعی لإثبات أن ابن خرداذبه ألف كتابه أولاً حوالي 232هـ/ 847م آخر سنة من خلافة الواثق بالله، ثم أضاف إلیه المعلومات بالتدریج، وانتهی الأمر إلی تحریر ثان للكتاب، ولكنه لم یتم قبل 272هـ/ 885م في عهد خلافة المعتمد (دي خویه، المقدمة، 20)، وإذا ما صح التاریخ الذي أورده دي خویه، فسیتضح أمران: الأول أن ابن خرداذبه تولی رئاسة دیوان البرید والخبر في عهد الواثق بالله، والثاني أن كتابه المسالك ألف قبل كتاب أبي العباس جعفر بن أحمد المروزي. وقد أبدی ماركوارت رأیاً یخالف رأي دي خویه، حیث یعتقد أن تاریخ أول تدوین كامل لكتاب ابن خرداذبه لم یكن قبل 272هـ (ص 390). ویعتقد ماركوارت أن ابن خرداذبه أخبر في كتابه –الذي یری دي خویه أنه أُلف أولاً ویتعلق بعام 232هـ- عن وجود التُّغُزغُز في أراضي تورفان. ورغم ما یراه دي خویه فإن هذا الموضوع لایمكن أن یتعلق بالفترة الواقعة قبل 252هـ/866م، ولایری بارتولد تلك الأدلة التي أوردها ماركوارت في رد رأي دي خویه كافیة ومقنعة، ویعتقد بأن الموضع الذي یطلق علیه الجغرافیون العرب اسم التغزغز كان كما ورد في المصادر الصینیة، موضع إقامة الأویغوریین الذین أخرجوا من مغولستان علی ید القرغیز بعد 225هـ/840م، وسكنوا في حوالي 252هـ في أراض قرب تورفان. ویمكن الاستنتاج من ذلك أنه ربما كان التغزغز الذین ذكروا في المصادر العربیة هم الأویغوریون الذین تحدثت عنهم المصادر الصینیة. ویری بعض العلماء ومنهم ماركوارت أن هذا الأمر ثابت ومحقق. في حین أن اسم التغزغز ورد في المصادر العربیة قبل هذا التاریخ بمدة طویلة. فقد أشیر في أول كتاب جغرافي عربي یتعلق علی الأقل بالنصف الأول من القرن 3هـ/9م إلی أرض التغزغز، كما ذكر الطبري أن التغزغز تقع في 205هـ/820م بناحیة اسروشنة (بارتولد، II(I)/554-555, VIII/514). ویقول كراتشكوفسكي إن بعض الباحثین یعتقدون بأن كتاب ابن خرداذبه الجغرافي ألف مرة واحدة وإن تاریخ تألیفه كان في حوالي 272هـ، بینما یری أكثر الباحثین صحة رأي دي خویه (IV/148). وعلی كل حال لایمكن إبداء رأي قاطع في هذا الموضوع، غیر أن كتاب المروزي نسي بسرعة، وانتشر كتاب ابن خرداذبه انتشاراً واسعاً، وأفاد منه العلماء والجغرافیون من بعده إفادة كبیرة، ولكن من الصعب إلی حد ما معرفة أي كتاب لابن خرداذبه أفاد منه المؤلفون القدماء، ذلك أن ما وصل إلینا كما یقول دي خویه هو نسخة مختصرة لكتابه المسالك والممالك. ویستنتج مما نقله المؤلفون الآخرون عن ابن خرداذبه وجود نص أكمل لهذا الكتاب (بارتولد، VIII/514؛ دي خویه، «مسرد»، 7). ویبدو أن كتاب جمهرة أنساب الفرس والنوافل أقرب من كتب ابن خرداذبه الأخری إلی كتاب المسالك، وربما یعود بعض ما نقل إلی هذا الكتاب، ولهذا لابد من دراسة الموضوع بمزید من الدقة (بارتولد، ن.ص). وقد أشار محمد المقدسي (ص 4) إلی وجود كتاب مختصر لابن خرداذبه، ولایعلم ما إذا كان ذلك هو كتاب المسالك هذا. ویشیر أثناء حدیثه إلی كتب الجیهان قائلاً: «ورأیت كتابه في سبعة مجلدات في خزائن عضد الدولة، غیر مترجم، وقیل بل هو لابن خرداذبه، ورأیت مختصرین بنیسابور مترجمین أحدهما للجیهاني والآخر لابن خرداذبه تتفق معانیهما، ولكن الجیهاني قد زاد شیئاً یسیراً».

كان القرنان 3و4هـ/9 و10م عصر ازدهار الأدب الجغرافي الإسلامي وقد طبع دي خویه القسم الأكبر من الكتب الجغرافیة في هذه الفترة في مجموعة باسم «مكتبة الجغرافیین العرب». یقول بارتولد إن لكتاب ابن خرداذبه أهمیة كبری بین المجموعة المتعلقة بالقرن 3هـ/9م، ویمكن القول بصورة تقریبیة إنه أهمها (IX/255)، ویجب اعتبار هذه الفترة هي العصر الكلاسیكي للأدب الجغرافي (م.ن، V/53)، ومن الصعب الآن أن ینكر أحد أن كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبه هو أنفس الكتب في الأدب الجغرافي الإسلامي إذ یمكن بمطالعته التعرف إلی طبیعة الأرض بآسیا الأمامیة الإسلامیة في القرن 3هـ/9م. فإن معلومات الجغرافیین في العالم الإسلامي بهذا العصر أغنی بكثیر من المعلومات الجغرافیة للعالم القدیم وآثار الجغرافیین الیونان. ویمكن الإشارة فقط إلی ما كتبه إیزید وروس خاراكسي الجغرافي في القرن الأول المیلادي عن الطرق، وإلی حد ما عن البحر الأسود والمحیط الهندي من بین الكتب التي وصلت إلینا من العصر القدیم (م.ن، VIII/515).

والتأثیر الذي تركه ابن خرداذبه علی الجغرافیین بعده ذو أهمیة كبیرة. فمن المؤلفین القدامی الذین تأثروا به یمكن أن نذكر الیعقوبي وابن الفقیه وابن رسته وابن حوقل والمقدسي والجیهاني والمسعودي (كراتشكوفسكي، IV/150). وقد ذكر ابن الفقیه ابن خرداذبه مرات عدیدة في كتبه وأفاد منه كثیراً وأورد باختصار مسیر التجار الیهود والروس في القفقاز وآسیا الوسطی الذي ذكر في كتب ابن خرداذبه، ولكن بشكل غیر جید (م.ن، IV/159). ویتضح أن ابن رسته لم یكن بمنأی عن تأثیر ما أورده ابن خرداذبه أیضاً (ن.ص). ویقول محمد المقدسي عن أسلافه من الجغرافیین: «كتاب الجیهاني وجدته قد احتوی علی جمیع أصل ابن خرداذبه وبناه علیه» (ص 241)، ولكن یبدو وجود قدر من المبالغة هنا (كراتشكوفسكي، IV/23). ولم یكن الإصطخري یبعد كتب ابن خرداذبه والجیهاني عنه (م.ن، IV/198) وذكر گردیزي كتب ابن خرداذبه في الفصل المتعلق بالأتراك حین ذكره لمصادره (ص 545-547). كما أفاد الإدریسي أثناء بحثه حول مناخ الأقالیم السبعة، من آثار مثل كتب المسعودي والجیهاني وابن خرداذبه وغیرهم (ص 5). واعتمد حمد الله القزویني علی آثار السلف وخاصة ابن خرداذبه ویاقوت وزكریا القزویني اعتماداً تاماً فیما أورده عن آسیا الصغری وبین النهرین ولاسیما عن إیران (كراتشكوفسكي، IV/397). ویبدو من كتاب آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان لإسحاق بن الحسین الجغرافي العربي الأصل بإسبانیا (في القرنین 4 و5هـ) والذي ألفه في الأندلس، وعثر علی المخطوطة الوحیدة منه في مدینة میلانو، أن الجغرافي المذكور كان متأثراً بوضوح بمحمد بن موسی الخوارزمي وابن خرداذبه (م.ن، IV/234). ویستنتج بارتولد ضمن إشارته إلی كتاب المقدسي واتفاق مواضیع الجیهاني مع ما أورده ابن خرداذبه، أن الجیهاني ألف كتابه علی أساس ما جمع من معلومات، لكنه أفاد من مؤلفات ابن خرداذبه بشكل واسع أیضاً (I/58). وكان الإدریسي وابن خلدون یعرفان كتاب ابن خرداذبه جیداً. كما أفاد الجغرافیون الإیرانیون خلال قرون متمادیة من كتب ابن خرداذبه ومنهم المؤلف المجهول لكتاب حدود العالم ومیرخواند وخواندمیر.

ولم یؤسس ابن خرداذبه مدرسة جغرافیة خاصة، غیر أن كثیراً من الجغرافیین أفادوا مما ورد في كتبه من موضوعات (كراتشكوفسكي، IV/150). وقد تعرف العلماء الأوربیون منذ الستینات من القرن 19 م عن طریق مخطوطتین إلی كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبه وحقق دي خویه ثالث مخطوطة وأفضلها ونشرها مع ترجمة فرنسیة في 1306هـ/1889م، كما بحث العلماء في روسیا مثل كونیك و روزن في السبعینات من القرن 19م حول كتاب ابن خرداذبه ولاسیما حول المواضیع المتعلقة بمسیر التجار الروس (ن.ص). وأبدی بارتولد آراء حول ذلك أیضاً (VIII/513-515). ولابد من اعتبار دي خویه أهم الباحثین الذین بادروا حتی الأن إلی دراسة كتاب ابن خرداذبه هذا.

وقد بدأ هذا الكتاب الذي یشتمل غالباً علی معلومات جغرافیة، بوصف طبیعة الأرض اعتماداً علی ما أورده بطلیموس، وأشار المؤلف في المقدمة إلی أنه نقل عن بطلیموس «عن لغته باللغة الصحیحة» (ص 3)، ولكنه لم یتحدث عن اللغتین الیونانیة والسریانیة اللتین دوّن بهما كتاب بطلیموس. ویعتقد بارتولد نقلاً عن نلّینو أن ابن خرداذبه ترجم كتاب بطلیموس الجغرافي لتوفیر ما یحتاج إلیه منه، ولكنه لم ینشره (VIII/515). وقال ابن خرداذبه عن ترجمة كتاب بطلیموس «وجدت بطلیموس قد أبان الحدود وأوضح الحجة في صفتها بلغة أعجمیة فنقلتها عن لغته باللغة (العربیة) الصحیحة» (ص 3). ففي الوقت الذي یعرّف المؤلف نفسه مترجماً لكتاب بطلیموس، ینقل عنه خبراً لایوجد في نص الكتاب الیوناني له وهو «إن مدن الأرض علی عهده كانت 4,200 مدینة» (ص 5)، بینما لایشاهد مثل هذا الكلام في كتاب بطلیموس (بارتولد، VIII/515). ومع أن ابن خرداذبه طالع كتاب بطلیموس ودرسه، لكنه ألف كتابه بأسلوب آخر یختلف عن أسلوب بطلیموس، فقد أُهملت في المسالك لابن خرداذبه التقسیمات النجومیة، واحتلت الطرق فیه المنزلة الأولی؛ فوصف المؤلف الطرق التي تربط المدن المختلفة بدقة متناهیة. فالقسم الأعظم من الكتاب یشتمل علی وصف الطرق حسب مواقعها الجغرافیة المختلفة. فبعد أن أورد المؤلف شرحاً مقتضباً لجهة القبلة في مختلف البلاد (ص 5) خصّ صفحات للبحث عن السواد في جنوب ما بین النهرین وذكر فیها التقسیمات الإداریة ومیزان الضرائب (ص 5-15) وتاریخها (في أقسام مختلفة). ویمكن من هذه المعلومات القیمة معرفة میزانیة خزانة الخلافة في القرن 3هـ/9م، وتحدیدها (كراتشكوفسكي، IV/149).

ویشتمل الكتاب علی وصف للملوك الأسطوریین. وقد ذكر المؤلف ضمن الإفادة من المصادر الإیرانیة ألقاب ملوك إیران والروم والترك والصین والهند والبلاد الأخری. ومما یثیر الاهتمام في هذا القسم أسماء حكام روسیة والصقالبة ویدعون بالروسیة «كنیاز» ولكن ابن خرداذبه أوردها «قناز» (ص 16-17). وعلی هذا یمكن اعتباره من أوائل المطلعین علی أقوام الصقالبة والروس الذین كانوا لایعرفون جیداً حتی عصره. ومن الخدمات المهمة التي قدمها ابن خرداذبه، إخباره عن وجود حكام مستقلین في عهد أردشیر في مناطق من أرض إیران وتوابعها، وهذا یدل علی وجود نوع من الحكم القدرالي في إیران آنذاك.

وكان بعض الملوك المحلیین یحملون لقب الكبیر إضافة إلی اسمهم وبعضهم لایحملوه تبعاً لوضح المنطقة التي یحكونها. والنقطة المهمة أن ابن خرداذبه ذكر مع أسماء الحكام أسماء الأراضي التابعة لحكومة إیران المركزیة أیضاً (ص 17-18) وهي نقطة مهمة وذات قیمة في البحوث الاجتماعیة والسیاسیة. فابن خرداذبه یبحث في البدء حول الطرق التي تمتد من شمال بغداد حتی آسیا الوسطی، ومن جنوبها حتی الهند، كما یبحث حول التقسیمات الإداریة ومقدار الخراج في حدیثه عن النواحي بین الطرق، ویورد أحیاناً أبیاتاً من الشعر حول اسم النواحي التي یشیر إلیها. ویتحدث عن الطرق البحریة إلی الهند والصین بأسلوب أبدع، ویفید المؤلف في وصفه لهذه الطرق من القصص البحریة أیضاً، كما یتناول الحدیث عن البضائع البحریة وبضائع الجزر وعن حیوانات كالفیل والكركدن (ص 60-71). ویتطرق المؤلف أیضاً إلی دین أهل جاوة والفرق الدینیة في الهند (ص 66-68؛ فران، I/21-23).

وفي وصفه لطرق المناطق الشرقیة یبادر إلی وصف الطرق بین المدینة وخراسان، ویورد تفاصیل عن الطرق من بغداد إلی النهروان وخانقین وقصر شیرین وشهرزور وكرمانشاه ونهاوند وأصفهان مع ذكر قری همدان وقزوین وأبهر وزنجان والري وخوار وسمنان وقومس وهفت كند وبهمن آباد وخسروگرد ونیشابور وقهندز وباخرز وجوین وبیهق وسوس وسرخس وغیرها (ص 18-25). ویشیر في هذا القسم إلی نقطة مهمة عن أرض ماد، فیقول إنها (كور الجبل) تنقسم إلی قسمین یرسل خراجهما إلی منطقتین: الأول یشتمل علی ماسَبَذان ومِهرِجان قَذَق والدینور ویرسل خراجها إلی الكوفة، والآخر خراج نهاوند وهمدان وقم ویرسل إلی البصرة (ص 20). ویصف في القسم الآخر من الكتاب الطرق التي تبدأ بالشاش وتنتهي بأرض الترك وتمتد إلی حدود الصین (ص 25-29). ویشتمل القسم الآخر علی وصف الطرق التي تمتد إلی أرض أتروك التغزغز والتبت والخَرلُخ وكیماك وغُزّ والبجاناك وخِرخیز (ص 29-31). ویذكر ابن خرداذبه اسم القبجاق بموازاة الكیماك ویعتبرهم قوماً آخرین (بارتولد، IV/770)، ثم یصف بالتفصیل الطرق بین مرو التشاهجان وطخارستان وطریق الصغانیین وطریق بلخ إلی طخارستان والسغد، ویذكر مقدار الخراج في كل تلك النواحي (ص 32-39). ویقول بارتولد إن أكثر الكتابات القدیمة تفصیلاً عن الطرق من تركستان الغربیة إلی تركستان الشرقیة هي لابن خرداذبه وقدامة بن جعفر (V/53).

ثم یصف ابن خرداذبه الطرق في داخل إیران والمناطق الجنوبیة من البلاد ومقدار الخراج فیها ومنها الأهواز وطریقها إلی فارس وأردشير خُرّه وإصطخر وأرّجان ودارابجرد وفسا وطریق شیراز إلی كرمان وسیستان وشیراز –نیشابور، وشیراز – دارابجرد، وإصطخر –سیرجان وكرمان ومكران إلی السند (ص 41-57). ویطلق اسم البهلویین (بلاد البهلویین) علی الري وأصفهان وهمدان ونهاوند ومهرجان قذق وماسبذان وقزوین وزنجان وأبهر وخمسة وطالش والدیلم، ثم یورد وصفاً مفصلاً عن طرق الأهواز –أصفهان، وفارس –أصفهان، وأصفهان –الري، وبغداد –البصرة، والبصرة –عمان (ص 57-60). ویعقبها بالإشارة إلی الطرق البحریة من البصرة وآبادان إلی الشرق حتی عمان والهند وسرندیب والصین مع ذكر بضائع تلك المناطق وأدیانهم وعقائدهم (ص 60-72). كما ورد في الكتاب وصف لطرق غرب آسیا وشمال إفریقیا حتی أوروبا وإسبانیا أیضاً، ولكنه كان أكثر تفصیلاً في حدیثه عن طرق البلاد التابعة للروم الشرقیة. وقد أشار في هذا القسم خاصة إلی آراء مسلم بن أبي مسلم الجرمي ونقل عنه (ص 105)، ثم تناول طرق الشمال ومن أرمینیا وجیورجیا وأرّان إلی دربند وأراضي خزران ومدن الخزر وسمندر وعلاقتها بأرض الصقالیة (ص 122-124). كما أشیر في الكتاب إلی طریق آذربایجان والقفقاز في الجنوب حتی بغداد ومكة والمدینة وجنوب الجزیرة العربیة؛ ووردت أسماء المنازل في هذه الطرق من البصرة حتی مكة ومن الیمامة حتی مكة ومن عمان حتی مكة ومن مصر حتی مكة ومن دمشق حتی مكة (ص 146-150).

وأورد معلومات مهمة جداً وقیمة عن مسیرّي التجار الیهود من أوروبا إلی الهند والصین عن طریق قناة السویس والبحر الأحمر، وكذلك عن طریق أنطاكیة والفرات (ص153-154)، بینما لانجد في المصادر الأوروبیة معلومات مفصلة عن هذه الطرق التجاریة (بارتولد، VI/369). وكان في البلاد الإسلامیة تجار مشهورون من الیهود كما یقول ابن خرداذبه، یتكلمون باللغات العربیة والفارسیة والرومیة والأوروبیة والأندلسیة والصقلبیة، ویتنقلون بین البحر المتوسط والأحمر والهند والصین یسمون «الراذانیة» (ص 153). وقد أورد بعضهم هذا اللفظ بشكل ارهدانیة، أو الراهدانیه، واعتبروه فارسیاً (بارتولد، VI/346؛ دي خویه، «مسرد»، 3). ویرسم ابن خرداذبه صورة للطرق البحریة التي تمتد من سواحل جنوب آسیا وشرقها حتی شبه جزیرة كوریا، ویذكر أن جماعة من المسلمین تقطن تلك المناطق (بارتولد، VI/369). ومن موضوعات الكتاب الأخری ما یتعلق بمسیر التجار الروس عن طریق أنهار الدون (تنیس ونهر الصقالبة) والفولغا، ومدینة الخزر وبحر مازندران نحو الجنوب (ابن خرداذبه، 154؛ كراتشكوفسكي، IV/149).

ویوجد في كتاب المسالك والممالك أقسام أیضاً یستشف منها –كما یقول كراتشكوفسكي– أنها أضیفت بالتدریج وبمرور الزمن، منها القسم المتعلق بالأرض، حیث تبدو أكثر المعلومات الواردة عنها غیر واضحة (ن.ص)، ومنها الموضوعات المتعلقة بعجائب العالم والأبنیة الشهیرة، حتی إنه یعتبر اكتشاف أهرام مصر یعود إلی عهد أحمد بن طولون (ابن خرداذبه، 159)، كما أن ما أورده عن رحلة سلّام التُرجُمان من وصف یبدو غیر واضح في بعض نواحیه (م.ن، 162-168). ویمكن اعتبار كتاب ابن خرداذبه قسمین متفاوتین نسبیاً؛ إذ یمكن من جهة الحصول علی معلومات رسمیة ومهمة جداً عن الطرق والمسافات ومقدار الخراج والألقاب والأسماء وغیرها، كما یمكن من جهة أخری العثور علی معلومات عن عجائب یصعب تصدیقها إلی حد ما. ویعد ابن خرداذبه أول جغرافي تحدث عن الطریق البري إلی بلاد الصین بین جغرافی العهد الإسلامي (بارتولد، VI/54). ثم أشار بعده یاقوت إلی رحلة تمیم بن بحر في هذا المسیر، ولكنه لم یذكر للأسف زمن هذه الرحلة (1/840). ورغم أن ابن خرداذبه كان یصل إلی ودائع علوم خزانة الخلیفة، كما یقول محمد المقدسي (ص 362)، غیر أنه اعتمد غالباً علی مشاهداته وما توصل إلیه بنفسه، وكان شوقه للرحلة أیضاً سبباً في إیراده معلومات رائعة ولاسیما عن الطرق القدیمة. ولكن یبدو من الآراء المختلفة التي أوردها الجغرافیون العرب عنه عدم التناسق في تدوین المسالك والممالك (كراتشكوفسكي، IV/150).

وكتاب ابن خرداذبه الآخر أي مختار من كتاب اللهو والملاهي هو أحد الوثائق المفیدة والمهمة عن تاریخ الموسیقی والشعر الفارسي قبل الإسلام. فقد ورد في هذه الرسالة أسماء بعض الآلات الموسیقیة الإیرانیة وغیر الإیرانیة، وبعض المصطلحات والمقامات، ونشید فارسي (بهلوي) أیضاً لباربد مركب من 3 مصاریع (محمدي، 316- 317). وقد ذُكرت أقسام من مواضیع هذه الرسالة القصیرة بشكل متفرق وأحیاناً مع تحریفات في بعض المصادر العربیة (م.ن، 317). ویتحدث ابن خرداذبه في هذه الرسالة عن الأوتار الأربعة في الموسیقی نقلها عنه المسعودي (ظ: 4/133) مع تغییر یسیر في كتابه مروج الذهب. ویذكر ابن خرداذبه أنه أخذ هذه المعلومات عن شخص رومي یدعی فیذرس أو فندروس، الذي یری بعضهم أنه ربما كان ثودروس واسمه اللاتیني تئودروس (محمدي، 318؛ المسعودي، ن.ص؛ ابن خرداذبه، 318، الهامش). ومما یلفت النظر وجود مصطلحات فارسیة مثل الزیر والبم، رغم روایته شخص رومي في النصوص العربیة (المسعودي، ن.ص). وذكر ابن خرداذبه في هذه الرسالة بالإضافة إلی أسماء الآلات الموسیقیة طریقة عزف الإیرانیین علیها، والتنسیق في الضرب بینها، وذكر عدة آلات كالعود والطنبور والناي والزنامي والسورناي والمستج التي ربما هي الصغانة (ملاح، 29) والصنج، والونج الذي یشتمل علی سبعة أوتار یقال لها بالهندیة «فنیا» (م.ن، 29، 32). وأشار في هذا الكتاب أیضاً إلی آلة كانت عند النبط والجرامقة یسمونها «الغندور» وربما تشبه الطنبور (محمدي، 319). وذكر المسعودي هذه الآلة باسم «غیروار» وجمعها غیروارات (4/132). كما أورد اسم العازف الإیراني الشهیر بهلبذ (باربد؟) وهو من مرو وكان أكبر موسیقيّ في عهد خسرو الثاني (خسرو برویز) ومن البارعین في العزف علی العود، وكان یغنیه بكلام موزون ویلحّنه (محمدي، ن.ص) وقد روی المسعودي عن ابن خرداذبه باعتقاد وثقة كاملین حول الموسیقیین (4/131-138)، غیر أن أبا العلاء المعري (ص 509) وأبا الفرج الأصفهاني (1/19، 5/3) أبدیا شكهما فیما أورده ابن خرداذبه حول ذلك.

 

المصادر

ابن حجر، أحمد، لسان المیزان، حیدرآباد الدكن، 1330هـ؛ ابن خرداذبه، عبید الله، المسالك والممالك، تقـ: دي خویه، لیدن، 1889م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو العلاء المعري، رسالة الغفران، تقـ: عائشة عبد الرحمن، القاهرة، 1969م؛ أبو الفرج الأصفهاني، علي، الأغاني، بیروت، 1390هـ/1970م؛ الإدریسي، محمد، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، نابولي/ روما، 1970م؛ بارتولد،و.و، مقدمة حدود العالم، تقـ: مینورسكي، تجـ: میرحسین شاه، كابل، 1342ش؛ حبیبي، عبد الحي، مقدمة تاریخ (ظ: همـ، گردیزي)؛ حمزة الأصفهاني، تاریخ سني ملوك الأرض والأنبیاء، برلین، 1340هـ/ 1921م؛ الزركلي، الأعلام؛ الطبري، تاریخ؛ گردیزي، عبد الحي، تاریخ، تقـ: عبد الحي حبیبي، طهران، 1363ش؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: یوسف أسعد داغر، بیروت، 1385هـ/1965م؛ محمدي، محمد، «یادداشتهاي پراكنده»، الدراسات الأدبیة، بیروت، 1961م، س 3، المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، تقـ: دي خویه، لیدن، 1906م؛ المقدسي، مطهر، البدء والتاریخ، تقـ: كلمان هوار، باریس، 1916م؛ ملاح، حسین علي، «موسیقي دورۀ ساساني»، مجلۀ موسیقی، 1341ش، عد 73-74؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

Bartold, V. V., Sochineniya, Moscow, 1963-1977; De Goeje, M. J., introd. Al- Masālik & glossaire (vide; PB, Ibn Khordâdhbeh); EI2; Ferrand, G., Relations de voyages et textes géographiques arabes, Persans et turks, relatifs à l’ Extréme-Orient de VIIIe siécles, Paris, 1913-1914; Krachkovskiī, IYu., Arabskaya geograficheskaya literatura, Moscow/ Leningrad, 1957; Marquart, J., osteuropäische und ostasiatische Streifzüge, Darmstadt, 1961.

عنایت ‌الله رضا/ ن

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: