اِبْنُ خَلّاد الرّامهُرمُزيّ، أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن (تـ ح 358هـ/969م)، قاض ومحدث وأدیب إیراني، دعي بالخلّادي أیضاً (یاقوت، 9/6). كان یعیش في رامهرمز من بلاد خوزستان (السمعاني، 6/47)، ولقب بمحدث العجم (الذهبي، سیر، 16/73). وخمّن عجاج الخطیب في مقدمة المُحدِّث الفاصل (ص 11) ولادته حوالي 265هـ/879م آخذاً بنظر الاعتبار الحقبة الزمنیة التي عاش فیها شیوخه. سمع من أبیه وآخرین أمثال محمد الحضرمي وأبي حَصین الوادعي ومحمد بن عثمان بن أبي شیبة. وأورد الذهبي (تذكرة، 3/906، سیر، 16/73) أسماء بعض مشایخه، إلا أن أسماء أكثرهم وردت في كتب ابن خلاد نفسه (أمثال الحدیث، المحدّث الفاصل، مخـ). ویری الذهبي (تذكرة، ن.ص) أن أول سماع لابن خلاد كان في 290هـ/930م، ولكن سماعه الحدیث كما سبق كان قبل ذلك التاریخ بكثیر. رحل قبل 290هـ وكتب الحدیث عن جماعة من أهل شیراز. وتولی القضاء في خوزستان (السمعاني، 6/47)، وأصبح یتردد علی الوزراء والرؤساء، وكان مختصاً بابن العمید (ن.ع)، تجري بینهما مكاتبات بالنثر والنظم. وفضلاً عن أن الثعالبي نقل بعض أشعاره عند تحدثه عنه (3/422)، فقد تطرق بالتفصیل إلی هدایاه لابن العمید وتبادل المكاتبات المنظومة بینهما وعرض نماذج منها خلال ترجمته للأخیر (3/166-171). فوجود مثل تلك الصلة الوثیقة بین ابن خلاد وشخصیة مرموقة وفاضلة كابن العمید، والاحترام الذي كانت تطفح به رسائل الأخیر له وقصائده التي أنشدها فیه، تدل علی فضل ابن خلاد ومقامه الرفیع وقد كتب ابن العمید عندما كان مریضاً –علی ما یبدو– إلی ابن خلاد، فوصف قربه ومجالسته شفاءه وطلعته ومؤانسته دواءه، ودعاه إلی زیارته. كما أثنی ابن خلاد في الكتاب الذي بعثه إلی منزله وهو عند ابن العمید علی الأخیر ومجلسه (یاقوت، 9/10-12، 14-15).

وكانت له علاقة حمیمة بالحسن بن محمد المهلّبي، وقد كتب إلیه شعراً هنأه عندما استوزره معز الدولة الدیلمي فكتب إلیه المهلّبي جواباً امتدح فیه نثره ونظمه (یاقوت، 9/6-10). كما كان من أقران القاضي أبي القاسم علي بن محمد التنوخي، ومدح أبا شجاع عضد الدولة فناخسرو بمدائح (یاقوت، 9/6). وعدّ الأمین (5/132) تألیف ابن خلاد لكتاب الریحانتین، وقربه من ابن العمید والمهلّبي، ومدحه عضد الدولة، من أدلة تشیعه، ویمكن إضافة قرینة أخری وهي ذكره لعبارة «علیهم السلام» بعد اسم علي بن الحسین بن علي‌(ع) في المحدث الفاصل (ص 162).

قال عنه ابن الندیم (ص 172) إنه حسن التألیف، ملیح التصنیف، یسلك طریقة الجاحظ. وروی عنه أشخاص مثل محمد الصیداوي والحسن بن لیث الشیرازي وأحمد بن مردویه وأحمد بن إسحاق النهاوندي وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن علي البغدادي، وكذلك الشریف أبومحمد الحسن بن أحمد المحمدي وهو من مشایخ الطوسي والنجاشي (ابن خلاد، أمثال الحدیث، 5؛ الذهبي، تذكرة، 3/906، سیر، 16/74؛ آقابزرگ، 4/88). وأورد أبو عبد الله محمد بن عبد العزیز الشیرازي في تاریخ فارس أنه عاش برامهرمز إلی حوالي 360هـ/971م (السمعاني، 6/47). وذكرت أغلب المصادر القدیمة أن وفاته كانت عام 360هـ أو قریباً من ذلك (ن.ص؛ قا: ابن شاكر. 11/212). ونقل الثعالبي (3/424) قصیدة رثاه بها صدیق له.

ویذكر ابن الندیم (ن.ص) آثار ابن خلاد التالیة: أدب الموائد؛ أدب الناطق؛ إمام التنزیل؛ أمثال النبي (أمثال الحدیث)؛ ربیع المتیّم؛ الرثاء والتعازي؛ كتاب الریحانتین الحسن والحسین‌(ع)؛ رسالة السفر؛ الشیب والشباب؛ العلل في مختار الأخبار؛ المناهل والأعطان؛ النوادر والشوارد. وأضاف یاقوت (9/5) إلیها كتاب المحدث الفاصل بین الراعي والواعي وكتاب مباسطة الوزراء. ونسبت له بعض المصادر كتاباً في باب الأطعمة، ویؤید ذلك شطر البیت القائل «كتابي المصنّف في الأطعمة» وهو من قصیدة بعثها إلی ابن العمید (الثعالبي، 3/171). یوجد الیوم من هذه الآثار كتابان فقط هما:

1. أمثال الحدیث: ویضم 140 مثلاً مرویاً عن الرسول الأكرم‌(ص) وتتفق مضامین هذه الأمثال مع أمثال القرآن الكریم وتشتمل علی مواضیع كالوعد والوعید، والحلال والحرام، والإیمان والكفر. وقد شرح ابن خلاد بعض مفردات تلك الأمثال واستشهد في بعض الأحیان بشواهد من القرآن الكریم لبیان معانیها، واستند أحیاناً إلی أشعار وأمثال أخری لتوضیح الحدیث وبیان مرامیه. قسّم الكتاب إلی 7 أجزاء، وقد سمعه أبو القاسم عبد الله بن أحمد البغدادي من ابن خلاد برامهرمز في محرم 333/ آب 944 (أمثال الحدیث، 5). طبع هذا الكتاب مرة في إستانبول بتحقیق أمة الكریم القرشیة مع مقدمة بالألمانیة وفهارس عدیدة وهوامش (المكتبة الإسلامیة، بدون تاریخ)، وأخری في بومباي بتحقیق عبد العلي عبد الحمید الأعظمي (دارالسلفیة، 1404هـ/1983م).

2. المحدث الفاصل بین الراوي والواعي، في علم أصول الحدیث وهو أول كتاب من مجموعة كتبت خلال القرنین 2و3هـ/8 و9م في قواعد قبول أو رفض الأحادیث المنسوبة للرسول (ص). وعدّه ابن حجر أول كتاب في علم الحدیث (عجاج الخطیب، 27؛ قا: ابن حجر، 1). وانتقد ابن الصلاح –الذي نقل عنه مراراً– أسلوب ابن خلاد في مد عطفة خط التخریج من موضعه (علوم الحدیث، 194-195، مقدمة، 313). طبع هذا الكتاب في بیروت عام 1391هـ/1971م مع مقدمة مفصلة وفهارس متعددة بتحقیق محمد عجاج الخطیب.

المصادر

آقابزرگ، الذریعة؛ ابن حجر، أحمد، نخبة الفكر، تقـ: ولیم ناسولیس، كلكتة، 1862م؛ ابن خلّاد، الحسن، أمثال الحدیث، تقـ: أمة الكریم القرشیة، إستانبول، المكتبة الإسلامیة؛ م.ن، المحدث الفاصل، تقـ: محمد عجاج الخطیب، بیروت، 1391هـ/1971م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ ابن الصلاح، عثمان، علوم الحدیث، تقـ: نورالدین عتر، دمشق، 1404هـ/1984م؛ م.ن، مقدمة، تقـ: عائشة عبد الرحمن، القاهرة، 1974م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ: حسن الأمین، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الثعالبي، عبدالملك، یتیمة الدهر، تقـ: محمد محیي ‌الدین عبدالحمید، بیروت، دارالفكر؛ الذهبي، محمد، تذكرة الحفاظ، حیدرآباد الدكن، 1333-1334هـ؛ م.ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وأكرم البوشي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ السمعاني، عبدالكریم، الأنساب، حیدرآباد الدكن، 1386هـ/1966م؛ عجاج الخطیب، محمد، مقدمة المحدث (ظ: همـ، ابن خلّاد)؛ یاقوت، الأدباء.

محمد آصف فكرت/ت.