الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن حوقل /

فهرس الموضوعات

ابن حوقل


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/8/12 ۱۲:۴۳:۵۳ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ حَوقَل، أبوالقاسم محمد بن حوقل أو محمد بن علي النصیبي أو النصیبیني (تـ بعد 367هـ/978م)، تاجر و رحّالة معروف و جغرافي عربي في القرن 4هـ. ساح في البلاد الإسلامیة من 331-359هـ/943-970م وألف کتاب صورة الأرض أو المسالک و الممالک. وجاءت نسبته الموصلي في بعض المصادر (یاقوت، 1/320، 542، 4/59؛ القزویني، زکریا، 158، 164) و علی الأغلب النصیبي (النصیبیني) (مدرس، 6/184؛ ابن حوقل، صفحة الغلاف).

حیاته

لاتتوفر معلومات وافرة عن ابن حوقل. فقد ولد في نصیبین الواقعة في أعلی بین النهرین، ولاندري تاریخ ولادته. ویقول في موضع من کتابه (2/343): «وکان رقیقهم (أرمینیة) لایباع ببغداد و أدرکته کذلک إلی سنة 325هـ». ویتحدث في موضع آخر عن حضوره في المدائن عام 320هـ (ویت، المقدمة، 10)، وعلی هذا لابد أن ولادته کانت قب 320هـ بسنین. ولم یذکر تاریخ وفاته في المصادر المتوفرة أیضاً، ولیس صحیحاً ماذکره حاجي خلیفة (2/1664) أن وفاته کانت في 350هـ، ذلک أن ابن حوقل صرّح (1/214) أنه کان في نصیبین عام 358هـ و ذکر مقدار حاصل دخلها، ثم لابد أن تقدیم ابن حوقل للمسودة الأولی من مصنفه صورة الأرض إلی سیف الدولة الحمداني (تـ 356هـ/967م) کان قبل وفاة الأمیر المذکور، أما المسودة الثانیة فترجع إلی عام 367هـ/978م (کراتشکوفسکي، 1/201) ویری میکل أن الانتهاء من تحریر نسختها النهائیة کان في 378هـ/988م (EI2).
بدأ ابن حوقل رحلته من بغداد (دار السلام) في السابع من رمضان 331هـ/15 أیار 943م، وکانت مصادفة لخروج أبي محمد الحسن بن عبدالله بن حمدان (تـ 358هـ) من هناک. ثم إن هزیمة أبي محمد هذا أمام الأتراک و ذهابه إلی دیار ربیعة عندما کان ابن حوقل في عنفوان الشباب (ابن حوقل، 1/3-4) یدعو إلی احتمال أنه قضی بدایة حیاته في نصیبین (أعلی مابین النهرین) و شبابه في دسفل ما بین النهرین، ذلک أنه کما ذکرنا آنفاً قد صرح أنه کان في المدائن عام 320هـ، ثم بدأ سفره متعطلعاً إلی معرفة أحوال البلدان الإسلامیة والشعوب المختلفة وللتجارة أیضاً، ویمکن تحدید مسیره بالاعتماد علی الأرقام التي ذکرها في صوّرة الأرض کمایلي: إفریقیا الشمالیة و إسبانیا و الحدود الجنوبیة للصحراء (336-340هـ/947-951م) ومصر والمناطق الشمالیة من بلاد الإسلام أي أرمینیا و آذربیجان (ح 344هـ/955م) والجزیرة (بین النهرین) و العراق و خوزستان و فارس (ح 350-357هـ/961-968م)، و خوارزم وماوراء النهر (ح358هـ/969م) وصقلیة (ح 362هـ/973م)، و مسیره التالي مجهول (EI2). ویذکر ویت (ن.ص) أن ابن حوقل بدأ رحلته من إفریقیا الشمالیظ و مرّ من المهدیة في 336هـ ووصل إسبانیا في 337هـ و في 340هـ دخل سجلماسة. ثم تابع طریقه نحو الجنوب حتی وصل إلی غانا، و تعرّف في إسبانیا علی الطبیب الیهودي حسداي بن شبروط وزیر عبدالرحمن الثالث و یبدو أن الوزیر أطلعه علی معلومات عن أوروبا الشمالیة مقابل معلومات أطلعه علیها ابن حوقل عن یهود الشرق و ربما أهل الخزر (فرنت، 1/29).
وکان السبب الذي دعا ابن حوقل إلی السفر کما یقول شغفه بعلم الجغرافیا و التحقیق حول الأوضاع الاجتماعیة و السیاسیة لمختلف الأقوام و للتجارة أیضاً. ویقول في مقدمة کتابه: «وأعانني علیه [الکتاب] تواصل السفر وانزعاجي عن وطني مع ما سبق به القدر لاستیفاء الرزق والشهوة لبلوغ الوطر بجور السلطان و کلب الزمان و تواصل الشدائد بعد العدل والطغیان و کثرة الحوائج و النوائب و اختلال النعم و قحط الدیم» (1/3). وکثیراً ما انعکست المصالح التجاریة لابن حوقل في تضاعیف کتابه، حیث ترسم بمجموعها لوحة طریقة لحضارة العالم الإسلامي في ذلک العهد، فقد التقی مثلاً في سجلماسة بجنوبي مراکش تجاراً عراقیین من أهل البصرة والکوفة؛ ویمکن الحکم علی مدی اتساع المعاملات التجاریة آنذاک من أنه قد أبصر صکاً بدَین علی أحد سکان واحة أودغشت بداخل إفریقیا قیمته 42,000 دینار (کراتشکوفسکي، 1/204).
وکانت رحلة ابن حوقل کما سبقت الإشارة للتجارة، ولکن ربما کان في الحقیقة داعیة دینیاً و سیاسیاً، ذلک أنه کان یقصد في سفره إفریقیا الشمالیة (منطقة نفوذ الدولة الفاطمیة) والأندلس (منطقة نفوذ الدولة الأمویة في إسبانیا)،کما سافر إلی نابولي و بالرمو. و من هنا یتبین أن لابن حوقل میولاً سیاسیة، إلی حد أن دوزي – کما یقول کراتشکوفسکي (ن، ص) – یری فيابن حوقل جاسوساض للفاطمیین، غیر أن لیفی برفنسال و هو أحد کبار الخبراء المعاصرین حول إسبانیا الإسلامیة لایری فیه هذا الرأي القاطع، و إنما یعتقد علی أیة حال أنه من عملاء العباسیین أو الفاطمیین. و الأسباب التي دفعت إلی هذه التهمة عواطفه الفاطمیة، فقد کان من أوائل من قدموا معلومات و فیرة عن قرامطة البحرین الذین عرفهم جیداً و عن کتب (کراتشکوفسکي، ن.ص). ویقول میکل: من الواضح جداً علاقة ابن حوقل الشدیدة بالسیاسة الفاطمیة، و بناء علی هذا یمکن معرفظ تطرقه للموضوعات المتعلقة بالنوبة أو تاریخ إفریقیة الشمالیة و تفاصیل أخری في کتاب صورة الأرض، ولکن آراءه عن إسبانیا الأمویة وصقلیة الخاضعة للکلبیین و انتقاداته التي یوردها أحیاناً للفاطمیین علی طریقتهم في إدارة مصر، تعتمد کلها علی ملاحظاته السیاسیة (ظ: EI2).
وقد التقی ابن حوقل خلال سفره الإصطخري مؤلف المسالک والممالک و یتحدث في کتابه عن هذا اللقاء قائلاً: إن ماحداني لتألیف هذا الکتاب في شکله الحاضر هو أنني کنت في حال الحداثة شغوفاً بأخبار البلدان والوقوف علی حال الأمصار کثیر الاستعلام والاستخبار لسافرة النواحي ووکلاء التجار و قراءة الکتب المرلفة فیها و کنت إذا لقیت الرجل الذي أظنه صادقاً وإخاله بما أسأله عندي خبیراً عالماً فأجد عند إعادة الخبر الذي اعتقد فیه صدقه و قد حفظت نسقه و تأملت طرقه ووصفه أکثر ذلک باطلاً وأری الحاکي بأکثر ماحکاه جاهلاً ثم أعاوده الخبر الذي ألتمسه منه والذکر لیسمع الذي استوصفته وأطالع معه ما صدر مع غیره في ذلک بعد رؤیة وأجمع بینهما و بین حکایة ثالث بالعدل والسویة فتتنافر الأقوال و تتنافی الحکایات، وکان ذلک داعیة إلی ماکنت أحسه في نفسي بالقوة علی الأسفار و رکوب الأخطار و محبة تصویر المدن و کیفیة مواقع الأمصار و تجاور الأقالیم و الأصقاع. وکان لایفارقني کتاب ابن خرداذبه و کتاب الجیهاني وتذکرة أبي الفرج قدامة بن جعفر … و لقیت أبا إسحاق الفارسي [الإصطخري] وقد صوّر هذه الصورة لأرض السند فخلطها، و صوّر فارس فجوّدها، وکنت قد صوّرت آذربیجان التي في هذه الصفحة فاستحسنها و الجزیرة فاستجادها. وقال قد نظرت في أثرک وأنا أسألک إصلاح کتابي هذا، ثم رأیت أن انفرد بهذا الکتاب و إصلاحه و تصویره أجمعه و إیضاحه من غیر أن ألمّ بتذکرة أبي الفرج، وإن کانت حقاً بأجمعها، وصدقاً من سائر جهاتها، وقدکان یجب أن أذکر منها طرفاً في هذا الکتاب لکن استقبحت الاستکثار بما تعب فیه سواي و نصب فیه غیري (2/329-330).
وحدود مملکة الإسلام کما وردت في صورة الأرض هي: طولها من حد فرغانة حتی خراسان والجبال و العراق و دیار العرب إلی سواحل الیمن فهو نحو [مسیر] خمسة أشهر وعرضها من بلد الروم حتی الشام و الجزیرة والعراق و فارس و کرمان إلی أرض المنصورة علی شط بحر فارس نحو أربعة أشهر. ولو صلح أن یجعل طول بلاد الإسلام من فرغانة إلی أرض المغرب والأندلس لکان مسیرة ثلاثمائة مرحلة (1/16-17).
وقد حصر مؤلف صورة الأرض همّه علی وجه التقریب شأنه شأن بقیة جغرافیي المدرسة الکلاسیکیة في وصف دار الإسلام و خاصة إیران، ولکنه کان یتجاوز في حالات معینة نطاق العالم الإسلامي، فمثلاً لاتخلو روایته عن هزیمة الروس للبلغار و الخزر عام 358هـ/969م من أهمیة و هو یقطن جرجان آنذاک (وهذا الحادث یتفق مع حملة اسفیاتوسلاف أمیر کییف علی الخزر عام 965م). وإذا ترکنا جانباً نقاط التشابه العدیدة فإنه یجب الاعتراف بأن ابن حوقل هو الخبیر الأول بین جغرافیي هذه المدرسة الکلاسیکیة في شؤون المغرب، ویتضح هذا بصورة أقوی من خلال المخطوطة التي نشرها کرامرس مع المقارنة بطبعة دي خویه (کراتشوفسکي، 1/203-204). وفي صورة الأرض وصف مفصل لمنطقة البُجة و تاریخهم ولإرتریا مع ذکر أسماء مالایقل عن مائتین من قبائل البربر و یصف الواحات ثم یورد وصفاً مفصلاً للغایة لموقع صقلیة. وروایته عنها تمثل أهمیة خاصة کما أثبت ذلک آماري أکبر خبیر بهذه البلاد والذي قدم لنا تحلیلاً دقیقاً لهذه المادة (کراتشکوفسکي، ن.ص).
آثاره: لابن حوقل کتابان معروفان: أحدهما عن صقلیة و هو مفقود والآخر کتاب المسالک والممالک أو صورة الأرض (و هذا الاسم لارتباط الکتاب بالحلقة الأساسیة لسلسلة الکتب الجغرافیة التي یطلق علیها اسم صورة الأرض). وقد ذکر اسم الکتاب في داخله بهذا الشکل، هذا کتاب المسالک و الممالک و المفاوز و المهالک … (1/1، الهامش 1)، کما ورد کذلک في أکثر المصادر (ظ: ابن خلکان، 4/173، 268، 6/421، 7/115، 138). ولصورة الأرض مسودتان: الأولی قدمها ابن حوقل لسیف الدولة الحمداني (نـ 356هـ)، والثانیة تعود إلی حوالي 367هـ و ینصب الاهتمام فیها علی الفاطمیین (GAL, S, I/408) وهذه النسخة أقدم النسخ، و هي من مخطوطات استانبول التي نسخت في 479هـ/1086م أي بعد حوالي 110 سنوات من تألیف الکتاب. وقد صحح المسودة الثانیة وطبعها کرامرس و هي أفضل من طبعة دي خویه (کراتشکوفسکي، 1/201) و کما سبق آنفاً أن تحریر الکتاب بشکل کامل لابد أنه قد تّم حوالي 378هـ.
ویبدو لنا من المصادر و مما أورده ابن حوقل أنه اعتمد علی کتاب المسالک و الممالک للإصطخري مع تغییرات و إضافات و لاسیما في الأقسام الخاصة بالعراق و أرمینیا و ماوراء النهرف وقد ترسم خطی السابقین له في تنظیم کتابه و ألف کتاباً دقیقاً و مفصلاً مع توضیح بعض النقاط الجوهریة (ظ: کراتشکوفسکي، 1/201-202). ومما یجدر ذکره أنه کنظیره الإصطخري اعتمد في تألیف کتابه علی الرحلة اعتماداً کبیراً، فجاء کتابهما علی درجة کبیرة من الدقة في وصف البلاد و المدن والمسافات بینها، واختفی من هذا النمط المقدمات الفلکیة و کاد یختفي فیها أیضاً الکلام في العجائب والغرائب (غنیم، 45)، ولکن خرائط الکتاب التي رسمها ابن حوقل وأضافها إلی کتابه یجب ألا تعتبر وصفاً دقیقاً للبلاد والبحار الموصوفة (فرنت، 1/29). ثم إن ابن حوقل مدین في کتابه للاصطخري بأکثر مما یعترف به، فقد أخذ عنه «مخطَّطه» فضلاً عن فصول برمتها تتعلق بجزیرة العرب و الخلیج الفارسي و خوزستان و فارس و کرمان و حوض السند و الدیلم و بحر الخزر و خراسان و سیستان. و مع ذلک فقد أضاف إلیها توضیحات هامة، ولکنها مقتضبة کما أخذ منه معظم الأبحاث المتعلقة بمصر و بلاد الشام و العراق و بلاد مابین النهرین (حمیدة، 211)، وبذلک تتضح أصالة عمل ابن حوقل في فصول المغرب و إسبانیا و صقلیة فقط (ویتف المقدمة، 11-10) وعلی کل حال فإن الاقتباس من الإصطخري لایقلل قط من أهمیة صورة الأرض، کما أن المسالک والممالک للإصطخري مأخوذ أیضاً من صور الأقالیم لأبي زید سهل البلخي (تـ 322هـ) (شعار، «یا – یب»). و قد اقتبس مؤلف صورة الأرض من مؤلفات جغرافیین آخرین منها رحلة ابن فضلان. فالعبارات التي أوردها ابن حوقل و یاقوت في الحدیث عن «الخزر» متشابهة و نحن نعلم أن یاقوت أخذ عن ابن فضلان و لذلک یمکن القول إن ما أورده ابن حوقل عن ذلک نقل بحذافیره عن ابن فضلان أیضاً (القزویني، محمد، 6/119).
ورغم أن موضوع کتاب صورة الأرض في مجال الجغرافیة (مع خرائط للبلاد الإسلامیة و غیرها)، غیر أن مؤلفه کغیره من الجغرافیین في القرن الثالث و الرابع الهجریین لم یغفل عن بیان أحوال الأعیان والملوک وأمراء المدن والأثریاء والفضلاء و أصحاب المذاهب و منهم حسین بن منصور الحلاج (2/294) و بیان الحوادث التاریخیة والاجتماعیة المهمة وطبیعة حیاة الناس والإشارة إلی اللغات واللهجات السائدة بین مختلف الأقوام. فمن الحوادث التاریخیة والاجتماعیة یمکن الإشاره إلی ماورد عن الصفاریین (2/419) و ماوراء النهر (2/465-468) والسامانیین (2/468-469)، کما ذکر بوضوح سبب تسمیة الخلیج الفارسي یقوله: «بحر فارس خلیج من البحر المحیط في حد الصین و بلد الواق و هو بحر یجري علی حدود بلدان السند و کرمان إلی فارس، فینسب من بین سائر الممالک التي علیه إلی فارس لأنه لیس علیه مملکة أعمر منها ولأن ملوک فارس کانوا علی قدیم الأیام أقوی سلطاناً وهم المستولون إلی یومنا هذا علی بعد و قرب من شطوط هذا البحر» (2/276-277).
والمسائل الاقتصادیة التي وردت في کتاب ابن حوقل مبتکرة وحدیثة جداً، فکان لایبدي اهتماماً بما غلا وندَرَ من البضائع کاهتمامه بالمحاصیل الزراعیة و الصناعیة الأساسیة. و یدرس کلما سنحت الفرصة الضح الاقتصادي الخاص بزمن معین أو معیار محدد. ویعتبر الجغرافي الوحید في عصره الذي رسم صورة واضحة للمحاصیل في زمنه (EI2). ویحظی کتاب ابن حوقل بأهمیة في اللغة الفارسیة لورود کلمات و أسماء فارسیة فیه مثل ابریسم و بانیذ و بخس آب و بندار و فارقین (پارگین) و خماهن و جروم (گرمسیرات: المناطق الحارة) وصرود (سردسیرات: المنالطق الباردة) تبلغ حوالي 55 کلمة، وعبارة «خداشاه که مدرسه ساخته‌اند» [خداشاه الذي أنشأ مدرسة] أیضاً، وقد ورد فهرس هذه الکلمات بالتفصیل في الترجمة الفارسیة للکتاب (شعار، 367-369).
وبناء علی ماذکرنا فإن صورة الأرض أحد المصادر الأساسیة والمهمة في علم الجغرافیة، وإلی حدّما في الجغرافیا التاریخیة، و قد نظر إلیه أغلب المؤرخین والجغرافیین و الباحثین باعتباره مصدراً مهماً واقتبسوا منه في بحوثهم واستندوا إلی موضوعاته، ومنهم یاقوت في معجم البلدان (1/320، 376، 542، 2/409، 4/59) وخاصة في حدیث عن صقلیة والبربر والأندلس وأغمات (في المغرب قرب مراکش)، ونقل أقوال ابن حوقل في مادة البصرة والأقلام وأوذغست (أودغشت) وباشو، والتي وردت أکثر تفصیلاً مما جاء في مخطوطات صورة‌الأرض، و نقلت هذه المعلومات مع ترجمتها الفرنسیة في المجموعة الکمالیة (کمال یوسف، III/260-261). کما أورد اسمه زکریا القزویني (ص 158-164) أثناء حدیثه عن صقلیة وأوضاع البربر، ونقل عنه ابن شداد (3/69، 140، 154) حدیثاً وأضاف إلیه بعض النقاط. ویمکن اعتبار ابن حوقل، من نوادر الجغرافیین آنذاک فق قضی ثلثقرن في السفر فزار خلال ذلک دیار الإسلام من الهند إلی إسبانیة وتوجه إلی مناطق أخری فوصل إلی بلاد البلغار و نهر الفولغا، و قرأ کثیراً ورأی کثیراً فجاء کتابه صورة الأرض یجمع بین هذه التجارب کلها (زیادة، 32). ویری آدم متنز (2/14) أن الجغرافیین بعد ابن حوقل نسجوا علی منواله أکثر مما نسجوا علی منوال المقدسي، وکان کلّ من ابن حوقل والمقدسي باحثاً و ناقداً یتحری تمحیص ماینقل، فهما أکثر نقداً و تحریاً من الجغرافیین المتأخرین فمثلاً أورد الإدریس أخباراً عن کتاب العجائب للحسن بن المنذر لورآها المقدسي وابن حوقل لرفضاها.
وقد انتقد عدد من الجغرافیین و المؤلفین ابن حوقل أیضاً منهم ابن سعید المغربي المؤخ والجغرافي الأندلس الشهیر (تـ 685هـ/1286م) وهاجموه في موضوع أخلاق عرب الأندلس (المقري، 1/211-212؛ GAL, S, I/408) و ربما کان هذا الذي دعاه إلی إتمام صورة الأرض أي کتابة الأبواب الثلاثة عن الأندلس و صقلیة و إسبانیا الغربیة (کراتشکوفسکي، 1/205). کما انتقد بارتولد ابن حوقل أثناء نقله معلومات عن هجوم الروس (ص 201-202). وانتقدرینو أیضاً حدیثه عن أخلاق العرب بالأندلس وأورد منها أمثلة في کتابه.
وقد عدد البستاني و سرکیس هذه الانتقادات بأن ابن حوقل اقتصر علی ذکر البلاد الإسلامیة ولم یتعرض لغیرها إلا قلیلاً، وأنه اعتمد فیما ذکره علی ماعاین و مما حکي له غیر متثبت ولافاحص و أن مؤلف صورة الأرض غیر معتمد في معرفة فن الجغرافیة. و کان یکتب وصف مالم یشاهده علی السمع و مایشاهده علی سبیل الفرض [التجارة أو المیول السیاسیة؟] والنظرظ المجردة من دون اعتبار تحقیق المواقع والوصف الجغرافي الصحیح و إنه لم یضبط الأسماء، والکتاب مشحون بالأخطاء الفاحشة. ولاشک في أن هذا الکتاب مفید و مفصل فیما یتعلق ببلاد المسلمین و فیما عداها ولاسیما فیما یتعلق بالإفرنج فقد عاد علیهم بالذم فقال: وأما بلاد النصاری والحبشة فلا أتکلم علیها إلا یسیراً لما أن تولّعي بالحکمة و العدل والدین و انتظام الأحکام یأبی أن أثني علیهم بشيء (البستاني، 1/451؛ سرکیس، 90).
وفي هذه الانتقادات مبالغة علی الأکثر، ولاشک في أن کتاب صورة الأرض لایخلو من النقائص والأخطاء، ولکن لیس إلی الحد الذي ذکره النقاد و قد أثنی علی هذا الکتاب کثیر من العلماء و الباحثین کما سبق ذکره. وتحدثوا عن قیمته العلمیة و أنه مصدر مهم و قیم، ولیس في هذا الکلام أدنی شک.
وقد أضاف ابن سعید صورة الأرض تکملة في 3 أقسام: 1. عن الأندلس 4 دفاتر؛ 2. عن صقلیة 3 دفاتر؛ 3. عن إسبانیا الغربیة 7 دفاتر. کما لخص إسباني آخر صورة الأرض في 545هـ و أکمله معتمداً علی مالدیه من أخبار و معلومات، و استفاد في هذا العمل من کتاب صورة الأرض للخوارزمي (GAL, S, I/408).
طبع کتاب صورة الأرض لأول مرة باسم المسالک والممالک والمفاوز والمهالک في سلسلة الکتب الجغرافیة العربیة (رقم 2) بعنایة دي دخویه بلیدن (1873م)، ثم طبعه کرامرس في مجلدین عام 1938م. کما طبع ثانیة في بیروت (دار مکتبة الحیاة) بالاعتماد علی طبعة کرامرس في مجلدین و ترجم هذا الکتاب إلی لغات مختلفة منها الانجلیزیة والفرنسیة والفارسیة.

المصادر

ابن حوقل، محمد، صورة الأرض، تقـ: کرامرس، لیدن، 1938-1939م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن شداد، محمد، الأعلاق الخطیرة، تقـ: یحیی عبّادة، دمشق، 1978م؛ بارتولد، و.و.، خاورشناسي در روسیه و اروپا، تجـ: حمزه سردادور، طهران، ابن سینا؛ البستاني، بطرس، دائرة المعارف، بیروت، دار المعرفة؛ حاجي خلیفة، کشف؛ حمیدة، عبدالرحمن أعلام الجغرافیین العرب، بیروت، 1984م؛ رینو، جوزیف، الفتوحات الإسلامیة في فرنسا و إیطالیا و سویسرا، تجـ: ر.، إسماعیل العربي، الجزائر، 1984م؛ زیادة، نقولا، الجغرافیة والرحلات عندالعرب، بیروت، 1962م؛ سرکیس، یوسف الیان، معجم المطبوعات العربیة والمعربة، القاهرة، 1928م؛ شعار، جعفر، مقدمة بر ترجمة صورة الأرض، تهران، 1345ش؛ غنیم، عبدالله یوسف، مصادر البکري و منهجه الجغرافي، الکویت، 1393هـ/1974م؛ فرنث، خوان، «ابن حوقل»، زندگینامۀ علمي دانشمندان إسلامي، تجـ: أحمد آرام و آخرون، طهران، 1365ش؛ القزویني، زکریا، آثار البلاد و أخبار العباد، بیروت، 1960م؛ القزویني، محمد، یادداشتها، تقـ: إیرج أفشار، طهران، 1363ش؛ کراتشکوفسکي، إ.یو.، تاریخ الأدب الجغرافي العربي، تجـ: صلاح‌الدین عثمان هاشم، القاهرة، 1957م، متز، آدم، الحضارة الإسلامیة، تجـ: عبدالهادي أبو ریدة، تقـ: رفعت البدراوي، بیروت، دار الکتاب العربي؛ مدرس، محمدعلي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ المقّري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1968م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

EI2; GAL, S; Kamal Youssouf, Monumenta cartographica Africae et Aegypti, ed Fuat Sezgin, Frankfurt, 1887; Wiet, G., «L’importance d’Ibn Ḥauqal dans la littérature arabec», Configuration de la terre (Kitab Surat al-Ard) par Ibn Ḥauqal, ed. J. H. Kramers et G. Wiet, Beirut/ Paris, 1964.
جعفر شعار

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: