ابن الحواس

اِبنُ الحَوّاس، علي بن نعمة (مقـ بعید 454هـ/1062م)، من أمراء صقلیة المسلمین، وکان یحکم جزءاً من هذه الجزیرة في العقدین الرابع والخامس من القرن 5 هـ/ 11م. وقد ضبط «الحوّاس» في بعض المصادر الموثوقة بأشکال أخری (أبو الفداء، 4/113: الحواش؛ النوبري، 24/380: الجواش؛ ابن خلدون، 4/450: الجراس)، إلا أن ابن الأثیر (10/196)، وکذلک المصادر المعاصرة ذکرته «ابن الحوّاس» و هو الصواب.
وقد حدث إبّان انهیار حکومة الکلبیین الذي تمّ یعزل حسن الصمصام آخر حکام هذه الأسرة في حوالي 444هـ/1052م (ابن الأثیر، ن.ص)، أن انفرد کل من صغار القادة ببلد من أملاک هذه الأسرة کابن الحواس و عبدالله بن منکوت (منکود) وابن الثمنة وابن المکلاتي. واستولی ابن الحواس الذي کان أقوی هؤلاء القادة، علی مناطق قصریانة (إنّا الحالیة) وکاسترونوفو و جرجنت (ابن الأثیر، 10/195-196؛ أبوالفداء، النویري، ن.ص).
کانت فترة حکم ابن الحواس من أکثر الفترات اضطراباً في تاریخ صقلیة الإسلامي. وکان کل من الأمراء المذکورین والذین کانوا یطمعون بالانفراد بالسلطة والهیمنة، یغیرون علی إمارات بعضهم الآخر. ومنهم ابن الثمنة الذي کان یحکم سرقوسة فقد أغار علی قطانیة وقتل حاکمها ابن المکلاني الذي کان زوج میمونة، أخت ابن الحواس (النویري، ن.ص)، واستولی علی إمارته و تزوج أرملته (میمونة) بعد فترة أیضاً (ابن الأثیر، 10/106). وقد اختار ابن الثمنة الذي کان یعتبر نفسه مالک الرقاب في الجزیرة، لقب القادر  بالله (ابن اخلدون، 4/449؛ المدني، 156)، وأمر بقراءة الخطبة باسمه في بلرم (عزیز أحمد، 258). وبعد فترة وإثر الخلاف العائلي الذي کان قد دت بین ابن الثمنة وزوجه، نشبت الحرب بین زوج الأخت و أخي الزوجة. فقد أغار ابن الثمنة الذي کان قد استولی علی معظم الجزیرة، علی قصریانة و حاصر ابن الحواس، إلا أنه لم یحقق شیئاً وهزم وفقد الکثیر من عساکره (ابن الأثیر، النویري، ن.ص). فتوجّه بعد ذلک إلی جزیرة مالطة واستنجد بالنورمان و حرض ملکهم رجار علی القضاء علی ابن الحواس والاستیلاء علی صقلیة (ابن الأثیر، أبوالفداء، ن.ص؛ عباس، 49).
واستولی رجار في 444 هـ علی مواضع کثیرة من الجزیرة دونما أیة مقاومظ جدیة، باستثناء قصریانة و جرجنت اللتین کانتا تحت إمرة ابن الحواس، ثم حاصر لکتا المدینتین، و طال الحصار علیهما، حتی أکل أهلهما المیتة، ثم أذعنوا. و ملک رجار جمیع الجزیرة (أبو الفداء، ن.ص). وفي هذه الأثناء لجأت جموع غفیرة من أهالي الجزیرة، الذین یعانون معاناة شدیدة، إلی إفریقیة (تونس) وأطلعا المعزّبن بادیس علی أوضاع الجزیرة، فجهّز أسطولاً کبیراً وشحنه بالرجال والعدد، إلا أن البحر هاج علیهم فغرق أکثرهم لم ینج إلا القلیل (ابن الأثیر، 10/197). وبعد أن توفي المعزّ في 453هـ، واصل ابنه تمیم عملیات أبیه وستر قوات بقیادة ابنیه أیوب و علي إلی صقلیة. فنزل أیوب بلرم وثبّت علي أقدامه أیضاً في جرجنت بمساعدة ابن الحواس (ابن الأثیر، ن.ص؛ عزیز أحمد، 85). ثم انتقل أیوب إلی جرجنت بعد مدة فأمر ابن الحواس أن ینزل في قصره وأرسل إلیه هدایا کثیرة، إلا أن شعبیة أیوب في جرجنت أثارت حفظة ابن الحواس، فطلب من الأهالي إخراجه و عدم مناصرته، فامتنعوا. ولذا نشبت الحرب بین رجاله و بین عساکر أیوب وقتل ابن الحواس في هذه المعرکة (ابن الأثیر، عزیز أحمد، ن.ص).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن خلدون، العبر؛ أبوالفداء، المختصر في أخبار البشر، بیروت، 1375هـ/1956م؛ عباس، إحسان، العرب في ثقلیه، بیروت، 1975 م؛ عزیز أحمد، تاریخ سیسیل در دورۀ إسلامي، تجـ: نقي لطفي ومحمد جعفر إیطالیا، الجزائر، 1365هـ/1946م؛ النویري، أحمد، نهایة الأرب، تقـ: حسین نصار، القاهرة، 1403هـ/ 1983م.

علي‌أکبر دیانت