الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن حازم /

فهرس الموضوعات

ابن حازم


تاریخ آخر التحدیث : 1443/8/4 ۱۲:۳۲:۴۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ حازِم، أبوجعفر محمدالباهلي (تـ في النصف الأول من القرن 3 هـ/ 9 م)، من الشعراءالمحدثین في العصر العباسي. ولد ونشأ في البصرة ورحل إلی بغداد في فترة لانعلمها وأقام فیها (ابن الجراح، 117؛ أبوالفرج، 14/92؛ الخطیب، 11/295). وعلی الرغم من عدم توفر معلومات دقیقة عن حیاته، ولکن یمکن الحصول علی صورة تقریبیة واضحة عن شخصیته و طریقة حیاته من مجموعة الروایات المتعددة نسبیاً التي یوجد أکثرها في الأغاني، ولاسیما أن سریقة حیاته لاتختلف کثیراً عما جاء في تراجم بقیة شعراء الهجاء في ذلک العصر و کان ینشد المدیح کالآخرین بأمل الالتحاق ببلاط الخلفاءوالأمراء، ویهجو من یمتنع عن عطاء الصلة هجاء لاذعاً. وکان یسعی إلی التمتع بالحیاة بما یجمعه من مال عن ذلک الطریق. و مع‌ذلک تظهر في أخلاقه میزة خاصة سندرسها.
ولم ینل حظَاً من تلک المادة الکلامیة و النکات الظریفة لیکون في سلک شعراء البلاط الرسمیین، وقد وجد طریقه إلی مجلس المأمون مرة واحدة فقط، حیث نقل بنفسه: دخلت علی المأمون فلما مثلث بین یدیه قال: کیف بصرک بأیام الناس وأخبار العرب؟ ویتضح من هذه المقولة أن الخیلفة لم یکن یعرفه، و کانت هذه هي المرة الوحیدة التي دخل فیها إلی مجلس المأمون، ولکن یمکن الشک أیضاً في هذا اللقاء، لأن الشابشتي (تـ 388هـ/998م) قد نقل هذه الروایة أولاً و هو متأخر نسبیاً (ص 282؛ قا: أبوحیان، 2/714)، ولم یکن ابن الجراح الذي سبقه بمائة عام مطلعاً علی هذه الروایة ولم ینقلها أبوالفرج و هو المصدر الرئیس لترجمة أحواله، ولکن لاشک أنه کان یتردد علی عدد من شخصیات عصره: الأول الحسن بن سهل وزیر المأمون الشهیر، و یبدو أنه حینما ذهب إلی معسکره و حضر مجلسه کان له أکثر من 50 عاماً من العمر بناءً علی الشعر الذي أنشده بتلک المناسبة (حول هذه الأشعار و تلک الروایة، ظ: أبوالفرج، 14/102؛ الشابشتي، 276-277؛ ابن معصوم، 2/11-13).والشخصیة الأخری التي کانت تعرفه و ترعاه هو عبدالله بن طاهر، حیث یقول ابن المعتز (ص 308) إن عبدالله أرسل جاریة لابن حازم فلم یرغب فیها فأرسل إلیه جاریة أخری. ویجب أن تکون هذه الحادثة قد وقعت قبل سنة 213هـ/828م التي قصد عبدالله فیها خراسان. کما کانت له علاقات مع قاضي قضاة بغداد یحیی بن أکتم (تـ 242هـ/856م)، لأننا نشاهد أن یحیی ینتقد قصر أشعاره، و یجیبه الشاعر بقطعة في مدح نهجه و فنه في شعره، حیث یمکن أن تعد من أشهر أشعاره (أبو الفرج، 14/98؛ المرزباني، 372؛ أبوهلال، 174).
والأمیر الآخر الذي ذُکر في شعره أکثر من غیره هو محمد بن حُمید الطاهري (ابن المعتز، 309؛ ابن الجراح، 117؛ أبوالفرج، 14/97؛ قا: الشابشتي، 280؛ أبوحیان، 4/163؛ ابن خلکان، 3/79)، حیث کان ابن حازم یهجوه دائماً، و کما قالوا عن آثار ابن حازم إن شعره إما کان حول الفقر والخضوع والفاقة أو في هجاء محمد بن حُمید (ابن الجراح، ن.ص)؛ حتی إن ابن المعتز (ن.ص) یقول – مع قلیل من التعاطف – إن محمداً کان یتلافی الأمر معه بکل حیلة لاینجع فیه، ومحمد هذا هو الذي کان یرتبط ببیت الطاهریین (عاشور، 194، هامش 13، اشتبه به مع محمد بن حمید الطوسي)، و نشاهده مرة مع عبد الله بن طاهر عند مقتل الأمین (198هـ/814م) (ابن الأثیر، 6/286)، ولکن یبدو أنه لم یکن ذا مکانة و نفوذ في بغداد، ولم یفلح في أیة مهمة کُلّف بها: فقد أرسله مرة الحسن بن سهل وأمره بجبایة مال، وبحرب قوم من الخوارج، فخان في المال و هرب من الحرب أیضاً (أبوالفرج، 14/97). کما استنابه عبدالله ابن طاهر في نیسابور حینما ولي خراسان، ولکنه خلعه بعد مدة لسوء معاملته الناس (ابن الأثیر، 7/14) و علی هذا فإن هجاء مثل هذا الرجل لایوجب خطراً للشاعر، فقد امتنع حتی عن قبول الهدایا الثمینة التي قدمها محمد و من مصالحته و مصادقته، والأشخاص الآخرون الذین وردوا في شعره لیسوا مشهورین بتلک الدرجة: حیث یعاتب الشاعر أحد أبناء سعید بن سالم (ربّما محمد بن سعید) عندما قصده واسترفده فلم یعطه شیئاً (أبو الفرج، 14/107)؛ ویسأل النوشجاني مالاً فیعاتبه لمماطلته (م.ن، 14/106)؛ ویهجو الشاعر أحمد بن سعید لأنه مرّ من أمامه ولم یسلّم علیه (م.ن، 14/94؛ قا: ابن معصوم، 2/8)؛ و یعاتب صدیقاً له تسنم منصباً ویسخر منه (أبوالفرج، 14/105)؛ ویهجو جماعة من قبیلة بني نمیرالذین سلّوا منه بعیراً (م.ن، 14/108)؛ وکانت له صداقة مع إسحق بن أحمد، وقد نظم شعراً یعتذر منه و یعاتبه (م.ن، 14/102)؛ وکان سعد بن مسعود القُطرُبُلّي من أصدقائه أیضاً، وهناک بیتان من المطایبة (ابن الجراح، 119) وشعر في العتاب (أبوالفرج، 14/100) تحکي عن هذه الصداقة.
ونظراً إلی الروایات التي نقلت حوله فلابد من القول إنه لم یطأ ساحة التهتک بالدرجة التي وطأها الشعراء الماجنون في العصر العباسي. أما في مجال الهجاء فیبدو أنه سلط شعره اللاذع علی عامة الناس هاجیاً حقارتهم ودناءتهم، وسعی أن یختص بهذا الغرض ویشتهر به، ویتضح هذا الموضوع جیداً من خلال لقائه الحسن بن سهل و مما تبادل بینهما من حدیث (م.ن، 14/103). وبالرغم من أن قوله: «لم یبق علی شيء من اللذات إلا بیع السنانیر إلی العجائز» (م.ن، 14/101؛ الشابشتي، 278-279؛ ابن معصوم، 2/10) یشبه مزاح الشعراء المحدثین الماجنین، إلا أنه خال من التهتک.
وعلی کل حال فقد امتنع أخیراً عن شرب الخمر والمجون في سن الخمسین، حیث کان یوماً عند إبراهیم المهدي (تـ 224هـ/839م) عم المأمون الذي کان جالساً علی مائدة الشراب وامتنع عن مشارکته الشرب و بین في قصیدة أنشدها أن سبب ذلک هو الشیب والفطنة (أبو الفرج، 14/105، قا: 14/111، حیث ذکر الأمین بدلاً من إبراهیم؛ الشابشتي، 278).
وقد أعرض عن دار الخلافة أخیراً – ربما لضیق الید – ورحل إلی الأهواز، وقد أشیر إلی وجوده في الأهواز في روایتین: کان بالأهواز رجل یعرف بأبي ذؤیب من التتار، و کان مقصد الشعراء وأهل الأدب وکریماً للغایة، فقصده ابن حازم، ودخل علیه، وعلیه ثیاب بذة، ولم یعرّفه نفسه، إلی أن رد علیه یوماً جواباً کالمستصغر له وازدراه، ولکن عندما علم اسمه، وثب إلیه حافیاً حتی لحقه واعتذر منه، حذر هجائه اللاذع؛ ویخلو الشعر الذي أنشده في أبي ذؤیب من المعاني الهجائیة اللاذعة (أبو الفرج، 14/99). أما الروایة الثانیة فتحدث عن حیاته أکثر، وهي: إن رجلاً باسم محمد بن حامد الخاقاني یعرف بـ «الخشن» (ویعود اشتهاره إلی حبّه لعُریب المغنیة ثم کان زوجاً لها، ظ: م.ن، 21/66)، ولي أحد کور الأهواز من قبل المأمون، فأسرع إلیه ابن حازم و مدحه، فوصله و أحسن إلیه، وإضافة إلی ذلک کتب له إلی تستر بحنطة و شعیر، فمضی بکتابه وأخذ ماکتب له به، وتزوج امرأة من الدهاقین، فزرع الحنطة والشعیر في ضیعتها، وولّی محمد بن حامد رجلاً من أهل الکوفة الخراج بتستر، فوکّل بغلَّة ابن حازم، وطالبه بالخراج فأدّاه، فهجاه بشعر، فبعث محمد بن حامد إلی عامله فصرفه عن الناحیة، واحتمل خراج الشاعر (م.ن، 14/109-110).
واستعصی فهم شخصیة ابن حازم علی أکثر المؤلفین القدامیف وقد اتفق جمیعهم علی أن الشاعر کان مکدّیا عدیم الهمة و یقنع بالقلیل (مثلاً ظ: أبوالفرج، 14/111)؛ وأن لهجة ابن المعتز في هذا الباب ألذع من الاخرین. حیث یقول: کان من ألحف الناس إذا سأل و أحرص من الکلب، وکان یرکب النیل (المیل) في درهم واحد فضلاً عن غیره ومع ذلک یصف نفسه بالقناعة في شعره دائماً (ص 308-309؛ قا: ابن الجراح، 117). وإزاء ذلک نقلوا حکایة في حقه، لفتت أنظار جمیع الکتّاب و تدل علی کبر همته و شرف نفسه بوضوح: کان محمد بن حمید مرمی أهاجیه کما أشرنا سابقاً، وکان یتألم من لسانه اللاذع فأرسل إلیه مالاً کثیراً لیمتنع عن هجائه، ولکن الشاعر أرجع الأموال إلیه و أجابه في قطعة شعریة «لاأقبل المعروف من رجل ألبسته عاراً علی الدهر» (ابن المعتز، 209؛ أبو الفرج، 14/95، 96، مع اختلاف في الأسماء؛ ابن خلکان، 3/79، وقد حرّفت قصة محمد و اسمه کثیراً). وقد جعل إباؤه هذا ابن المعتز وأباحیان (4/163-164) مضطربین لایعلمان عن أي خلّتیه الأخلاقیتین یتحدثان، کما أن شعراً آخر یقول خلاله إنه أعاد هدیة صدیق، یؤید إباؤه هذا (أبوالفرج، 14/100-101).
وإن کانوا قد شکّوا في إبائه، فقد اتفقوا علی علو شعره وجودته وأشاروا إلی أشعاره المختارة الشیّقة. قال ابن الأعرابي: «ماسمعت في الشیب أحسن من بیتَي محمد بن حازم» (ابن الجراح، 118؛ بوالفرج، 14/94، وقد تکون روایته أدق، حیث یفضله في هذا المجال علی الشعراء المحدثین فقط)، کما یؤید ذلک ابن المعتز (ن.ص) أیضاً ویقول: هوأجود الشعراء لفظاً وألطفهم معنیً. حتی أن کبیراً مثل الأصمعي یقول مع قلیل من الإعجاب: قال هذا الباهلي في وصف الشیب شیئاً حسناً (أبو الفرج، 14/11). وقد هدأ بعد عدة سنین شعره المتکل الذي کان غاضباً من جاریة وطلب شعراً في هذا الباب (م.ن، 14/108). ولم یأب الشابشتي الثناء علی شعره.
إن دیوان ابن حازم الذي یشتمل علی 70 ورقة حسب قول ابن الندیم (ص 188) مفقود الیوم، ویبلغ ما استخر جناه من المصادر القدیمة 295بیتاً، ولکن عاشور یشیر إلی 480 بیتاً في الدیوان الذي جمعه من آثاره، حیث أنه یری أن کل ما نسبه المؤلفون إلی ابن أبي حازم أو الباهلي دون تریّث هو لابن حازم، کما أضاف إلی دیوانه الأبیات التي تنسبه مصادرنا إلی عدد من الشعراء و منهم ابن حازم؛ ولکن یمکن الشک بسهولة في نسبة کثیر من المقطوعات (ولاسیما القطعة: ص 211) إلی ابن حازم.

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الجرّاح، محمد،الورقة، تقـ: عبدالوهاب عزّام و عبد الستار أحمد فرّاج، القاهرة، 1953م؛ ابن خلکان، فیات؛ ابن المعتز، عبدالله، طبقات الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ ابن عصوم المدني، علي، أنوار الربیع، تقـ: شاکر هادی، 1388هـ/1968م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبوحیان التوحیدي، علي، البصائر و الذخائر، تقـ: إبراهیم الکیلاني، دمشق، 1964م؛ أبوالفرج الأصفهاني، علي، الأغاني، القاهرة، 1924-1972م؛ أبو هلال العکسري، الحسن بن عبدالله، کتاب الصناعتین، تقـ: علي محمد البجاوي و محمد أبو الفضل إبراهیم، بیروت، 1406هـ/1986م؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ/1930م؛ الشابشتي، علي، الدیارات، تقـ: کورکیس عواد، بغداد، 1386هـ/ 1966م؛ العاشور، شاکر، «دیوان محمد بن حازم الباهلي»، المورد، بغداد، 1379هـ/ 1959م، س 6، عد 2؛ المرزباني، محمد، معجم الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فرّاج، 1379هـ/ 1960م.

آذرتاش آذرنوش
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: