ابن حبش

اِبنُ حَبَش، أبو علي الحسین بن محمد الدینوري (قبل 300- 373هـ/913-983م)، مقری في الدینور. لانعلم عن تفاصیل حیاته شیئاً، والذي نستطیع قوله هو أنه لابد و أن یکون قد ولد قبل 300هـ لاستماعه من أبي یعلی الموصلي (307هـ) و عباس الرازي (تـ 310هـ)، وکان في بدایة حیاته ببغداد. و ابن حبش من أهل الدینور کما یبدو من لقبه، اشتغل بالإقراء مدة من حیاته هناک (ظ: الذهبي، معرفة، 1/261). و نعلم أنه سافر مرة إلی حرّان لتعلّم القراءة أیضاً (ابن الجزري، غایة، 1/10). و من أهم مشایخه في القراءة یمکن ذکر العباس بن الفضل بن شاذان الرازي وأبي بکر ابن مجاهد (ن.م، 1/250، النشر، 1/127)، ولکنه کان أقرب من غیره إلی أبي عمران موسی بن جریر الرقي، حیث ذکر أحیاناً باسم «صاحب موسی بن جریر» (الذهبي، العبر، 2/141؛ ابن شاکر، 10/80؛ ولمعرفة مشایخ ابن حبش الآخرین في القراءة، ظ: ابن الجزري، غایة، ن.ص). و من رواته في القراءة أیضاً یمکن ذکر أبي بکر محمد بن مظفر الدینوري وأبي الحسین علی بن محمد الخبازي، و أبي الفضل محمد بن جعفر الخزاعي و أبي العلاء محمد بن علي الواسطي (ظ: م.ن، النشر، 1/131-132؛ وفي بقیة رواته، ظ: م.ن، غایة، ن.ص). وقد وثّقه أبو عمرو الداني (الذهبي، معرفة، 1/260).
کان ابن حبش ملماً بقراءة مختلف القرّاء (علی سبیل المثال ظ: ابن الجزري، النشر، 2/410)، لکن شهرته کانت في روایة قراءة أبي عمروه، فقد تعلّم روایة الدوري عن أبي عمرو عن طریق ابن مجاهد عن أبي الزعراء بواسطتین و روایة السوسي عن طریق ابن جریر بواسطة واحدة. وقد اهتموا بقراءته بروایة السوسي أکثر من قراءته علی روایة الدوري في نصوص القراءة المتعلقة بالقرنین 5 و 6هـ 11 و 12م و یمکن أن یکمن السبب في ذلک لقصر سنده إلی السوسي، و لعلّ قرب ابن حبش الخاص من ابن جریر و کذلک ابن جریر من السوسي (م.ن، غایة، 2/317)، یکون سبباً لولع ابن حبش بروایة السوسي أکثر من روایة الدوري، بحیث إن من الرواة الأربعة المهمین الذین أخذوا عنه روایة السوسي، نجد الخبازي وأبي العلاء فقط قد أخذا روایة الدوري عنه أیضاً (ظ: م.ن، النشر، 1/122-127). وله دور یذکر – سوی قراءة أبي عمرو – في روایة قراءة الکسائي. وقد تعلّم روایة ابن أبي سریج عن الکسائي، والتي تعدّ من الروایات المنسوخة للکسائي، عن طریق العباس بن الفضل، أي بواسطة واحدة عن ابن أبي سریج (م.ن، غایة، 1/250). و کما ذکرنا فقد کان ابن حبش ملماً بقراءة سائر القرّاء أیضاً، ویمکن أن یکون لأستاذه ابن مجاهد دور مهم في تعلیم القراءات السبع.
وکان أهالي الدینور، کما ذکر المقدسي (ص 395) قد اختاروا قراءة أبي عبید و أبي حاتم، وفي الإدغام کانوا یعملون بمذهب أبي عمرو و ابن کثیر و بناء علی ذلک و بالنظر إلی تعالیم ابن مجاهد أستاذ ابن حبش في ترویج القراءات السبع و ترک القراءات الشاذّة (التي منها قراءة أبي عبید وأبي حاتم) وقبول هذه التعالیم في العراق، وکذلک بالنظر لمیل ابن حبش الشخصي إلی قراءة أبة عمرو، نجد له بطبیعة الحال مشاحنات بعد عودته إلی الدینور في مجالس تلک الدیار، ویمکن أن یکون هو الذي أقنع قرّاء الدینور للإذعان لمذهب أبي عمرو في الإدغام علی الأقل ودرّب بعض التلامذة من أمثال محمد بن مظفر لیشیعوا قراءة أبي عمرو في الدینور (ظ: ابن الجزري، غایة، 2/264، قا: النشر، 1/131).
ولابن حبش تفرّد في الروایة عن السوسي، حیث یشیر إلیه ابن الجزري في النشر. و من الطبیعي أن یشاهد اسم ابن حبش کثیراً في الاختلافات المتعلقة بمسائل التجوید نظیر الإدعام (ظ: م.ن، غایة، 1/250، التحبیر، 26). و من الأمور المشهورة في قراءة ابن حبش قوله بالتکبیر في نهایة جمیع السور. والنقطة المهمة هو أنه ینسب سنة ذکر التکبیر إلی جمیع القرّاء (علی الأقل المشهورین) و ثانیاً لایراها تختص بما بعد سورة الضحی، وکان یلزم تلامیذه خلافاً للمقرئ المعاصر له الکارزیني بذکر التکبیر، في حین أن الکارزیني کان یری أنها مخالفة لسنة القراءة (م.ن، النشر، 2/410، غایة، ن.ص؛ قا: الذهبي، معرفة، 1/261). وقد اختلف تلامذة ابن حبش أحیاناً في النقل عنه بالاختلاف ولاسیما أبوالعلاء (علی سبیل المثال ظ: ابن الجزري، النشر، 1/283، 286، 291، 293،295).
کما کان لابن حبش باع في الحدیث أیضاً، وقد سمع الحدیث عن محدّثین کبار مثل أبي یعلی الموصلي صاحب مسند و یحیی بن محمد بن صاعد (ابن ماکولا، 2/354)، و جمع جزءاً في الحدیث حیث رواه عنه أبونصر الکسار (الذهبي، معرفة، 1/260).

المصادر

ابن الجزري، محمد، تحبیر التیسیر، بیروت، دار الکتب العلمیة؛ م.ن، غایة النهایة، تقـ: برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ م.ن، النشر في القراءات العشر، تقـ: علي محمد الضباع، مصر، مکتبة مصطفی محمد؛ ابن شاکر الکتبي، محمد العبر، تقـ: محمد السعید زغلول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ م.ن، معرفة القراء الکبار، تقـ: محمدسیدجاد الحق، القاهرة، 1387هـ/ 1967م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، تقـ: دي خویه، لیدن، 1906م.

قسم علوم القرآن والحدیث