ابن جماعة

اِبنُ جَماعَة، أسرة شافعیة المذهب کان أبناؤها یتقلّدون المناصب في القرون 7-9هـ/13-15م (فترة حکومة الممالیک) في مصر و الشام. وأصل هذه الأسرة من حماة سوریة و یرجعون نسبهم إلی قبیلة کنانة في الجزیرة العربیة (صلیبي، 98؛ العلمیي، 2/150-151). لاتتوفر معلومات عن حیاة جد هذه الأسرة الأکبر سعدالله، غیر أن أخاه أبا الفتح نصرالله کان من المتصوفة المتحمسین وشیخ طریقة وقد أخذمنه بعض أفراد أسرته الخرقة منهم ابن أخیه إبراهیم بن سعد الله (صلیبي، ن.ص). ولد إبراهیم في حماة في 596هـ/1200م  کان هو أیضاً من المتصوفة البارزین و شیخ طریقة، وقد تیتّم في طفولته. و سافر بعد مدة إلی دمشق لطلب العلم، و تعلّم الفقه فیها عند أبي منصور ابن عساکر و حصل أیضاً علی عمل لایُعبأبه، و عمل معلماً وواعظاً وسافر في 675هـ/1276م في أواخر حکومة الظاهر بیبرس (تـ 676هـ) إلی القدس للزیارة، وأقام هناک فترة (العلیمي،عیانعیان ن.ص). وهو أول فرد من الأسرة قدم إلی هذه البلاد و ینحدر منه آل الخطیب في القدس الیوم (الدباغ، 1/192). وظهر من هذه الأسرة فقهاء کبار و علماء بارزون تبوّؤا مناصب عالیة مثل قاضي قضاة الشافعیة في مصر و الشام و نالوا من خلال ذلک الشهرة و الثروة. کما تولوا مناصب مهمة في عصر الممالیک و کان منصب القضاء بأیدیهم مدة 61 عاماً مابین 690 إلی 785هـ/1291 إلی 1383م. تنقسم ذریة هذه الأسرة إلی ثلاثة فروع في مصر و الشام و القدس حیث یعتبر فرع مصر أهم هذه الفروع. و مشاهیر هذه الأسرة هم:

1. أبو عبدالله بدرالدین محمد بن إبراهیم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جامعة

(639-733هـ/1241-1333م)، محدث وفقیه و قاضي قضاة الشافعیة. ولد في مدینة حماة (الصفدي، نکت، 235) و تعلم مقدمات العلوم والحدیث في مسقط رأسه. و درس في  650هـ علی شیخ الشیوخ عبدالعزیز بن محمد الأنصاري (ن.ص، أعیان، 8/177) القراءة والحدیث (البرزالي، 1/344) و سمع الحدیث أیضاً من أبیه إبراهیم بن سعد الله و أبي طاهر إبراهیم بن هبة الله بن مسلم البارزي و عدد آخر من علماء حماة (م.ن، 1/98، 134، 255)، ثم سافر إلی مصر  ودمشق و القدس و مناطق أخری لمواصلة دراسته. و درس ما بین 661-667هـ في مخصر علی مشایخ تلک البلاد السبکي، 5/230). فأخذ النحو عن ابن مالک، غیر أنه تلقی معظم العلوم من الشیخ تقي‌الدین ابن رزین (الإسنوي، 1/386-387). کما نهل من العلم عام 668 هـ في بلبیس عند أبي الخیر فضلابن علي بن نصر الأنصاري الخزرجي،وفي 670 هـ عند أبي المعالي أسعد بن مظفر بدمشق و في 673هـ عند أبي إسحاق إبراهیم ابن علي بن أحمد الواسطي الحنبلي و في القدس عام 679هـ عند أبي الذکاء عبدالمنعم بن یحیی الزهري النابلسي و کثیر من علماء تلک الفترة (البرزالي، 1/116، 122، 197، 367، 2/458). وقد ذکر تلمیذه القاسم بن محمد البرزالي مشایخه و أساتذته في کتاب اسمه مشیخة قاضي القضاةابن جماعة فبلغ عددهم 74 شخصاً، کما ألف شخص یدعی المعشراني کتاباً أیضاً حول مشایخه (الکتاني، 2/639). و اهتم کثیراً بعلم الحدیث و کان ملماً بالتفسیر والفقه وله اطلاع بالعلوم والفنونالأخری أیضاً (الذهبيف ذیول العبر، 4/96). تولی ابن جماعة الإفتاء في أوائل عمره، فعرضت فتاواه علی محیي‌الدین النووي فأثنی علیه (الإسنوي، 1/387).
اشتغل ابن جماعة في 681هـ بالتدریس لأول مرة في المدرسة القیمریة بدمشق (الصفدي، أعیان، 8/179؛ النعیمي، 1/443) ودرس بعد ذلک في مدارس الشام  مصر المختلفة مثل الغزالیة و العادلیة والناصریة و الکاملیة (ابن الوردط، 2/429؛ ابن کثیر، 13/336؛ ابن حجر، الدرر، 5/5؛ النعیمي، 1/522). وذکر الصفدي (أعیان، 8/180) أنه عین بمنصب مشیخة الشیوخ لمدارس الضام. تعلم عنده و تربّی لدیه تلامذة کثیرون خلال سنوات تدریسه في المدارس  المناطق المختلفة، ذکر السلامي (تاریخ …، 146، 173، 174) و ابن الجزري (2/246) والنباهي (ص 167-168) أسماء عدد منهم، أما أبرز تلامذته فهو الصفدي (ظ: نکت، 235) الذي سمع منه الحدیث في 728هـ/1328م في مصر، و کذلک السبکي (5/230).
وأهم ما في حیاة محمد تولیه المناصب الاجتماعیة و الدینیة المهمة فضلاً عن مشاغله العلمیة الکثیرة. و یذکر الصفدي (أعیان، 8/179) أنه أختیر قاضیاً و خطیباً للقدس في شوال 687هـ، لأول مرة، في حین یصرح ابن الفرات (8/71) أنه کان یسکن دمشق في ذلک الوقت. و استدعي بعد عزل قاضي قضاة الشافعیة بمصر عام 690 هـ من القدس لتولي منصبه في مصر (الصفدي، نکت، أعیان، ن.ص)، وبعد مقتل الملک الأشرف و اعتقال ابن السلعوس في بدایة 693هـ، عزل ابن جماعة من هذا المنصب أیضاً (ن.ص؛ الإسنوي، 1/387). وعین بعد وفاة قاضي قضاة الشام شهاب‌الدین محمد بن الخُوَبّي في 693هـ بمنصب قضاء الشام و توجه إلی دمشق، فأضیف إلیه منصب التدریس و الإشراف علی الأوقاف (ن.ص).  في 694هـ ولّاه الملک زین‌الدین کتبغا الإمامة والخطابة بالجامع الأموي (ابن الفرات، 8/198)، غیر أنه عزل في 696هـ من منصب القضاء واکتفی بالتدریس و الإمامة و الخطابة بالجامع الأموي (م. ن، 8/231).
وفي 702 هـ أختیر ابن جماعة ثانیة لمنصب قضاء الدیار المصریة عوضاً عن ابن دقیق العبد فبقي في  هذا لامنصب حتی 709هـ (الصفدي، أعیان، 8/180). و یذکر الإسنوي (ن.ص) أنه کان یتولی هذا المنصب حتی بدایة 710هـ. و تولی في  708 هـ الخطابة في جامع قلعة الجبل أیضاً (المقریزي، 2(1)/43). و في 711 هـ عین بمنصب القضاء بمصر للمرة الثالثة (الصفدي، ن.ص) و في 712هـ تولی إمامة و خطابة الجامع الناصري أیضاً (ابن دقماق، 1/76). و اعتزل في 727هـ من منصبه بسبب فقدان بصره (الدواداري، 9/322) أو بسبب ضعف سمعه (ابن الوردي، ن.ص). و لم یکن یتقاضی راتباً من الحکومة في أواخر تصدیه لمنصب القضاء (الصفدي، نکت، 235). وقد قربر له السلطان بعد استقالته راتباً شهریاً بمقدار 1,000 درهم. ولزم ابن جماعة منزله في السنوات الست الأخیرة من حیاته، غیر أن الناس کانوا یفدون إلیه من کل صوب للأخذ عنه و سماع الحدیث منه (م.ن، أعیان، 8/178، 179، 180).
کان ابن جماعة یقرض الشعر أیضاً و نقل کل من الصفدي (نکت 236، أعیان، 8/181-182) و ابن الوردي (ن.ص) و السبکي (5/231-232) أبیاتاً له. توفي و له من العمر 94 عاماً بمصر و دفن في القرافة (الذهبي، دول الإسلام، 1/182؛ السبکي، 5/230) إلی جوار قبر الشافعي (ابن حجر، الدرر، 5/7).

آثاره

له مؤلفات في التفسیر و الحدیث و الفقه و الأصول و النحو و غیرذلک (الصفدي، أعیان، 8/181) و قد ذکر العلیمي (2/137) أسماء کثیر منها.
ألف. المطبوعة: 1. تذکرة السامع و المتکلم في آداب العالم والمتعلم، طبع أولاً في 1353 هـ في حیدرآباد الدکن ثم في القاهرة عام 1354 هـ بتحقیق محمد هاشم الندوي؛ 2. شرح الکافیة، وهو شرحمختصر لکتاب الکافیة لابن الحاجب في النحو. و انتهی من هذا الشرح بدمشق في ذي القعدة 670 (ابن جماعة، 518). و نشر هذا الکتاب عام 1407هـ/1987م في القاهرة بتحقیق محمد عبد النبي عبد المجید؛ 3. مقصد النبیه في شرح خطبة التنبیه، ولعلّه شرح لخطبة کتاب التنبیه في الفقه علی مذهب الشافعي لأبي إسحاق الشیرازي، و طبع في القاهرة عام 1951م؛ 4. المنهل الروي في مختصر علوم الحدیث النبوي، و هو ملخص عن کتاب علوم الحدیث أو مقدمة ابن الصلاح التي نقّحها وبوّبها ابن جماعة و أضاف إلیها أضاً بعض الفوائد أحیاناً. طبع هذاالکتاب لأول مرة في 1395هـ/1975م في مجلة معهد المخطوطات العربیة بتحقیق محیي‌الدین عبد الرحمن رمضان ثم في 1406هـ/1986م في دمشق بشکل مستقل.
ب. المخطوطة: 1. تحریر الأحکام في تدبیر أهل الإسلام (أو جیش الإسلام)، یوجد في مکتبات دار الکتاب المصریة (سید، المخطوطات، 1/128)، لایبسیک (فولرس، رقم 399)، قیینا (فلغل، رقم 1830) ونسخة مختصرة منه في برلین أیضاً (آلوارت، رقم 5613)؛ 2. غرر البیان لمبهمات القرآن، یوجد في مکتبات المحمودیة بالمدینة (کحالة، 121)، الأوقاف بالموصل (عبدالرزاق أحمد، 4/34)، چستربیتي (آربري، رقم 4850) آستان قدس (آستان قدس، 11/648) والمرعشي (المرعشي، 12/259).

2. أبو عمر عزالدین عبدالعزیز بن محمد

(694-767هـ/ 1294-1366م)، فقیه و محدث وقاضي قضاة الشافعیة. ولد في دمشق (الإسنوي، 1/388) و درس العلم عند أبي حفص عمر بن القوّاس و أبي الفضل أحمد ابن عساکر (السلامي، الوفیات، 2/306) وعزالدین إسماعیل بن عمر الفرّاء والحسن بن علي الخلّال (الفاسي، 5/457) ودرس الفقه عند أبیه و جمال‌الدین ابن الوجیزي و درس کتباً کثیرة من دون أستاذ (ابن قاضي شهبة، طبقات، 3/136).
دفعه ولعه الشدید بتعلم الحدیث للسفر إلی عدة مدن مهمة منها: مکة والمدینة والقاهرة (الحسیني، 42) و سمع الحدیث في القاهرظ من أبي المعالي الأبرقوهي و محمد بن الحسین الفُوِّي و شرف‌الدین الدمیاطي والحسن الکردي، وفي الإسکندریة من ابن مخلوف و في مکة من أبي إسحاق إبراهیم بن محمد الرضي الطبري (السلامي، ن.م، 2/306-307؛ الفاسي، 5/458). وأجاز له عدد من علماء بغداد و القاهرة و دمشق و نابلس و الغرب (غرناطة) و ذکر الفاسي (5/457-458) أسماءهم و قال إن عدد مشایخه یربو علی 1,300.
بعد هذه الفترة من السعي المتواصل في طلب العلم و التعلم إتجه إلی نقل الحدیث و الإفتاء. و بدأ التدریس في 714هـ/ 1314م (ابن قاضي شهبة، ن.ص) و استمر علی ذلک حتی نهایة عمره (ابن حجر، الدرر، 3/177). و کان یدرّس أیضاً في الزاویة الخشّابیة بالقاهرظ و في  جامع ابن طولون و دار الحدیث الکاملیة و غیرها (الفاسي، 5/458)، و تخلّی عن التدریس في دار الحدیث الکاملیة عام 738هـ/1337م لصدیقه عماد‌الدین الدمیاطي (ابن کثیر، 14/180). وقیل إن تعمقّه في الحدیث أکثر منه في الفقه (السیوطي، حسن المحاضرة، 1/359). و من تلامذته ورواته أبوالمحاسن الحسیني الدمشقي (الحسیني، ن.ص) و محمد بن أحمد السبکي و عبدالوهاب السبکي (السبکي، 2/125، 141). کتب الذهبي (تـ 748هـ/1347م) الذي توفي قبل ابن جماعة بعشرین سنة في کتاب المعجم المختص أنه سمع الحدیث من ابن جماعة و هو منه أیضاً (ابن قاضي شهبة، طبقات، 3/137).
وبالإضافة إلی المنزلة العلمیة فقد نال ابن جماعة منزلة اجتماعیة و دینیة أیضاً. ففي ربیع الثاني 731 تولی وکالة السلطان و الإشراف علی جامع ابن طولون و المدرسة الناصریة (ابنکثیر، 14/153). و في 732هـ سافر مع سلطان مصر لأداء الحج و في 737هـ عین وکیلاً لبیت المال (م.ن، 14/158، 177)، و أصبح خطیب الجامع الجدید (جامع ابن طولون) نیابة عن أبیه و تولی الإشراف علی الأوقاف. وفي جمادی الثانیة 738 (الإسنوي، 1/389) أو في 739هـ أصبح قاضي قضاة مصر (الحسیني، ن.ص). وبعد تعیینه في  هذا المنصب عزل القضاة الذین احتلّوا مناصبهم بالرشوة (ابن حجر، الدرر، 3/177-178) وأدّی ذلک إلی إثارة البعض ضده، و یقول المقریزي (2(3)/624) أنه وشی به أعداؤه في 743هـ لدی السلطان ناصرالدین الحسن قائلین بأنه قد سلّط أقاریه علی الأوقاف فلا ینال الناس حقوقهم. و یبدو أن هذه الوشایة لم تترک أثراً لأنه کان في 749هـ/1348م ما یزال في منصبه. و حجّ عامي 753 و 754هـ في رکاب السلطان (ابن کثیر، 14/158، 225؛ المقریزي، 2(3)/903) وقد عزل في 759هـ من هذا المنصب لفترة قصیرة و حلّ محله ابن عقیل، غیر أنه عین بعد 80 یوماً في منصب القضاء ثانیة. و في نهایة المطاف و بعد 29 عاماً (ابن تغري بردي، النجوم، 11/90) تنحّی عن المنصب في جمادی الأولی 766 فزاره الأمیر یلبغا في منزله و أصرّ علی عودته، غیر أن ابن جماعة لم یرفض فحسبف بل امتنع عن ترشیح شخص محله (الإسنوي، 1/389-390؛ الفاسي، 5/458). ویقول ابن الملقِّن (ص 504-505) إنه کان شیخ طریقة یُلبس تلامذته الخرقة و لبس الخرقة من أبیه. وزار ابن جماعة بیت الله و أقام في مکة بعد أن ترک منصبه. ثم ذهب بعد فترة إلی المدینة لزیارة قبر الرسول (ص)، غیر أنه عاد بعد فترة قصیرة إلی مکة (الإسنوي، 1/390) و توفي هناک (السلامي، الوفیات، 2/305-306). ولیس صحیحاً ماذکره البعض أن وفاته کانت بالقاهرة عام 768هـ/1367م (ابن قنفذ، 366).

آثاره

توجد مخطوطات بعض آثاره في مکتبات العالم، منها: 1. روضة النبیه في شرح التنبیه، و هو شرح علی التنبیه لأبي إسحاق الشیرازي، توجد نسخة منه في مکتبة جامعة ییل (نموي، رقم 1005)؛ 2 و 3. کتابان في السیرة النبویة، و یبدو من دراسة فهارس المخطوطات أن اسمیهما المختصر الکبیر و المختصر الصغیر. توجد من المختصر الکبیر مخطوطات في دار الکتب المصریة (دار الکتب، 8/227) و أوقاف بغداد (طلس، 54) وإسکوریال (ESC2، رقم 1744) و طوبقابو سراي (TS، رقم 6019) و غیر ذلک. و توجد من المختصر الصغیر مخطوطات في مکتبات المتحف البریطاني (ریو، رقم (4)1250) و جامعة پرینستون (حتی، رقم 642) و دارالکتب المصریة (الخدیویة، 7/181) وغیرها (حول بقیة آثاره، ظ: GAL, II/86; GAL, S, II/78).

3. أبو إسحاق برهان‌الدین إبراهیم بن عبد الرحیم بن محمد

(725-790هـ/1325-1388م)، محدث وقاضي القضاة و خطیب و فقیه شافعي. ذکر ابن تغري بردي في المنهل (1/78) و في النجوم (11/314) اسم أبیه عبدالرحمن أیضاً. ولد في القاهرة، یقول ابن قاضي شهبة (تاریخ، 3/248، طبقات، 3/188) إنه قدم دمشق صغیراً لأسباب غیر معلومة فنشأ عند أقاربه بالمزَّة (قریة قرب دمشق: یاقوت، 5/122) و بدأ بتعلّم الحدیث في 740 هـ. وسمع في مصر من جده محمد بن ابراهیم و أبیه عبدالرحیم و عمه عبدالعزیز و أیضاً من علي بن عمر الواني و یوسف الدلّاصي و أبي نعیم الإسعِردي و غیرهم. ثم رحل إلی الشام لإکمال دراسته و سمع من کبار علمائها أمثال: ابن تمام  محیي‌الدین بن فضل الله و زینب بنت الکمال و غیرهم. و اختار ملازمة یوسف بن عبدالرحمن المزي و شمس‌الدین الذهبي و أکثر عنهما (ابن قاضي شهبة، طبقات، ن.ص، تاریخ، 3/248-249؛ ابن حجر، الدرز، 1/41؛ ابن طولون، 113). ثم سافر إلی القدس، و بعد وفاة أبیه في739هـ تولّی الخطابة بالقدس و هو صغیر، غیرأنه استنیبت له مدة ثم باشر الخطابة بنفسه و هو صغیر (ابن قاضي شهبة، طبقات، 3/188؛ ابن حجر، ن.ص). و تولی التدریس في المدرسة الصلاحیة بعد وفاة صلاح‌الدین ابن کیکلدي (النعیمي، 1/63)، ثم درس بعد ذلک في مدارس الغزالیة و العادلیة والأتابکیة والرواحیة و دار الحدیث الأشرفیة في مصر و الشام (ابن قاضي شهبة، تاریخ 3/130). ولم تتحدث المصادر کثیراً عن تلامذته.
تولی ابن جماعة أیضاً مسؤولیات دیوانیة و قضائیة إضافة إلی أعماله العلمیة. ففي 773هـ/1371م و بعد عزل أبي البقاء بهاءالدین السبکي الشافعي من منصب القضاء بمصر استدعي إلی مصر باقتراح الأمیر ناصرالدین أقبغا و موافقة الملک الأشرف شعبان صاحب الدیار المصریة و البلاد الشامیة و تولّی منصب القضاء بها و هو لم یزل خطیب القدس و بقي في هذا المنصب مدة 5 سنوات و عدة شهور في عهد الملک الأشرف و 10 شهور أیضاً في عهد حکومة ابنه المنصور (ابن الفرات، 9(1)/39؛ ابن قاضي شهبة، تاریخ، 3/249)، غیر أنه تنحی عن هذا المنصب في شعبان 777 (م.ن، طبقات، 3/189) أو في 779هـ (م.ن، تاریخ، ن.ص) و عاد إلی القدس و اشتغل بالخطابة وولي في صفر 781 (ن.م، 3/5) قضاء مصر مرة أخری و تولی الإشراف علی الأوقاف أیضاً. وبعد أن باشر هذا المنصب 3 سنوات تنحی في 784هـ إثر مواجهة بینه و بین الأمیر برقوق و عاد إلی القدس  عمل بالتدریس و الخطابة. و تولیفي 785 هـ منصب القضاء بالشام (ن.م، 3/80، 130، 249) واختیر في 786هـ لمشیخة الشیوخ بدمشق أیضاً (م.ن، طبقات، 3/189). و في نهایة المطاف توفي في دمشق و دفن في مقبرة أسرته بالمزة (ن.م، 3/190، تاریخ، 3/251). کان لأبي العباس ابن العطار کتاب في مدحه بعنوان قطع الناظر بالبرهان الحاضر (ن. م، 3/435).

آثاره

1. الفوائد القدسیة و الفرائد العطرّیة، و یشتمل علی مواضیع حول القرآن و الأذکار  غیر ذلک و توجد نسخة منه في برلین (آلوارت، رقم 1439)؛ 2. نصیحة في ذم الغناء واستماعه (ن.م، رقم 5510)؛ 3. هذا (جواب) سؤال سأله شخص من الفقراء، یتضمن جواباً لسؤال حول حکم السماع (ن.م، رقم 5511؛ حول بعض آثاره الأخری، ظ: ابن قاضي شهبة، تاریخ، 3/251).

4. أبوعبدالله عزالدین محمد بن أبي بکر بن عبد العزیز

(759-819هـ/1358-1416م)، عالم شافعي المذهب.
قیل إنه ولد في 747هـ (ابن حجر، إنباء الغمر، 7/240) أو 749هـ (ابن قاضي شهبة، طبقات، 4/61)، غیر أنه صرح في کتاب ضوء الشمس الذي کتبه في ترجمته أنه ولد في 759هـ بمیناء یَنبُع (السیوطي، بغیة، 1/63؛ قا: المقریزي، 4(1)/377-378). سمع الحدیث  تعلّمه في القاهرة  دمشق و غیرهما، و أخذ من الکبار أمثال ابن خلدون و تاج‌الدین السبکي و بهاء‌الدین السبکي و غیرهم (السیوطي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، ابن حجر، ن.ص)، وأجازه جماعة من علماء و شیوخ مصر والشام منهم شهاب‌الدین المرداوي (السخاوي، 7/172؛ ابن قاضي شهبة، ن.ص). و مل کثیراً إلی العلوم العقلیة فأتقنها (ابن حجر، ن.ص). و من تلامذته یمکن ذکر أسماء جمال‌الدین الطیماني  محمد بن أبي بکر المرجاني و محمد بن عبد الدائم العسقلاني (ابن قاضي شهبة، ن.م، 4/62، 128، 131). و صرح ابن حجر (ن.م، 7/242) تعلّمت منه ولازمته من 790هـ إلی أن مات. و ذکر السیوطي أسماء عدد آخر من تلامذته (بغیة، 1/66).
ومع کل هذا العلم الواسع، لم یقبل ابن جماعة أي منصب في حیاته ولم یعاشر الناس (المقریزي، 4(1)/378). و رغم أن سلطان الوقت کان یکرمه و یمنحه کثیراً، غیر أن ابن جماعة کان یمتنع عن الاجتماع به (ابن حجر، إنباء الغمر، 7/242). و توفي في مصر بالطاعون (ن.م، 4/243).

آثاره

لابن جماعة آثار کثیرة یتجاوز عددها 200 (ابن قاضي شهبة، ن.م، 4/62) و ذکر له ما یقرب من 1,000 (السیوطي، حسن المحاضرة، 1/548)، غیر أنه قل ما ألف تألیفات مستقلة، فأثاره عادة إما حاشیة أو شرح أو تلخیص لکتب الآخرین (ظ: ابن حجر، إنباء الغمر، 7/241؛ السیوطي، بغیة، 1/64).
المطبوعة: 1. التبیین في  شرح الأربعین النوویة، طبع و نشر في 1332هـ/1938م في القاهرة؛ 2. حاشیة علی شرح الجار بردي علی الشافیة، طبع مع مجموعة في علم الصرف في الآستانة (إستانبول) في 1310هـ/1892م؛ 3. زوال الترح في شرح منظومة ابن فرح، في مصطلح الحدیث الذي طبع في لیدن في 1895 م بتحقیق فلایشر باسم ابن عبد الهادي المقدسي و نسب إلیه أیضاً (ظ: سرکیس، 1/167).
المخطوطة: 1. إیضاح المبهم من لامیة العجم، الموجود في مکتبات کوپریلي (کوپریلي، 2/548) و سوهاج (الفهرس التمهیدي، 312)؛ 2. حاشیة علی شرح العقائد النسفیة للتفتازاني (کوپریلي، 3/96)؛ 3. درج المعالي في شرح بدء الأمالي، في علم الکلام و العقائد (آلوارت، رقم 2412؛ دوسلان، رقم (3) 1285؛ کوپریلي، 2/249؛ الأزهریة، 3/189؛ ظ: GAL, I/552)؛ 4. النفحات السریة و لطائف العلوم الخفیة (الخدیویة، 5/374؛ GAL, II/116).

5. أبوالفداء عمادالدین إسماعیل بن إبراهیم بن عبدالله بن محمد

(825-861هـ/ 1422-1457م). عالم شافعي المذهب. لاتتوفر معلومات کثیرة عن حیاته، سوی قولهم إنه ولد في القدس و نشأ فیها، ثم رحل إلی القاهرة ودرس هناک عند ابن حجر العسقلاني و جلال‌الدین المحلي و غیرهما. و کان القلقشندي من مشایخه أیضاً (السخاوي، 2/284؛ العلیمي، 2/187).
وکان یعید درس جده جمال‌الدین حینما کان الأخیر یدرس في 850هـ/ 1446م في المدرسة الصلاحیة. کما تولی الخطابة مدة في المسجد الأقصی نیابة عن جده. وولي مشارکاً لبعض بني غانم مشیخة الخانقاه الصلاحیة (العلیمي، ن.ص). توفي ابن جماعة في القدس ودفن فيمقبرة أسرته بماملا (ن.ص). لم یبق من کتبه سوی الاقتراح علی علوم الحدیث لابن صلاح الذي تجد نسخة منه في مکتبة چستربیتي (آربري، رقم 3149؛ حول آثاره المفقودة، ظ: السخاوي، ن.ص؛ البغدادي، 1/217).

6. أبو البقاء نجم‌الدین محمد بن إبراهیم بن عبدالله بن محمد

(833- بعد 901هـ/ 1429-1496م)، فقیه شافعي. ولد في بیت المقدس ونشأ هناک و تعلم العلیمي، 2/116). درس قسماض من الفقه عند جده و سمع منه الحدیث. ثم درس في مسقط رأسه عند أمثال القلقشندي و ابن قاضي شهبة. ثم سافر إلی القاهرظ و درس فیها أیضاً لدی علماء بارزین أمثال ابن حجر العسقلاني و عزالدین ابن الفرات و جلال‌الدین المحلي.یقال إن عدد مشایخه تجاوز 300 شخص. و حینما کان أبوه برهان‌الدین إبراهیم بن عبدالله بن محمد قاضي القضاة و یتولّی التدریس في المدرسة الصلاحیة، اقترح بسبب اشتغاله بمنصب القضاء المهم أن یتولی ابنه نجم‌الدین التدریس في هذه المدرسة بدلاً منه فقبل عبدالملک الظاهر خُشقدم بذلک. و بعد وفاة أبیه في 872هـ/ عین نجم‌الدین محل أبیه في منصب القضاء الشافعي بالقدس، غیر أنه عزل في نهایة هذه السنة من التدریس في المدرسة الصلاحیة و منصب القضاء و أخذ یصدر الفتوی و یدرس في منزله مع احتفاظه بخطابة المسجد الأقصی. و عین في 878 هـ مرة أخری مدرساً في المدرسة الصلاحیة بعد عزل کمال‌الدین ابن أبي شریف من التدریس فیها، غیر أنه ابتعد عن منصب القضاء. کما أنه امتنع بعد مدة عن الخطابة في المسجد الأقصی و اعتزل الناس نهائیاً. و من تلامذته و رواته أبوالیمن مجیرالدین العلیمي الحنبلي مؤلف کتاب أنس الجلیل الذي أخذ منه الإجازة في 873هـ (السخاوي، 6/256؛ العلیمي، 2/116-118). لاتتوفر معلومات دقیقة حول تاریخ وفاته و ذکر الغزي فقط (1/26) أنه توفي بعد 901هـ.

آثاره

یوجد فقط کتابان من کتبه: 1. الدر النظیم في أخبار موسی الکلیم (آربري، رقم 3461)؛ 2. النجم اللامع في شرح جمع الجوامع (التیموریة، 4/186؛ حول آثاره الأخری، ظ: العلیمي، 2/118).

المصادر

آستان قدس، الفهرست؛ ابن تغري بردي، یوسف، المنهل الصافي، تقـ: نبیل محمد عبدالعزیز، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ م.ن، النجوم؛ ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: برجسترسر، بیروت، 1352هـ/1933م؛ ابن جماعة، محمد، شرح الکافیة، تقـ: محمد عبدالنبي عبدالمجید، القاهرة، 1407هـ/1987م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، إنباء الغمر، حیدرآباد الدکن، 1394هـ/1974م؛ م.ن، الدرر الکامنة، حیدرآبادالدکن، 1396هـ/ 1976م؛ ابن دقماق، إبراهیم، الانتصار لواسطة عقد الأمصار، بیروت، دار الآفاق الجدیدة؛ ابن طولون، محمد، قضاة دمشق، تقـ: صلاح‌الدین المنجد، دمشق، 1956م؛ ابن الفرات، محمد، تاریخ، تقت: قسطنطین زریق، بیروت، 1936م؛ ابن قاضي شهبة، أحمد، تاریخ، تقـ: عدنان درویش، دمشق، 1977م؛ م.ن، طبقات الشافعیة، تقـ: عبدالعلیم خان، حیدرآبادالدکن، 1399هـ/ 1979م؛ ابن قنفذ، أحمد، الوفیات، تقـ: عادل نویهض، بیروت، 1403هـ/1983م؛ ابن کثیر، البدایة؛ ابن الملقن، عمر، طبقات الأولیاء، تقـ: نورالدین شریبة، بیروت، 1406هـ/1986م؛ ابن الوردي، عمر، تتمة المختصر، تقـ: أحمد رفعت البدراوي، بیروت، 1389هـ/1969م؛ الأزهریة، الفهرست؛ الإسنوي، عبدالرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبدالله الجبوري، بغداد، 1390هـ/1970م؛ البرزالي، قاسم، مشیخة قاضي القضاة ابن جماعة، تقـ: موفق عبدالله، بیروت، 1408هـ/1988م؛ البغدادي، هدیة؛ التیموریة، الفهرست؛ الحسیني، محمد، ذیل تذکرة الحفظ، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ الخدیویة، الفهرست؛ دارالکتب، الفهرست؛ الدباغ، مصطفی مراد، الموجز في تاریخ الدول الإسلامیة، بیروت، 1980م؛ الدواداري، أبوبکر، کنزالدرر، تقـ: هانس روبرت رویمر، القاهرة، 1379هـ/1960م؛ الذهبي، محمد، دول الإسلام، حیدرآبادالدکن، 1365هـ؛ م.ن، ذیول العبرف تقـ: محمدسعید زغلول، بیروت،1405هـ/1985م؛ السبکي، عبدالوهاب، طبقات الشافعیة، القاهرة، 1324هـ؛ السخاوي، عبدالرحمن، الضوء اللامع، القاهرة، 1354هـ؛ سرکیس، یوسف الیان، معجم المطبوعات العربیة والمعرّبة، القاهرة، 1346هـ/1928م؛ السلامي، محمد، تاریخ علماء بغداد، تقت: عباس العزاوي، بغداد، 1357هـ/1938م؛ م.ن، الوفیات، تقـ: صالح مهدي عباس وبشّار عوّاد معروف، بغداد، 1402هـ/1982م؛ سید، المخطوطات؛ م.ن، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1959م؛ السیوطي، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ/1964م؛ م.ن، حسن المحاضرة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1404هـ/1984م؛ الصفدي، خلیل، أعیان العصر، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ م.ن، نکت الهیمان، تقـ: أحمد زکي بیک، القاهرة، 1329هـ/1911م؛ طلس، محمدأسعد، الکشاف عن مخطوطات خزائن کتب الأوقاف، بغداد، 1372هـ/1953م؛ عبدالمجید، محمد عبدالنبي، مقدمة علی شرح الکافیة (ظ: همـ، ابن جماعة)؛ العلیمي، عبدالرحمن، أنس الجلیل، بیروت، 1973م؛ الغزي، محمد، الکواکب السائرة، تقـ: جبرائیل سلیمان جبّور، بیروت، 1945م؛ الفاسي، محمد، العقد اثمین، تقـ: فؤادسید، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الفهرس التمهیدي، القاهرة، 1948م؛ الکتاني، عبد الحي، فهرس الفهارس، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1402هـ/1982م؛ کحالة، عمررضا، المنتخب من مخطوطات المدینة المنورة، دمشق، 1393هـ/1973م؛ کوپریلي، المخطوطات؛ المرعشي، المخطوطات؛ المقریزي، أحمد، اسلوک، تقـ: محمد مصطفی زیادة، القاهرة، 1941م؛ النباهي، علي، تاریخ قضاة الأندلس، تقت: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1948م؛ النعیمیي، عبد القادر، الدارس في تاریخ المدارس، تقت: جعفر الحسني، دمشق، 1367هـ/1948م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

Ahlwardt; Arberry; De Slane; ESC2; Flügel, Gustav, Die arabischen, Persischen und türkischen Handschriften..., Wien, 1867; GAL; GAL, S; Hitti, Ph. K. etal., Garrett Collection of Arabic Manuscripts..., Princeton, 1938; Nemoy, L., Arabic Manuscripts in the Yale University Liibrary, Yale, 1956; Rieu, Charles, Supplement to the Catalogue of the Arabic Manuscripts in the British Museum, London, 1894; Salibi K. S., «The Banū Jamū’a», SI, 1958, vol. IX; TS; Vollers, K., Katalog der islamischen... Handschriften der Universitäts Bibliothek zu Leipzig, Leipzig, 1975.
علي رفیعي