الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن تغري بردي /

فهرس الموضوعات

ابن تغري بردي


تاریخ آخر التحدیث : 1443/5/13 ۰۷:۵۶:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ تَغري بِردي، أبوالمحاسن جمال‌الدین یوسف بن تغري بردي بن عبدالله الظاهري الحنفي (ح 812-874هـ/1409-1469م)، مؤرخ مسلم ولد في بیت الأمیر منجک الواقع جنب مدرسة السلطان حسن في القاهرة (المَرجي، 1/10) و یخمن ابن تغري بردی بنفسه في النجوم (14/118) أن ولادته کانت بعد 811هـ. واسمه مرکب من لفظتین ترکیتین: تَغري (تَنگري) و بردي (بیردي أو ویردي) و تعنیان «عطاءالله» کما یستعمل الأتراک الآن ولاسیما الأتراک الشرقیون الله و یردي وخداي و یردي و أمثالهما في التسمیة. وقد اشتری الملک الظاهر برقوق ملک مصر في أوائل سلطنته تغري بردي والد أبي المحاسن الذي کان غلاماً من أصل ترکي رومي وأعتقه و بدأ خدمته «خاصکیا» ثم ساقیاً إلی أن نال أتابکیة (إمارة) جیش مصر و نیابة الشام و أخیراً توفي في 815هـ. و خلَّف تغري بردي عشرة أولاد، ستة صبیان وأربع بنات و کان یوسف أصغر أبنائه (ابن تغري بردي، 14/115-118). وقد تعهد تربیة یوسف بعد موت أبیه ناصرالدین محمد، المعروف بابن العدیم أو ابن أبي جراد الذي کان زوج أخته و کان قاضي القضاة في مصر. و تزوجت أخت یوسف – بعد وفاة زوجها ابن العدیم (819 هـ) – شیخ الإِسلام قاضي القضاة جلال‌الدین عبدالرحمن البلقیني الشافعي (762-824هـ/ 1360-1421م) الذي تولی بدوره تربیة یوسف و یصرّح ابن تغري بردي بحق البلقیني علیه في تربیته، ویدافع عن ابن العدیم إزاء ذم المقریزي له (م. ن، 14/143، 237؛ المرجي، 1/10). وقد حفَّظ البلقیني ابن تغري بردي القرآن، و حفظ یوسف مختصر القدوري، وواصل تعلمه. و تعلم الفقه عند شمس‌الدین محمد الرومي الحنفي و بهاءالدین أبي البقاء الحنفي قاضي مکة و بدرالدین محمود العیني الحنفي، و النحو عند تقي‌الدین الشُّمُنّي، و کان یلازمه و استفاد منه الفقه أیضاً، وتعلم التصریف عند علاءالدین الرومي و غیرهم، وقرأ مقامات الحریري علی قوام‌الدین الحنفي و تعلم البدیع و الآداب عند شهاب‌الدین أحمد بن عربشاه الدمشقي الحنفي (المرجي، 1/10-11) و قرأ المعاني و البیان و شرح العقائد لسعد‌الدین عند محیي‌الدین الکافیجي (ابن الصیرفي، 176)، و کتب کثیراً من شعر ابن حجر العسقلاني عنده وحضر دروسه واستفاد من مجالسه، کما کتب شعر أبي السعادات ابن ظهیرة قاضي مکة وأشعار غیره عنده، واستفاد من شعراء مکة: بدرالدین ابن عُلی، و أبوالخیر محمد بن عبدالقوي (المرجي، 1/11-12). وقد عَدَّ الغزي (1/94) محمد التوزي من أساتذة ابن تغري بردي أیضاً وکتب أنه خدم عنده في طلب الکیمیاء، وقد أجازه کثیر من العلماء المذکورین وکذلک المقریزی ومحمود بن أحمد العیني و عبدالرحمن الزرکشي وعبدالرحیم بنفرات و شمس‌الدین محمد النواجي و غیرهم، حیث ذکرهم المرجي الترکماني صدیق یوسف و تلمیذه و کاتبه بشکل مفصل (1/14-15). کما یشیر ابن تغري بردي بنفسه إلی بعض إجازاته فنقل مثلاً اجازة ابن عربشاه المفصلة له في النجوم الزاهرة (15/549-551). وذکرت من مسموعاته سنن أبي داود و جامع الترمذي و شمائل المصطفی للترمذي و مشیخة فخربن البخاري، ومسند ابن عباس و فضل الخیل للدمیاطي، کما سمع الحدیث من ابن قُریج وعلاءالدین علي ابن بَردس (تـ 846هـ/1442م) و شهاب‌الدین ابن ناظر (تـ 849هـ/1445م) وأخذ الإجازة منهم (المرجي، 1/13).
وأحب ابن تغري بردي علم التاریخ واختار ملازمة مؤرخي عصره العیني والمقریزي و بذل غایة مساعیه، وساعده توقد ذهنه و حسن تصوره و صحیح فهمه حتی برع و مهر و کتب وحصل وصنف وانتهت إلیه رئاسة هذا الشأن في عصره (م. ن، 1/12)، کما مهر في الموسیقی وبرع في فنون الفروسیة کلعب الرمح ورمي النشاب وسوق البرجاس ولعب الکرة والمحجن، وقد أثنی علیه المرجي (1/16) بالدیانة والصیانة والعفة عن  المنکرات والفروج والاعتکاف عن الناس و ترک التردد علی أعیان‌الدولة ولاسیما السلطان مع حسن المحاضرة ولطیف المنادمة والحشمة الزائدة والحیاء الکثیر، وعدّه ابن إیاس من النوادر (3/46)، ورغم الاعتراف بعلم ابن تغري بردي و شخصیة المحمودة یری السخاوي أن مؤلفاته تحوي «وهماً کثیراً» و سقطات و حذفاً ومکررات وقلباً و تصحیفاً و تحریفاً وجاء بأمثلة مفصلة لکل ذلک (الضوء، 1/306-308). وقد انتقد السخاوي کثیراً من مشاهیر عصره ولم یَر بُدّاً من إیذاء الکثیرین. حیث رَمی أکبر مؤرخي عصره و هو المقریزي بالقصور و ضعف الروایة والبیان (التبر، 21-24). کمالم ینج من لسانه ابن خلدون و البقاعي المحدث، وقد ذم السیوطي عمله هذا في رسالة مقامة الکاوي علی تاریخ السخاوي (العدوي، 22-24) ویری ابن الصیرفي أن نظمه في الطبقة السفلی، وعامي ومتعصب في کتابة التاریخ و یأتي بأمثلة علی ذلک في عدد من المواضع (ص 177-182).
وأهم آثار ابن تغري بردي هو کتاب النجوم الزاهرة في ملوک مصر والقاهرة في تاریخ مصر، یبدأ هذا الکتاب من فتح مصر وحکومة عمروبن العاص هناک (20هـ/641م) إلی أن ینتهي بحوادث سنة 872هـ/1467م أي إنه یشمل فترة حکم الملک الأشرف قایتباي محمودي. ألف هذا الکتاب بالترتیب التاریخی لحکومة الولاة و الخلفاء والسلاطین المصریین و أورد فیه الحوادث المتعلقة بفترة حکومة کل أمیر سواء تتعلق بمصر أو بالنواحي الأخری من العالم الإسلامي ولاسیما المتعلقة بالنواحي القریبة من مصر، وکتب في آخر حوادث کل سنة  وضعیف ماء نهر النیل، وتحظی مواضیع الکتاب ولاسیما ذلک القسم الذي جری في عصر المؤلف و کان هو شاهداً لها بأهمیة خاصة عند المحققین في تاریخ مصر و العالم الإسلامي، لعلاقة المؤلف نفسه القریبة بالحکّام ولکتابته الحوادث بتفصیل أکثر من بقیة المؤرخین حیث یثنيعلیه العالم المصري فهیم شلتوت في مقدمة المجلد السادس عشر من النجوم الزاهرة بـ «الصدق في الأحکام و الشجاعة في إعلانها» (ص «و»).
وقد نقل ابن تغري بردي في هذا الکتاب عن المقریزي مراراً، وورد في کتاب النجوم الزاهرة عدد من المصطلحات الدیوانیة في مصر التي لها جذور فارسیة مثل: استادار، استاداریة، أمیر أخور، بشخاناه، جمدار، خشداش و خجداش، خاصکي، خَوَند، دوادار، رنگ، رکبخاناه، زرد خاناه، لالا و غیرها. و هذا الکتاب الذي کان قد طبعت  أقسام منه سابقاً باسم تاریخ أبي المحاسن ابن تغري بردي (من سنة 20 إلی 356هـ/641-976م، في مجلدین بتحقیق یوینبل و ماتس، لیدن، 1855-1861م، و من سنة 366 إلی 566هـ/ 977هـ/ 977-1171م و 746 إلی 872هـ/ 1345-1467م بتحقیق پاپر، برکلی، 1909-1929م) طبع الآن باسم النجوم الزاهرة في ملوک مصر والقاهرة (القاهرة، 1348-1392هـ /1929-1972م) في 16 مجلداً، وقد ذکر حاجي خلیفة (2/1933) عندما فتح السلطان سلیم مصر أنه شاهد هذا التاریخ واستحسنه وأمر أحمد بن سلیمان بن کمال پاشا (تـ 940هـ/1533م) بترجمته إلی الترکیة. و کان ابن کمال باشا قاضي عسکر الأناضول في ذلک العصر. وترجم في کل منزل جزءاً منه و کان یُبیض ذلک حسن آشجي‌زاده. وقد لخص ابن تغري بردي النجوم الزاهرة و سماه الکواکب الباهرة من النجوم الزاهرة.
والأثر الآخر له هو المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، وقد ذکر المؤلف فیه ترجمة مایقرب من 3,000 شخص من سلاطین و الأمراء والوزراء و العلماء والشعراء والمؤرخین و الخطاطین و المهندسین. و کانوا یعیشون في مصر و الشام و کذلک معاصروهم بدءاً من المغول إلی مشاهیر العراق و الیمن و الحجاز و المغرب و الأندلس و غیرها. وقد ورد في هذا الکتاب حتی ترجمة بعض الملوک الأوروبیین مثل لویس التاسع وبعض النساء مثل شجرة الدر زوجة الملک الصالح و مؤنسه خاتون بنت السلطان أبي بکر العادل الأیوبي. وقد ألف المنهل الصافي بحسب ترتیب حروف المعجم و یبدأ بترجمة الرجال المتوفینفي 650 هـ/ 1252م في عهد الملک عزالدین ایبک الترکماني ویستمر إلی سنة 855هـ/1451م، وقد اختصر المؤلف هذا الکتاب في مجلد واحد وسماه الدلیل الشافي علی المنهل الصافي، تحفظ نسخة منه کتبت بخط یونس بن سودون في حیاة المؤلف في 860هـ/1456م في مکتبة قره جلبي سلیمان برقم 226 (أبوالفضل إبراهیم، «و») وقد طبع المنهل في مصر.
والأثر الآخر لابن تغري بردي هو حوادث الدهور في مدی الأیام والشهور و هو ملحق لـ السلوک لمعرفة دول الملوک للمقریزي و یبدأ هذا الکتاب کما ذکر المؤلف في المقدمة من حوادث سنة 845 هـ/ 1441م. وقد طبعت جامعة کالیفورنیا منتخبات من هذا الکتاب بتحقیق پاپر في سنوات 1930-1942م.
وله أیضاً مورد اللطافة في من ولي السلطنة و الخلافة، بدأء بمیلاد النبي (ص) ثم بذکر غزواته وأحواله و الخلفاء الراشدین إلی الخلیفة المعاصر له القائم بأمر الله من الخلفاء العباسیین في مصر، وأخیراً أحوال ملوک مصر منذ بدایة السلاطین الأیوبیین إلی دولة اینالي وقد طبع جزء من هذا الکتاب مع ترجمته باللاتینیة بتحقیق کارلایل في کمبریدج سنة 1793م، ویری المرجي (ص 17) أن هذاالکتاب مختصر لکتاب المنهل الصافي.
وآثار ابن تغري بردي الأخری هي البشارة وهو تکملة إشارة الذهبي؛ البحر الزاخر في علم الأول والآخر؛ حلیة الصفات في الأسماء الصناعات؛ نزهة الرائي، ورسالة في الموسیقی وغیرها (ن. ص؛ ابن الصیرفي، 178؛ العَدوي 27-28). وقد بنی ابن تغري بردي مقبرة قرب مقبرة الأشرف اینال وأوقف کتبه و مؤلفاته لمسجده، و توفي أخیراً بعد تحمله سنة تقریباً ألم القولنج.

 

المصادر

ابن إیاس، محمد، بدائع الزهور، تقـ: محمد مصطفي، القاهرة، 1404هـ؛ ابن تغري بردي، المنهل الصافي، تقـ: أحمد یوسف النجاتي، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ م. ن، النجوم؛ ابن الصیر في، علي، أنباء الهصر بأبناء العصر، تقـ: حسن حبشي، القاهرة، 1970؛ أبوالفضل إبراهیم، محمد، مقدمة المنهل الصافي (ظ: همـ، ابن تغري بردي)؛ حاجي خلیفة کشف؛ السخاوي، محمد، التبر المسبوک، القاهرة، مکتبة الکلیات الأزهریة؛ م. ن، الضوء اللامع، القاهرة، 1355هـ؛ شلتوت، فهیم، مقدمة النجوم (ظ: همـ، ابن تغري بردي)؛ العَدوي، أحمد زکي، مقدمة المجلد الأول لـ النجوم (ظ: همـ، ابن تغري بردي)؛ الغزي، محمد، الکواکب السائرة بأعیان المائة العاشرة، تقـ: جبرائیل سلیمان جبّور، بیروت، 1945م؛ المرجي الترکماني، أحمد، مقدمة النجوم (ظ: همـ، ابن تغري بردي).

محمدآصف فکرت
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: