الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن بقیة /

فهرس الموضوعات

ابن بقیة


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/5/3 ۱۲:۰۴:۴۱ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ بَقیَّة، أبوطاهر محمد (مقـ 6 شوال 367هـ/ 17 آذار 978م)، الملقّب بنصیرالدولة و الناصح، وزیر عزّالدولة بختیار من أمراء البویهیین في العراق. کان ابن مزارع من أهالي أوانا – قرب بغداد – نشأ في الفترة المضطربة من النصف الأوّل للقرن 4 هـ/ 10 م و أیّام ضعف خلفاء بغداد وقد استولی أثناء التحاقه بالعیّارین علی رسوم طریق دجلة العیا (أبوعلي مسکویه، 6/285).
ولا تتوفّر معلومات وافیة عن کیفیة التحاقه بمعزّ‌الدولة الذي کان یهدّد العراق آنذاک. و یروی أنّ أخا أبي طاهر محمد، المکنّی بأبي الحسن کان یعمل في مطبخ أمیر آل بویه فالتحق به أبوطاهر و صار یعمل في نفس المکان (ابن الجوزي، 7/61). وقیل أیضاً إنّه اتّصل بصاحب مطبخ معزّالدولة، المعروف بـ «مملة» و کان ضامناً لتکریت و رسوم العبور علی دجلة فتدرّج في حاشیته. و نظراً لکونه مبسوط الید فقد سیطر في النهایة علی مناصب مملة (أبوعلي مسکویه، ن. ص). وأصبح صاحب مطبخ معزّالدولة (ابن خلّکان، 5/118) ثم عزّالدولة بختیار. و بعد ذلک دخل شیئاً فشیئاً إلی مجالس أنس الأمیر حتی أمسک أخیراً بشؤون البلاط. و یحتمل أنّ أبا الفضل الشیرازي وزیر عزّالدولة الذي کان یری تهدید منافسیه لمرکزه احتاج في هذا الوقت إلی ابن بقیة لیحفظ غیبته في مجلس الأمیر (أبوعلي مسکویه، 6/286) ولکن من المستبعد أن یکون نفوذ ابن بقیة في البلاط و حاجة الوزیر إلیه سبباً في أن یفکر ابن بقیة بالوزارة لأنه کان یعرف جیّداً عجزه في فنّ الکتابة و القیام بشؤون البلاد و أنّ ادّعاءه للوزارة سیکون مثاراً للاستهجان. ولهذا لم یتمکّن من إخفاء دهشته وخشیته حینما حرّضه أبونصر إبراهیم بن یوسف، المعروف بابن السراج و محمد بن أحمد الجرجرائي، کاتب شرمزن، ضد الوزیر، بل واقترحا علیه أن یرشّح نفسه للوزارة، فصرّح بعدم قدرته في هذا المجال و لکن أخیراً و بتحریض هذین الرجلین و تعاون سبکتکین الحاجب، عزل بختیار الوزیر أبي الفضل الشیرازي و قبض علیه ابن بقیة فوراً و بعد یوم (7 ذي‌الحجة 362هـ/ 8 أیلول 973م) تقلّد الوزارة بشکل رسمي (م. ن، 6/309-313).
ومع کلّ هذا فمن الواضح بأنه لم یأخذ أمیر ضعیف کأبي تغلب الحمداني ولا وزیره علي بن عمروبن میمون منصبه الجدید مأخذ الجدّ (م. ن، 6/316) ولا حتی ابن بقیة نفسه، لأنّه أراد و هو في منصب الوزارة أن یؤدي واجباته کصاحب مطبخ أیضاً حیث واجه معارضة بختیار. حتی قیل إنّ الناس کانوا یطعنون بالوزیر الجدید سرّاً و علانیة وقد امتنع أبناءالنبلاء و الأشراف من الحدیث معه (الثعالبي، تحفة، 51-52)، ولکن نظراً لأنّ الخلیفة المطیع قد خلع علیه و القّبه بالناصح فقد دخل ابن بقیة فعلاً في زمرة أمراء حکومة آل بویه في العراق – والتي کان یهددها عضدالدولة آنذاک – و ذلک بصرفه 1,000 رطل من الثلج کلّ یوم و 4 آلاف من الشمع کلّ شهر (الهمداني، 212-213؛ قا: ابن الجوزي، 7/61، الذي قرأ «الثلج» «ملحاً»).
وهکذا یبدو أنّه عندما دخل عضدالدولة بغداد لأوّل مرّة، خضع ابن بقیّة لطاعته وساعده في مصادرة الأموال (الهمداني، 221). و یری أبوعلي مسکویه (6/346) أنّ ابن بقیة کان یخشی من مصیره في منصب وزارة بختیار و کان یدرک بأنّه إذاأمسک بزمام الأمور مرّة أخری، فسیفعل به مافعله بالوزیر السابق، لذلک التحق بعضدالدولة. إلّا أنّ الأمر لایبدو صحیحاً، لأنّ ابن بقیّة و بعد أن أقطعت له واسط و تکریت و عُکبری و أوانا بناءً علی طلبه واستوزره عضدالدولة لأبي الحسن ابن عضدالدولة (ن.ص) ذهب إلی واسط (364هـ) وأعلن فور وصوله تمرّده علی عضدالدولة و قبض علی ممثّلیه، و أعلن طاعته لبختیار. و بعد ذلک تحالف مع عمران بن شاهین، أمیر بطیحة و سهل بن بشر الذي اقتطع الأهواز، و کذلک مع المرزبان ابن عزّالدولة بختیار أمیر البصرة (ابن الأثیر، 8/651؛ أبوعلي مسکویه، 6/347؛ قا: الهمداني، 223) ضد عضدالدولة. و یذکر الهمداني (ص 221) أن عضدالدولة دعا ابن بقیة للصلح و أعطاه الأمان تجنّباً للحرب و لکن ایضاً ــــــــ معارضته فأرسل عضدالدولة إلی واسط جیشاً کان قد جهّزه لفتح البصرة (أبوعلي مسکویه، ن. ص). وانتصر جیش ابن بقیة في المعرکة علی خصمه نتیجة دعم القوة المساعدة التي أمدّه بها عمران بن شاهین. وبعدها أطلع رکن‌الدولة أبا عضدالدولة علی حاله و حال بخییار و عدوان عضدالدولة علی العراق (ابن الأثیر، ن. ص). وقد أدّی غضب رکن‌الدولة و تهدیده إلی أن یتخلّی عضدالدولة عن العراق مؤقتاً (ظ: ن. د، آل بویه) و یعود إلی فارس (364هـ/ 975م). وجاء بختیار إلی بغداد ثانیة، أما ابن بقیة الذي کان یخشاه فقد بقي في واسط حتی عاد في نهایة الأمر إلی بغداد بوساطة أبي الحسن محمد بن عمر العلوي وأبي نصر السراج و ذکّر بختیار بأنّه رفض إطاعة عضد‌الدولة من أجله، و قد سعی بختیار بدوره في تعظیمه أکثر من السابق و ربّما کان تلقیب الخلیفة الطائع ابن بقیّة بنصیر‌الدولة بإشارة منه (أبوعلي مسکویه، 6/354-355). ثم أخذ ابن بقیة یقرب نفسه في بغداد إلی أبي الفتح ابن العمید الذي عیّنه عضدالدولة هناک وقدّم له هدایا کثیرة (الهمداني، 224؛ یاقوت، 14/200).
کشف عضدالدولة الذي کان یتربّص دائماً لاحتلال العراق عن عزمه بعد وفاة أبیه رکن‌الدولة (366هـ)، فتحالف بختیار وابن بقیة مع عدد من الأمراء کأبي تغلب الحمداني و عمران بن شاهین وحسنویه الکردي وفخرالدولة أمیر الري ضد عضدالدولة (ابن الأثیر، 8/671). وذهب بختیار و ابن بقیة إلی واسط و من ثمّ إلی الأهواز. وأعدّ عضدالدولة بدوره الجیش. فأخذ الخوف بختیار بالنظر لعدم مساعدة بعض حلفائه له (ن. ص) فأراد العودة إلی واسط إلّا أنّ ابن بقیة منعه من ذلک و شجّعه علی الصمود (أبوعلي مسکویه، 6/367). وقدمني العراقیون بالهزیمة في المعرکة التي وقعت في ذي القعدة 366 وهرب ابن بقیة و بختیار إلی البصرة بمساعدة عمران بن شاهین و المرزبان بن بختیار (الهمداني، 233)، ولکنهما لم یتمکنا من البقاء في تلک المدینة بسب بالنزاع بین ربیعة و مضر فهربا إلی واسط. و هناک حاول ابن بقیة إطفاء نیران غضب بختیار من الهزیمة التي کانت قد نجمت جرّاء سوء تصرّف الوزیر و حرکته حسب قول ابن خلّکان (5/119). وقد بذل لهذه الغایة الأموال التي کان یملکها في واسط بغیة استمالة مقاتلي بختیار و تنظیم أموره (أبوعلي مسکویه، 6/370-371)، إلّا أنّ عضب بختیار لم یهدأ و أخیراً قبض علیه في 17 ذي‌الحجة من نفس السنة بتحریض إبراهیم بن إسماعیل الحاجب الذي اتّهم ابن بقیة بالتآمر لقتل الأمیر. فأرسل عضدالدولة الذي یضمر حقداً شدیداً علی ابن بقیّة شخصاً واستعد أن یعطي بختیار مالاً کثیراً مقابل تسلیمه ابن بقیة، ویروی أنه وافق علی أن یرسل إلی واسط غلاماً یحبّه بختیار کان قد وقع في أسره علی أن یسلمه ابن بقیة (الهمداني، 334). إلّا أن مستشاري بختیار شجّعوه علی قتال الوزیر و کانوا یعتقدون بأنّ ابن بقیة إذا ماذهب إلی عضدالدولة ربما یثیره ضد بختیار (أبوعلي مسکویه، 6/371، 377). وبما أنّ بختیار کان یسعی لإرضاء عضدالدولة و یتصور بأنه قد یعتبره مقصرّاً إذا ما أقدم علی إنزال العقاب بالوزیر (الصابي، 276)، فقد سمل عینیه وأرسله إلی عضدالدولة. فاحتفظ به الأخیر حتی بعد احتلال بغداد، حیث أمر بإلقائه تحت أرجل الفیلة ثمّ صلب (ابن خلّکان، ن. ص). و بقي مصلوباً حتی بعد وفاة عضدالدولة فأنزلوا عظامه في أیام صمصام‌الدولة و دفنوها (ابن الأثیر، 8/690).
ولاتخلو الأحکام التي أصدرها المؤرخون بحق ابن بقیة من تععصب، جعلت من الصعب تبنّي استنتاج واقعي لوزارته. صحیح أنّ ابن بقیة قطع الطریق الطویل ما بین مطبخ أمیر آل بویه الضعیف و اللاهي و بنی الوزارة بسرعة، إلّا أنّ ما أخذه الکتّاب علیه لابد أن ینصبّ علی عدم کفاءته في إدارة الدیوان والوزارة و لیس علی نسبه الوضیع الذي غطّی علیه بسخائه و مهارته في تقدیم الهبات (یاقوت، 14/200؛ قا: ابن خلّکان، 5/119). وقد کان سوء تدبیر ابن بقیّه سبباً في کثرة اللصوص في أیامه ببغداد  وتعرض أمن التجارة للخط الشدید (ابوعلي مسکویه، 6/355). و کان ابن بقیّة محباً للمال وجبایة الضرائب إلی خزانته. و کان إذا طالبه بختیار بالمال وضع الجند علی مطالبته (ابن الأثیر، 8/654) فثقل ذلک علی الأمیر. کما اعتبر ظالماً و سفاکاً (أبو حیّان، الإمتاع، 3/216)، لأنّه قتل محمدبن أحمد الجرجرائي الکاتب و المقرب من بختیار (أبوعلي مسکویه، 6/322) لما نغم له بالوزارة (أبوحیّان، مثالب، 16). وکذلک صادر أموال سهل بن بشر التي طلبها منه بختیار للخلاص من سلطة ابن بقیة وقتله بنفسه (أبوعلي مسکویه، 6/357-358). و یبدوهراءً قول أبي علي مسکویه الذي نشأ علی نعمة عضدالدولة والذي حاول إظهار هجوم مخدومه علی بغداد بأنه ناجم عن دسائس الوزیر و تبرئة عضدالدولة (6/355). ورغم أنّ ابن بقیة أساء الأدب و أظهر العداء و التطاول علی عضدالدولة ولم یفکر في العواقب إذ أنّ ذلک قد جری مع رجل مثل عضدالدولة وقد فعلها مع ضعف سیّده و هو خطأ (البیهقي، 195)، إلّا أنّه من الواضح أنّ الانصار علی بختیار غیر الکفوء و السیطرة علی العراق کان تفکیراً یراود عضدالدولة منذ أمد بعید، ویمکن القول فقط بأن من المحتمل أن یکون موقف ابن بقیة قد أعطاء مبرراً ومع کلّ ذلک فإن ابن بقیة لم یکن فقط مدعوماً من قبل بختیار الذي کان سبباً في أن یجعل منه أوّل وزیر یحصل علی لقبین (ابن خلّکان، 5/120)، و إنّما نظم أبوالحسن الأنباري أیضاً قصیدة في رثائه بعد موته (الثعالبي، یتیمة، 2/344) والتي انتشرت بسرعة إلی أن بلغت أسماع عضدالدولة فتمنی لوکان هو الذي صلب حتی تنظم بحقه تلک القصیدة (ابن خلّکان، 5/121).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الجوزي، عبدالرحمن، المنتظم، حیدرآباد الدکن، 1358هـ؛ ابن خلّکان، وفیات؛ أبوحیان التوحیدي، علي، الإمتاع و المؤانسة، تقـ: محمد أمین وأحمد الزین، القاهرة، 1939؛ م. ن، مثالب الوزیرین، تقـ: إبراهیم الکیلاني، دمشق، 1961م؛ أبوعلي مسکویه، أحمد، تجارب الأمم، تقـ: هـ. ف. آمدروز، القاهرة، 1333هـ/ 1915م؛ البیهقي، أبوالفضل، تاریخ، تقـ: قاسم غني و علي أکبر فیّاض، طهران، 1324ش؛ الثعالبي، عبدالملک، تحفة الوزراء، تقـ: حبیب علي الراوي و ابتسام مرهون الصفار، بغداد، 1977م؛ م. ن، یتیمة الدهر، القاهرة، 1352هـ/1934م؛ الصابي، إبراهیم، المختار من الرسائل، تقـ: شکیب أرسلان، بیروت، دار النهضة الحدیثة؛ الهمداني، محمد، تکملة تاریخ الطبري، تقـ: آلبرت یوسفکنعان، بیروت، 1969م؛ یاقوت، الددباء.

صادق سجّادي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: