ابن البصال

اِبنُ البَصّال، أبوعبدالله محمد بن إبراهیم الأندلسي الطلیطلي (تـ 499هـ/ 1106م)، نباتي مسلم وعالم في الزراعة، ودعي بابن الفصّال أیضاً. وقد تحدّث کحالة (ص 191) في تقریره حول الأوضاع الزراعیة وعلم النبات طوال التاریخ الإسلامي، عن شخصیتین مختلفتین هما: محمد بن إبراهیم بن الفصّال و إبراهیم بن محمد بن البصّال، و یبدو أنهما شخصیة واحدة (حول سبب التسمیة و تغییر البصال إلی الفصال، ظ: EI2, II/901). ورغم عدم حصولنا علی معلومات وافیة عن حیاته من المصادر التاریخیة بصورة مباشرة، إلا أنه یمکن رسم صورة عنها استناداً إلی الإشارات التاریخیة لعصره. و یبدو أنه ولد في طلیطلة، ورحل إلی کل من مصر و إیطالیا (الخیاط، 219)، وکانت حصیلة هذه الرحلات الحصول علی معلومات غزیرة و تجارب کبیرة في الزراعة و تربیة النباتات، ولایستبعد أن یکون قد جلب معه عند عودته إلی بلاده مختلف البذور و «الزریعات» التي جرّبها و اختبر أهمیّتها الزراعیة و الطبّیة (ن. ص). و بعد عودته إلی طلیطلة عمل لدی أبي الحسن یحیی المأمون أمیر بني ذي النون، و تولّی الإشراف علی حدائقه الواسعة (م. ن، 218؛ قا: عنان، دول الطوائف، 420). و عندما انتزع ملک قشتالة في الأندلس ألفونس السادس، طلیطلة من أیدي بني ذي النون نتیجة التشتّت والصراعات الداخلیة بین العرب في إسبانیا (ابن الأثیر، 10/142-143؛ قا: ابن خلدون، 4(2)/347-348)، توجّه ابن البصّال إلی إشبیلیة وعمل لدی المعتمد، ملک بني عبّاد و کانت حدائق بني عباد تأتي في الدرجة الثانیة بعد حدائق بني ذي النون بالأندلس سعة و مساحة (عنان، ن. ص)، و توفي آخر المطاف في قرطبة (EI2، ن.ص).
وأدی اهتمام الأندلسیین في عهد ملوک الطوائف (القرن 5هـ/11م) إلی إنشاء الحدائق و البساتین الواسعة الکثیرة، لظهور فئة لابأس بها من العلماء في فن البستنة و علم النبات، و تألیفهم لعدد من الکتب. و کان ابن البصّال من ضمن هذه الفئة (ظ: عنان، نهایة الأندلس، 446، 446، دول الطوائف، 419-420؛ قا: المقري، 4/150). و تتلمذ علیه طلبة مشهورون من أمثال أبي عبدالله محمد بن مالک الطغنري (عنان، دول الطوائف، 420).
آثاره: ألَّف ابن البصال أثره المهم کتاب الفلاحة أو دیوان الفلاحة، لأبي الحسن یحیی المأمون. وذکر ابن العوام (ن. ع) أنّه قد أخذ عنه الشيء الکثیر في تألیف کتابه الفلاحة و أشار إلی أن ابن البصّال قد ألَّف کتابه اعتماداً علی تجاربه الخاصة (جنثالث پالنثیا، 476). وذکر ابن غالب في کتابه فرحة النفس أنب التجربة قد شهدت لابن البصال بفضله (المقري، ن. ص). واختصر ابن البصال نفسه هذا الکتاب في 16 باباً وأشماه «القصد و البیان». و یمکن ملاحظة خلاصة لفصول هذا الکتاب و مواضیعه الرئیسة مع تقریر حول الوضع الزراعي العام في الأندلس و دور ابن البصال في ازدهاره في مقالة الخیاط (ص 214-227). وقد نشرت ترجمة قشتیلیة قدیمة تعود إلی القرون الوسطی لکتاب ابن البصّال بتنقیح خ. م. میلاس والیکروزا في مجلة الأندلس، عام 1948م (فولتون، 513)، وهناک ترجمة أخری قام بها میلاس و الیکروزا و محمد عزیمان وقدّما لها نشرت في تطوان عام 1955 م (واطسون، 347). و عرَّف میلاس والیکروزا مخطوطات جدیدة من آثار ابن البصال في تمودا، عام 1954 م (عواد، 1/132).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن خلدون، عبدالرحمن، تاریخ، بیروت، 1958م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفکر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1955م؛ الخیاط، جعفر، «ابن البصال رائد الفن الزراعي الحدیث في الأندلس»، مجلة المجمع العلمي العراقي، عد 15، 1387هـ/ 1967م؛ عنان، محمد عبدالله، دول الطوائف، القاهرة، 1380هـ/1960م؛ م. ن، نهایة الأندلس، القاهرة، 1386هـ/ 1966م؛ عوّاد، کورکیس، فهارس المخطوطات العربیة في العالم، الکویت، 1405هـ/1984م؛ کحالة، عمررضا، العلوم العملیة في العصور الإسلامیة، دمشق، 1392هـ/1972م؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: یوسف الشیخ محمد البقاعي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ واطسون، أندریو، الإبداع الزراعي، تجـ أحمد الأشقر، تقـ: محمد نذیر سنکري، حلب، 1405هـ/1985م؛ وأیضاً:

Fulton, Alexander Siand Martin Lings, Second Supplementary Gatalogue of Arabic Printed Books in the British Museum, London, 1959.
أبوالحسن دیانت