الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن بسام الشنتریني /

فهرس الموضوعات

ابن بسام الشنتریني


تاریخ آخر التحدیث : 1443/4/29 ۱۱:۵۳:۳۰ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ بَسّامٍ الشَّنتَرینيّ، أبوالحسن علي بن بسام (تـ 542هـ / 1147م)، أدیب و شاعر في عصر المرابطین في الأندلس. و رغم اشتهاره لیس لدینا إلا الیسیر من المعلومات عن حیاته ولاسیما أثناء فترة شبابه و لایعرف أصله و نسبه، کما لانعلم شیئاً عن حیاته و بیئته و نشأته وأساتذته في شنترین. و قد لایکون هذا الأمر عدیم الصلة بالموقع الجغرافي لهذه المدینة الواقعة في منطقة نائبة و عالیة بأقصی الغرب في الأندلس (ظ: الحمیري، 346). وقد اعتبر ابن سعید ظهور شخص کابن بسام في مدینة نائیة مثل شنترین التي کانت علی حد قوله «قاصیة الغرب و محل الطعن و الضرب» أمراً یثیر الدهشة (ظ: المغرب، 1/317). و لیس هناک مصدر آخر لمعرفة حیاته غیرما ذکره ابن بسام نفسه في مقدمة الذخیرة في ترجمة حاله و یبدو أن بقیة المصادر استفادت من هذه المقدمة في هذا الصدد.
ولایعرف تاریخ ولادته و من المحتمل أن تکون ولادته في بدایة النصف الثاني للقرن 5 هـ/11م (قا: نیکل، 220). لأنه ترک شنترین خلال سقوطها بید ألفونسو السادس في 486هـ/1093م (عنان، 298؛ قا: ابن بسام، 1(1)/19). و کانت هجرة ابن بسام بل فراره في الحقیقة من شنترین ناجمة عن اضطراب أوضاع المدینة و خط المهاجمین المسیحیین، و هو یصور المدینة خلال وصفه المجمل و المفجع لأوضاعها آنذاک بأنها مضطربة و مدمرة بشکل کامل جراء هجمات المسیحیین المتواصلة. و في أعقاب مغادرته لها اتجه نحو إشبیلیة ووصل إلیها بعد أن قطع طریقاً صعبة تحفها المخاطر (ابن بسام، ن. ص) ولیعیش هناک بضع سنوات وحیداً و بصعوبة و یبدو أنه کان یعتاش من قلمه و مدائحه (م. ن، 1(1)/19-20؛ قا: جنثالث پالنثیا، 289؛ عنان، 299؛ نیکل، 219). ویذکر في مقدمة الذخیرة (1(1)/20) هذه الفترة بمرارة و یقسو في نقده إشبیلة وأهلها الذین رحلعنهم العلم و الأدب کما یقول و یزنون کل شخص بفضته و ذهبه. و لاتتوفر معلومات دقیقة عن حیاة ابن بسام و رحلاته المحتملة منذ هذه الفترة ومابدعدها و کل مانعمله أنه سافر في 494هـ/1101م إلی قرطبة و آثر الإقامة فیها علی مایبدو (ظ: جنثالث پالنثیا، 288؛ عنان، ن.ص).
عاش ابن بسام حیاته کلها في عهد المرابطین باستثناء عدة سنوات من بدایة عمره یحتمل أنها کانت في آخر سنوات حکومة بني الأفطس ببطلیوس، أي آخر حکومة لملوک الطوائف في غرب الأندلس. و قد وضع وصول البربر المرابطین إلی الأندلس حداً لعشرات السنین من التشتت السیاسي الذي کان ولید تسلط ملوک الطوائف في هذه البلاد، کما وضع نهایة للازدهار الأدبي في ذلک الوقت، لقد کانت فترة ملوک الطوائف رغم تشتت الحکومات و خلافاً للتوقعات ازدهار الثقافة العربیة في الأندلس حیث نشأ الأدب و الفن في البلاطات المتعددة التي تحولت إلی مراکز لتجمع الأدباء و الشعراء. و علی الرغم من أن الإستقرار و الإتحاد اللذین کانا ینسمان بعنف المرابطین أحیاناً أدّبا بشدة إلی الحدّ من نشاط الحرکة العلمیة (قا: نیکل، ن. ص). فإن مابقي کان واسعاً وجذاباً بحیث مکن ابن بسام من أن یخصص کتابه الضخم بأکمله لذلک و أن یجعل من نفسه وارث تلک الثقافة وأحد ممثلیها الأخیرین، و لاشک في أن کتابه، الذخیرة في محاسن أهل الجزیرة الذي یعد من روائع الأدب الأندلسيیاتي في مقدمة جمیع المصادر التي بقیت في أدب تلک البلاد. و بالإضافة إلی ترجمته المختصرة التي سبقت الإشارة إلیها فإن مقدمته المفیدة التي دتج بها الکتاب تتضمن نقاطاً مثیرة جداً منها تفصیل الکتاب و بیان دوافع المؤلف لتألیفه. و یبدو أن کتاب یتیمة الدهر للثعالبي کان أول مارأی و تأثر به مما دفعه إلی کتابة شيء یشابهه و قد أشار إلیه مرات عدیدة، کما أنه یصرح (1(1)/32) بأنه نهج علی منواله علی الأقل للقسم الأخیر من الکتاب، إلا أنه یعترض علی الثعالبي دائماً لحذفه ترجمة الأشخاص (1(1)/34).
ویذکر ابن بسام نفسه (1(1)/12-13) في الذخیرة أنه لم یکن یهتم بشخصیات الدولتین المروانیة والعامریة لأن ابن فرج الجیاني ذکرهم في کتابه الحدائق و لهذا فقد اکتفی بذکر تراجم معاصریه. و مع أنه أشار في القسم الأخیر من الکتاب إلی عدد من المشارقة السابقین له کالثعالبي و مهیار الدیلمي، نراه یصرح (1(1)/17) بأن الفترة الزمنیة التي اهتم بها کانت القرن 5 هـ و بطبیعة الحال فلم یکن عثور ابن بسام علی تراجم معاصریه أمراً سهلاً، و کثیراً یضطر للبحث (1(1)/16) و خاصة إذا لم تکن توجد تراجم الشخصیات المطلوب ترجمتها في موضع و لم تکن آثارهم مدونة في کتاب (ن. ص). و من الواضح أنه لو عثر علی کتاب جدیر یمکن الإعتماد علیه فأنه کان من الطبیعي أن یأخذ بروایاته و یکملها عند الضرورة. و لهذا نری أن قسماً مفصلاً من «التاریخ الکبیر» لابن حیان ورد في الذخیرة، و یصرح نفسه بهذه المسألة، فیقول إنه استفاد في کثیر من الأحیان من تاریخ أبي مروان ابن حیان و نقل نفس روایاته (1(1)/18، 35). و نحن نعلم أن مراده من «التاریخ الکبیر» هو نفس المتین، تاریخ ابن حیان المشهور و بما أن هذا الکتاب المهم غیر موجود حالیاً فقد اکتسب کتاب الذخیرة أهمیة خاصة لاشتماله علی القسم الأکبر منه، و من ناحیة أخری فإن ابن بسام کان بلاشک یمتلک مصادر متعددة أخری بالإضافة إلی تاریخ ابن حیان، ولایخفی أنه استفاد من المعلومات التاریخیة التي احتوتها أرجوزة عبدالجبار المعروف بالمتنبي و التي ذکرها في جمیع فصول الذخیرة (1(2)/916-944) و أشار إلی کتب ملیئة بالتشویش و التصحیف بخط رديء لایقرأ (1(1)/15) والتي لم تکن عدیمة الفائدة طبعاً، بالإضافة إلی هذا فإنه نقل مراراً نفس عبارات ابن رشیق في المباحث البلاغیة من دون الإشارة إلی مصدرها (ظ: الدایة، 378 و مابعدها).
و علی خلاف کثیر من الکتّاب السابقین عرض ابن بسام في مقدمة کتابه فهرساً کاملاً إلی حد مالکتابه. وقد قسم فهرسه أولاً إلی 4 أقسام، یتناول کل قسم منها شخصیات إحدی نواحي الأندلس: القسم 1. قرطبة وأطرافها؛ القسم 2. ناحیة الأندلس الغربیة وإشبیلیه حتی ساحل المحیط الأطلسي؛ القسم 3. ناحیة الأندلس الشرقیة؛ القسم 4. أولئک الذین نزحوا إلی الأندلس في تلک الفترة الزمنیة. ثم عدد في نهایة کل قسم من هذه الأقسام، أسماء الذین ترجم حیاتهم. و بهذا الترتیب جاء في القسم الأول 34 عنواناً، و في القسم الثاني 46 عنواناً، و في القسم الثالث 33 عنواناً، وفي القسم الرابع 32 عنواناً، إلا أن بعض هذه العناوین تنضمن ترجمة اثنین أو أکثر (1(1)/22-32).
إن دافع ابن بسام في تألیف الکتاب کما یذکره بلغة صادقة و حزینة أحیاناً یثیر انتباه کل قارئ، في الدرجة الأولی حبه الشدید لبلاد أجداده الذي حمله علی تدوین الذخیرة. إن انتشار ثقافة بلاد المشرق في الأندلس و اعتماد الناس علیها و اعتقادهم بها أکثرما ینبغي أدی إلی أن ینظر أهل الأندلس نظرة إعجاب إلی کل ما هو شرقي. و بالمقابل کانوا ینظرون إلی ماعندهم بازدراء. حیث کان ابن بسام یشاهد ذلک باستیاء في کل مکان و یظهر عدم ارتیاحه من إعجاب الناس بکل صوت یرتفع من الشرق (1(1)/12) أو أن تکون أسماع الأندلسیین قد تشبعت بالأشعار الجاهلیة القدیمة (1(1)/13-14) و لایعرف سبباً یدعو لاختصاص کل ما هو جی بالشرق (1(2)/12). وفي حین امتلأت الأندلس نفسها بوجوه العلم و الأدب المشرقة (ن. ص؛ قا: جنثالث پالنثیا، 290؛ الدایة، 372). و یخشی أن یظل مشاهیر تلک البلاد مجهولین و «أن تعود بدوره أهلة، و تصبح بحاره ثماداً مضمحلة مع کثرة أدبائه و وفور علمائه» (ابن بسام، ن. ص) و لهذا یبادر بتخلید تلک الأسماء المضیئة في الذخیرة. وقد فرض علی نفسه أثناء تدوین تراجم الأشخاص أن یکتب حیاتهم و آثارهم فقط ولایجنح إلی الشرح و التعلیق، و مع کل هذافقد اضطر أحیاناً إلی نقدهم و کشف الصور البلاغیة و قیمتها الأدبیة، خاصة في مجال «السرقات» و في هذا استفاد من آثار الآخرین أیضاً (1(1)/16-17؛ قا: الدایة، 373). وذهب أحیاناً إلی ما هو أبعد من حد انتقادات الشکل في الشعر فتناول مضامینه العامة أیضاً، فمثلاً انتقد و بتأثیر معتقداته المذهبیة شعر أبي العلاء المعري و السُمَیسر لتعارضه مع الشریعة (1(2)/809). و یبدو أن هذه العقیدة والأخلاق‌الدینیة الطیبة قد حالتادون طرقه الهجاء الساخر و البذيء الذي نراه في نقائض جریرو الفرزدق، بل و یعترض علی الثعالبي، الذي نقل مثل هذا الهجاء و یعتقد بأنه سیتحمل وزر ذلک لامحالة (1(1)/546)، ولکنه بطبیعة الحال لایری ضیراً في الهجاء المعقول و المؤثر الذي سماه (نجاء الأشراف» (1(1)/544).
ویدل نثر ابن بسام المنظوم والمتکلف علی سعة اطلاعه وولعه الشدید للصنائع اللفظیة و یصرح بذلک قائلاً: «أنواع البدیع ذي المحاسن، الذي هو قیم الأشعار و قوامها» (1(1)/16) ولذلک یستفید من القیاسات البدیعة في معظم الحالات التي یمارس فیها النقد  تقییم الأشعار و المقارنة فیما بینها (قا: الدایة، 378 و ما بعدها) و ربما کان توجهه العام إلی الفن و البلاغة – اللذین هما أیضاً من ابتکارات بلاد المشرق – سبباً في إحجامه عن إدخال الموشحات بین أشعار العرب التقلیدیة رغم کل الشوق إلی الإبتکارات الخاصة بالأندلس لأنها نظمت في أعاریض غیرمعمول بها (1(1)/469) و أوزانها التي غالباً ماتکون أعاریضها غیر أعاریض شعر العرب، خارجة عن دائرة هذا الکتب (1(1)/470).
وتمتاز الذخیرة بالإضافة إلی الناحیة الأدبیة بأهمیة تاریخیة واستعة لاحتوائها علی تراجم الکثیر من الخلفاء و الوزراء و الأمراء و تشیر أیضاً إلی علاقه الشعراء و الکتّاب ببلاطات الأندلس و إلی الأحداث التاریخیة، ولم یتم هذا العمل مصادفة و إنما عن قصد ووعي لأنه یصرح بنفسه قائلاً: «اعتمدت المائة الخامسة من الهجرة فشرحت بعض محنها، و جلوت وجوه فتنها، و لخصت القول بین قبیحها وحسنها، وأحصیت علل استیلاء طوائف الروم علی هذا الإقلیم» (1(1)/17).
و رغم کل ماکان یتمتع به ابن بسام من علم و ذکاء لم یتخل عن تواضعه حیث یقول إنه لم یأت بشيء بدیع و غریب و لایدعي أنه ابتکر شیئاً جدیداً إلا أنه یأمل أن یکون قد وفق علی الأقل في الشرح و البیان و التحقیق والجمع (ن. ص).
و ذکر دوزي تاریخ تألیف الکتاب 503هـ/1109م (ظ: شکیب أرسلان، 3/70)، وقلده جنثالث پالنثیا (ص 289)، و محل تألیفه إشبیلیة، و کرر ذلک بعض الکتّاب العرب من دون ذکر المصدر (ظ: مثلاً عنان، 301) إلا أن هذا التاریخ لایشاهد في الذخیرة و المصادر القدیمة الأخری. و بدأ طبع قسم من کتاب الذخیرة منذ 1939م و أصبح طبع الکتاب عرضة للحوادث باستمرار حتی 1975م حیث کان یترک العمل بطبعه في منتصف الطریق، إلا أنه بدئ بطبعه في تلک السنة بمساعي إحسان عباس و انتهی في 1979م. وقداختصر ابن المماتي (تـ 605هـ/1209م) کتاب الذخیرة (جنثالث پالنثیا، 293).
وقد ألف ابن بسام بالإضافة إلی الذخیرة کتباً أخری أیضاً لم یصلنا أي منها علی مایبدو: کتاب الاعتماد علی ماصح من أشعار المتعمد بن عباد؛ کتاب الإکلیل علی ذکر عبدالجلیل (مجموعة من أشعار ابن وهبون)؛ سلک الجواهر في ترسیل ابن طاهر؛ الإختیار من أشعار ذي الوزارتین أبي بکر بن عمار (م. ن، 289؛ الدایة، 372).
ونظم ابن بسام الشعر أحیاناً، و لاتخلو الأبیات الثلاثة التي سجلتها. جمیع المصادر باسمه من اللطافة (مثلاً: ابن سعید، زایات، 45، المغرب، 1/418، عنوان المرقصات، 67؛ المقري، 3/203 ومابعدها). أما أبیاته المتفرقة التي یمکن العثور علیها أحیاناً في صفحات الذخیرة فکانت في معظم الأحیان مثاراً للنقد فیلاحظ أن ابن سعید مثلاً یعتبر شعره «نازلاً» (المغرب، ن.ص) و ربما وقع في فخّ ذکره هو بحق «العلماء» فیقول في شعر ابن سراج الفقیه: لقد کان العلماء منذ القدیم لایتقنون من الشعراء إلا قلیلاً (ابن بسام، 1(2)/823-824).

المصادر

ابن بشام، علي، الذخیرة في محاسن أهل الجزیرة، تقـ: إحسن عباس، لیبیا/ تونس، 1981م؛ ابن سعید، علي، رایات المبرزین، تقـ نعمان عبدالمتعال القاضي، القاهرة، 1392هـ/1972م؛ م. ن، عنوان المرقصات، بولاق، 1286هـ؛ م. ن، المغرب في حلي المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1953م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفکر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس القاهرة، 1955م؛ الحمیري، محمد، الروض المعطار، تقـ: إحسان عباس، 1980م؛ الدابة، محمد رضوان، تاریخ النقد الأدبي في الأندلس، بیروت، 1401هـ/ 1981م؛ شکیب أرسلان، الحلل السندسیة في الأخبار …، بیروت، 1355هـ/1936م؛ عنان، محمد عبدالله، تراجم إسلامیة، القاهرة، 1390هـ/1970م؛ المقري، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ وأیضاً:

Nykl, A. R., Hispano-Arabic Poetry, Baltimore, 1946.
آذرتاش آذرنوش، مهران أرزنده
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: