ابن بشکوال

اِبنُ بَشکُوال، أبوالقاسم خَلَف بن عبدالملک بن مسعود بن موسی بن بشکوال بن یوسف بن داحَة بن داکة بن نصر بن عبدالکریم ابن واقد الخزرجي الأنصاري، المعروف بابن بشکوال (494-578هـ/1101-1183م)، حافظ و محدّث و مؤرخ قُرطبي أَندلسي. اختلف المؤرخون في ذکر أجداده ولکنه ذکر بنفسه (2/366) أسماء أجداده في ترجمة أبیه بالشکل الذي أوردناه.
ولد ابن بشکوال في أسرة تنسب إلی سوریون (هي قریة مجهولة في شرق الأندلس من سهل بَلَنسیة) في قُرطبة. درس وسمع الحدیث أولاً في مسقط رأسه من أبیه و أبي محمد ابن العتّاب و أبي الولید ابن رُشد، ثم ذهب إلی اِشبیلیة و سمع فیها أبا محمد ابن یربوع و أبابکر ابن العربي وأباالحسن شُریح بن محمد. و أجازه عدد من العلماء مثل أبي عِمران ابن أبي تلید و أَبي جعفر ابن بَشتَغَیر وأبي القاسم ابن منظور و أبي القاسم ابن أبي لیلی و أبي الحسن ابن واجب و أبي علي ابن سَکَّرة الصَّدَفي وغیرهم. وقد اعتبر ابن بشکوال إجازة أبي علي الصدفي أهم إجازاته. کما أجازه من أهل المشرق أبوطاهر السَّلَفي وأبو المظفَّر الشیباني وأبوعلي ابن العَرجاء أیضاً. وسمع الحدیث من کثیر من العلماء ورَوی عنهم. وکان شدید العنایة بالحدیث و حفظه، وقد اکتسب الکثیر من المعلومات بمطالعة حوالي 400 کتاب، وأصبح رأس محدثي قُرطبة. و کان متبحِّراً في تاریخ الأندلس قدیمه وحدیثه (ابن الأبّار، التکملة، 1/305-306، المعجم، 83).
وَلِيَ ابن بشکوال القضاء لأول مرةٍ في إشبیلیة نیابة عن أستاذه أبي بکر ابن العربي قاضي القضاة في تلک المدینة، وتولّی عقد الشروط بقرطبة. ولکنه مالبث أن ترک حرفة الدیوان والقضاء وعاد ثانیة إلی طلب العلم و لاسیما سماع الحدیث و التدوین و التحقیق. و ربّی تلامذة کثیرین. ورحل إلیه طلاب العلم للسماع من مختلف الأرجاء، منهم أبوبکر ابن خَیر و أبوالقاسم القنطري و أبوالحسن ابن فیدو أبوبکر ابن سمجون و أبوالحسن ابن الضحاک و أبوالقاسم أحمدبن محمد بن أحمد بن رُشد وأحمد بن عبدالمجید المالقي و غیرهم. وقد توفي بعضهم في حیاته (م. ن، التکملة، 1/307؛ الذهبي، سیر، 21/140) وممّن روی عنه بالإِجازة أبوالقاسم سبط السلفي وأبوالفضل الهمداني (م. ن، تذکرة، 4/1340).
وکان ابن بشکوال ینظم الشعر أیضاً وقد أورد له ابن سعید (1/58-59) أبیاتاً من شعره في مرح أبي هب عبدالرحمن العبّاسي الزاهد (تـ 344هـ/955م)، وصرَّح الذهبي بأنه لم یخرج من الأندلس (سیر، 21/141). توفي ابن بشکوال في مسقط رأسه و دفن في مقبرة ابن عباس علی مقربة من قبر الإمام یحیی بن یحیی (ابن الأبار، التکملة، ن. ص).

آثاره

لابن بشکوال آثار و تألیف کثیرة تصل کما ذکر ابن الأبار (ن. ص) إلی 50 تألیفاً، ومن آثاره التي وردت باسمه في الکتب التاریخیة والرجالیة: 1. المحاسن والفضائل في معرفة العملاء الأفاضل، في الرجال، وفي 21 جزءاً (ن. ص)؛ 2. طرق حدیث المغفر، في 3 أجزاء؛ 3. القربة إلی الله بالصلاة علی نبیه (ص)؛ 4. ذکر من روی الموطأعن مالک، في 3 أجزاء؛ 5. أخبار الأعمش؛ 6. ترجمة المحاسبي؛ 7. ترجمة إسماعیل القاضي؛ 8. أخبار ابن وهب: 9. أخبار ابن المطرف القنازعي؛ 10. أخبار ابن المبارک، في جزأین؛ 11. أخبار ابن عیینة؛ 12. المسلسلات؛ 13. طرق حدیث من کذب عليَّ؛ 14. ترجمة النسائي؛ 15. قضاة قرطبة، في 3 أجزاء (الذهبي، ن. ص)؛ 16. تاریخ صغیر في أحوال الأندلس (ابن خلّکان، 2/240). وقد استفاد المقّري التلمساني من هذا الکتاب في نفح الطیب، و سمّاه تاریخ أصحاب الأندلس (3/181)؛ 17. زهّاد الأندلس وأئمتها، استفاد منه ابن سعید (1/166)؛ 18. التنبیه و التعیین لمن دخل الأندلس من التابعین، استفاد المقّري من هذا الکتاب أیضاً (3/60، 64)؛ 19. المعجم، في ذکر مشایخه، وقد صرَّح ابن الأبار بأنه أورد في ذیل هذا المعجم أثناء استنساخه منه ما أغفله ابن بشکوال من أسماء شیوخه في کتاب الصلة (التکملة، 1/305).
أهم الکتب التي طبعت لابن بشکوال حتی الآن و أکثرها قیمة کتابه الشهیر الصلة، وقد أتمّ تألیفه في 534هـ (ابن خلّکان، ن. ص) و هذا الکتاب تکملة لـ تاریخ علما الأندلس تألیف أبي الولید عبدالله ابن الفرضي (تـ 403هـ/1012م)، وقد ألَّفه ابن بشکوال بطلب من استاذه أبي العباس ابن العریف الزاهد، وأورد فیه ترجمة کثیر من الأئمة والمحدّثین والفقهاء بالأندلس، و صرَّح ابن الأبار الذي استدرک کتاب الصلة بتألیف التکملة أن کتاب الصلة في فنّه خطیر القیمة وأغلاطه قلیلة، أشار إلیها في کتاب بالتکملة، واستدرک فیه ما أغفل وأتم ما أنقص (ن. م، 6/306). نشر کتاب الصلة لأول مرة عام 1883م إلی 1892م بمدرید بتحقیق فرنسشکه قداره مع مقدمة ضمن مجموعة من 8 مجلدات باسم المکتبة الأندلسیة، في جزأین، کما طبع هذا الکتاب مرات عدیدة في بیروت و القاهرة (فندیک، 104، 256؛ مشار، 731). و من آثاره أیضاً غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحادیث المسندة، ألَّفه علی أسلوب الخطیب البغدادي، و بیَّن الرواة المجهولین في الأحادیث، و هو في 13 جزءاً، حققه لأول مرة عزالدین علي السید و محمد کمال‌الدین عزالدین و نشراه في مجلدین ببیروت عام 1407هـ/1987م. ویقع المجلد الأول في 7 أجزاء والثاني في 6 أجزاء، وذکر ابن الأبار أن أبا الخطاب ابن واجب لخّص هذا الکتاب (التکملة، ن. ص).
أما بقیة آثاره فهي: الفوائد المنتخبة والحکایات المستغربة، في 20 جزءاً (ن. ص)، وهو مختصر لکتاب المنتخب من تاریخ الرؤساء والفقهاء و القضاة بطلیطلة، تألیف أبي جعفر ابن مظاهر (جنثالث پالنثیا، 274-275)؛ کتاب المستغیثین بالله عزوجل عند المُلمّات و الحاجات …، توجد مخطوطة من هذا الکتاب في دار الکتب الظاهریة، قسم الأدب، رقم 3771، المجامیع 34 (الظاهریة، 2/225-226)، وقد ضبطه حاجي خلیفة بـ المستعین بالله أیضاً (2/1674).

المصادر

ابن الأبار، محمد، التکملة لکتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1375هـ/ 1955م؛ م. ن، المعجم، مدرید، 1885م؛ ابن بشکوال، خلف، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن سعید، علي، المغرب في حلي المَغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1953م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفکر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1955م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ الذهبي، محمد، تذکرة الحفاظ، تقـ: عبدالرحمن المعلمي، بیروت، 1956م؛ م. ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: بشّار عواد معروف و محیي هلال السرحان، بیروت، 1404هـ/ 1984م؛ الظاهریة، المخطوطات؛ مشار، خانبابا، فهرست کتابهای چاپي عربي، طهران، 1344ش؛ المقّري، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ فندیک، ادوارد، إکتفاء القنوع، القاهرة، 1896م.

علي رفیعي