الصفحة الرئیسیة / المقالات / ابن برکة /

فهرس الموضوعات

ابن برکة


تاریخ آخر التحدیث : 1443/4/29 ۱۰:۱۰:۱۲ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ بَرَکَة، أبومحمد عبدالله بن محمد البَهلوي السلیمي، فقیه أباضي في عُمان في القرن 4 هـ/10م. و قد ضبط اسمه و لقبه في الجامع لابن جعفر (2/445): «عبدالله بن محمد بن عبدالله بن محمد بن برکة». و هو من أهالي بَهلا إحدی قری عمان و لهذا یسمی بالبهلوي (العبري، 2-3). ویمکن أن یکون سبب اشتهراه بالسلیمي نسبة إلی قبیلة بني سلیم أیضاً. ولم تذکر المصادر سنة ولادته و وفاته بدقة، ولکن یتّضح من خلال طبقة شیوخه أن حیاته العلمیة کانت في المنتصف الثاني للقرن 4 هـ، وإن أکثر أساتذة ابن برکة تأثیراً علیه في مصنّفاته هو أبو مالک غسّان بن محمد بن الخضر الصلاني من أبرز علماء عمان آنذاک (ظ: ابن برکة، التعارف، 25، 29، الجامع، 1/304، 625). وکان ابن برکة یصحب أبا مالک حتی في بعض أسفاره (م. ن، التعارف، 22)، و یری ابن مُداد المؤلف العماني الأباضي أن سعید بن عبدالله بن محمد بن محبوب الذي کان من بیت علم و إمامة، وقد تسنم لفترة منصب الإمامة أیضاً، کان أستاذ ابن برکة (حکم بعد 320-328هـ/932-940م؛ وفي هذا الباب، ظ: بجر، مقدمة، 125؛ الحارثي، 256-257؛ EI2). ویمکن ملاحظظ مایؤید کلامه في الجامع لابن جعفر (1/169). ولابدّ أن نذکر من شیوخه الآخرین، محمدبن یزید بن ربیع و محمدبن علي الداودي، وقد روی في آثاره عنهما بلفظ «أخبرني» و «حدّثني» (التعارف، 21؛ الجامع، 1/404). ومن أشهر تلامیذ ابن برکة أبوالحسن البسیوي (العبري، 3) الذي ختم فهرسته في کتابه سیرة السؤال، باسم أستاذه (ابن برکة) ضمن عدِّه للرجال الذین استلهم منهم عقائده منذ صدر الإِسلام إلی ذلک الیوم (ظ: الکندي، 3/297-298).
ونحن نعلم بأن ابن برکة کان أثناء شبابه یمیل من الناحیة السیاسیة إلی مدرسة الرستاق جرّاء تأثره بأستاذه أبي مالک الذي کان من أتباع هذه المدرسة ومن أنصار الإمام الصلت بن مالک (ظ: ابوسعید الکدمي، 1/224)، و ربّما ساهمت بعض العوامل الأخری أیضاً في التأثیر علیه بهذا الاتجاه (ظ: الکندي، 4/105، 139)، ویذکر ابن مُداد أنه کان من أعوان الإمام سعید بن عبدالله (ظ: EI2). ومن الصعب أن نبدي رأیاً حول موقفه بدقة خلال الاضطرابات في القرن 4 هـ بعد مقتل هذا الإمام المحبوب. فقد تنازع آنذاک السلاطین غیر الأباضیین (ولاسیما النبهانیین) والأئمة الأباضیة الضعفا في العقیدة علی إدارة جمیع نواحي عمان، و کان قد فقد المجتمع الأباضي وحدته من جهة أخری (للتفصیل في الموضوع، ظ: بجر، 31-29؛ وجا ڤالیري، 263 ومابعدها؛ الحارثي، ن. ص).
وتشیر بعض آرائه الفقهیة إلی أنه کان یری أن مصلحة أباضیة عمان في مثل هذه الظروف تکمن بحفظ الاستقرار والاحتراز من العجلة في الإقدام علی عمل ما. وإن موقفه الحیادی من مسألة ولایة الطرفین المتخاصمین بالرغم من کونه من أتباع المدرسة الرستاقیه یشیر إلی أنه کان یأبي التورّط لصالح التجمعات غیر المستقرة (ظ: الکندي، 3/242، 4/55-56). وکان یدعو الأباضیین في تلک الفترة الحاسمة من تاریخهم إلی الإقامة في أراضیهم و یمنعهم من مغادرتها (ظ: ابن برکة، ن. م، 1/201)، و بهذا کان معارضاً للدعایات التي تمارسها تلک الجماعة من الرستاقیین بإرسال مبلغیهم إلی أقصی نقاط عمان لدعوة الأباضیین بلزوم البراءة من موسی بن موسی وراشد بن نظر و الحصول علی الهدایة برحیلهم إلی صُحار و سَمائل (ظ: ابوسعید الکدمي، 2/71-72، 161-167).
وکان ابن برکة یدعو الأباضیین لإقامة صلاة الجمعة مع أئمة الجور و یطلب منهم ألایعیروا أهمیة لتحریض الأئمة الذین لیس لهم اعتبار کامل وذلک حرصاً منه علی توفیر إمکانیة تعایش الأباضیة مع مخالفي المذهب المسیطرین علی الحکم (ن. م، 1/553-558)، و کان یری حتی جواز مشارکة أئمة الجور في الحروب (ن. م، 1/204). وکان تأکیده علی أن للنهي عن المنکر شروطاً، وجعلهم یقبلون بعدم وجوب النهي عن المنکر عند الیأس لأن ذلک بإمکانه أن یساعدهم علی حفظ استقرارهم (ن. م، 1/180). و علی الرغم من کل ذلک طبعاً فإن النفسیة التي تحکم آثار ابن برکة هي أحقیة الأباضیین وجور الحکام من غیرهم، و تشیر إلی أنه کان صدیقاً للأباضیین العمانیین وذا أفکار إصلاحیة ولم یکن عالماً مداهناً.
ولم تبد هذه الأراء الإصلاحیة و النزوع إلی المرونة في الأفکار السیاسیة عند ابن برکة فقط، بل أنها ظاهرة في آرائه الاجتماعیة أیضاً، وعلی سبیل المثال فقد حکم ابن برکة في علاقة الأباضیین بأهل الذمة، بأنهم مجازون في إیجاد علاقات ودیة مع أهل الذمة خلافاً لأغلب من تقدمه من العلماء (ن. م، 1/226). وکتاب التعارف لابن برکة یمثل القمة بالنسبة لهذا اللون من الرأي، حیث سعی في جمیع صفحات کتابه لإبعاد الأباضي الملتزم عن الوسوسة وإضفاء نوع من الاسقرار و الطمأنینة الروحیة علیه في حیاته الاجتماعیة؛ و قلّما نجد نظیراً لهذا الکتاب.
وإن اطلاع ابن برکة الواسع في علم الفقه علی الآراء المختلفة لفقهاء الأباضیة و غیرهم یستحق التقدیر، حیث إنه لم ینقل في کل باب من أبواب الفقه آراء فقهاء الأباضیة المتقدمین فقط، ویذکر حتی آراء الفقهاء غیر المعروفین مثل أبي بکر الموصلي وهاشم بن عبدالله الخراساني، بل أورد آراء فقهاء أهل السنة ابتداء من أبي حنیفة ومالک والشافعي إلی داود الظاهري و أبي ثور، ولابدّ أن ینظر إلی کتاب الجامع لابن برکة باعتباره کتاب فقه استدلالي – مقارن إلی حدٍما.
أما فیما یتعلق بآراء الفقهاء الأباضیة المتقدمین، فبالرغم من أنه یسعی لإظهار آرائهم المختلفة بصورة غیر متناقضة و«یجمع» فیما بینها حسب مایصطلح علیه (ظ: الکندي، 5/338-339)، ولکنه کان یعتمد في تفضیل آراء أحد الطرفین علی الأدلة (الجامع، 1/328)، وعلی‌هذا الأساس فقد انتقد مرات عدیدة آراء فقهاء کبار من أمثال محمد بن محبوب و ابن جعفر (ظ: ن.م، 1/225، 276، 347). إن إطلاع ابن برکة علی فنون الأدب، ولاسیما علی اللغة، جعله قادراً علی الاستفادة من الأدلة اللغویة في استدلالاته الفقهیة في أیة فرصة سنحت له (مثلاً ظ: ن. م، 1/124-126). وقد جمع بعض المواضیع المتفرقة من علم الأصول تحت عنوان مقدمة لکتاب الجامع، و هي ذات أهمیة کبیرة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار النماذج المدوّنة لأصول الفقه في القرن 4 هـ/10م.
ومما یُقرَّب فِقهَه من الفقه الحجازي قوله بحجیة أقوال الصحابة (ن. م، 1/22)، وجعله القیاس في الرتبة التي تلي التوقیف (ن. م، 1/122)، حیث إن استشهاد ابن برکة بسیرة أهل عمان في إثبات حکم فقهي (ظ: الکندي، 6/161) یذکِّر بتمسک المالکیة بسیرة أهل المدینة. و من ممیّزات فقه ابن برکة أیضاً أنه یقسم الواجب إلی قسمین الفریضة والسنة شأنه في ذلک شأن جماعة من الفقهاء قبله (ظ: الجامع، 1/580) وتبدو النتیجة العملیة لمثل هذا التفکیر في بعض آرائه (مثلاً ن. م، 1/331، 375). و کان ابن برکة من العلماء العمانیین القلائل الذین بلغ صیتهم المغرب، واشتهر هناک أیضاً باعتباره عالماً بارزاً (ظ: الوارجلاني، 1(2)/23).

آثاره

یمکن اعتبار العناوین التالیة سوی الجامع والتعارف من آثار ابن برکة: 1. التقیید، حیث نقل قسم منه في التعارف (ص 42-53) و موضوعه فقهي؛ 2. السیرة، حول أوضاع عمان في عصر الإمام الصَلت بن مالک؛ 3. شرح للجامع لمحمد بن جعفر الأزکوي في الفقه (ظ: ن. د، ابن جعفر)؛ 4. مدح العلم؛ 5. الموازنة، في اعتزال الإمام الصلت بن مالک و أوضاع عمان آنذاک (حول مخطوطات هذه الکتب، ظ: EI2؛ مقدمة السیر والجابات، 9؛ وأیضاً ظ: الحارثي، 277-278؛ الکندي، 4/19، 113، مخـ)؛ 6. الاقلید (الحارثي، 278)؛ 7. المبتدأ (ن. ص)، حیث نقل الکندي أقساماً منه (3/111-118، مخـ). کما استفید من نسخة بعنوان المنصورة لأبي محمد (یبدو ابن برکة) في عدة مواضع من بیان الشرع للکندي (2/156، 193، مخـ)، وقد نقلت أیضاً أقسام من رسالة جوابیة لابن برکة في مختلف صفحات الجامع للفضل ابن الحواري (1/75، 261، مخـ).

المصادر

ابن برکة، عبدالله، التعارف، عمان، 1404هـ/1984م؛ م. ن، الجامع، تقـ: عیسی یحیی الباروني، عمان، 1394هـ/1974م؛ ابن جعفر، محمد، الجامع، تقـ: عبدالمنعم عامر، القاهرة، 1981م؛ ابوسعید الکدمي، محمد، الاستقامة، عمان، 1405هـ/1985م؛ الحارثي، سالم، العقود الفضیة، عمان،1403هـ/1983م؛ السیر و الجوابات، تقـ: السیدة إسماعیل کاشف، عمان، 1406هـ/1986م؛ العبري، إبراهیم، «رسالة حول نواحي عمان»، ملحق بالعقود الفضیة (ظ: همـ، الحارثي)؛ الفضل بن الحواری، جامع، عمان، 1406هـ/1985م؛ الکندي، محمد، بیان الشرع، عمان، 1404هـ/1984م؛ الوارجلاني، یوسف، الدلیل والبرهان، تقـ: سالم بن حمد الحارثي، القاهرة، 1403هـ/1983م؛ وأیضاً:

Badger, G.p., History od the Imâms & seyyids of ‘ Omân, London, 1986; EI2; Veccia Vaglieri, L., “L’imāmato Ibāḍita dell’ Omān”, Annali, Nuova Serie, Naples, 1949, vol. III.
أحمد پاکتچي

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: