ابن ایاس

اِبنُ إیاس، أو أیاس (في اللهجة العامیة)، أبو البرکات محمدبن أحمد بن إیاس الناصري الحنفي (6 ربیع‌الثاني 852- بعد 928هـ/ 9 تموز 1448-1522م)، مؤرخ مصري. کان جده لأبیه الفخري إیاس (تـ 853هـ/ 1449م)، من ممالیک السلطان الظاهر برقوق و یکنّی باسم أو لقب أول صاحب له «من جُنید»، وصل إلی رتبة الدوادار في دولة الملک الناصر فرج. کما وصل والده الشهابي (شهاب‌الدین أحمد بن إیاس، تـ 908هـ/ 1503م) إلی رتبة الدوادار الثاني في دولة الناصر فرج بن برقوق، و عاش 84 عاماً ورزق 25 ولداً، عاش منهم صبیّان وبنت. کان أحمد من المشاهیر و یعاشر الأمراء و أرباب‌الدولة.
ذکر ابن إیاس کلاً من جلال‌الدین السیوطي و عبدالباسط بن خلیل الحنفي و شمس‌الدین القادري بعنوان «شیخنا» (3/118، 4/79، 83). و حجّ في 882هـ/ 1478م و تحدّث عمّا کابده من صعوبات في هذا السفر (3144-145). و کانت تربطه علاقة وثیقة برجال البلاط و الأمراء في مصر أیضاً، و مدح أکثرهم أو رثاهم بعد وفاتهم. وقد وردت مقطوعات من مدائحه هذه التي لم تکن بالقلیلة في کتابه، و منها أبیات في مدح الأمیر خایربک نائب‌السلطنة (5/209)، و کاتب السرّ ابن أجا (ن. ع) (4/248، 251)، و نائب کاتب السرّ أحمد بن الجیعان (4/183)، وقاضي القضاة کمال‌‌الدین (4/469)، والأمیر سودون العجمي (4/220)، و برکات بن موسی المحتسب (5/247)، کما مدح السلطان أشرف الغوري في مناسبات مختلفة و أشار في موضع (4/69) إلی استحسان السلطان لشعره. ولکن یبدو أنه لم یکن مقرّباً من السلطان لأنه کان یروي أحیاناً أخباره عن لسان الخواص (4/312) و عن لسان الموثوقین (4/294). و ینتهي تاریخ ابن إیاس بدائع الزهور في وقائع الدهور عند حوادث ذي الحجة 928/ تشرین الأول 1522، مما یدل علی أنه کان حیّاً حتی هذا التاریخ، ولایعلم التاریخ الدقیق لوفاته، وإن ذکرت بعض المصادر أنها کانت سنة 930هـ/ 1524م (حاجي خلیفة، 2/1941، 1953؛ GAL, II/380). وقد أورد برینر (EI2) شرحاً مفصلاً حول أُزدمِیر أو أَزدَمُور الذي تولّی عدة مناصب في عهد السلطان حسن و السلطان أشرف، و لکن هذا الشخص هو جدّ أیاس لأمه، و أیاس هذا هو جد محمد لأبیه، و لا توضح هذه الدراسات شیئاً عن حیاة ابن إیاس. و ذکر بروکلمان (GAL، ن. ص) أن ابن إیاس کان حنبلي المذهب، دون دلیل واضح، و علی کل حال یمکن الوقوف علی شخصیة و آراء ابن إیاس إلی حدّما، من دراسة آثاره.

آثاره

1. بدائع الزهور في وقائع الدهور، وهو في تاریخ مصر و أهم أثر تاریخي له، و یشتمل علی تاریخ مصر منذ العصور القدیمة و حتی السنوات القریبة من وفاة المؤلف. والقسم المهم و المفصل منه هو المشتمل علی حوادث عصره أو القریبة منه، و التي شاهدها في أکثر الحالات بنفسه أو اطلع علیها بدقّة، والمجلد الأول في الحقیقة عبارة عن مقدمة مجملة، اقتبسها باختصار من کتب أخری لتکمیل أثره، یقول ابن إیاس في مقدمة هذا الکتاب (1/3) إنه طالع حوالي 37 کتاباً للتاریخ، و حصل علی المعلومات التي کان یبحث عنها و یذکر جرجي زیدان (3/321) أن عبارة بدائع الزهور رکیکة مثل أکثر کتب التاریخ في ذلک العصر. و أورد محمد مصطفی في مقدمة الملجد الخامس (ص 8) أن ابن إیاس مثل غیره من المؤرخین في القرن 9 هـ له أسلوب لغوي خاص، و کان یستخدم مفردات سهلة و بسیطة أقرب إلی العامیة، و لایعبأ کثیراً بقواعد الإملاء و یخلط بین الجمع و المفرد و المذکر و المؤنث والرفع والجر و النصب، مع أنه کان یعرف القواعد الصحیحة للإملاء، و یکتب بمقتضاها في أغلب مواضع الکتاب، ولکنه عند نقله الأخبار کان یؤکد علی کتابتها کما تلفظ لا کما تقتضیه قواعد اللغة وهذا الأسلوب منح کتاب ابن إیاس أهمیة في مجال فقه اللغة ودراسة تطوّر اللغة العربیة، کما أورد في مقدمة المجلد الأول (ص 8) أن ابن إیاس کان یحافظ علی صحة مایکتب، و یتوخّی الأمانة العلمیة فیما ینقله من أخبار وأحداث، و یعزف عن الإطالة و الإِطناب. و یشیر ابن إیاس نفسه إلی هذه النقطة فیقول في حدیثه عن الملک الظاهر بیبرس: إن أخباره کثیرة في عدة مجلدات والغالب فیها موضوع، لاحقیقة له، والذي أوردناه هنا هي الأخبار الصحیحة التي ذکرها العلماء من المؤرخین (1/341). و یشتمل تاریخ ابن إیاس علی أحوال سلاطین مصر و ولاتهم، و شرح لتجولاتهم و أسفارهم، وأحوال رجال‌الدولة و أرباب الأمور و أنباء السفراء، و تأسیس الأبنیة و افتتاحها، و وفیات الأعیان و زیادة میاه النیل و نقصانها، ووضع الأسعار والرخص وازدیاد الغلاء وقلة الأجناس والأمتعة في القاهرة وزیادتها، و شیوع الأمراض المهلکة والساربة کالطاعون، والحوادث الطبیعیة کالزلازل و العواصف، و ظهور النجوم المذنّبة، و أنواع الموت العجیبة و الولادات النادرة.
وقد تساعد المقطوعات التي أوردها لنفسه في مختلف المناسبات علی معرفة آرائه. و یعتبر بدائع الزهور مصدراً قیماً ولا سیّما فیما یتعلّق بتاریخ القرن 9 و مطلع القرن 10 هـ، واحتلال العثمانیین لمصر. وقد طبع هذا الکتاب مرات عدیدة، منها في القاهرة (1301-1306هـ/ 1884-1888م) في ثلاثة مجلدات؛ وفي بولاق (1311-1312هـ/ 1894م) (GAL, II/380; GAL, S, II/405-406). کما قامت «الجمعیة التاریخیة بمصر» في 1951م بطبع ما لم ینشر في الطبعة الأولی تحت عنوان «صفحات لم تنشر من بدائع الزهور» حقّقها محمد مصطفی (جرجي زیدان، 3/321؛ محمد مصطفی، 1(1)/8). ثم نشر الکتاب کاملاً في ستة مجلدات بتحقیق محمد مصطفی في القاهرة و نفقة «جمعیة المستشرقین الألمانیة» بین سنتي 1380-1395هـ/1961-1975م.
2. نشق الأزهار في عجائب الأقطار، ذکر جرجي زیدان (ن. ص) هذا الکتاب باسم خریدة العجائب و بغیة الطالب أیضاً. و یبدو من فهرست الموضوعات التي ذکرها آلوارت أن للکتاب وجهة جغرافیة و طبیعیة (آلوارت، V/376). و یقول ابن إیاس في مقدمته، إنه طالع کتب تواریخ الأمم فأحب أن یجمع کتاباً یذکر فیه أغرب ماسمع و أعجب ما رأی باختصار، فذکر فیه عجائب مصر و الطلسمات و غیر ذلک (سید، 322). ترجم لانکلس هذا الکتاب و نشره في باریس عام 1807 م (الشوربجي، 21). توجد مخطوطات منه في المکتبة الظاهریة و مکتبات القاهرة والمتحف البریطاني و غیرها (GAL، ن. ص).
3. جواهر السلوک في الخلفاء و الملوک، توجد مخطوطات منه في مکتبة أحمد الثالث (لطفي، 110)، و متحف توب قابي سراي (TS, III/ 467-478).
4. المنتظم في بدء الدنیا و تاریخ الأمم، توجد مخطوطة منه في مکتبة أحمد الثالث (سید، 2/301-302).
5. نزهة الأمم في العجائب و الحکم، أشار ابن إیاس إلیه في بدائع الزهور (3/118)، و توجد مخطوطة منه في أیا صوفیا (سید، 1/567).
ویعد البغدادي عقود الجمان في وقائع الزمان و الجواهر الفریدة والنوادر المفیدة من آثاره (2/231).

المصادر

ابن إیاس، محمدبن أحمد، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تقـ: محمد مصطفی، القاهرة، 1402- 1404هـ/1982-1984م؛ البغدادي، هدیة؛ جرجي زیدان، تاریخ آداب اللغة العربیة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1957م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ سید، فؤاد، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1954م؛ الشوربجي، محمد جمال‌الدین، قائمة بأوائل المطبوعات العربیة المحفوظة بدار الکتب، القاهرة 1383هـ/1963م؛ لطفي، عبدالبدیع، فهرس المخطوطات المصورة، القاهرة، 1956م؛ محمد مصطفی، مقدمة علی بدائع الزهور (ظ: همـ، ابن إیاس)؛ وأیضاً:

Ahiwardt; EI2; GAL; GAL, S; Nemoy, Leon, Arabic Manuscripts in the Yale University Library, New Haven, 1956; TS.

محمد آصف‌فکرت