ابن أشته

اِبنُ أَشته، أبوبکر محمدبن عبدالله بن محمد بن أشته الأصفهاني، مقرئ و محدّث و نحويّ في القرن 4 هـ/ 10 م. و هو من کبار المحدّثین و العلماء الأصفهانیّین الذین عرفوا باسم «ابن أشته» المقتبس من جدهم الأعلی (لمعرفة أسماء الآخرین و أنسابهم، ظ: ابن ماکولا، 1/91؛ السمعاني، 1/161؛ ابن نقطة، 1/21-22؛ الذهبي، المشتبه، 1/28). ولاتتوفر معلومات وافیة عن حیاته، ویمکن أن یقال إنه قضی نصف عمره في مسقط رأسه أصفهان ثم في البصرة و بغداد في طلب العلم والدراسة غالباً، وقضی أغلب نصفه الآخر في مصر بالتدریس والتألیف (ظ: م. ن، معرفة، 1/259؛ ابن الجزري، 2/184).
قرأ ابن أشته في أصفهان علی مقرئي تلک الدیار و منهم أبومحمد عبدالله ابن باذان و أبوبکر محمد بن أحمد بن عبدالوهاب السُّلَمي الأصفهاني (تـ 355هـ) وأبوإسحاق إبراهیم بن جعفر الباطرقاني وأبوبکر محمدبن أحمد الثقفي الأصفهاني (تـ347هـ). ومن شیوخ البصرة حضر درس أبي العباس محمدبن یعقوب المعدّل التَّیمي (کان حیاً في 320هـ) و في بغداد حضر درس أبي أیوب سلیمان بن یحیی التمیمي، المعروف بالضّبّي (تـ 291 هـ). کما درس هناک عند ابن مجاهد (تـ 324هـ) علم القراءات واستفاد من دروس کبار اساتذة القراءة مثل أبي بکر أحمد بن محمدبن إسماعیل الأدمي (تـ 327هـ) وکان مرجع القراء في قراءة حمزة ومثل أبي بکر محمدبن حسن النقاش (تـ 351 هـ) الذي کان یُقصد في قراءة ابن کثیر وابن عامر لعلو إسناده فیهما و هو ذوباع في التفسیر و له مصنفات فیه، وأبي حفص عمر بن علان البغدادي أیضاً، و لذلک فقد تسنَّم کرسي الإِقراء بمجرد دخوله مصر واحتلّ مکانة بین کبار مقرئي ذلک العصر (ظ: أبونعیم، 2/83، 282، 289؛ الذهبي، ن. م، 1/220-221، 236-240، 259؛ ابن الجزري، 1/10، 106، 317، 410-411، 2/61، 69-70، 119-121، 184؛ الصفدي، 3/347).
وقد حظیت حوزة درس ابن أشته بشهرة واسعة في مصر و تقاطر علیه العلماء من الأماکن البعیدة والقریبة. وأشهر تلامذته الذین صاروا في زمرة الطبقة التالیة من القراء في مصر والبلدان الإسلامیة الأخری وذاع صیتهم هم: ابن غلبون (تـ 389هـ) المقرئ المصري الکبیر وأبوالقاسم خلف بن إبراهیم بن خاقان (تـ 402هـ) الأستاذ المصري الحاذق في قراءة عثمان بن سعید، الملقب بـ وَرش (ظ: الذهبي، ن. م، 1/292؛ ابن الجزري، 1/271)، وأبوعبدالله محمدبن عبدالله المؤدّب البروجردي البغدادي (ظ: م. ن، 2/190)، وأبوالقاسم خلف بن قاسم ابن الدباغ الأندلسي (ظ: م. ن، 1/272)، وعبدالله بن محمد بن أسد الأندلسي (أیضاً ظ: الذهبي، ن. م، 1/259؛ ابن الجزري، 2/184)، حیث یحتمل أن یکون کتاب ابن أشته قد انتقل إلی الأندلس بواسطة تلامذته هؤلاء و صار من الکتب المتداولة في علم القراءات (ظ: ابن خیر، 24).
وقد ألف ابن أشته تزامناً مع تدریسه کتابین جامعین في فن القراءات خص الأول بالقراءات المشهورة و هو باسم المُحبَّر، وخص الثاني المُقَیَّد بالقراءات الشاذة، وقد عد ابن الجزري کتاب المحبّر خاصة دلیلاً علی مکانته العالیة في علم القراءات (الذهبي، ابن الجزري، ن. ص؛ قا: الروداني، 426؛ حمد، 172-173؛ وأیضاً ظ: أبوشامة، 105-106، وکان یستند إلی رأیه في توضیح «السبعة الأحرف»). وبالإِضافة إلی القراءات کان ابن أشته ملمّاً بالحدیث و النحو و معاني القرآن  التفسیر (الذهبي، ابن الجزري، الصفدي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، 139؛ السیوطي، بغیة، 1/142).
کما نقلت عنه روایات متعددة في علم رسم المصاحف (ظ: ابوعمرو الداني، 19، 21، 41، مخـ). و من بین مصادر العلوم القرآنیة المتأخرة یعدّ کتابه المصاحف مع کتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني من أمهات المصادر في دراسة تاریخ تدوین القرآن المجید و رسم خطّه (ظ: السیوطي، الإِتقان، 1/32، بغیة، ن ص) و تعود شهرة ابن أشته في القرون المتأخرة إلی کتابه هذا، وجدید بالذکر أنه لم یرد ذکر لهذا الکتاب قبل السیوطي، وأن هذا الأمر نفسه قد شکک في نسبة مثل هذا الکتاب لابن أشته، و بغض النظر عن ذلک فإن لقب «اللوذري» الذي ألحقه السیوطي باسم ابن. أشته لم یذکر في المصادر القدیمة قطـ، وقد نقلت منه المصادر التي تلته (ظ: ن. ص؛ الداودي، 2/161؛ حاجي خلیفة، 2/1459). ونسب ابن الندیم (ص 37) إلیه أثراً آخر باسم ریاضة الألسنة في إعراب القرآن و معانیه (أیضاً ظ: الداودي، 2/162) و نسبت إلیه بعض المصادر القدیمة کتاباً باسم الوقف والابتداء (ظ: ابن نقطة، 1/21؛ ابن قاضي شهبة، ن. ص).
ولاتوجد الیوم نسخة معروفة من آثار ابن أشته ولایمکن الحصول علی معلومات عنها أکثر مما ذکر دون مراجعهة آثاره، و ذُکر أن و فاة ابن أشته کانت في سنة 360هـ/ 971م (ظ: الذهبي، معرفة، ن. ص؛ ابن الجزري، ن. ص)، ولکن بالمقارنة بین هذا التاریخ و بین سنة وفاة بعض أساتذته، و بالنظر إلی أن تتلمذه علی ابن مجاهد کان علی مایبدو قبل تدوین کتاب السبعة، یمکن استنتاج أن هجرة ابن أشته من أصفهان لم تکن في شبابه بل في صباه، و أن رحلته إلی مصر کانت في شبابه لافي کهولته، و بما أن هاذ الاستنتاج یصعب قبوله، یمکن القول إن وفاة ابن أشته کانت قبل سنة 360 هـ بمدة (قا: الصفدي، 3/347).

المصادر

ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/ 1932م؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: فرانسشکه قداره، بغداد، 1963م؛ ابن قاضي شهبة، أبوبکر، طبقات النحاة واللغویین، تقـ: محسن عیاض، النجف، 1973م؛ ابن ماکولا، علي، الإکمال، تقـ: عبدالرحمن بن یحیی المعلمي، حیدرآبادالدکن، 1382هـ/ 1963م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ ابن نقطة، محمد، الاستدراک، نسخة مصورة موجودة في مکتبة المرکط؛ أبوشامة، عبدالرحمن، المرشد الوجیز، تقـ: طیار آلتي قولاج، أنقرة، 1406هـ/1986م؛ أبوعمروالداني، عثمان، المُقنع، تقـ: محمدأحمد دهمان، دمشق، 1403هـ/1983م؛ أبونعیم الأصفهاني، احمد ف ذکر أخبار أصبهان، تقـ: س. دیدرینغ، لیدن، 1931-1934م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ حمد، غانم قدوري، رسم المصحف، بغداد، 1402هـ/1982م؛ الداودي، محمد، طبقات المفسرین، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ الذهبي، محمد، المشتبه، تقـ: علي محمد البجاوي، القاهرة، 1962م؛ م. ن، معرفة القراء الکبار، تقـ: محمدسید جادالحق، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ الروداني، محمد، صلة الخلف، تقـ: محمد الحجي، بیروت، 1408هـ/ 1988م؛ السمعاني، عبدالکریم، الأنساب، تقـ: عبدالله عمر البارودي، بیروت، 1408هـ/ 1988م؛ السیوطي، الإتقان، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1387هـ/ 1967م؛ م. ن، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ/ 1964م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقت: س. دیدرینغ، دمضق، 1953م.

محمدعلي لساني فشارکي