الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن أسد الفارقي /

فهرس الموضوعات

ابن أسد الفارقي


تاریخ آخر التحدیث : 1443/4/3 ۱۰:۲۵:۵۱ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ أسَدٍ الفارِقيّ، أبو نصر الحسن بن أسد (مقـ 487هـ/ 1094م)، شاعر و کاتب و عالم في اللغة من أهل میّافارقین. لدینا روایتان مفصلتان نسبیاً یمکن من خلالهما رسم صور لحوادث حیاته المهمة؛ تتعلّق إحداهما بعهد ملکشاه (465-485هـ/1073-1092م) ذکر القلیل منها في الخریدة لعمادالدین الکاتب ووردت بالتفصیل في معجم الأدباء لیاقوت. و تتعلّق  الروایة الثانیة بالسنتین الأخیرتین من حیاته بعد عهد ملکشاه، ذکرها ابن الدزرق الفارقي في تاریخه بالتفصیل، ونحن نعلم أن ابن الأزرق (تـ بعد 577ق/ 1181م) کان أقرب الکتّاب إلی عهده. ولبیان القیمة التاریخیة لهذه الروایات لابد من الإِشارة إلی أن ناصرالدولة منصور بن مروان، أصبح في 472هـ/1079م أمیراً علی جمیع أرجاء دیار بکر واستوزر الطبیب أبا سالم. وفي 478هـ/ 1085م أرسل ملکشاه جیشاً إلی دیار بکر طمعاً بأموال بني مروان، واستولی علی المدن کلّها و منها میّافارقین وأقطع قریة حربي وحدها الواقعة شمالي العراق إلی منصور بن مروان (ظ: ابن الأزرق، 205-214). ویحتمل أن ابن أسد – ویقال إنه کان یحظی باحترام ملکشاه ووزیره نظام الملک – عیّن علی دیوان الخراج في آمد أثناء ولایة ابن مروان علی میّافارقین، ولکنه فشل في عمله واستبد باستیفاء الأموال فألقي به في السجن، ثم شفع له شخص ذکر علی الأغلب باسم «الکامل الطبیب» (ربّما کان أبا سالم الطبیب وزیر ابن مروان)، فأطلق من السجن (عمادالدین، 2/417؛ یاقوت، 8/55-56). ویحتمل أنه ذهب إلی میّافارقین بعد هذه الحادثة وعاش فیها عدة سنوات، ذلک لأن نسبته «الفارِقي» تدلّ علی أن هذه المدینة کانت مسقط رأسه أو أنه عاش فیها طویلاً. وکان ناصر‌الدولة ابن مروان یحکم هذه المدینة آنذاک. وقد یکون للشاعر علاقة جیدة ببلاطه.
علی کل حال فقد کان ابن أسد أثناء موت ملکشاه یمارس مهنة التعلیم في میّافارقین. أما ابن مروان الذي کان في حربي فما أن رأی اضطراب أوضاع البلاد حتی بدأ بمهاجمتها والاستیلاء علیها، واحتل الجزیرة، وقد ظل أهالي میّا فارقین أثناء انتقال السلطة دون حاکم مدة من الزمن، فکتبوا أولاً إلی برکیاروق لیرسل أمیراً إلی مدینتهم، ولکن لم یکن أحد یفکر بأهالي هذه البلاد في تلک الأوضاع المضطربة، فاضطروا إلی تأمیر أحد مشایخهم علیهم مؤقتاً، کما اتّفقوا علی عدم العودة إلی حکم ابن مروان لما عاینوه من العدل والراحة في عهد الملوک السلاجقة أو ربّما لخوفهم منهم. و في هذه الأثناء التفت جماعة من السوقة والجهّال حول ابن أسد وبادروا إلی التدخّل في شؤون المدینة بحجة المحافظة علی المدینة وسورها. و کان تُتُش شقیق ملکشاه الذي احتل معظم الشام یستولي من ناحیة أخری علی المدن الواحدة تلوالأخری، حتی وصل إلی نصیبین ففتحها بعد مذبحة دامیة، واستقرفیها. فأرسل أهالي میّافارقین وفداً للإعراب عن خضوعهم له خوفاً من غضبه فأکرمهم السلطان وأعزّهم.
أما ابن أسد الذي کان یضمر آمالاً عظاما فقد خدع بوعود ابن مروان وسلّمه المدینة في بدایة عام 486هـ، فاستوزر ابن أسد ولقّبه محیي‌الدین. لم یدم حکم ابن مروان ووزارظ ابن اسد أکثر من 5 أشهر، فما أن اقترب تُتُش من المدینة، حتی سلّمها الأهالي له خوفاً ممّا أصاب أهالي نصیبین، ودخل تُتُش المدینة في ربیع الأول من هذه السنة، فلجأ ابن مروان إلی أحد وزرائه، وهرب ابن أسد واختفی. وبعد عام، وحینما کان السلطان في حرّان، قصده الشاعر – کما یبدو من حلب – بقصیدة رائعة، وقد لفت بیت في القصیدة انتباه الجمیع، یبکي فیه الشاعر حلب ویتنبأ فیه عن قتله في حرّان، وهو ما حدث فعلاً، فما أن علم تُتُش أنه هو الذي سلّم المدینة إلی ابن مروان، حتی أمر بضرب عنقه (وفي روایات أخری بصلبه أو شنقه). وقد وردت هذه الروایة المفصلة والخالیة من التناقض والمبالغة، أولاً في تاریخ ابن الأزرق (ص 232-239)، ثم ذکر ابن تغري بردي (5/140) خلاصة لها؛ بینما ذکرت ترجمته في المصادر الأخری التي لاتهتم بأسماء السلاطین والحوادث التاریخیة مع شيء من الغموض. وأکثر مالفت نظر یاقوت في هذا السیاق وأدّی إلی مزید من الاضطراب هو تلک القصة شبه الأسطوریة التي تشبه في بعض خطوطها روایة ابن الأزرق، والموضوع الأصلي المفصّل لهذه القصة هو مایلي: حینما کان ابن مروان یحکم دیار بکر و یقرأ الخطبة باسمه و باسم ملکشاه، قدم علیه شاعر من العجم یعرف بالغسّاني، وأقام عنده 3 أیام لم یفتح علیه بنظم بیت واحد. فأخذ قصیدة لابن أسد و أنشدها بین یدي الأمیر، فعلم ابن مروان بذلک و أرسل إلی ابن أسد من یسأله حول الأمر، وعلم الغسّاني أیضاً بما أقدم علیه الأمیر فبادر من ساعته إلی إرسال رسول إلی الشاعر یطلب منه أن یکتم ذلک الأمر، کیلا تضیع حرمته. فقبل ابن أسد رجاءه، وجحد أن تکون القصیدة له. و بعد فترة اجتمع أهالي میّافارقین إلی ابن أسد، وأمّروه علیهم، وطلبوا منه قراءة الخطبة باسم ملکشاه وحده، وإسقاط اسم ابن مروان منها. فحشّد له ابن مروان جیشاً، فلما عجز عن احتلال المدینة اضطر الأمیر للاستنجاد بملکشاه فأرسل إلیه جیشاً بقیادة الغساني الشاعر هذا، فاحتل المدینة، وجيء بابن الأسد إلی ابن مروان فشفع له الغسّاني فغضّ الأمیر الطرف عن قتله، ثم عرّفه الغسّاني نفسه، و عاد بعد فترة إلی بلده. و لکن ساءت احوال ابن أسد وانفض الناس عنه وأضربه العیش فنظم قصیدة في مدح ابن مروان، وتوصّل حتی وصلت إلیه و ما أن سمع الأمیر باسم ابن أسد حتی عاوده الغضب وأمر بشنق الشاعر، أوصلبه (یقاوت، 8/57-61). وقد ذکر هذه الروایة مع یسیر من التغییر کل من الصفدي (11/402-403) وابن شاکر (1/321-322) وحتی البستاني في العصر الحاضر (البستاني، 2/334) دون أن یلاحظوا إشکالاً في انطباقها علی الحوادث التاریخیة، أو نسجها الأسطوري.
وورد من شعره 164 بیتاً في المصادر المختلفة، ذکر عمادالدین الکاتب (2/418-430) أکثرها أي 141 بیتاً. والأبیات غیر المکررة في المصادر الأخری عبارة عن: 15 بیتاً (یاقوت، 8/61-64)؛ 6 أبیات (القفطي، 1/296-297)؛ بیتین (الفیروزآباد، 55). ولایخلو أي من هذه الأبیات تقریباً من الناعة البدیعیة، ولاسیما الجناس الذي أشار الجمیع الیه (ظ: عمادالدین، 2/418؛ یاقوت، 8/54؛ القفطي، 1/297؛ قا: الصفدي، 11/401؛ ابن شاکر، 1/321). أما جناسه فیتلخص في أنه یستعمل في جمیع أبیات قصیدته کلمة لها معان عدیدة یجعلها قافیة لشعره. وأفضل نموذج لها قصیدة من 15 بیتاً جعل قافیتها کلمة «الغین» في 15 معنی مختلف (یاقوت، 8/61-64).
واشتهر ابن دسد بالنحو بالإضافة إلی کونه شاعراً (م. ن، 8/56؛ القفطي، 1/294، 295). والکتاب الوحید الذي خلّفه في هذا الموضوع: الإفصاح في شرح أبیات مشکلة الإِعراب (قا: GAL, S, I/195، الذي ذکر الکتاب باسم الإفصاح في العویص أو شرح الأبیات المشکلة الصحاح). وقد حقّق سعید الأفغاني هذا الکتاب  نشره مرة في لیبیا (جامعة بنغازي) عام 1947 م ثم طبعه في (دمشق) سنة 1958م، وفي بیروت عام 1980م. وورد شرح وجیز للکتاب في مجلة المجمع العلمي العربي (المیمني، 192-195). وینسب إلیه کتابان آخران یبدو أنهما فقدا، أحدهما شرح اللمع لابن جنّي (یاقوت، 8/57؛ القفطي، 1/294؛ السیوطي، 218) والآخر کتاب الألغاز (القفطي، 1/297؛ الذهبي، سیر، 19/81، العبر، 2/354؛ الیافعي، 3/143). وأورد القفطي (1/295) حدیق أبي طاهر السلفي عن شرح اللمع هذا، وقد نظر أبوطاهر إلی الکتاب نظرة احتقار، ویری أن ابن أسد لایستطیع في مدینة صغیرة کمیّافارقین أن یقوم بعمل لایقلّد فیه الآخرین.

المصادر

ابن الأزرق الفارقي، أحمد بن یوسف، تاریخ الفارقي، تقـ: بدوي عبداللطیف عوض، القاهرة، 1379هـ/ 1959م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن شاکر الکتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ البستاني؛ الذهبي، محمدبن احمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط، بیروت، 1405هـ/1984م؛ م. ن، العبر، تقت: محمد السعید ابن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/1985هـ/1985م، السیوطي، بغیة الوعاة، القاهرة، 1326هـ؛ الصفدي، خلیل بن أیبک، الوافي بالوفیات، تقـ: شکري فیصل، بیروت، 1401هـ/1981م؛ عمادالدین الکاتب، محمدبن محمد، خریدة القصر و جریدة العصر، تقـ: شکري فیصل، دمشق، 1378هـ/1959م؛ الفیروزآبادي، محمدبن یعقب، البلغة، تقـ: محمد المصري، دمشق 1392هـ/1972م؛ القفطي، علي بن یوسف، إنباه الرواة، القاهرة، 1369هـ/ 1950م؛ المیمني، عبدالعزیز، «الإفصاح عن أبیات مشکلة الإیضاح للفارقي»، مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق، 1378هـ/1959م، عد 34(1)؛ الیافعي، عبدالله بن أسعد، مرآة الجنان، حیدرآباد الدکن، 1337-1339هـ؛ یاقوت، الأدباء؛ وأیضاً:

GAL, S.
آذرتاش آذرنوش
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: