ابن الاخوة

اِبنُ الإخوَة، أو ابن الأُخُوَّة، ضیاءالدین محمدبن محمدبن أحمد بن أبي زید القرشي (648-729هـ/ 1250-1329م)، فقیه ومحدّث شافعي ومؤلف کتاب معالم القربة في الحسبة. لاندري التلفظ الصحیح لکنیته لعدم ضبطها في النصوص، غیر أن هذه الکنیة کانت قبله (ظ: ابن خلّکان، 3/394، 402). وقد اختلف المستشرقون الذین بادروا إلی البحث عن شخصیة ابن الإِخوة منذ العقد الأربعین من القرن الحاضر، في تلفظ کنیته، فضبطها في البدایة لیڤي (ص 17) مع تردّد بشکل «ابن الأُخُوَّة» وتبعه في ذلک غودفروا (ص 454). وضبطها بروکلمان (GAL, S, II/101) بدون تردّد بشکل «ابن الإِخوَة». ولاتتوفّر وثیقة معتمدة لتفضیل أحد هذین الاحتمالین علی الآخر.
وکان ابن الإِخوة من عائلة من أهل العلم (ظ: ابن حجر، 5/431) وینسب بالقرشي (ابن الإخوة، 3). ویزید من احتمال أنه مصري إیراده إیضاحات دقیقة ومفصلة عن اختلاف کمیة وحدة الرطل في مختلف مدن مصر، دون أن یکون لدیه اطلاع مشابه عن سائر البلاد الإسلامیة في کتابه (ص 81) و کذلک اقتصاره علی ذکر الکیل المصري (ص 100) ولابدّ من إضافة سماعه الحدیث من رشید العطار إلی هاتین القرینتین (ظ: ابن حجر، ن. ص). وربّما اعتبره لیڤي (ن. ص) مصریاً اعتماداً منه علی هذه القرائن.
وقد صرّح ابن الإخوة في مقدمة کتابه (ص 2) أنه تابع للفقه الشافعي في الفروع و أنه أشعري في الأصول، ویشیر ابن حجر (ن. ص) نقلاً عن ابن رافع ضمن اعتبار ابن الإخوة محدّثاً إلی أنه سمع صحیح مسلم من رشیدالدین (یحیي بن علي) العطار وأبي مضر و بالنظر إلی سنة ولادة ابن الإخوة ووفاة الرشید العطار في 662هـ/1264م (ظ: الیونیني، 2/315) فقد بادر إلی دراسة الحدیث قبل الـ 14 من عمره. ویبدو في حالتین من نقله لحدیث مسند في الصفحتین 157 و 219 من معالم القربة عن البخاري ومسلم، مع مقارنتهما مع أصلهما في صحیح البخاري (4/315، 8/280) وصحیح مسلم (4/2192) أن ابن الإخوة لایتقیّد إلی حدّما في نقل وتسجیل الأسناد بالضوابط الفنّیة للمحدّثین. وإذا أردنا أن نبدي رأینا في المنحی الأصلي لعمل ابن الإخوة بالاعتماد علی المصدر الموجود الوحید أي کتاب معالم القربة، فلابد من القول إنه مع اطلاعه علی الجوانب النظریة للفقه (وبخاصة ظ: الأبواب 1-7 و 50-51) فإن أکثر اعتماده کان علی جوانبه العملیة. فبالإِضافة إلی أن این الأخوة یعرض في کتابه مذهباً عملیاً لجماعات الناس وأصنافهم المختلفة والذي یشکل الموضوع الأصلي مؤلفه فإنه یعرض أیضاً علوم عصره العملیة في مجالات متنوعة، لما کان لدیه من معلومات مهمة علی قلنها.
والمهم أن الکثیر من المعلومات الواردة في هذا الکتاب هي مواضیع تعلّمها المؤلف مباشرة وسجّلها ولم ینقلها عن مصادر سابقة. یضاف إلی هذا مایلاحظ من معلومات وأحیاناً شروح مختلفة في طیات الکتاب حول مختلف القضایا الاجتماعیة کحجاب المرأة (ص 157) ومنزلة الوعظ والوعاظ بین الناس (ص 180)، وأمثالها.
والأثر الوحید المعروف لابن الإخوة کتابه في موضوع الحسبة (ن. ع) الذي طبع في 1938م بتحقیق روبن لیڤي بالاعتماد علی 4 مخطوطات وباسم معالم القربة في أحکام الحسبة (وإن کان من المحتمل أن اسم الکتاب لیس دقیقاً، ظ: حاجي خلیفة، 1/833-834؛ غودفروا، 454) مع ترجمة تشبه التقریر بالانجلیزیة في کمبردیدج. وطبع مرة أخری بتحقیق محمد محمود شعبان و صدیق أحمد عیسی المطیعي في 1976م بالقاهرة کما ترجمه جعفر شعار إلی الفارسیة ونشره باسم آیین شهرداري بطهران (1347 ش). وقد اعتبر غود فروا کتاب ابن الإخوة في تصنیفه للآثار المتعلّقة بالحسبة، من جملة الآثار العملیة في الشرق (ص 456).
ورغم أن عدداً من الأبواب الأولی في کتاب معالم القربة، ولاسیّما الباب الأول تشبه إلی حد بعید القسم المتعلق بالحسبة في الأحکام السلطانیة للماوردي (ص 240-259) ثم القسم المذکور في الأحکام السلطانیة للقاضي أبي یعلی (ص 284-308). وإن ابن الإِخوة صرّح أیضاً باستفادته من کتاب الماوردي (ص9)، مع ذلک یجب ألّا یغیب عن البال أن الماوردي وأبا یعلی یطرحان في کتابیهما الجانب النظری وهذا یختلف اختلافاً أساسیاً عما یطرحه ابن الإخوة، حیث یمکن اعتبار کتاب معالم القربة إدامة وتکملة لکتاب نهایة الرتبة في طلب الحسبة لعبد الرحمن بن نصر الشیزري (تـ 589هـ/ 1193هـ) والذي دوّن في 40 بابا (ظ: الشیزري، الفهرست).
وقد نسب بعض الباحثین کتاب معالم القربة إلی الماوردي بالاعتماد علی المخطوطات التي عثر علیها في استانبول و بیت المقدس، ولکن لایمکن قبول هذه النسبة بالنظر إلی أن علم الحسبة کان في عهد الماوردي کما یبدو من کتابه الأحکام السلطانیة و قرینه الحنبلي القاضي أبي یعلی، یطوي مراحله الأولی، وکان لمسائله مظهر کلي و نظري (ظ: غودفروا، GAL, S, I/668; GAL, I/483; 454).

المصادر

ابن الإخوة، محمدبن محمد، معالم القربة في أحکام الحسبة، تقـ: روبن لیڤي، کمبردیدج، 1937م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الدرر الکامنة، حیدرآبادالدکن، 1396هـ/1976م؛ ابن خلّکان، وفیات؛ أبویعلي، محمدبن الحسین، الأحکام السلطانیة، تقـ: محمدحامد الفقي، القاهرة، 1357هـ/1938م؛ البخاري، محمدبن إسماعیل، صحیح، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ الشیزري، عبدالرحمن، نهایة الرتبة في طلب الحسبة، تقـ: باز العریني، 1365هـ/ 1946م؛ الماوردي، علي بن محمد، الأحکام السلطانیة، القاهرة، 1393هـ/1973م؛ مسلم بن الحجاج النیشابوري، صحیح، تقـ: محمد فؤاد عبدالباقي، القاهرة، 1955م؛ الیونیني، موسی بن محمد، ذیل مرآة الزمان، حیدرآباد الدکن، 1375هـ/ 1955م؛ وأیضاً:

GAL; GAL, S: Gaudefroy-Demombynes, M., “Sur quelques ouvrages de Hisba”, JA, Paris, 1938, vol, CCXXX; Levy, R., introd. Macālim (vide: PB, ebn-eexva).
أحمد پاکتچي