الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن أبي العلاء /

فهرس الموضوعات

ابن أبي العلاء


تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/10 ۱۴:۱۴:۲۳ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ أَبِي العَلاء، أو ابن أبي العُلی، أبوسعید عثمان بن أبي العلاء إدریس بن عبدالله بن عبدالحق (642-730هـ/ 1244-1330م)، شیخ الغزاة لدی سلاطین بني الأحمر.
وکان حکّام الأندلس یستنجدون بعد سقوط الحکم الأموي، وبدء عهد ملوک الطوائف، بسلاطین شمال إفریقیا لصد الحملات الصلیبیة، ولهذا تقرّب بنو الأحمر أو بنو النصر – حکام غرناطة – من بني مَرین، سلاطین المغرب – من زَناتة – وأسندوا «مشیخة الغُزاة» إلی الأعیاص من آل عبدالحق المریني. وکان أذا ما أحسّ السلطان المریني بریبة من الأعیاص إذا انتقضوا علیه، یشخصهم إلی الأندلس، کما أنهم کانوا یلتحقون بها بذریعة الجهاد والابتعاد عن الصراعات العائلیة کلما أوجسوا خیفة منه، ولهذا امتلأت الأندلس برؤساء زناتة (ابن خلدون، 7/765-766).
وکان السلطان محمد بن الأحمر الملقّب بالفقیه (671-701هـ/ 1272-1302م) أول من عقد منصب «مشیخة الغزاة» للمهاجرین من بني مَرین (م. ن، 7/766). وعهد بهذا المنصب الذي تحوّل فیما بعد إلی أهم الناصب العسکریة في البدایة إلی بني رَحّو، ثم إلی بني العلاء وهما من أبناء عبدالحق. وکان أبناء أبي العلاء قدقدموا مع مجموعة أخری من الأعیاص إلی الأندلس عام 685هـ/ 1286م وأقاموا فیها و لعبوا دوراً مهماً في الوقوف بوجه الحملات الصلیبیة، وکانوا یرجعون في رئاستهم إلی عبدالله بن أبي العلاء إدریس، شقیق أبي سعید عثمان الذي عقد له محمد الفقیه علی مشیخة الغزاة. أما أبوسعید عثمان فقد تولّی في عهد أبي عبدالله محمد الملقب بالمخلوع (701-708هـ/ 1302-1309م) حامیة مالَقَة وغربیها التي کانت لأبي سعید فرج بن إسماعیل ابن عم المخلوع (م. ن، 7/770-772). و منذ هذه الفترة یمکن تقسم حیاة عثمان بن العلاء إلی مرحلتین: استمرت الأولی حتی 708هـ، وسعی فیها للحصول علی سلطنة المغرب، وأمضی في الثانیة جلّ عمره بجهاد الصلیبیین حیث ذکر المَقَّري (1/453) أنه استوفی 732 غزوة علی المشهور حسبما کتب علی قبره.
وفي 703 هـ وقع محمد المخلوع مع هراندة بن شانجة (فردیناند الرابع: 684-712هـ/ 1285-1312م) ملک قشتالة علی معاهدة سلام، الأمر الذي أغضب أبا یعقوب سلطان المغرب وأدی إلی توتّر العلاقات بین فاس و غرناطة. وللحیلولة دون قیام سلطان المغرب بهجوم عسکري، أوعز محمد المخلوع إلی أبي سعید فرج صاحب مالَقة باحتلال سبتة فجهّز حملة بحریة بحجة طرد الصلیبیین، إلا أنه سیّرها فجأة إلی سبتة وذلک في شوال 705هـ واستولی علیها (ابن أبي زرع، 387-388، 411؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 1/560؛ عنان، 113) واستقدم معه عثمان بن أبي العلاء، الذي کان مرشّحاً للملک فیهم، وعهد إلیه بالقیادة لیبث الفرقة في المغرب ویحول دون استعادة سبتة (ابن خلدون، 7/492 وما بعدها)، فقام عثمان ویدعم من غرناطة باحتلال غُمارة وتیکیساس و أصیلا و العرائش، واجتمع حوله بعض القبائل فبعث السلطان أبویعقوب – وهو تحت أسوار تلمسان – ابنه أبا سالم ثم أخاه یعیش بن یعقوب لانتزاع سبتة، إلا أنهما أخفقا في الاستیلاء علیها، وتمکّن عثمان من فتح مدینة قصر کُتامة أیضاً (م. ن، 7/475).
ولم تمض فترة حتی اغتیل السلطان أبو یعقوب حیث وجأه في بطنه وهو نائم خصّي من فتیانه کان لأبي علي الملیایي (ابن أبي زرع، 388). ونشب صراع حول العرش بین حفیده أبي ثابت عامر وولده أبي سالم، انتهی بمقتل الأخیر و استقرار أبي ثابت علی العرش في حین کانت غمارة قد تحولّت إلی بؤرة تمرّد للأعیاص في شمال إفریقیا. وبعدما هزم قائد قوات أبي ثابت عبدالحق بن عثمان في 707 هـ، خرج أبو ثابت بنفسه لمواجهة عثمان ابن أبي العلاء و حاصره أخیراً في سبتة (ابن خلدون، 7/493)، ثم بعث فقیهه الکبیر أبایحیی بن أبي الصبر رسولاً إلی ابن الأحمر یطلب منه التخلّي عن سبتة إزاء عقد معاهدة للسلام، وأقام هو بطنجة منتظراً، إلا أنّه مرض  توفي في 708هـ، و ولّی بعده أخوه أبوالربیع (ابن أبي زرع، 392). ثم نشبت الحرب النهائیة بین عثمان وأبي الربیع في علودان، فقتل الکثیر من جیش عثمان و أسرولده، فیما عاد في تلک الأثناء أبویحیی من الأندلس وقد أحکم معاهدة الصلح (السلاوی، 3/97)، وبذلک خابت کل آمال ابن أبي العلاء في الملک، فعبر البحر فیمن معه من القرابة إلی مالقة.
وفي عید الفطر لعام 708 هـ ثار أبوالجیوش نصربن محمد بمؤازرة طائفة من وجوه‌الدولة علی أخیه محمد المخلوع فنفاه إلی مدینة المُنَکَّب (ابن الخطیب، الإِحاطة، 1/560-561) فانتهز سلطان المغرب تلک الحادثة واستعاد سبتة، کما استغل فردیناند الرابع العلاقة المتوترة بین فاس و غرناطة فغزا الجزیرة الخصراء عام 709هـ، وبعث أسطوله لحصار جبل طارق (أو جبل الفتح)، وأوعز أیضاً إلی خایمة (جایمش) ملک أراغون لمحاصرة المریة بهدف مشاغلة القوات الأندلسیة (ابن خلدون، 7/518). وبعث أبوالجیوش، عثمانَ بن أبي العلاء لنجدة أهالي المریّة، فهزم القوات النصرانیة التي أرسلت لحصار مرشانة بالقرب من المدینة، ثم هاجم معسکره، و انتهی الأمر بجنوح قوات أراغون للسلم ونجت المریّة من خطر السقوط (ن. ص). وفي غضون ذلک احتل فردیناند جبل طارق، وحاصر شمانة واصطبونة، وزحف عقمان بن أبي العلاء وعباس بن رحو لإِغاثة المدینتین، فانتصر عثمان علی معسکر اصطبونة وقتل قائدهم ألفونس بطرس، وفک الحصار، في عوجین، عن عباس و حقّق انتصارات باهرة (م. ن، 7/518-519).
وفي أعقاب الاضطرابات التي حدثت منذ أوائل محرم 712، خرج أبوالولید اسماعیل بن فرج في 713/ هـ/ 1313م علی دبي الجوش، بتحریض من عثمان بن أبي العلاء شیخ غزاة مالقة، وفي 28 شوال 713 خلعه من الملک و جلس علی العرش، وعقد لعثمان علی إمارة الغزاة المجاهدین من زناتة في غرناطة (ابن الخطیب، الإحاطة، 1/392-395؛ ابن خلدون، 7/772). وذاع صیت ابن أبن العلاء في تلک الفترة حتی خشیه أبوسعید ملک المغرب. وانتهز الدون بطرة وخوان – زعیما النصرانیة، والوصیان علی ألفونسو الحادي عشر (الهنشة بن هراندة) – فرصة تمرّد ابن السلطان أبي سعید ملک المغرب فزحفا علی غرناطة بعد استجازة البابا في طلیطلة، واستنجد أهل الأندلس بالسلطان أبي سعید، إلا أنه اشترط نجدته لهم بتسلیم عثمان بن أبي العلاء معتبراً إیّاه السبب في تفریق الکلمة، فامتنع الأندلسیون عن ذلک لما عُرف به من مهارة حربیة ومکانة بین أقربائه، فحو صرت غرناطة، وعسکر الدون بطرة مع 25 من أمراء النصاری عند ضفاف نهر شنیل. وفي ربیع الثاني 718 حدثت مواجهة بینهم و بین عثمان الذي کان علی جیش صغیر (م. ن، 7/519-520؛ عنان، 118؛ قا: الذهبي، 4/53؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 1/397)، فحقّق نصراً عظیماً بحیث قُتل کافة أمراء النصاری ومالایقل عن 50 ألف جندي، وظفر المسلمون بالکثیر من الغنائم والأسری علی حد تعبیر الذهبي (ن. ص). ومع هذا فقد احتفطت الفوات الصلیبیة بجبل طارق الذي کان خاضعاً لنفوذ سلطان المغرب، وأخیراً طلب النصاری الهدنة فعقدت لهم (المقري، 1/451). وقد یمکن وراء الانتصار الکبیر طلب الصلح مع أبي الولید الذي تقدّم به الدون خایمة الثاني ملک أراغون، حیث بعث في 721هـ کتاباً إلی عثمان بهذا الصدد، وهو یکشف بوضوح عن مکانة عثمان المرموقة (أرسلان، 2/299-300).
وفي رجب 725/ حزیران 1325 قام محمد بن إسماعیل – شقیق أبي سعید فرج بن إسماعیل – بتواطؤ مع بعض رجال‌الدولة بقتل أبي الولید (ابن الخطیب، أعمال، 295)، ویقول ابن خلدون کان لعثمان فیه دور أیضاً (7/773)، فتولّی الأمر من بعده ابنه محمد الذي لم یبلغ الحلم. ثم تولّی محمدبن أحمد بن محمد الأشعري، الملقّب بابن المحروق وزارة السلطان و نیابته في غرّة رمضان 725 (ابن الخطیب، الإحاطة، 1/545، 2/136-137). فسلَّم الأخیر زمام‌الدولة إلی عثمان، فاستأثر في رواتب الغزاة بکثیر من أموال الجبایة حتی خشیه الوزیر علی‌الدولة فقرر أن یحول دون تجاوزاته واتسعت رقعة الخلاف بینهما وخرج عثمان من غرناطة مغاضباً وضرب فساطیطه بمرجها، ولم یجد الوزیر بُدّاً من أن یثیر علیه کفؤاً من قرابته، فاختار یحیی بن رحوّبن عبداله بن عبدالحي، وکان صهراً له، وعقد له علی مشیخة الغزاة وبذلک خسر عثمان الکثیر من أنصاره، فاضطر إلی التوجّه إلی المرّیة في صفر 727 واستنجد بملوک المنطقة فتثاقلوا في إجابته، إلا أنه تمکّن في جمادی الأولی 727 من فتح حصن اندراش، واستدعی محمدبن إسماعیل – عمّ السلطان الذي أجبر علی مبایعة ابن أخیه والذهاب معه إلی تلمسان – و نصبه للأمر. ثم أرسل ابنه إلی حاکم قشتالة طالباً المساعدة، وشنّ الغارات المتوالیة علی غرناطة، وطالت الحرب و أحدثت أضراراً جسیمة وشجعت ملوک النصاری علی انتهاز تلک الفرصة (م. ن، أعمال، 296-297؛ ابن خلدون 7/773-774)، إلا أن السلطان محمد قام أخیراً بقتل وزیره – الذي جنح إلی الاستبداد – في محرم 729، واستدعی في رمضان من نفس العام عثمان إلی غرناطة وصالحه، علی أن یبعث عمه إلی المغرب، ثم جعله ثانیة علی مشیخة الغزاة (ابن الخطیب، الإحاطة، 1/544؛ ابن خلدون، 7/774). وأخیراً توفي عثمان بن أبي العلاء في غرناطة (المقري، 1/453؛ قا: ابن خلدون، ن. ص).

المصادر

ابن أبي زرع، علي، الأنیس المطرب بروض القرطاس، الرباط، 1972م؛ ابن الخطیب، محمدبن عبدالله، الإحاطة في أخبار غرناطة، تقـ: محمد عبدالله عنان، القاهرة، 1375هـ/ 1955م؛ م. ن، أعمال الأعلام، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خلدون، العبر؛ أرسلان، شکیب، الحلل السندسیة، بیروت، 1355هـ/ 1936م؛ الذهبي، محمدبن احمد، ذیول العبر في خبر من غیر، تقـ: أبوهاجر محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ السلاوي، احمدبن خالد، الاستقصا، تقـ: جعفر الناصري ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1954م؛ عنان، محمد عبدالله، نهایة الأندلس وتاریخ العرب المتنصرین، القاهرة، 1386هـ/ 1966م؛ المقّري التلمساني، أحمد بن محمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/ 1968م.

کاظم برگ نیسي

 


 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: