ابن أبي عذیبة

اِبنُ أَبي عُذَیبَة، شهاب‌الدین أحمدبن محمد بن عمر المقدسي، مؤرخ و أدیب و راو و فقیه شافعي (819-856هـ/ 1416-1452م)، ولد في القدس ونشأ فیها (العلیمي، 2/184؛ السخاوي، التبر، 396). اشتهر بابن أبي عذیبة لانتسابه إلی زوج أمه الخواجة محمد، المعروف بأبي عذیبة، ولذلک ظن جماعة أنه ابن أبي عذیبة، ولیس کذلک لأنه یعرف أیضاً بابن زوجة أبي عذیبة (العلیمي، ن. ص).
أخذ ابن أبي عذیبة العلم عن جماعة کعمادالدین بن شرف‌الدین و عزّالدین عبدالسلام القدسي و غیرهماف و لازم أبا العباس القدسي مدة لدراسة المنهاج والبهجة والألفیة، وقرأ علیه البدیع و غیره. وسمع ببلده علی القبابي و عائشة الحنبلیة والشموس بن المصري، والصفدي الحنفي والعریاني المغربي وابن الجزري وابن المحمرَّة وابن حامد. وفي غزَّة علی الناصري الأیاسي، وحج في 834هـ/ 1431م و جاور البیت الحرام، ولقي جماعة في مکة والمدینة، ثم ارتحل إلی القاهرة فقرأ هناک «جزء أبي الجَهم» علی ابن حجر في شوال 837. وأخذ العلم علی شرف‌الدین السبکي، وسمع الزَّین الزرکشي والمحببن نصرالله وناصرالدین الفاقوسي أیضاً. ولقي في الشام ابن قاضي شهبة، فاستمد منه، وانتفع بتاریخه و تراجمه. و یظهر أن ابن قاضي شهبة أول من أجاز ابن أبي عذیبة في الکتابة والتأریخ و الجرح والتعدیل و التصنیف، ودعاه بحافظ البلاد، وقال: قد أجزت ذلک لک بإجازتي لذلک من الحافظ الشهاب بن حجّي سعید بن المسیب في زمانه بإجازته لذلک من العماد ابن کثیر والتقي بن رافع بإجازتهما لذلک من الذهبي والبِرزالي.
وأخذ کذلک عن ابن ناصرالدین وأول سماعه فیما یغلب علی الظن سنة 830هـ. وروی عن البرهان الحلبي بإلاجازة مکاتبة (السخاوي، الضوء، 2/162)، ولکن السخاوي نفسه ذکر في التبر المسبوک، أنه لایعرف شیئاً عن ذهاب ابن أبي عذیبة إلی حلب أو أخذه إجازة من البرهان الحلبي (ص 396). کما روی عن التقي الحصني والعلاء البخاري و غیرهما ممّن قدم بیت المقدس (م. ن، الضوء، ن. ص). و کان ابن أبي عذیبة من فقهاء المدرسة الصلاحیة (العلیمي، ن. ص) وکان مولعاً بالتاریخ. و یذکر السخاوي (ن. ص) أنه جمع من ذلک جملة، ولکنه تتبع مساوئ الناس فتقرق ذلک بعده. کما ذکر العلیمي (ن. ص) أنه ألّف تاریخاً مفصّلا و آخر مختصراً، وآضاف أنه لم یبق شيء من التاریخ الکبیر بعد وفاته، لأن الناس رأوا فیه أشیاء قبیحة في ذم الخَلق فأتلفوه، کما لم یبق من التاریخ المختصر سوی کراسات متفرقة، رأی السخاوي مجلداً من معجمه بخطه ووجد فیه أوهاماً کثیرة، واتهم ابن أبي عذیبة کأستاذه أبي العباس القدسي بالکذب والمبالغة (الضوء، 2/163)، کما رأی بیتین من نظمه بخطه أوردهما في ختام ترجمته (الضوء، التبر، ن. ص) وأورد أیضاً اسمه في الإعلان بالتوبیخ في عداد رجال «الجرح و التعدیل» (ص 721). واعتبره العزّاوي مؤرخاً ولیس مدّاحاً (التعریف، 1/237). توفيّ ابن أبي عذیبة في مسقط رأسه و غسل في السلامیة، وصلّي علیه بعد صلاة الجمعة و دفن بجانب خجا علي الاردبیلي من باب الرحمة (السخاوي، التبر، ن. ص).
أهم أثر ترکه ابن أبي عذیبة تارخی دول الأعیان، شرح قصیدة نظم الجمان في ذکر من سلف من أهل الزمان، في 5 مجلدات، جاء في مقدمته: إنه رأی قصیدة نظم الجمان بدیعة في بابها فأراد أن یضع علیها شرحاً لطیفاً یوضّح مافیها من الفوائد الغریبة والأخبار العجیبة، وبیّن في شرح هذه القصیدة أحوال الأمم القدیمة، والعرب و سیرة الرسول (ص) والخلفاء الراشدین والدولة الأمویة والدولة العباسیة والمغول إلی آخر أیام تیمور و تناول في مباحثه المواضیع العلمیة والأدبیة بعد ذکر الأحداث السیاسیة، ویعتمد في هذا الکتاب علی مؤرخین عدیدین (العزاوي، ن. ص). وأورد العزاوي في تاریخ العراق أن کتاب انسان العیون في مشاهیر سادس القرون المخطوط الموجود بهذا الاسم في مکتبة أحمد باشتیمور، هو مجلد من تاریخ ابن أبي عذیبة. و یبدو أن العزاوي قابله بنفسه، ولم یبق ریب في صحة ذلک عنده (3/142). وتوجد في مکتبة قره چلبي زاده في استانبول مخطوطة بخط المؤلف للمجلد الأول من تاریخ الکبیر (الزرکلي، 1/228) و کذلک توجد في المکتبة الظاهریة مخطوطة لقسم من تاریخ ابن أبي عذیبة (الجزء الثالث ویبأ من المتوکل و ینتهي ببدایة‌الدولة السلجوقیة) (الظاهریة، 2/94). وینسب لابن ابي عذیبة کتاب آخر باسم قصص أنبیاء (المنجِّد، 70. ویقول الزرکلي إنه رأی مخطوطة منه بخط المؤلف في الخالدیة بالقدس (1/229)، ویورد ریتر اشارات عن مخطوطات لکتب ابن أبي عذیبة (ص 386).

المصادر

الزرکلي، الأعلام؛ السخاوي، عبدالرحمن، الإعلان بالتوبیخ لمن ذم التاریخ، تقـ: روزنتال، بغداد، 1963م؛ م. ن، التبر المسبوک في ذیل السلوک، القاهرة، مکتبة الکلیات الأزهریة؛ م. ن، الضوء اللامع، القاهرة، 1354هـ؛ الظاهریة، المخطوطات (التاریخ)؛ العزاوي، عباس، تاریخ العراق بین احتلالین، بغداد، 1357هـ/ 1939م؛ م. ن، التعریف بالمؤرخین، بغداد، 1376هـ/ 1957م؛ العلیمي، عبدالرحمن بن محمد، الأنس الجلیل بتاریخ القدس والخلیل بیروت، 1973م؛ المنجَّد، صلاح‌الدین، المخطوطات العربیة في فلسطین، بیروت، دارالکتاب الجدید؛ وأیضاً:

Ritter, H., “Macallat al-Macamcal-ciimī al-cArabī”, Oriens, 1948, vol. I.
محمدآصف فکرت