الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن أبي عاصم /

فهرس الموضوعات

ابن أبي عاصم


تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/10 ۱۳:۱۱:۲۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ أَبِي العافیَة، موسی بن أبي العافیة بن یاسیل المِکناسي (مقـ 341هـ/ 952م). من مشاهیر أمراء المغرب الأقصی في أوائل القرن 4 هـ/ 10م، قام بأمر المغرب لبعض الوقت بعد إجلاء الأدارسة و اطاعته للدعاة الفاطمیین و من ثم الأمویین الأندلسیین.
ولایعرف الکثیر عن بدایة أمره حتی عام 305هـ/ 917م. حکم منطقة مکناسة التي کانت تضمّ مدناً مثل تسول و تازا (تازَه)، باعتباره کبیر قبیلة بربر مکناسة التي کان یطلق اسمها علی منطقة استیطانها أیضاً (ابن خلدون، 6(2)/274؛ السلاوي، 1/182). و 305 هـ زحف مَصالة بن حَبوس المکناسي أمیر تاهَرت وقائد جیوش عُبیدالله المهدي الفاطمي – مؤسس السلالة الفاطمیة – نحو المغرب الأقصی لتوسیع رقعة نفوذ عبیدالله و قمع الأدارسة (ن. ع). وهبّ موسی بن أبي العافیة – الذي سبق أن رحّب بالدعوة الفاطمیة – هو و قبیلته لنجدة مصالة وقاتل معه في جمیع حروبه، فسمت منزلته لدی مصالة وقدّمه علی سائر أمرائه (أبوعبید البکري، 125؛ قا: السلاوي، ن. ص). وعاد مصالة إلی القیروان بعد ما أجبر یحیی بن إدریس بن عمر علی البیعة لعبیدالله، وأبقاه أمیراً علی فاس. وکلّما حاول موسی الاستبداد بالمغرب حال شرف و مکانة یحیی بن إدریس و نسبه دون ذلک، لما کان یحظی به من تأیید واسع في المغرب، فأضمر له الحقد و الضغینة (ابن أبي زرع، 80).
وعندما قدم مصالة إلی المغرب في کرّته الثانیة عام 309هـ/ 921م (أبوعبیدالبکري، 126: 310هـ) أوغر موسی بن أبي العافیة صدره علی یحیی، فقبض علیه و صادر أمواله و نفاه إلی أصیلة. و یبدو أنه عقد لموسی في تلک الفترة علی بعض بلاد المغرب التي لاتعرف حدودها علی وجه الدقة. وغادر یحیی بن إدریس أصیلة إلی إفریقیة بعد فترة، إلّا أن موسی قبض علیه في الطریق و سجنه بمدینة الکاي لمدّة 20 عاماً (أبوعبید البکري، ن. ص؛ ابن أبي زرع، 81؛ قا: ابن خلدون، 4 (1)/32).
وبعد خروج مصالة من المغرب، دخل أحد أبناء عمومة یحیی بن ادریس و یدعی الحسن بن محمد الملقّب بالحجّام مدینة فاس متخفیاً، وثار علی أمیرها ریحان المکناسي أو الکتامي المعیّن من قبل مصالة، فنفاه منها و ملک – لفترة قصیرة – بعض المدن مثل لواته و مدیونة (310هـ)، وبایعه أکثر قبائل البربر (ابن أبي زرع، 82). وخرج الحجّام – الذي کان یسعی لإسقاط الفاطمیین – في 311هـ/ 923م لقتال ابن أبي العافیة الذي کان یُعدّ آنذاک من کبار الأمراء المناصرین لعبیدالله. فجرت بینهما حرب ضاریة في فحص الزاد علی مقربة من وادي المطاحن، تکبّد فیها ابن أبي العافیة الکثیر من القتلي من بینهم ولده منهل، غیر أنه تمکّن من إلحاق الهزیمة بالحجّام الذي عاد إلی فاس فغدر به عامله علیها حامد بن حمدان وألقی به في السجن، ثم استدعی موسی بن أبي العافیة إلی فاس فأسرع إلیه واستولی علی جانبي المدینة: عدوة الأندلس وعدوة القرویین، وأراد قتل الحجام انتقاماً لولده منهل، إلا أن حامداً الذي ندم علی فعلته لم یرفض طلب تسلیمه فحسب، بل و فّر له ظروف الفرار أیضاً (313هـ/ 925م) والذي لم یوفّق فیه، حیث کسرت ساقه و توفيّ علی إثره (ابوعبیدالبکري، 127؛ ابن أبي زرع، 83). وبهذا صفت فاس لابن أبي العافیة، فقام بتوسیع رفعة أعماله و طرد الأدارسة من أغلب البلاد التي کانت بأیدیهم مثل أصیلة و شالة، وحاصرهم في قلعة حَجَر النسر (ابن العذاري، 1/214: حجر القَسر) (317هـ)، وانسحب بعد أن لامه علی ذلک بشدة أکابر دولته، وخلّف علی حصارهم جیشاً بقیادة أبي الفتح التسولي (ن. ص: أبوقمح) لیمنع استیلاءالأدارسة علیه (أبوعبیدالبکري، 128؛ ابن أبي زرع، 84). ومع ذلک نهض إلی تلمسان بعد مدة فأخرجها من یدالحسن بن أبي العیش الإدریسي (319هـ)، ثم زحف إلی مدینة نُکور في 320هـ فملکها وکانت بید مؤید بن عبدالربیع بن إدریس (ابن القاضي، 2/341؛ ابن أبي زرع، 84-85).
وبعد أن استقامت له الأمور علی رقعة واسعة من المغرب الأقصی، أعلن طاعته للخلیفة الأموي في الأندلس عبدالرحمن الناصر و خطب له علی المنبر (م. ن، 85). ویری البعض أن الخلیفة الأموي بذل جهوداً حثیثة لاستمالة موسی إلیه (السلاوي، 1/188)، إلا أنه لم یتحدّث أحد عن سبب هذا التغییر المفاجئ الذي یثیر العجب نظراً للوفاء الذي عرف عن موسی لعبیدالله. وربّما رأی ابن أبي العافیة أن توسّع نفوذ الأمویین الأندلسیین، خاصة بعد فتح ملیلة في 314 هـ و سَبتة في 319هـ (العربي، 45) قد یؤدي إلی إسقاط حکومة العبیدیین، ولهذا حاول أن یفصم عری ارتباطه بالسلطة الفاطمیة (أبونصر، 82)، فلبّی دعوة الأمویین، أوبادر إلی إعلان طاعته لهم. فخشي عبیدالله المهدي من مبایعة موسی للخلیفة الأندلسي و توسّعه السریع في المغرب، فقام علی الفور بإرسال جیش بقیادة حمید بن یصل (ابن أبي زرع، 85: یصلیتن) الکتامي لقتال موسی. ودخل حمید المغرب مع حامد بن حمدان الهمداني أمیر فاس السابق الذي فرّ خوفاً من موسی، فالتقیا موسی في فحص مسون، فدارت بینهم حرب سجال انهزم فیها موسی و مضی إلی عین إسحاق من بلاد تسول، منطقة نفوذه السابقة (ابن القاضي، 2/342). ثم هاجم حمید فاساً (321هـ/ 933م) ففرّ عنها مدین بن موسی الذي کان یحکمها ولحق بأبیه، فاستعمل علیها حامد بن حمدان (أبوعبیدالبکري، 128) وعاد إلی إفریقیة. ولمبا وصل خبر هزیمة موسی إلی الأدارسة المتحصّنین بحَجَر النسر ارتفعت معنویاتهم فهاهجموا أبا الفتح التسولي وأجبروه علی الانسحاب (ابن أبي زرع، ن. ص). ومات في تلک الأثناء عبیدالله المهدي (322هـ)، فثار أحد أنصار موسی بن أبي العافیة ویدعی أحمد بن أبي بکر بن عبدالرحمن علی حامد بن حمدان والي فاس (ابن القاضي، 2/343: حمید بن حمدان)، فقتله مع ولده و بعث برأسیهما إلی موسی، فعیّنه والیاً علی فاس التي کانت تعد مفتاحاً مهمّاً للسیطرة  علی جزء کبیر ومهم من المغرب الأقصی (ابن أبي زرع، أبوعبید البکري، ن.ص). أما أبوالقاسم القائم بن عبیدالله المهدي الذي جلس في المهدیة مکان أبیه فقد وجّه في 323 هـ لفتح فاس میسور الفتی (السلاوي، 1/189: الخصي) وهو مملوک صقلبي عتیق  (ابن العذاري، 1/209)، فحاصرها أیاماً إلی أن خرج إلیه أحمد بن أبي بکر و قدّم بین یدیه أموالاً وهدایا إظهاراً لطاعته، إلا أنه قبض علیه و بعث به إلی المهدیة. فأغلق أهل فاس أبوابهم دونه و باءت جهوده لفتح المدینة بالفشل، ثم رفع الحصار عنها علی أن یخطبوا لأبي القاسم القائم علی منابرهم ویکتبوا اسمه علی سکّتهم (ابن أبي زرع، 86؛ ابن القاضي، 343). ثم نهض یدعمه الأدارسة، لحرب موسی بن أبي العافیة فدارت بینهم حروب طاحنة هزم فیها موسی و فرّ إلی الصحراء الجنوبیة الشرقیة (أبوعبید البکري، 128). ومنذ هذا التاریخ صمّت المصادر المتوفّرة عن نظاطات موسی ابن دبي العافیة السیاسیة والعسکریة. وطبقاً لما أورده ابن أبي زرع (ن. ص) فقد أقام في منطقة تمتد من مدینة کرسیف حتی نکورالتي ظلّت بیده إلی أن قتل ببعض بلاد ملویة (ابن القاضي، 2/342).
ولاتتوفّر معلومات خاصة عن آل أبي العافیة و من قام بالأمر بعد ابن أبي العافیة نفسه، رغم معرفتنا بأسماء بعضهم. ویذکر القلقشندي (5/184) أن الخلیفة الناصر الأموي قسّم أعمال موسی بین أبنائه البوري و مدین و أبي منقذ. ویبدو أن البوري کان یقاتل بني محمد في مدینة مغیلة الواقعة غربي عدوة القرویین عندما توفيّ والده (أبوعبید البکري، 117)، ومات البوري في 345هـ و هو یحاصر أخاه مدین بفاس، فعقد الناصر لابنه (منصور) علی عمله (القلقشندي، ن.ص). و بعد طرد قبیلة مکناسة عن أعمالهم، تجّه ولده الثاني وهو إسماعیل بن البوري بن موسی مع ابن عمّه محمد بن عبداللَّه بن مدین إلی الأندلس، ثم عاد إلی المغرب في 386هـ/ 996م أیام المنصور بن عامر (ن. ص). أما مدین بن موسی فکانت له عدة إمارات في فاس، وقد فرّ إلی عین إسحاق عندما هاجمه حمید بن یصلتین (ابن أبي زرع، 85)، وبعثه أبوه – آخر أیامه – إلی فاس لمهاجمتها (القلقشندي، ن. ص)، ولاتتوفّر معلومات أخری عنه. ومع هذا فان أغلب المصادر القدیمة اعتبرت عبداللَّه بن إبراهیم بن موسی، خَلَف موسی الذي لاینازع (ابن أبي زرع، 86؛ ابن القاضي، ن. ص)، وفي الوقت الذي ذکر السلاوي (1/191) أن والده إبراهیم، أطلق علی عبداللَّه اسم عبدالرحمن. و علی کل حال فقد ملک عبدالله بن إبراهیم أعمال جدّه من کرسیف إلی نکور إلی أن توفّي في 360هـ/ 971 م (ابن أبي زرع، ن. ص). ولاتخلو روایة ابن أبي زرع حول خلفه و انقراض دولة آل أبي العافیة من تناقض، فهو یتکلّم في موضع عن حکم محمد بن عبداللَّه بن إبراهم – ابن الأمیر المذکور آنفاً – وانقراض دولته في 363هـ (ص 86)، ثم یشیر في وقائع 450-470هـ/ 1058-1077م إلی شخص یدعی القاسم بن محمد بن عبداللَّه بن إبراهیم بن موسی الذي قاتل لَمتونة وحکم فاساً بدلاً من تمیم بن معنصر – أمیرها المقتول – في وقت کان یزحف فیه یوسف بن تاشفین في المغرب، فجمع قبائل زَناته ولقي عساکر المرابطین بوادي صیفیر فهزمهم (م. ن، 141)، فتوجّه إلیه یوسف بن تاشفین ودخل فاساً عنوة في 462هـ. ولیس هناک مایشیر إلی اعتقال القاسم أو مقتله، ویبدو أنه فرّ إلی مدینة تادرارت، لأن یوسف عندما احتلها في 470 هـ، قبض علی القاسم وقتله (م. ن، 166-167). ولایحتمل أن یکون القاسم هذا ابناً لمحمد بن عبدالَّه بن إبراهیم بن موسی – الذي تفصله عند جدّه حوالي 110 سنوات – و یرجّح أن یکون هو القاسم بن عبدالرحمن بن أبي العافیة الذي هزمه یوسف بن تاشفین في موضع یدعی أجر السیف کما ذکر ابن العذاري (4/30)، ولکن لایعرف آباؤه، والمفروض أن هذه الحادثة وقعت قبل قتله عند استیلاء ابن تاشفین علی تادرارت.
ومنذ هذه الفترة وحتی القرن 7 هـ/ 13 م لم تنقل لنا المصادر التاریخیة شیئاً عن هذه الأسرة، عدا ماذکر في أحداث 643هـ/1245م عن شخص یدعی علي بن أبي العافیة (لایعرف اسم آبائه) أیام السعید الموحّدي – الذي کان یومها شیخ مکناسة – وقد ثار علی عامل الموحّدین في منطقة مکناسة عند ظهور بني مَرین (ابن غازي، 13). ولابّد أن یکون هذا هو نفس أبي الحسن بن أبي العافیة الذي ذکره ابن أبي زرع و قال إن الأمیر أبا بکر بن عبدالحق المَریني قد زحف علی مکناسة بمساعدته (ص 292)، وعندما هاجمها الموحّدون ثانیة اعتصم بجبل زرهون (ابن غازي، ن. ص).
ومن رجال هذه الأسرة الآخرین: سعید بن محمد بن أبي العافیة (تـ 788هـ/ 1386م في مکناسة)، وهو فقیه و محدّث و عالم؛ أحمد بن علي بن عبدالرحمن بن أبي العافیة و هو قاضي مکناسة (تـ 955هـ/ 1548م في فاس)؛ محمد بن القاسم بن علي بن عبدالرحمن بن أبي العافیة (تـ 962هـ/ 1555م في فاس) و هو فقیه و نحوي مغربي؛ خضر بن أبي العافیة (؟) أدیب و قاض وحکیم (ابن القاضي، 1/158، 247، 2/519؛ ابن الخطیب، 300). کما أن أحمد بن الاقضي المکناسي مؤلف کتاب جذوة الاقتباس و صاحب عدة مؤلفات أخری هو حفید أحمد بن علي بن عبدالرحمن بن أبي العافیة، وقد صرّح نفسه بذلک (1/158).

المصادر

ابن أبي زرع، علي، أنیس المطرب، الرباط، 1972م؛ ابن الخطیب، محمدبن عبداللَّه، أعمال الأعلام، تقـ: لیڤي بروڤنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن عِذاري، أحمد بن محمد، البیان المُغرب، ج 1، تقـ: ج. س. کولان و لیڤي بروڤنسال، لیدن، 1948م، ج 4، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1967م؛ ابن غازي، محمد بن أحمد، الروض الهتون في أخبار مکناسة الزیتون، الرباط، 1371هـ/ 1952م؛ ابن القاضي المکناسي، أحمد، جذوة الاقتباس في ذکر من حلّ من الأعلام مدینة فاس، الرباط، 1974م؛ أبعبید البکري، عبداللَّه بن عبدالعزیز، المُغرب في ذکر بلاد إفریقیة و المَغرب، تقـ: دوسلان، الجزائر، 1857م؛ السلاوي، أحمد بن خالد، الاستقصا، تقـ: جعفر الناصري و محمد الناصري، الدار البیضاء، 1955م؛ العربي، إسماعیل، دولة بني حماد ملوک القلعة وبجایة، الجزائر، 1980م؛ القلقشندي، أحمد بن عبداللَّه، صبح الأعشی في صناعة الانشا، القاهرة، 1333-1340هـ؛ وأیضاً:

Abu Nasr, J. M., A History of the Maghrib, Cambridge, 1971.
صادق سجادي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: