الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن أبي رندقة /

فهرس الموضوعات

ابن أبي رندقة


تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/6 ۱۱:۱۷:۴۳ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ أَبي رَندَقَة، أبوبکر محمد بن الولید بن محمد بن خلف بن سلیمان الفهري الطُرطوشي (451-520هـ/ 1059-1126م) فقیه مالکي ومحدّث و أدیب أندلسي من أهالي طُرطوشة (قریة حدودیة سکنها المسلمون في شمال الأندلس).
وشهرته في أکثر المصادر ابن أبي رَندَقة، لکنها تشاهد بصور أخری مثل: ابن أبي ُندقة (ابن بشکوال، 2/575) ابن رندقة (الضبّي، 135) ابن أبي زندقة (طاش کبري زاده، 1/343) ولاشک أن هذه الصور ملولدة السهو أو التصحیف، خصوصاً وأن طاش کوبري‌زاده قد ذکر في معنی لفظة زندقة نفس الکلام الذي ذکره ابن خلّکان (4/265) لِلَفظة رندقة الأفرنجیة (= رد، تعال).
ولد ابن أبي رندقة في طُرطوشة و تعلّم هناک الفرائض والحساب؛ ورغم أنه نشأ إبّان فترة ملوک الطوائف المضطربة غیر أنه لم یکن قد انتهی عصر تألق و رفاه بني هود حتی ذلک الحین و قد لازم ابن أبي رندقة القاضي أبا الولید الباجي في مدینة سرقسطة وتعلّم الفقه عنده ونال منه إجازة في الروایة ودرس الأدب لدی ابن حزم القرطبي في مدینة إشبیلیة (ابن بشکوال، ن. ص؛ ابن‌خلّکان، 4/261). وفي 476هـ/ 1083م أدّی فریضة الحج ونزل في بغداد أثناء عودته (الیافعي، 3/226) ودرس الفقه الشافعي عند أبي بکر محمد بن أحمد الشاشي، المعروف بالمستظهری و أبي سعد ابن المتولي و أبي أحمد الجرجاني. و سمع الحدیث عن محمد التمیمي الحنبلی، ثم سمع سنن أبي داود في البصرة عن أبي علي التستري و مکث مدة في الشام و درس بها. وفي هذه الفترة کان قدنال سمعة في عمله وزهده (السمعاني، 9/69؛ یاقوت، 4/30)، فسافر إلی مصر و منها قصد أبا حامد الغزالي لیناظره في بلاد الشام (الیافعي، 3/226-227؛ قا: الذهبي، 19/494؛ الضبّي، ن. ص) لأنه کان یری، بآرائه التي تمیل إلی «النقل» أنه: «ما مَثَلُ من نَصر الإسلام بمذاهب الفلاسفة والآراء المنطقیة إلا کمن یغسل الثوب بالبول»، فلاعجب أن یَعتبر الغزالي الذي تبنّی الفلسفة والتصوف علی أعتاب من لادین لهم، أو یجیز إحراق کتاب إحیاء علوم‌الدین (الذهبي، 19/495-496). وبناء علی هذا یتبیّن أن اعتبار ابن أبي رندقة من الصوفیة (ابن تغري بردي، 5/231) لاأساس له من الصحة.
سافر ابن أبي رندقة إلی مصر عام 481هـ/ 1088م في بدایة فترة وزارة الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي، وذکر نفسه في سراج الملوک (ص 62) أنه اختار زوجة هناک ورزق منها ولداً ثم استقر في الإسکندریة لیرشد الناس – کما یقول – في مدینة خلت فیها المدارس والمساجد من الدرس والبحث والصلاة وذلک لما کانت ترتکبه الحکومة العبیدیة الفاطمیة من قتل فقهاء السنة و تعذیبهم (ابن فرحون، 278)، ولذلک توافد إلیه طلاب العلم من کل جانب. وفي هذه الفترة کان ابن أبي رندقة قد ذاع صیته حتی أن أمیر المرابطین یوسف بن تاشفین حصل منه ومن أبي حامد الغزالي بالإضافة إلی فقهاء المغرب والأندلس علی فتوی تقضي بعزل دول الطوائف عن الولایات و فتح أراضیهم لخروجهم عن‌الدین (ابن خلدون، 6/384). وذکر الضّبي (ص 136) أن ابن حدید قاضي الإسکندریة رجا ابن أبي رندقة بالمجيء معه إلیها، ورغم کل ذلک لم یسکت ابن أبي رندقة عن ظلم القاضي و أقربائه في الأمو رالمالیة وأخذ الضرائب و الغرامات الباهظة. کما أفتی بتحریم استیراد الجبن إلی الإسکندریة من بلاد النصاری، وتحریم الغناء ممّا وفّر جوّاً ملائماً لیتهمه القاضي بالمتمرّد وإثارة الأفضل ضده (ابن خلّکان، 4/263). وأخیراً نقاه الأفضل عن الإسکندریة و فرض علیه الإقامة في الفسطاط بمسجد شقیق الملک براتب شهري ضئیل، ولکن فترة معاناة ابن أبي رندقة انتهت بقتل الأفضل قبل یوم واحد من عید الفطر لعام 515هـ/ 11 کانون الأول 1121م و مجيء أبي عبدالله محمد المأمون المعروف بالبطائحي مکانه، حیث أکرمه البطائحي إکراماً عظیماً ممادعا ابن أبي رندقة إلی تألیف کتاب سراج الملوک باسمه (ابن فرحون، 276-277؛ عمادالدین، 2/290).
وقد عاش ابن أبي رندقة في الإسکندریة إلی آخر عمره و لذلک اشتهر بالطُرطوشي الإسکندري و کان قبره مزاراً یتبرک به أهالي الإسکندریة (المقّري، 2/85، 88؛ مخلوف، 125)، ثم شیّد علیه مسجد باسم مسجد الطرطوشي حیث لایزال قائماً (عنان، 297). وتوفي في 26 جمادی الأولی 520هـ/ 19 حزیران 1126م (وعلی قول آخر في شعبان) کما ذکروا تواریخ أخری 525هـ/ 1131م (الضبي، 138)، 560هـ (عمادالدین، 2/292؛ وأیضاً ظ: إشارة ابن خلّکان المثیرة للتساؤل حول ذکر اسم ابن أبي رندقة في مشیخة ابن شداد – استاذ ابن خلکان – المولود في 539هـ/ 1144م). و شهرة ابن أبي رندقة مدینة قبل کل شيء إلی کتابه سراج الملوک الذط تحدث فیه عن آرائه الاجتماعیة و السیاسیة و حتی عن المسائل المتعلّقة بمعدّات الحرب، ولعله من الممکن تقدیمه علی ابن خلدون في هذا المجال، ولکنه لابد من القول و بلا أدنی شک أنّ هناک اختلافاً ملحوظاً وجوهریاً بینه في المنهج النقلي والروائي و بین ابن خلدون في النهج التحقیقي (ظ: الأحکام النقدیة لابن خلدون في هذا الصدد، 1/63، 64، 278، 499-500).
وعلی کل حال فقد کان له باع في الأدب و یعد من المحدثین الثقاة بالإضافة إلی ما کان یتمتّع به من مکانة عالیة في الفقه و ما کان یتمیّز به من أسلوب خاص في مسائل الخلاف (الضّبي، 135). وقد تتلمذ علیه جمع من حفّاظ و عظماء القرن السادس من أمثال أبي القاسم أحمد بن اسحاق الداندانقاني و أبي بکر ابن العربي الفقیه وأبي علي الصدفي وأبي طاهربن عوف و مهدي ابن تومرت و القاضي عیاض و غیرهم ورووا عنه الحدیث (السمعاني، ن. ص؛ الضبي، 138؛ ابن خلّکان، 5/46؛ ابن فرحون، 276). وقد جمع زکي‌الدین عبدالعظیم المنذري ترجمة له (ابن خلّکان، 4/236) لیست في المتناول حالیاً. ویؤکد معاصرو ابن أبي رندقة وتلامذته علی أنه رغم تربیته أکثر من 200 فقیه و مفت فقد کانت شهرته في الزهد أکثر من علمه (الذهبي، 19/492؛ ابن فرحون، ن. ص). والابیات التي بقیت منه أیضاً تؤید مدی علاقته بمثل هذه النزعات و لقد ضاع القسم الأکبر ممّا کتبه ابن أبي رندقة وما بقي منها: 1. سراج الملوک وابتهاج الصعلوک، وهذا الکتاب أهم آثاره وقد طبع مرّات عدیدة منها في بولاق و الإسکندریة (1289هـ)؛ 2. الحوادث والبدع، وهذا الأثر طبع بتحقیق محمد الطالبي في تونس عام 1959م؛ 3. المجالس، وقد ضبطت مخطوطة لهذا الکتاب في خزانة الرباط (علوش، 1(2)/46-47) وکذلک عدَّلَهُ الذهبي والضّبي وابن خلکان الکثیر من الآثار مثل: بر الوالدین، تحریم الغناء، الفتن، کتاب کبیر في مسائل الخلاف و کتاب کبیر في معارضة إحیاء علوم‌الدین للغزالي.

المصادر

ابن أبي رندقة، محمدبن الولید، سراج الملوک، الإسکندریة، 1289هـ/ 1872م؛ ابن بشکوال، خلف بن عبدالملک، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن فرحون، ابراهیم بن علي، الدیباج المذهب، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ الذهبي، محمدبن أحمد، سیرأعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط ومحمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1404هـ/1984م؛ السمعاني، عبدالکریم بن محمد، الأنساب، حیدرآبادالدکن، 1398هـ/ 1978م؛ الضبي، أحمدبن یحیی، بغیة الملتمس، القاهرة، 1967م؛ طاش کبري‌زاده، أحمدبن مصطفی، مفتاح السعادة، حیدرآباد الدکن، 1328-1329هـ؛ علوش، ی. س. وعبدالله الرجراجي، المخطوطات العربیة المحفوظة في الخزانة العامة بالرباط، رباط، 1954م؛ عمادالدین الکاتب، محمد بن محمد، خریدة القصر، تقـ: آذرتاش آذرنوش، تونس، 1971م؛ عنان، محمد عبدالله، تراجم إسلامیة وشرقیة وأندلسیة، القاهرة، 1390هـ/ 1970م؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزکیة، بیروت، 1349هـ/ 1930م؛ المقّري، أحمدبن محمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1968م؛ الیافعي، عبدالله بن أسعد، مرآة‌الجنان، حیدرآبادالدکن، 1334-1349هـ؛ یاقوت، بلدان.

کاظم برگ نیسي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: