الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن أبي حفص /

فهرس الموضوعات

ابن أبي حفص


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/3 ۰۹:۵۴:۰۵ تاریخ تألیف المقالة

ابنُ أَبي حَفص، أبومحمد عبدالواحد بن عمر بن یحیی الهنتاتي (تـ 618هـ/ 1221م). أول من تولّی من بني حفص إمارة إفریقیة، وظلّ والیاً علیها من قبل أمراء الموحّدین منذ 603هـ/ 1207م حتی وفاته.
وکان أبوحفص عمر (تـ 571هـ/ 1175م) والد عبدالواحد، رئیس قبیلة هنتاتة البربریة (الحموي، 98: انتانة)، أکبر فخذ من المصامدة وأحد أقرب تلامذة وأصحاب ابن تومرت مؤسس سلالة الموحدین. وکان اسمه الأصلي فَصکَة بن وَمزال، إلا أن ابن تومرت أسماه عمرو کنّاه أبا حفص (المراکشي، 337)، وربّما سمي بهذا الاسم وکنّي به (ابن أبي الضیاف، 1/193)، لأنه کان یرفع نسبه إلی عمربن الخطاب (ابن أبي دینار، 130). نال في دولة الموحدین مناصب رفیعة وحظي باحترام أمرائها، وتولّی الوزارة في عهد أبي یوسف یعقوب المنصور املوحدي (الزرکشي، 15)، کما کان یؤم المصلّین بدلاً من الأمیر أحیاناً (ابن خلدون، 6/278)، وقیل إنه تزوّج أخت الأمیر (ابن خلّکان، 7/10) أو ابنته (الأندلسي، 1(2)/491). وکان لبني حفص منزلة عظیمة لدی أمراء الموحدین، حتی إن المنصور الذي کان قلقاً لحداثة سنّ ابنه محمد الناصر وقلة تجربته، أوصی قبل وفاته ابن أبي حفص به وبإخوته (ابن خلدون، 6/277-278) وأمر محمد الناصر أیضاً أن لایصدر أمراً إلا عن رأي ابن أبي حفص ومشورته (عنان، 2/236)، ولهذا تولّی عبدالواحد بعد وفاة المنصور (595هـ/ 1199م) البیعة للناصر وقام بأمرها (المراکشي، 313) وأصبح وزیراً له (الزرکشي، 17).
وعندما استولی یحیی بن غانیة علی إفریقیة في مطلع القرن 7هـ/ 13م، شاور محمد الناصر أمراء الموحّدین فأشاروا علیه بمسالمته عدا عبدالواحد بن أبي حفص الذي أشار علیه بطرده من إفریقیة (السلاوي، 2/215)، فقاد الأمیر الموحدي جیشاً إلی تلک البلاد و عسکر في المهدیة ووجه ابن أبي حفص لقتال ابن غانیة في 4,000 من الموحدین (الزرکشي، ن. ص)، ولمّا أشرف عبدالواحد علی جبل دمّر انتاب ابن غانیة الفزع وحاول الفرار إلا أن ضباطه شجعوه علی الثبات فنشبت معرکة ضاریة فوق جبل صغیر یعرف برأس تاجرا، علی مقربة من وادي مِجسر جنوب شرقي قابس (عنان، 2/265)، هزم فیها ابن غانیة (12 ربیع الأول 602هـ/ 27 تشرین الأول 1205م) وقتل أخوه جبارة (الأندلسي، 1(2)/489؛ الزرکشي، 17).
وبعد استیلاء محمد الناصر ثانیة علی إفریقیة، عزم علی الرحیل في 603 هـ، إلا أنه کان یخشی من هجوم آخر یقوم به ابن غانیة، فنظر فیمن یولیه إمارتها، فوقع اختیاره – بإشارة من أمراء‌الدولة – علی ابن أبي حفص الذي کان یعد من أعظم أمراء الموحّدین. فامتنع في البدایة إلا أن الأمیر الموحدي أرسل إلیه ابنه یوسف وقال له: إمّا أن تتوجّه أنت إلی المغرب وأجلس أنا بإفریقیة، وإمّا أن تجلس أنت و أنصرف أنافأجابه (الزرکشي، 18؛ ابن القنفذ، 105) شریطة اللحاق بالمغرب بعد قضاء مهمات إفریقیة في ثلاث سنین و أن لایتعقّب علیه في أموره بتولیة ولاعزل (الزرکشي، ن. ص)، فقبل الناصر شروطه وتولّی ابن أبي حفص إمارة تونس في 10 شوال 603هـ/ 10 أیّار 1207 م (ابن خلدون، 6/278). ویظن الأندلسي (1(2)/491) أن هذه التولیة لم تکن إلا مؤامرة من حاشیة الأمیر في محاولة لإبعاده عن مرکز الحکومة بعد أن وجدوا فیه مانعاً کبیراً یحول دون تأثیرهم علی الأمیر. إلا أن ابن غانیة لم یهدأ له بال رغم هذا التعیین، فجمع جیشاً وتأهّب للقتال، فخرج ابن أبي حفص للقائه، فالتقیا في ربیع الأول 604/ تشرین الأول 1207بمنطقة تبیشة علی ضفة وادي شبرو (عنان، 2/272-273) واقتتلا بضراوة وهزم ابن غانیة ولاذ بالفرار، وباءت بالفشل محاولته الثانیة للاستیلاء علی إفریقیة والتي نجمت عنها حربا عامي 605 و 606 هـ (ابن خلدن، 6/278-279). فتعزّز مرکز ابن أبي حفص في إفریقیة. ورغم ماقیل من یعیده إلی المغرب (م. ن، 6/278)، إلا أنه لم یذکر مایشیر إلی تکرار المطالبة بالاستقالة. وربّما کان لتعاظم نفوذه السیاسي في إفریقیة أثّر في صمته عن تحقیق شرطه السابق بمغادرتها، ومن مؤضرات هذا التعاظم قدوم أعیان مسلمي جزیرة صقلیة ووجوهها إلیه في 607 هـ وإعلانهم الطاعة للدولة الموحّدیة (عنان، 2/278).
وبعد وفاة الناصر و بدء حکم ابنه یوسف المستنصر، أدّی تخلّف ابن أبي حفص عن بیعة الأمیر الجدید إلی إثارة قلق أمراء الحکومة المرکزیة، فوقعت المکاتبات بین ابن جامع وزیر المستنصر وابن أبي حفص (الزرکشي، 19). ویمکن أن ندرک من خلال هذه الروایة الدور المهم الذي کان یلعبه ابن أبي حفص في التطورات السیاسیة للمنطقة. وبعد 15 عاماً من الإمارة توفي بتونس في یوم الخمیس غرّة المحرم 618هـ/ 25 شباط 1221م (ابن القنفذ، 105؛ الزرکشي، 19). ودفن بالقرب من مغارة کان یتعبد فیها تحوّلت فیما بعد إلی مزار (ابن أبي دینار، 131).
ویعد ابن أبي حفص من أقدر أمراء إفریقیة وأشدّهم دفاعاً عن دولة الموحّدین، ولم یکن رجلاً شجاعاً و حازماً تمکّن من إخماد ثورة بني غانیة فحسب، بل استطاع الحفاظ علی سلطان الموحّدین في إفریقیة وشمالها الشرقي فترة من الزمن (عنان، 2/374)، وقد قیل الکثر عن تدبیره في الحکم وعدله، وکان یجلس یوماً من کل أسبوع لمسائل الناس، کما کان فاضلاً ومحسناً (ابن القنفذ، 105).

المصادر

ابن أبي دینار، محمدبن أبي القاسم، المؤنس، تقـ: محمد شمّام، تونس، 1967م؛ ابن أبي الضیّاف، أحمد، إتحاف أهل الزمان، تونس، 1976م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن خلّکان، وفیات؛ ابن القنفذ، أحمد بن حسین، الفارسیة في مبادئ‌الدولة الحفصیة، تقـ: محمد الشاذلي النیفر وعبدالمجید الترکي، تونس، 1968م؛ الأندلسي، محمدبن محمد، الحلل السندسیة، تقـ: محمد الحبیب الهیلة، تونس، 1970م؛ الحموي، محمدبن علي، التاریخ المنصوري، تقـ: أبوالعید دودو، دمشق، 1401هـ/ 1981م؛ الزرکشي، محمدبن إبراهیم، تاریخ الدولتین الموحدیة والحفصیة، تقـ: محمد ماضور، تونس، 1966م؛ السلاوي، أحمدبن خالد، الاستقصا، تقـ: جعفر الناصري، ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1954م؛ عنان، محمد عبدالله، عصر المرابطین، القاهرة، 1964م؛ المراکشي، عبدالواحد، المعجب في تلخیص أخبار المغرب، تقـ: محمد سعید العریان ومحمد العربي العلمي، القاهرة، 1949م.

صادق سجادي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: