ابراهیم حقي

إبراهیم حَقّيَ، الأرضرومي، شاعر و عارف و عالم ترکي شهیر (1115-1186/1703-1772). ولد في قصبة «حسن قلعة» من توابع قضاء أرضروم (في شرقي ترکیة)، کان والده الدرویش عثمان حُسني بن الملّابکر الملقّب بـ «حثیرالله» من العرفاء الشهیرین في منطقة أرضروم. غادر الدرویش عثمان «حسن قلعة» في السنة التي ولد فیها ابنه، واستوطن أرضروم، وبعد 5 سنوات من الإقامة فیها، شدّ الرحال للبحث عن مُرشد ودلیل والإنتماء الی طریقة، وأخیراً التقی الشیخ إسماعیل فقیرالله من شیوخ الطریقة النقشبندیة، في قریة تیلو (تُلو) من توابع سیریت (سَعرد، الواقعة في محافظة دیاربکر) وأصبح مریداً له، وألقی عصا الترحال فیها (بروسه لي، 33؛ حقي، 657-664؛ TA,X/507 TDEA, IV/325-326). تلقّی الطفل إبراهیم دراسته الابتدائیة بأرضروم أثناء غیباب والده، ولمّا بلغ التاسعة من عرمه ذهب إلی أبیه في تیلو، ثم مالبث أن التحق بحلقة مریدي الشیخ إسماعیل. وبعد أن توفي والده في 1132/1720 احتل مکانه عندالشیخ، وبعد مدة عاد إلی أرضروم. وبادر إلی دراسة اللغتین الفارسیة والعربیة علی حاذق محمد (محمد حاذق) أحد الشعراء الشهیرین و مفتي مدینة أرضروم (گولپینارلي، II/353). وبعد فترة عاد إلی تیلو وتزوّج ابنة عبدالقادر، أکبر أبناه الشیخ إسماعیل، وبذلک عقد صلة قرابة مع شیخه (بروسه‌لي، 33، 34). ولمّا توفيالشیخ إسماعیل فقیرالله، خلفه إبراهیم في الإرشاد وبادر إلی تحقیق الآثار العلمیة والتألیف فیها، وفي 1150/1737 توجّه إلی الحجاز لأداء فریضة الحج، وفي 1166/1753 ذهب إلی استانبول بدعوة من السلطان العثماني محمود الأول (حکم: 1143-1168/1730-1755). وعکف علی المطالعة والاستزادة من العلم في مکتبة همایون [المکتبة الملکیة] (TDEA، ن. ص). ثم حجب مرتین أخریین: في 1177 و 1181/1763 و 1767، والتقی في الجزیرة العربیة و مصر علماء تلک المناطق، وأقام خلال السنوات 1167-1178/1754-1764 في أرضروم، وألّف فیها بعض آثاره. وفي أواخر حیاته عاد إلی تیلو، وتابع فیها الإرشاد و التحقیق حتی وفاته هناک (TA, XIZ/507-508)، ودفن في مقبرة الشیخ إسماعیل (بروسه لي، 34). وقد اختلف في تاریخ وفاته، فذکرت بعض المصادر أنها کانت في 1195/1781 (البغدادي، ایضاح، 1/272، 406، 2/512؛ م. ن، هدیة، 1/39)، وذکر آخرون أنها في 1186/ 1772 (قاموس الأعلام؛ بروسه لي، 34؛ گولپینارلي، III/423؛ أوزون چارشیلي، IV(2)/615). وممّا یرجّح صحة التاریخ الأخیر، کون ابنه إسماعیل فهیم مؤلف معیار الأوقات، یذکر في آخر الکتاب الذي انتهی منه في تیلو سنة 1193/1779، أباه بعبارة «قدس الله سرّه العزیز» (گولپینارلي، II/424). فلابدّ إذن أن إبراهیم توفي قبل 1193هـ.
کان إبراهیم حقي من أصحاب الرأي في عدد من العلوم منها الهیئة وعلم الإجتماع والریاضیات والطب (تشریح الأعضاء و وظائفها) والأخلاق والثقافة الإسلامیة، وکان هذا الشاعر والعارف المتحرّر دائم السعي لتعلیم الناس وإرشادهم نحو الکمالات الروحیة والأخلاقیة. وقضی حیاته في التعلّم و التعلیم، و ترک آثاراً علمیة کثیرة ذکر بعضهم أنها 39 (بروسه لي، 34-35) والبعض الأخر 32 (البغدادي، هدیة، 1/39-40). أهمها: 1. دیوان الهیات؛ 2. معرفتنامه؛ 3. تذکرة الأحباب؛ 4. حصن العارفین؛ 5. کلمات فقیرالله؛ 6. عرفانیه؛ 7. قوت جان؛ 8. منتخبات منظومه (أکثرها باللغة الفارسیة)؛ 9. رازنامه؛ 10. انسان کامل؛ 11. رسالة حقي در طریق نقشبندي؛ 12. إلهي نامه؛ 13. إقبال نامه؛ 14. أعمال فلکیّة بالربع المجیّب؛ 15. إستخراج أعمال فلکیّة؛ 16. تحفة الکرام؛ 17. نخبة الکرام؛ هیأت إسلامیة (ظ: بروسه لي، 34-35؛ البغدادي، إیضاح، 1/272، 406، 2/245، 512؛ م. ن، هدیة، 1/39-40؛ گولپینارلي، I/265-268, II/308). أشهر کتب إبراهیم حقي وأهمها معرفتنامه، وهو یشبه دائرة المعارف باللغة الترکیة، ویشتمل علی «مقدمة» و 3 «فنون» و «خاتمة»، وتقسم کل من هذه الأقسام إلی فصول وأبواب متعدّدة، ویبحث في «المقدمة» حول خلق العالم والجنة والنار والبرزخ والسماء والأرض وکیفیة تکوینها من وجهة نظر العقائد الإسلامیة. ویتحدّث في الفن الأول عن العالم المادي کسیّارات المنظومة الشمسیة والکسوف والخسوف والبحار والجبال والأنهار وغیرها، وفي الفن الثاني عن الانسان والحواس الخمس ووظائف الأعضاء، والأمراض والمسائل الطبیة، والفن الثالث أکثر الأقسام تفصیلاً في الکتاب، ویختص بالتصوف، ومراحل السلوک ومقاماته، والذِّکر والتوکّل والتفویض واصبر والرضا، وموضوعات أخری کالنفوس الملهمة والمطمئنة والراضیة والمرضیة والکاملة و.. .وفي هذا الفن فصل عن حیاة الشیخ إسماعیل التلوي (فقیرالله) وکارماته، وعن والد المؤلف أي الدرویش عثمان (حقي، 646-684). ویدور الحدیث في القسم الأخیر أي «الخاتمة» عن العلاقات الإجتماعیة والسلوک مع الآخرین، والعلاقات العائلیة، و موضوعات أخری من هذا النوع. ویلاحظ أیضاً في بعض صفحات الکتاب صور و خرائط حسب الحاجة، ویوجد لهذا الکتاب الذي ألّف في 1170/1756 مخطوطات کثیرة في مختلف مکتبات ترکیة وأوروبا، نسخت أقدمها في 1177هـ (7 سنوات بعد التألیف) ومن المحتمل أن المؤلف رآها. و هي في متحف مولانا جلال‌الدین البلخي، وقد طبع کتاب معرفتنامه مرّات عدیدة کان أولها في بولاق (مصر) عام 1251/1835، ثم في قازان (روسیة) عام 1261هـ، وطبع مرة أخری في بولاق عام 1280 هـ. وفي 1284هـ طبع في المطبعة العامرة باستانبول، وأخیراً طبع بالأحرف اللاتینیة في 1984م. کما طبع دیوان إبراهیم حقّي مرّات عدیدة وکان تخلّصه في شعره بـ «حقي».

المصادر

البغدادي، إسماعیل، إیضاح المکنون، ج 1 و 2، استانبول، 1971م؛ م. ن، هدیة العارفین، ج 1، استانبول، 1951م؛ بورسه لي، محمدطاهر، عثمانلي مؤلفلري، ج 1، استانبول، 1333هـ؛ حقّي، إبراهیم، معرفتنامه، تقـ: فؤاد باشار، استانبول، 1984م؛ قاموس الأعلام؛ وأیضاً:

Gölpinarli, Abdülbâki, mevlânâ müzesi yazmalar kataloğu, vols. II, III, Ankara 1967, Karatay, Fehmi Edhem,Topkap: Sarayi müzesi kütüphanesi Turkçe yazmalar kataloğu, vols. II, III, Istanbul, 1961; Rieu, Charles, The Turkish manuscripts in the British Museum, London, 1888; Şaban Dögen, Müsülman ilim öncüleri Ansiklopedisi, Istanbul, 1984; TA; TDEA; UzunçarŞth, İsmail Hakki, Osmanli Tarihi, Ankara, 1983, vol. IV(2); YTA.
علي‌أکبر دیانت