الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / ابراهیم أدهم /

فهرس الموضوعات

ابراهیم أدهم


تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/1 ۱۵:۱۷:۰۸ تاریخ تألیف المقالة

إبراهیم أذهَم، أبو إسحق إبراهیم بن أدهم بن منصور بن یزید بن جابر (أو عامربن إسحق) التمیمي العِجلي، عارف و زاهد معروف في القرن 2/8، ورد في بعض التراجم أن أباه کان من ملوک خراسان، وذکرت روایات مختلفة عن بدایة زهده و تجرده و کیف انتهجهما. فقد جاء في إحدی هذه الروایات أن ابراهیم کان نائماً علی سریره في قصره الملکي فشعر باهتزاز في السقف و بوقع أقدام علی السطح في منتصف اللیل. فسأل، من هناک؟ فجاء الجواب: فقدت جملي، وأفتش عنه. قال ابراهیم: أیها الجاهل أتفتش عن جملک علی السطح؟ فجاء الجواب، إذن کیف تبحث عن الله وأنت علی عرشک الذهبي وبکسائک الحریري؟ وقد أدّی هذا الجواب إلی تغیّر حاله واضطراب نفسه و نزوعه الی حیاة الزهد (عطّار، 102-103؛ مولوي 2(ع)/ 321-322، 327-328). وجاء في روایة أخری أنه خرج للصید یوماً، فأثار حصانه في طلب صید، فهتف به هاتف ألهذا خلقت، أم بهذا أمرت؟ فنظر حوله فلم یر أحداً، فظنّ أنه إبلیس فلعنه، ثم همّ بمطاردة صیده، فسمع نفس الهاتف فلعن إبلیس ثانیة، ثم حرّک فرسه فسمع الهاتف من قربوس سرجه. فتنبّه و تغیّر حاله، و لوی عنان فرسه ورجع إلی بلده. فرأی أثناء عودته أحد رعاة أبیه فأخذ منه جبّته و کساءه فلبسهما و ترک له سلاحه و فرسه و کساءه، واعرض عن الدنیا، ومال إلی الزهد والتجرد (السُّلَمي، 14-15؛ أبونعیم، 7/368؛ ابن عساکر، 2/168؛ عطّار، 103-104). وجاء في روایة أخری أنه کان جالساً في قصره یوماً و حوله رجال‌الدولة والحاشیة. فدخل علیه رجل مهیب، وتقدّم نحو عرشه، فسأله ابراهیم: من أنت وماترید؟ قال: جئت لأنزل في هذا الرباط، قال ابراهیم: هذا لیس رباطاً بل قصري: فسأله الرجل: لمن کان هذا القصر قبلک؟ قال: لأبي. فسأله: وقبله؟ قال لفلان. فسأله: وأین ذهبوا؟ قال: ماتوا وذهبوا، فقال له الرجل: ألیس هذا المکان الذي یأتون إلیه ویذهبون رباطاً؟ قال هذا و أسرع بالخروج، فلحق به ابراهیم و سأله: من أنت؟ قال: الخضر واختفی (عطّار، 103). فکانت هذه الحادثة سبباً في إعراض ابراهیم عن الدنیا. وقد ذکرت عن بدء زهده روایات أخری تدلّ کلها علی أنه کان من أمراء بلخ قبل أن یتزهّد ویرتاض، وکان لأبیه وجده لأمه کما روی ابن بطوطة (ص 78-79) مقام و جاه في تلک المنطقة. ولکن یبدو أن والده أدهم کان عالماً ومحدّثاً، فقد روی ابراهیم أحادیث عنه (ظ: الصفدي 5/318؛ المزّي، 2/27؛ الکتبي، 1/31؛ السلمي 13؛ ابن کثیر، 10/135؛ابن عساکر، 2/167). ویری بعض المستشرقین أن مایروی عن أوائل أمره متأثر بقصة حیاة بوذا (ماسینیون، 81) و أنه ترک الملک و اللذات الدنیویة واتّجه نحو التجرّد والزهد؛ وإن کان مثل هذا التشابه لاینبع دائماً من التأثیر والتأثّر وإنّما هو من «علم النماذج الشخصیة»، وقد روي مثلها عن أبي الفوارس‌شاه بن شجاع الکرماني (الصوفی في القرن 3/9) و عن بعض الملوک الآخرین (ابن قدامة، 30-56، 131-191؛ الیافعي، 189، 225-233؛ ابن عساکر، ن. ص؛ پَندِپیران، 57-61). ولیس بعیداً تداخل قصة إبراهیم مع قصة بوذا في هذا الخصوص. فقد کانت بلخ في ذلک العصر أحد المراکز المهمة للتعالیم الوذیة و انتشارها، و کانت حیاة بوذا معروفة في شرق ایران و بین البوذیین و المانویین والمسلمین في تلک المناطق کما یبدو من روایة بلوهر و بوذاسف باللغات السغدیة و الترکیة والفارسیة والعربیة. یؤید هذا الاحتمال الذي لم یلتفت إلیه حتی الآن، أولاً: قصّة لقاء ابراهیم بابنه في مکة والتي رواها عطّار (ص 108-109) وآخرون وهي تشبه لقاء بوذا بابنه راهولا. وثانیاً: الحدیث الذي دار بینه و بین إبلیس (عطّار، 122) والذي یذکّر بمواجهة بوذا لمارا.
وغالباً ماینسب ابراهیم إلی العرب کما ورد في أکثر التراجم (ابن عساکر، 167؛ ابن خلّکان، 1/31؛ ابن کثیر، 10/135) وهو ما ذکرناه في أول المقالة (مع اختلاف طفیف في النقل و الکتابة)، ولکن بحتمل أیضاض أن یکون أجداده من الموالي وانتسب إلی بکر بن وائل (البستي، 183؛ أبو الفداء، 2/9؛ ابن الأثیر، 6/56)، فقد ذکر أبویوسف البسوي في کتاب المعرفة والتاریخ (2/455) أنه کان من العرب الذین ذهبوا إلی لیث (یظهر أنه لیث بن نصر السیار) في خراسان، وأقام فیها. ولکن لایوجد ما یؤید هذه الروایة. ولیس بعیداً وقوع خطأ و تداخل فیها.
کانت ولادة إبراهیم في بلخ (ابن الأثیر، أبوالفداء، البستي، ن. ص)، ولکن روی بعض المؤخین أنه ولد في مکة حینما کان أبوه في الحج (أبونعیم، 7/371؛ المزّي، 2/30؛ الذهبي، سیرأعلام، 7/388؛ ابن الملقّن، 5). کما ذکرت روایات مختلفة عن سبب خروجه من بلخ، وروی أغلب المؤرخین وأصحاب التراجم أنه توجّه بعد ما اعتراه الاضطراب الروحي والإعراض عن الدنیا، إلی العراق والشام لیعیش زاهداً ویأکل من کدّه وتعبه و یصفوله الرزق الحلال. ویقول ابن عساکر (2/168): أنه خرج من خراسان هرباً من أبي مسلم فنزل الثغور (حدود الشام والروم) (ظ: الذهبي، ن. ص؛ المزّي، 2/29؛ ماسینیون، 236-235). وفي روایة أخری لأبي نعیم الأصفهاني عن عبدالله بن المبارک أنه قال: «خرجت أنا وابراهیم بن أدهم وجماعة أخری لطلب العلم من خراسان» (7/369)، وبعد أن خرج ابراهیم من بلخ توجّه إلی العراق و منها إلی الحجاز والشام، وعاش في هذه المدن سنین طوالاً یقضیها بالسیر في الآفاق و تزکیة النفس، وروي أیضاً أنه شارک في حروب المسلمین ضدالروم. وقیل إنه لما أحس بالموت طلب أن یوتروا له قوسه و توفيّ وهي بکفه (ابن عساکر، 2/199؛ الکتبي، 1/13).
أما العطّار فیقول: بعد أن ترک إبراهیم بن أدهم بلخ، ذهب إلی نیشابور واعتکف في غار تسع سنوات قضاها بالعبادة والریاضة. ولکنه مالبث أن غادر ذلک المکان حینما علم أهل تلک المناطق به وتوجّه إلی مکة (ص 104-105). وکانت هذه الروایة منتشرة في خراسان قبل العطّار، فقد تحدّث محمدبن منوّر في أسرار التوحید عن ذهاب أبي سعید أبي الخیر إلی تلک المنطقة (والتی سمّاها «زندرزن») لزیارة الغار وصومعة ابراهیم بن أدهم، وتحدَّث عن مرافقة ابن سینا لأبي سعید (1/194-195). واعتکاف الزهّاد والعبّاد في الأغوار والکهوف أمر عادي، وقد أشیر إلیه في کثیر من الکتب الأخری. ویقول الکلاباذي في کتاب التعرّف، کان یطلق علی هذه الجماعة من الزهّاد اسم «شِکَفتیّة» أي سکّان الکهوف والشقوق (ص 21)، ولیس بعیداً أن یکون ابراهیم بن أدهم قد اعتکف مدة في هذا المکان قبل ذهابه إلی العراق والحجاز والشام. والتقی في مکة سفیان الثوری و فضیل بن عیاض وأبي یوسف الغسولي وتحدّث إلیهم (السلمي، 13؛ الأنصاري، 68؛ ابن الملقّن، 6)، وقیل إنه کان تلمیذاً لأبي حنیفة (الهجویري،113، 128). حیث یقول أبو حنیفة فیه «کان یعمل للَّه و نحن لأنفسنا» (م. ن، 51؛ عطّار، 102).ویذهب أکثر المؤرخین إلی أنه مرض و هو في قتال الروم، ومات.
وذکر ابن عساکر (2/196) وفاته نقلاً عن محمد بن اسماعیل البخاري في 161/778، کما ذکر هذه السنة أیضاً کل من البستي (ص 183) والسمعاني (2/305) والذهبي (العبر، 1/183) وابن الملقّن (ص 6) وابن الأثیر (6/56 والکتبي (1/14). أما أبوالفداء (2/9) والمزّي (2/37) وابن کثیر (10/135) وابن العماد (1/255) وابن حجر (1/102) فقد ذکروا وفاته في 162/779. واعتبر ابن عساکر (ن. ص) السنة الأخیرة صحیحة، أما سنة 140 التي ذکرها ابن خلّکان (1/32) وسنتا 163 و 166 اللتان ذکرهما آخرون (المزّي، 2/37؛ ابن عساکر، ن ص؛ الأنصاري، 68) فتختلف عن ضبط أکثر التواریخ. ویری بعض المؤرخین نقلاض عن محمد بن إسماعیل البخاري أن مدفنه في سوقین من قلاع الروم (ابن عساکر، ن. ص؛ یاقوت، 3/285؛المزّي، 2/36-37). وذهب آخرون (أبونعیم، 8/9؛ ابن خلّکان، 1/32؛ ابن الملقّن، 6؛ ابن الجوزي، 4/131) إلی أنه في مدینة صور. جاء في بعض المصادر أنه دفن في «ساحل البحر» دون أن تذکر اسم موضع لزیارة رِشدین بن سعد (من التابعین) وتوفيّ فیها سنة 162 (المزّي، 2/37؛ ابن عساکر، 2/196؛ ابن حجر، 1/103). ویمکن اعتبار الرأي الأخیر ذا علاقة بقول محمد بن کناسة (الشاعر العباسي وابن أخت ابراهیم بن أدهم). فقد أشار في قصیدة نظمها في مدح خاله (أبوالفرج الأصفهاني، 11/113) إلی «الجَدَث الغربي» وهي مقبرة المنطقة «الغربیة» التي تقع في شمال مصر و غرب دلتا نهر النیل. وکان أهل الشام وفلسطین في القرنین 7 و 8/13 و 14 یعتقدون بأن مقبرة ابراهیم بن أدهم في مدینة جبلة، وقد زار ابن بطوطة ضریحه في هذه المدینة، وکذلک زاویته في جبل لبنان (ص 78، 83، 283). وقبل ابن بطوطة ذکر أبوالحسن الهروي في کتاب الاشارات إلی معرفة الزیارات أن قبره في جبلة علی ساحل البحر (ص 23)، وأشار في موضع آخر من هذا الکتاب إلی قریة کَفَر بَریک فیها تربة لوط أیضاً، ولکنه قال: الصحیح أنه بجبلة (ص 29). وذکر ابن بطوطة (ص 382) أن الناس في بلخ کانوا حتی عهده یعرفون منزل إبراهیم بن أدهم، وقد ذهب لزیارته. ویبدو أن هذ الاختلافات کانت منذ البدایة وهي التي دعت ابن الجوزي للإعتقاد بوجود شخصین بهذا الاسم (ابن حجر، 1/103). کما کانت تلک الاختلافات موجودة إلی حدٍّما في عهد فرید‌الدین العطّار حیث یقول: روي أنه حینما آذن عمره بالزوال، اختفی، ولایمکن تحدید تربته. فبعضهم یقول في بغداد والبعض الآخر في الشام وآخرون یقولون إن تربته في بلاد لوط النبي (ع) التي غاضت في الأرض، وکان قدهرب إلیها من الخلق ومات فیها (ص 127).
وقد ورد اسم ابراهیم بن أدهم في عداد المحدّثین (البخاري، 1(1)/273؛ ابن أبي حاتم الرازي، 1(1)/87؛ الذهبي، العبر، 1/183؛ ابن حجر، 1/102؛ المزّي، 2/27-28)، وروی أبونعیم (8/51-58) وآخرون بعض الروایات عنه أیضاً (السُلَمي، 14؛ المزّي، 2/38-39؛ ابن کثیر، 10/135، 145؛ ابن عساکر، 2/167-168). ویوجد في دار الکتب بالقاهرة نسخة من کتاب باسم جزء فیه مسند أحادیث إبراهیم بن أدهم الزاهد (GAS, I/215)، ویبدو أنه ترک روایة الحدیث في أواخر عمره، قائلاً: «إني مشغول عنه بثلاث: بالشکر علی النعم، وبالإستغفار من الذنوب، وبالاستعداد للموت (ابن کثیر، 10/137).
وورد في بعض مصادر الشیعة المتأخرة أن إبراهیم بن أدهم انتهی في أیام سیاحته إلی خدمة الامام الباقر (ع) في مکة، وأخذ من برکات أنفاسه الشریفة (الشوشتري، 2/24). وروة أیضاً أنه کان من بین المشیّعین للامام الصادق (ع) مع جمع من العلماء حینما خرج یرید الرجوع من الکوفة إلی المدینة (ابن فهد، 70؛ الخوانساري، 1/145). وقد ذکر أن ولادي إبراهیم بن أدهم کانت حوالي عام 100/718 (الذهبي، سیر اعلام، 7/387-388)، وأنه خرج من بلخ في أوان شبابه کما ورد في أکث الروایات، فإذا کان هروبه من أبي مسلم کما ذکرنا سابقاً صحیحاً، فلابد أنه خرج من بلخ حوالي سنة 130 إلی 132 هـ. ولذلک من المستبعد لقاؤه بالامام الباقر (ع) الذي توفيّ في 114/732، وإن ورد اسمه ضمن الرواة عنه (المزّي، 2/27؛ الکتبي، 1/13؛ الصفدي، 5/318). أما التقاؤه الإمام الصادق (ع) فلیس بمستبعد، فقد کان في الکوفة ومکة والمدینة أثناء حیاة الإمام (تـ 148/765). ویدلّ علی نوع من ولائه لأهل البیت أ ودّه لهم، التشابه بین مارواه وبین أحادیث الامام الصادق (أبونعیم، 8/11؛ الشیبي، 1/205، 208)، وانتسابه إلی قبیلة بني عجل المعروفة بولائها لأهل البیت، وکذلک انتسابه إلی قبیلة بکر بن وائل، وکانت جماعة منها من أتباع الامام علي (ع) (الثقفي، 1/338). ولکن لایدل أي من هذه الإشارات علی تشیّع إبراهیم ابن أدهم، کما لم یرد اسمه في کتب الرجال القدیمة بین أتباع الأئمة الأطهار (ع).
کان لشخصیة ابراهیم بن أدهم وأحواله وأقواله تأثیر و أهمیة کبیران في تاریخ التصوّف الاسلامي في الفترة الأولی من نشوئه وکذلک في أذهان الناس. یدل علی ذلک ماطرأ علی ترجمته من تناقضات وغموض وماذکر من حوادث وأساطیر نسجت حوله. فالچِشتیة ترجع طریقتها إلی الأدهمیة وإبراهیم بن أدهم عن طریق الشیخ أبي اسحق الچشتي (المعروف بالشامي) (آریا، 69، 74-77). وکان سلاطین الفاروقیة في الدکن یرجعون نسبهم الی عمربن الخطاب عن طریق ابراهیم (؟!) بشجرة النسب التي انتحلوها (فرشته، 2/277). کما یعتبر ابراهیم بن أدهم من أفضل نماذج الزهد والتجرّد والاعتزال في الآداب العرفانیة، فقد کان أبوحنیفة یخاطبه بـ «سیّدنا» ولقّبه جنید بـ «مفاتیح العلوم» (الهجویري، 129؛ عطّار، 102). کما یروي یوسف المزّي في تهذیب الکمال (2/36) عن عبدالوهاب المیداني أن أبا العباس أحمد بن محمد البَردَعي ألّف کتاباً عن ابراهیم بن أدهم باسم زهد إبراهیم، والکتاب مفقود، ولکن یوجد بعض النسخ من کتاب آخر باسم الروض النسیم والدّر الیتیم في مناقب السلطان إبراهیم آو سیرة السلطان إبراهیم بن أدهم، تألیف أحمد بن یوسف سنان القَرماني (تـ 1019/1611)، وهو مخلص ترجمة لکتاب آخر باسم الطراز المعلم (في قصة) السلطان ابراهیم أدهم، ألّفه درویش حسن الرّومي باللغة الترکیة في (القرن 10/16) (GAL, II/388؛ آلوارت، VIII/47-48؛ العش، 294). وهذه الترجمة تضمّ قصصاً عن ابراهیم بن أدهم و أبیه وجدّه. وأضاف المترجم إلی الکتاب مواضیع من کتب أخری (آلوارت، ن. ص). ویوجد في مکتبة غوتا (في ألمانیا) نسخة من منظومة تحت عنوان قصة ولي الله أدهم، باللغة العربیة (پرچ، IV/ 461-462). کما کتبت قصص عنه باللغة الفارسیة العامیة (بدوي، 228، 229)، ونظم الشاعر الهندي اُبو الحسن محمد قصة حیاة ابراهیم بن أدهم باسم گلزار ابراهیم باللغة الأردیة، طبعت مراراً (بلومن هارت، II/6). وتشاهد قصة ترک ابراهیم للحکم في الأساطیر الایرانیة العامیة، وفي کاشان روایة معروفة تذهب إلی أن سبب انتباهه و توبته، حدیث سمعه من إحدی جواریه (م. م.، 113).
وقصة إبراهیم بن أدهم في أندونیسیا مشهورة  ومنتشرة، فقد رویت بأغلب لغات هذه المنطقة مع إضافات و تصرّفات مختلفة (جونز، 8). وفي آداب مالاکا، ترجمات لإبراهیم بن أدهم من عدد من الکتب کروض الریاحین للیافعي، وعدد من التراجم الفارسیة والعربیة فضلاً عن الروایات والقصص التي وردت في کتاب بستان السلاطین في ذکر الأولین والآخرین، لنور‌الدین الرّانیري (القرن 11/17) (م. ن، 11-8). ویوجد عنه کتاب أسطوري مستقل باسم حکایتة السلطان إبراهیم بن أدهم ینسب تألیفه إلی شخص باسم أبي بکر الحضرموتي ولاندري هل ألّف هذا الشخص الکتاب باللغة العربیة، أو کان مترجماً له أو ألّفه بلغة مالاکا. والقصة لانصیب لها من الصحة ولکن یوجد في بعض مواضعها شبه یسیر مع الروایات القدیمة الشهیرة المتعلّقة بإبراهیم بن أدهم، وممّایلفت النظر فیها نکاتها الأخلاقیة والعرفانیة (م. ن، 20-9)، ولیس لهذه القصص أیة قیمة تاریخیة، وإنما تعکس مدی شهرة هذا الزاهد المسلم، وتأثیره في أذهان المسلمین عامة في مختلف بلاد العالم. وقد تجاوزت شهرة إبراهیم بن أدهم حدود المناطق الاسلامیة وترکت تأثیراً في الآداب الأوروبیة أیضاً، فنیکولائو مانوچي سائح ومؤرخ إیطالي کان في القرن 11/17 في بلاط الملوک المغول بالهند، قد أورد إحدی قصص إبراهیم بن أدهم في کتابه «تاریخ المغول»، کما أن الشاعر الإنجلیزي لي هانت (1784-1859م) نظم قصیدة رائعة باللغة الانجلیزیة باسم «دبو ابن أدهم» ضمّنها قصة الحلم الذي رآه ابراهیم وفیه جبرائیل یکتب أسماء أصحاب الحق في صحیفته بالشکل الذي ورد في تذکرة الأولیاء لعطّار (ص 123).
 وتعود أهمیة إبراهیم بن أدهم في تاریخ التصوف الاسلامي علی الأکثر للدور الذي لعبه في تطور الزهد والتقوی والعبادة الاسلامیة الأولی في الریاضة والمجاهدة والأفکار الصوفیة في الفترات التالیة، فقد کان أبرز ممثّل لهذا الحدث، وکان لحسن البصري وسفیان الثوري وآخرین کتلمیذه شقیق البلخي وراعة العدویة دور أساس في ظهوره و تکامله، و یمکن أن نجد في الأقوال والأفعال المنسوبة إلیه الکثیر من المقدّمات والمراحل الأولی لکثیر من المبادئ النظریة والقواعد الأخلاقیة والعملیة في العرفان الاسلامي. والتي آصبحت خلال القرنین (3 و 4/9 و 10) فیما بعد أسس وشروط السی روالسلوک والمنازل ومراحل الطریقة، کما أن کثیراً من المعاني والمفاهیم المنتشرة بین المتصوّفة کالخوف والرجاء والصبر والرضا والتوبة والزهد والإخلاص والشکر والتوکّل والعزلة والخلوة والفقر والغنی والقرب والمحبّة والآداب المتعلقة بالصحبة والخدمة والمعیشة تشاهد بوضوح في مارواه عنه أبونعیم الأصفهاني والمؤلفون والمترجمون و مانقلوه بتعابیر مختلفة مع بیان أسبابها و مواضعها، وذلک قبل أن تدوّن و تشرح کمعاملات و مکاسب، و ترتّب و تنظّم بشکل مقامات و أحوال في عدد من کتب و رسائل لأمثال المحاسبي والسرّاج والکلاباذي والقشیري.
ثم إن مخالفة إبراهیم بن أدهم للنفس (أبونعیم، 7/371؛ الهجویري، 77-79) والابتعاد عن الشهرة والهرب من میل الناس إلیه (أبونعیم، 7/369، 372؛ عطّار، 105، 106-107) وأعماله و سلوکه أحیاناً تذکّر بالملامنیة، کما کان إیثاره وإنفاقه علی أصحابه و مرافقیه لایبعد عن طریقة أهل الفتوّة والمروءة وسیرتهم. وکان یسعی لکسب الرزق الحلال یعرق جبینه خلافاً للفقراء البوذیین والرهبان المسیحیین الذین کانوا یستنکفون عن العمل والسعي لکسب معاشهم، وکان یعمل للوصول إلی هذا الهدف في المزارع بالحراسة والضمانة، ویشارک في الحرب ضدالبیزنطیین، ورغم أنه تزوّج في بدایة شبابه ورزق ولداً، لکنه کان یعتقد بأن الزّواج یمنع السیر والسلوک ویقول: «إذا تزّوج الفقیر فمثله مثل رجل قدرکب السفینة فإذا ولد له قد غرق» (أبونصر السرّاج، 199؛ عطّار، 110-111). وکان لایهاب أصحاب القدرة والمقام ویتجرأ علیهم، ویحذّرهم من حبّ الدنیا و تمزیق‌الدین بلسان لاذع وانتقاد شدید (أبونعیم، 8/10؛ المزّي، 2/36؛ ابن عساکر، 2/190؛ ابن أبي الحدید، 2/96). ولاتبدو في الروایات المنسوبة إلیه شطحات کالتي عن بایزید البسطامي والحلاج، کما لیس في أقواله إشارة واضحة إلی الفناء والبقاء والتوحید الشهودي والجودي والمحو والإثبات والصحو والسکر والغیبة والحضور والموضوعات الأخری التي وردت في آثار العارفین بعده، والتي تشکّل أساس العرفان الاسلامي النطري. أمّا أسلوبه و طریقته في التصوّف فتقوم علی الزهد والعبادة والریاضة والمجاهدة وذمّ الدنیا والهرب من الرغبات الدنیویة؛ وأقواله وأفکاره تترکز علی الابتعاد عن کل مایمنع الانسان عن ذکر اللَّه وعبادته. ولهذا کان لشخصیته أثر کبیر في تکامل المبادئ الأخلاقیة وإرساء الآداب وضوابط السلوک الصوفیة.

المصادر

آریا، غلام‌علي، طریقۀ چشتیه در هند و پاکستان، طهران، 1365 ش؛ ابن أبي حاتم الرازي، محمد بن إدریس، الجرح والتعدیل، حیدرآباد الدّکن، 1371هـ/ 1952 م؛ ابن أبي الحدید، عبدالحمید بن هبة اللَّه، شرح نهج‌البلاغة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، 1378هـ/1959م؛ ابن الأثیر، علي بن محمد، الکامل، بیروت، 1402هـ/1982م؛ ابن بطوطة، رحلة، بیروت، 1384هـ/1964م؛ ابن الجوزي، عبدالرحمن، صفة الصفوة، حیدرآباد الدّکن، 1392هـ/1972م؛ ابن حجر، أحمدبن علي، تهذیب التهذیب، حیدرآباد الدّکن، 1325هـ؛ ابن خلّکان، وفیات الأعیان، تقـ: احسان عباس، بیروت، 1968-1972م؛ ابن عساکر، علي، التاریخ الکبیر، تقـ: عبدالقادر بدران دمشق، 1330هـ/ 1912م؛ ابن العماد، عبدالحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1350هـ/1931م؛ ابن فهد الحلي، أحمد بن محمد، عدة الداعي، طهران، 1338ش؛ ابن قدامة، عبداللَّه بن أحمد، کتاب التوّابین، تقـ: جورج مقدسي، دمشق، 1961م؛ ابن کثیر، إسماعیل بن عمر، البدایة والنهایة، القاهرة، 1351-1358هـ؛ ابن الملقّن، عمر بن علي، طبقات الأولیاء، تقـ: نورالدین شریبه، بیروت، 1406هـ/1984م؛ أبوالفداء، المختصر في أخبار البشر، بیروت، دارالمعرفة؛ أبوالفرج الأصفهاني، علي بن الحسین، الأغاني، بیروت، 1923-1974م؛ أبونصر السرّاج، عبداللَّه بن علي، اللمع في التصوف، تقـ: رینولد نیکلسون، لیدن، 1914م؛ أبونعیم الأصفهاني، أحمد بن عبداللَّه، حلیة الأولیاء، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ أنصاري، خواجه عبداللَّه، طبقات الصوفیة، تقـ: سرور مولایي، طهران، 1362ش؛ البخاري، محمد بن إسماعیل، التاریخ الکبیر، حیدرآباد الدّکن، 1361-1364هـ؛ بدوي، عبدالرحمن، تاریخ التصوّف الاسلامي، الکویت، 1978م؛ البستي، محمد بن حبّان، مشاهیر علماء الأمصار، القاهرة، 1959م؛ البسوي، یعقوب بن سفیان، کتاب المعرفة والتاریخ، تقـ: أکرم ضیاءالعمری، بغداد، 1975م؛ پَندِ پیران، تقـ: جلال متینیي، طهران، 1357 ش؛ الثقفي، ابراهیم بن محمد، الغارات، تقـ: جلال‌الدین محدّث، طهران، 1355ش؛ الخوانساري، محمدباقر، روضات الجنات، طهران، 1382هـ/1962م؛ الذّهبي، شمس‌الدین محمد، العبر، تقـ: أبوهاجر محمدالسعید بن بسیوني، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ م. ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وعلي أبوزید، بیروت، 1406هـ/1986م؛ السلمي، محمد، طبقات الصوفیة، تقـ: یوهانس پدرسن، لیدن، 1960م؛ السمعاني، عبدالکریم بن محمد، الانساب، تقـ: عبدالرحمن بن یحیی المعلّمي، حیدرآباد الدّکن، 1383هـ/1963م؛ الشوشتري، القاضي نوراللَّه، مجالس المؤمنین، طهران، 1365ش؛ الشیبي، کامل مصطفی، الصلة بین التصوّف والتشیع، بیروت، 1982م؛ الصّفدي، خلیل بن ایبک، الوافي بالوفیات، تقـ: س. دیدرینغ، بیروت، 1389هـ؛ العش، یوسف، فهرس مخطوطات دارالکتب الظاهریة، دمشق، 1366هـ/1947م؛ عطار نیشابوری، فریدالدین، تذکرة الأولیاء، تقـ: محمد استعلامي، طهران، 1360ش؛ فرشته، محمد قاسم هندوشاه، تاریخ فرشته، کانپور، 1290هـ/1874م؛ الکتبي، محمدبن شاکر، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973-1974م؛ الکلاباذي، أبوبکر بن‌محمد، التعرّف لمذهب أهل التصوّف، بیروت، 1400هـ/1980م؛ م. م.، «ابراهیم أدهم»، سخن، س 15، عد 1، 1343 ش؛ محمد بن منوّر، أسرار التوحید، تقـ: محمدرضا شفیعي کدکني، طهران، 1366ش؛ المزّي، یوسف، تهذیب الکمال، تقـ: بشّار عوّاد، بیروت، 1404هـ/1984م؛ مولوي، جلال‌الدین، مثنوي معنوي، تقـ: رینولد ا. نیکلسون، طهران، 1363ش؛ الهجویري، علي بن عثمان، کشف المحجوب، تقـ: و.ا. ژوکوفسکي، لنینغراد، 1926م؛ الهروي علي بن أبي بکر، کتاب الإشارات إلی معرفة الزیارات، تقـ: جانینسوردل، دمشق، 1953م؛ الیافعي، عبداللَّه بن أسعد، روض الریاحین في حکایات الصالحین، قبرص، مؤسسة عمادالدین؛ یاقوت، معجم‌البلدان، بیروت، 1376هـ/ 1957م؛ و أیضاً:

Ahlward; Blumenhatrdt, J.F., Catalogue of Hindustani Printed Books in the British Museum, London, 1889; GAL; GAS; Jones Russell, “Ibrahim ibn Adham”, Studies In Islam, New Delhi, vol. V, no. 1, 1968; Massignon, Louis, Essai sur les origines du lexique technique de la mystique mudulmane, Paris, 1968; Pertsch, W., Die Arabischen Handschriften der Herzoglichen Bibliothek zu Gotha, Frankfurt, 1987.
فتح‌اللَّه مجتبائي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: